في كل مجال – بما في ذلك العلوم الاقتصادية والبورصات فإن للكلمات معانيها الخاصة عند المتخصصين وبناء على هذا، فعندما يتحدث الاقتصادي عن دالة الاستهلاك، مثلاً، فإنه لا يتفاخر، بل إنه يستعمل تعبيراً يصف به علاقة حسابية هي زيادة الإنفاق على السلع الاستهلاكية المترتبة على زيادة الدخل.
إنه لا يمكن القول – عند مخاطبة جمهور الناس أن على الاقتصاديين أن يستخدموا تعبيرات مثل دالة الاستهلاك. إذ في مخاطبة جمهور الناس لا يحتاج أفضل الاقتصاديين إلى اللغة الاصطلاحية ليوضحوا ما يعنون، إنهم يفهمون مادتهم فهماً كافياً يمكنهم من صياغتها بسهولة ودقة، في لغة عادية.
وقد استعمل بول سامويلسون لكتابه (أسس التحليل الاقتصادي) ملاحظة عالم الرياضة جيبز ومضمونها أن "الرياضيات عبارة عن لغة".
والاقتصاديون، في واقع الأمر، بالخيار بين لغات ثلاث: الرياضيات، والاقتصاد، والوصف النظري اللغوي، (أو أية لغة عادية أخرى).
ويمكن التعبير عن كل فكرة بأي من هذه اللغات الثلاث جميعها، فعلى سبيل المثال، هناك طرق ثلاثة للتعبير عن مفهومنا بشأن دالة الاستهلاك:
لغة الرياضيات تقول : C = f (Y)
حيث دالة F= والدخل Y= والاستهلاك C =
أما لغة الاقتصاد فتقول: دالة الإستهلاك، تعني الميل الحدي للاستهلاك.
والوصف النظري يقول: كلما كسبنا، أنفقنا أكثر، ولكن مع ارتفاع دخولنا، نزيد إنفاقنا بدرجة أقل فأقل، ونزيد ادخارنا بدرجة أكبر فأكبر.
ولكل من هذه اللغات، نقاط قوتها وضعفها فعندما تستخدم الرياضيات بصورة صحيحة، تكون هي الأكثر دقة. حيث تستعمل كأداة لتحليل المشكلات من الناحية الكمية. بَيْدَ أنها لغة غير مفهومة عند معظم جمهور الناس، بل وعند معظم الاقتصاديين عند أعلى مستوياتها، وقد ترغم الرياضيات الاقتصادي على التورط في مستوى عالٍ من التجريد حتى أنه يفقد الصلة مع الواقع الاقتصادي.
إنّ بعض التصنيفات الاقتصادية سهلة الفهم فالذي يجمع بين مورجان وهنري فورد وتوماس أديسون وجون روكفلر وبيرت لانس، أن كل هؤلاء الناس قد جمعوا المال بإقامة مشروع ما مع التعرض لمخاطر مالية عديدة. بَيْدَ أنه ليس من السهولة بمكان أن تفهم في كل الأحوال التصنيف الاقتصادي المجرّد.
إن معظم العامة يعانون المتاعب من التجريدات والتعميمات الاقتصادية، لأن معانيها لا تكون واضحة للوهلة الأولى، وألفاظها ليست محددة المضمون. ويبدو أن الاقتصادي يفضّل الإبهام.
إن كثيراً من الاقتصاديين يعشقون الكلمات التي يصعب نطقها وتُسبِّب إرهاقاً للعقل مثل: عدم الكفاءة السينية، وتعظيم الربح في الأجل القصير، ونقاط الجهد المتساوي الإنتاجية، والآثار المتوطنة، فهم شغوفون بأن يقرنوا الأسماء بعضها ببعض.
وتنقطع خطوط الاتصال أحياناً بين الاقتصادي والرجل العادي، لأن ألفاظ اللغة الاقتصادية ينظر إليها كما لو كانت ذات ألفاظ نمطية. وكثيراً ما تعبّر الكلمة الاقتصادية عن نموذج حسابي أو عن نظرية اقتصادية يلّم بها رجل الاقتصاد بينما لا يدرى الرجل العادي عنها شيئاً.
بَيْدَ أنّ الاقتصاد يوجد أحيانـاً تعبيرات لطيفـة للغاية، أسهم بعضها في تغطية البؤس الإنساني.
أ . د / زيد بن محمد الرماني
ــــ المستشار الاقتصادي
وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية