أكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة الأردنية الهاشمية صاحب السمو الأمير “خالد بن فيصل بن تركي آل سعود” ، أن المملكة العربية السعودية من الدول التي أيدت الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، وأنه لا يوجد أي تحفظ عليها مشيراً أنها وصاية حكيمة تعاملت مع الاعتداءات الاسرائيلية باقتدار.
وأوضح سمو السفير أن خادم الحرمين الشريفين الملك “سلمان بن عبدالعزيز آل سعود” – يحفظه الله – أجرى مؤخراً اتصالاً مع الرئيس الأميريكي “دونالد ترامب” بشأن الاعتداءات الإسرائيلية ، مؤكداً أن السعودية لن تجعل الأردن وحده يتصدى لهذه الاعتداءات ، فكان عملاً مشتركاً لحمايتها ، مضيفاً : لن ننسى واجبنا حيال القضية الفلسطينية، على الرغم من كل ما اتخذ من اجراءات لتهميشها.
جاء ذلك خلال لقاء وحوار شامل ومفتوح جمع سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الأردن صاحب السمو الأمير “خالد بن فيصل بن تركي آل سعود” مع أسرة جريدة «الدستور» في مبنى الجريدة .
حيث قام سمو السفير بزيارة لمقر جريدة الدستور وكان في استقباله رئيس مجلس إدارة الجريدة “محمد داودية” ورئيس التحرير المسؤول الزميل “محمد حسن التل” ، وحضر اللقاء المتحدث الرسمي باسم سفارة خادم الحرمين الشريفين في الأردن مدير المكتب الإعلامي الأستاذ “عبد السلام بن عبدالله العنزي” ، والدكتور “مطلق المطيري” المستشار السياسي لسمو السفير.
وأوضح سموه خلال اللقاء أن هذه الزيارة جاءت لإيمانه أنها الجريدة الأكبر والأعرق، مشيراً إلى أنه يحترم رسالة بلاده عندما يشرح قضاياها من خلال صحيفة عريقة كالدستور، معتبراً اللقاء بأسرتها مسألة هامة ومنبراً مهنياً لتقديم رسالة إعلامية مهنية هامة ، كما عبّر سموه عن سعادته في اللقاء الذي يجمعه بأسرة «الدستور»، واصفاً إياها براية من رايات الأردن الإعلامية ، كونها تضم صحفيين محترفين ويتمتعون بأمرين هامين، أولهما الأمانة الصحفية وثانيهما أنهم مطلعون، الأمر الذي يفرض المصداقية في الحوار وتقديم المعلومة الصحيحة.
وأوضح سمو السفير أن زيارته للدستور تعتبر مسؤولية تجاه بلده عليه ، مضيفاً : من حق بلدي عليّ عندما أزور جهة إعلامية أن تكون محترمة ومقروءة، فزيارتي بها أنانية ، حيث أتيت لأشرح موقف السعودية وأضع تفاصيل قضاياها ولا اعتقد أن الكل يوافقني بما قلت وهذا حق من حقوقكم وأي خلاف معي يجعلني أتنور بالرأي الآخر وأعرف كيف يفكر المثقفون الذين جالستهم في جريدة «الدستور» وأرفع لدولتي الرأي والرأي الآخر، الذي قد يقود لتغيير مواقف».
وقد استمر الحوار ما يقارب الساعتين تطرق خلاله سمو السفير لعدد كبير من القضايا كان على رأسها العلاقات الثنائية السعودية الأردنية، وسبل تعزيزها، والملف القطري وأبعاده المستقبلية، إضافة للملفين السوري والعراقي، والقضية الفلسطينية، وواقع حال الطلبة السعوديين الدارسين بالأردن، وتفاصيل كثيرة هامة تناولت مختلف قضايا المرحلة.
وحمل اللقاء الكثير من الود والشفافية بأعلى مستوياتها، مع تكرار سموه لعبارة « أحبّ من يخالفني الرأي ويناقشني « مصراً على عدم احتكار أي معلومة أو رفضه للإجابة عن أي سؤال أيا كانت طبيعته أو حساسيته.
وفي بداية الحوار، رحّب رئيس مجلس الإدارة “محمد داوودية” ورئيس التحرير المسؤول الزميل “محمد حسن التل” بسمو الأمير خالد في « الدستور « التي تعتبر أعرق صحيفة أردنية، حيث اشادا بالعلاقات السعودية الأردنية، مؤكدين أنها في أفضل حالاتها، والنظامين السياسيين بين خادم الحرمين وجلالة الملك من أعمق العلاقات الثنائية ، كما أكدا تطابق وجهات نظر البلدين تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية فضلاً عن تشابه التفاصيل الاجتماعية بين الشعبين الأردني والسعودي، والتعاون السياسي والأمني والعسكري تسير كلها بالأطر الإيجابية.
تفاصيل هامة وثرية، قدمها سمو الأمير “خالد بن فيصل بن تركي آل سعود” خلاله حواره مع أسرة جريدة «الدستور» نقرأ تفاصيلها في الحوار التالي نصه:
* الدستور: التصريحات القطرية الأخيرة عبر وسائل الإعلام أوضحت أنها شاركت في التحالف العربي رغماً عنها ، فما هو تعليق سموكم على ذلك؟
الأمير خالد : اعتقد انه تم اجتزاء التصريحات، وقد يكون القصد ذهبنا كلنا مضطرين!!.. التصاريح التي تصدر بالأخبار لا يمكن الأخذ بها بالمطلق، إذا لم أسمعها من الشخص نفسه ، أمّا القول أنهم لم يكونوا مضطرين !! فهم غير مضطرين للتدخل في ليبيا وفي مصر وفي السعودية وفي البحرين وأن يدفعوا للكويت لانتخابات !! ماذا فعلوا؟؟ ما هي فائدة قطر من عام 95 حتى الآن؟.
فلماذا مضطرين؟ الكويت لم ترسل شرطيا واحداً، عمان كذلك، لا طائرة ولا أفراداً، فهذا كان خياراً لجميع الدول أن تدخل أو لا تدخل في التحالف فكان الأمر خيارياً للدول.
* الدستور: إلى أين تتجه القضية مع قطر بعد عدة وساطات كويتية، والمتابعات الأميركية والفرنسية والتركية.. هناك حراك ساخن في المنطقة، إلى أين تذهب الأمور برأيكم؟.
الأميرخالد : برأيكم لماذا كل هذا الحراك؟ لأن قطر جالت على هذه الدول كافة، وطلبت التدخل، وزاروا روسيا لكنها رفضت التدخل، وألمانيا كذلك، وفرنسا وصدر عنهما تصريحات، تؤيد المطالب الخليجية، وبريطانيا التزمت الصمت وأميركا صدر عنها تصريحات في ذات الإطار أيضاً، وهنا يجب التأكيد على أن ما يحدث ليس مسألة خلافات إنما مسألة معززة بوثائق ومن الذين تم تمويلهم والتحركات والتدخل.
كما أنه يجب التأكيد هنا أننا في المملكة العربية السعودية لنا علاقات حسنة بكل الدول ونعتبرهم أصدقاء وحلفاء لنا بكل القضايا، لكننا نختلف مع كل الدول في مسألة فلسطين إذ لا يمكن القول بأن السعودية ليس لها موقف من فلسطين مؤيداً ومعززاً.
أمّا أن نحسم ما هو القادم فهذا يصعب تحديده الآن، لكن بصورة عامة القضية ليس لها سوى اتجاهين إمّا أن تلتزم قطر بما وقعت عليه عام 2013، والاتفاقية التكميلية 2014، أو تستمر بما هي عليه، لن يكون هناك تنازل من الدول الأربع.
* الدستور : شملت قائمة الدول الأربع 13 مطلباً ، ما الذي سيدفع بقطر للموافقة على هذه المطالب، كيف سيكون شكل الضغط الذي سيجبر قطر على الاستجابة؟.
الأميرخالد : الكل اطلع على الاتفاقين، والاتفاقية كانت شاملة لكن يبدو أن القطرين لم يفهموها بشكل صحيح، الأمر الذي دفع لوضعها في نقاط محددة، لغايات الشرح والايضاح، فجاء ردهم بأنها مسألة سيادية لذا رفضوها، وهنا يجب أن نوضح انه قد تتباين الدول في بعض السياسات، وتختلف فيما بينها، لكن لا يوجد أي دولة علاقاتها مع أشخاص تآمرية ضد أخرى، وعليه نحن لم نتدخل بالسيادة ولو كنا كذلك لطلبنا من الكويت وعُمان وغيرها وقف تعاملها مع أشخاص وجماعات نحن نختلف معهم.
بالتالي سيادتك لا تعني التحريض علينا، لا تعني دفع محطات فضائية للحديث عنا، العالم صغير، ولا يمكن الضحك بها على أحد!!!
أمّا السؤال ماذا نفعل للضغط على قطر، لأرد عليه بسؤال، هل تعتقدون أن قطر ليست مضغوطة الآن، هل تعتقدون أنها لا تعاني اقتصادياً، هل تعتقدون أن دخول ستة آلاف ناقة لقطر بيوم واحد من السعودية من أهلها ألم يؤثر عليها، علاقات القرابة والوساطة.. نحن اليوم وضعنا الشعب القطري أمام الواقع، لأن سياساتهم لن يكون لها مردود ايجابي على الشعب.
والآلية الأخرى لمواجهة قطر هو التصعيد الاقتصادي، أمّا حل عسكري لن نرضى به، وسيكون من بينها أن أي شركة تتعامل مع قطر لن نتعامل معها، فلقطر حرية شخصية، نحن لن نعاقبها لكننا لن نتعامل معها، فليس هناك أي حل آخر إلاّ المقاطعة والتصعيد الاقتصادي، فنحن لسنا بحاجتهم ولا هم بحاجتنا.
ونحن سمعنا من يقول اننا ضغطنا على جهات ودول منها الأردن لغايات أخذ ردة فعل حيال هذه القضية، وهنا أؤكد أن الأردن دولة ذات سيادة وعلى رأسها ملك حكيم وبها برلمان وصحافة مهنية لم نضغط على الأردن بل اتخذ الموقف الذي يتماشى مع مبادئه، ومصالحه، فنحن لا نرضى ان تكون بعين جلالة الملك عبد الله الثاني ولا الشعب الأردني أننا نضغط عليه بأي شكل من الأشكال.
وهنا أقول «أقسم بالله لم أحمّل رسالة واحدة للقيادة الأردنية» وانه لقسم عظيم، فالأردن له قيادة وقد عانى من قطر وآخر ذلك كان المنحة الخليجية هذا من الناحية الاقتصادية، وعانى من قناة الجزيرة ما عانى.
نحن لم نضغط على أحد، كل دولة ذات سيادة قاست مصالحها، بعضها اختارت الوقوف على الرصيف وليس الحياد، انتظاراً لنهاية المشكلة، أمّا الحياد فلا يعني أن تضع المخطئ والمصيب على نفس الخط، فالحياد يعني أنه ليس لك مصلحة بهذا أو ذاك، لكن المخطئ يجب أن تقول له مخطئ والمصيب يجب أن تقول له مصيب، والترويج لهذه الأمور يعتبر عجزاً.
* الدستور : هل ترون أن الأزمة القطرية أشغلت المملكة العربية السعودية عن التصدي لتقاسم النفوذ التي تقاسمته كافة الدول إلاّ العربية منها، فهل ترون أن توقيت الأزمة القطرية جاء ملائماً في ظل تعدد أزمات المرحلة؟.
الأمير خالد : ليس بيدنا التوقيت، فأزمة اليمن حدثت بعدما تحركت الصورايخ باتجاه المملكة العربية السعودية حتى وصلت (80) كيلو من حدودنا، فكان يجب التصدي لها، ونحن منذ عام 1945 رفضنا أن ندخل مجلس الأمن لسبب واحد أننا لا نريد للمملكة أن تقرر من الخطأ والصح، ولأن سمعة المملكة تتطلب التصويت للحق فرفضنا أن ندخل بالمجلس، لكن أمننا الوطني الخاص وأمن الوطن العربي بتهديد اليوم فايران دخلت دخولاً سافراً بالعراق واليمن وسوريا وعدد من الدول العربية، وهنا نتساءل من وقف ضد إيران بلبنان، سيما وأننا اتهمنا بالخيانة يوم قلنا أن ما قام به حزب الله عام 2006 هو مغامرة غير محسوبة اتهمنا بالخيانة والعمالة وبكل الاتهامات، والسؤال اليوم ما هي حقيقة ما قام به حزب الله في ذلك الحين بلبنان.
وقد تكون هناك حاجة اليوم للإجابة عن سؤال ما هو تعريف النصر في الأمة العربية هل قتل 600 شخص وتدمير البنى التحتية للدول انتصار؟ هل تعتقدون أن ما حدث عام 2006 في لبنان انتصار، فبعده كلنا جئنا جميعاً لبناء ما هدمته اسرائيل في لبنان، وعليه فإن مسألة قطر وصلت إلى حد لا يمكن السكوت عنه ونحن لسنا مراهقين سياسيين وعندما نريد القيام بشيء يجب أن نستشير الدول المؤثرة في المنطقة والعالم واستشرناهم فكان الوقت مناسباً لما قمنا به.
أمّا في الجانب اليمني فيجب الإشارة إلى أننا لا نعاني من اليمن فقط من مواجهة عسكرية، إنما من مشاكل غير عسكرية كموضوع المخدرات وغيرها، فعلى سبيل المثال عندنا منطقة جنوب المملكة نصفها في اليمن وهي قرية صغيرة بالقرب من الحدود تباع بها القنابل اليدوية بخمسة ريالات، حتى أن مضادات الطائرات تباع في اليمن بشكل عادي وهذه أمور ليست حديثة وكانت قبل الحرب.
* الدستور : ما هو مصير مجلس التعاون الخليجي بعد الأزمة القطرية؟.
الأمير خالد : مصير مجلس التعاون الخليجي ليس مربوطاً بقطر ولم نفكر بطردها من مجلس التعاون والموظفون القطريون متواجدون بالرياض الآن، أن تختلف الدول لا يعني إنهاء المجلس أو طرد الدولة، إذ لماذا لم يسأل أحد عن مصير جامعة الدول العربية التي تمر بذات الوضع منذ سنين، وما نؤكده هنا أن مجلس التعاون الخليجي هو المنظومة العربية الوحيدة الناجحة، وإذا تعدينا هذه الأزمة سنثبت نجاحنا أكثر.
* الدستور: كنا نتوقع أن يكون للأردن دور موازٍ للمصري في الأزمة مع قطر، كونه الأقرب لكم في مجلس التعاون الخليجي، كيف ترون ذلك؟ وكيف تقيمون ردة الفعل الشعبية الأردنية حيال مشكلتكم مع قطر؟.
الأميرخالد : هناك بعض التعابير التي لا نستحسنها في التعامل مع قضية قطر بالقول «فرضت على قطر» بدلاً من قول «طلبت من قطر» وكلمة «حصار» ونحن لم نحاصر قطر وأجواؤنا مفتوحة، على العكس إذا أرادوا اغلاق مجالهم البحري والجوي من خلالنا لن يزعجنا الأمر ونحن راضون تماماً عن ذلك ، بمعنى أن هناك توقفاً كيف تعرض المسألة على الناس، وما يكتب ببعض وسائل الإعلام، وطريقة التلاعب بالكلمات، واللافت الحضور الإعلامي القطري بالأردن فهناك صحيفة واحدة لها سبعة مراسلين ، ويوجد ما يقارب العشرين مراسلاً لصحف لا توزع أكثر من ثلاثة آلاف نسخة ، وهناك كتّاب مقالات ضد موقف المملكة ، وهذا مبدأ وتوجه لأصحابه ، وإذا سؤلنا إذا كنا نأخذ على الرأي العام نعم نأخذ ، لكن في واقع الحال الرأي العام كلمة تغيّره، بالتالي لدينا تحفظات على بعض التعابير.
وفيما يخص شراكة الأردن، هل تعتقد أننا لم نطلب من الأردن، لكنهم أجابوا هذا موقفنا واحترمناه، أمّا المصريون فهم متضررون ومن يحيّد دور مصر فهذا غباء سياسي.
* الدستور: العلاقات الأردنية السعودية على الرغم من تميزها على كل المستويات إلاّ أنه هناك من يرى أن السعودية أدارت وجهها عن الأردن في الجانب الاقتصادي، إذ لم تمنح الأردن القدر الكافي من المساعدة لتجاوز وضعه الاقتصادي الصعب؟ ألا تخشون لجوءه لجهات أخرى طلباً للمساعدة؟.
الأميرخالد : الخيارات غير موجودة للجوء لأطراف أخرى تساعدنا، نحن ملتزمون مع بعضنا الأردن والسعودية، فلا يوجد من نلجأ له كلانا، والأردن في موقع جغرافي يجمع دولاً وأحداثاً حساسة، الأمر الذي يجعل من الأردن يتعامل مع كل دولة وفقاً لسياسات خاصة به، وهذا حق سيادي للأردن ويعمل على أمنه واستقراره الوطني، ويدار بحكمة.
أمّا في المسألة الاقتصادية، اكتشفت المملكة والأردن في وقت واحد أن المساعدات والضخ المالي لا يساعد الاقتصاد، فلو تم الآن تقديم مبلغ (500) مليون دينار على سبيل المثال سيتم دفعها على الفور للبنك الدولي، علما بأن الفوائد المترتبة على الأردن في السنة بليون دينار للبنك الدولي، لذا رأى المعنيون في البلدين أن هذا لا يفيد، فلا بد من مساعدة الأردن بشكل آخر، ومن هنا جاءت المنحة الخليجية التي كان يدفع منها على فترات، لكن نواة الاقتصاد هي الوظيفة كما أن نواة المجتمع هي العائلة، فالوظيفة هي العامل النووي بالاقتصاد كونها تخلق انساناً منتجاً ومستهلكاً لتأخذ الدورة الاقتصادية وضعها الطبيعي ، فوصلنا لنتيجة أن أفضل طريقة لمساعدة الأردن هي خلق الوظائف ، وخلق الوظائف له طريقان أولهما خلق وظائف مستديمة ، وثانيهما فتح مجال للأردنيين بأوسع نطاق في المملكة ، وهنا لا أعني الاستثمارات السريعة التي يمكن أن توفر وظائف سريعة كمشروع فتح طريق على سبيل المثال، أو فتح مستشفى قد نشكر كسعودية على فتحه لكن تشغيل المستشفى لمدة سنتين مكلف أكثر من المشروع نفسه، واكتشفنا أن بعض الإعانات عبء على الدولة أكثر من أنها تساعدها، إضافة للعامل الشعبي حيث يتساءل الشعب السعودي لماذا نخرج أموال المملكة، فلماذا لا نبني لهم منازل أو مشاريع أيضاً هذا عامل ضاغط، والعامل الشعبي الأردني يجب أن يشعر المواطن أن الأموال التي تأتي له ليست منحاً ومساعدات إنما أخرجت الأموال للاستثمار والربح.
وبعد كل هذه التفاصيل، قررنا وضع تصور لشركة استثمارية رأسمالها ثلاثة بلايين دولار، والبعض يظن أن عمل الشركة هو هذا المبلغ وهو أمر بالطبع غير صحيح، فهذا رأسمال شركة، فقد تعمل بعشرة بلايين دولار، كما عملنا على دراسة الاستفادة من المنتجات الأردنية ونحن الآن ندرس إمكانية الغاء الرسوم على الشاحنات الأردنية، إذ يمكن إلغاؤها خلال الشهرين القادمين.
وعند تأسيس الشركة بدأت الدراسات حول ماذا يمكن أن استثمر في الأردن، هل نستثمر في الخدمات والتي من أبرزها السياحة التي تعاني من تراجع كبير، أو الموارد الطبيعية، حتى الآن لم يتم اتخاذ قرار بشأن استثمارات الشركة فهي ما تزال تعمل على إعداد جدوى اقتصادية فلا نريد القيام بمشروع قد يفشل، لأن حدوث ذلك سيكون ضربة موجعة، فالأمر بحاجة للوقت، وهناك تفكير بالاستثمار في البوتاسيوم الذي يزخر به الأردن وأكبر مستورد له شركة «أرامكو» وهناك تفكير بمشاريع للمصفاة ومد الأنابيب، كلها قيد الدراسة.
الآن نحن نتحدث عن قرب انتهاء مشروع الربط الكهربائي، وهناك مشروع ينفذ في البحر الميت بكلفة مليار دينار لدولة الكويت، بالمناسبة لا يمكن لأي دولة أن تنشل اقتصاد دولة أخرى بمفردها، المهم في الأمر أن ما يتم الإعلان عنه هو ما يمكن تطبيقه، فالأمر يحتاج لمهلة، فالشركة لم يمض على تأسيسها سنة.
* الدستور: هل يمكن قراءة واقع العلاقات السعودية الأردنية اقتصادياً بالأرقام، لتكون أكثر دقة، فكم يبلغ حجم الاستثمارات السعودية بالأردن، والتبادل التجاري لصالح من يتجه من البلدين؟.
الأميرخالد : يصل حجم الاستثمارات السعودية بالأردن إلى عشرة مليارات دولار، موزعة على مشاريع هامة وضخمة.
أمّا التبادل التجاري فيميل لصالح المملكة العربية السعودية، نظراً لكون الأردن مستورداً للنفط ، ولكن في الناحية الزراعية فالتبادل يميل لصالح الأردن 100% ونحن الآن نطوّر التبادل التجاري من ناحية استيعاب المنتجات الزراعية الأردنية ونسعى للعمل على كيفية التعامل مع الصناعات التحويلية لخلق وظائف، فضلاً عن الاستفادة من البوتاسيوم حيث يناقش وسائل الاستثمار به، ونحن في السفارة علاقتنا بهذه الأمور أننا نعمل على التوصيل وتترك باقي الإجراءات لأصحاب الاختصاص.
* الدستور : ألا ترون أن قضية قطر جعلت من داعش تنتشر بمناطق دون رادع، وكذلك انتشار للحضور الإيراني في المنطقة، ولعل الأهم إسرائيل أن تهنأ بكل ما يدور من صراعات والدليل ما حدث مؤخراً بالقدس وغياب موقف عربي واضح؟.
الأمير خالد : لا يمكن أن ننكر أن أعداءنا كثر، وفي وقت سابق عندما لم نتدخل في التدخلات الإيرانية، نحن اليوم نلام على هذا الموقف، ولعل الأهم أن قطر في سياساتها عرقلت دورنا في سوريا من خلال مساعدتها للفصائل المتطرفة فقد أضرت بعملنا، الذي كان بالعلن وليس كغيرنا من الدول، وتدخل روسيا بحجة أنها تحارب الارهاب علماً بأن جزءاً من قصفها على الجيش الحر وليس على القاعدة أو داعش.
أمّا مسألة فلسطين، فأنتم أعرف بفلسطين… ماذا تستطيع أن تفعل السعودية إلاّ الطلب من أميركا أن تضغط على إسرائيل للرجوع عن سياساتها، فكل الدول المحيطة باسرائيل وقعت معها معاهدات سلام حتى الفلسطينيين أنفسهم قاموا بذلك، وهناك من وقع معهادة سلام بشكل سري مثل سوريا، هل نقفز لحل القضية، نحن في السعودية نؤكد دوماً على ضرورة أن تعود القدس تحت الإدارة الفلسطينية أو العربية ، لكن مشكلة فلسطين ليست في السعودية أو غيرها من دول عربية، إنما بالفلسطينيين أنفسهم وتقسيمهم لأنفسهم بتحزبات، هل سأل أحدكم لماذا حدود غزة مغلقة ، لأن اتفافية وقعت مع المرحوم “ياسر عرفات” بأن مسألة قطاع غزة وحدوده تحت سيطرة السلطة الفلسطينية ومتى ما خرجت من نفوذ السلطة فإن مصر ملزمة بإغلاق الحدود ، وبطبيعة الحال إسرائيل لن تستشير السلطة عند قرار الإغلاق.
*الدستور: هل ترون سمو الأمير أن الأحداث والأزمات التي تعصف بالمنطقة جعلت من الجهد أقل لمواجهة إسرائيل؟ وهل ترى أن هناك افتعال أزمات لإدارة الاهتمام عن فلسطين؟.
الأميرخالد : علينا أن نعترف بداية بالقول أنهم أشغلونا، نعم أشغلونا، في مشاكل بالمنطقة تنفذ بأيدي عربية والتخطيط غير عربي، واحد منها النظام السوري والتزامن بإخراج البغدادي من سجن أبو غربب و900 شخص خرجوا بعفو عام في سوريا، ووجود ستة مخيمات تدريب على حدود سوريا مع العراق، حتى قبل قرار اغلاقها عام 2010، لتنطلق عام 2011 نواة داعش التي نمت بشكل لافت حتى أن وصل بفترة من الفترات بيوم واحد ثلاثة ملايين دولار لسيطرتها على آبار النفط التي لم يصلها أي من قذائف الحرب وحتى التحالف الدولي لم يقصف بئر بترول واحدة، ومؤخراً أصبح البعض يتبادل شريط فيديو لقافلة من 600 سيارة على أنها مساعدات، وهذه القافلة قديمة منذ عام 2014 وفيديو أنها مساعدات مسألة خاطئة، هي قافلة قديمة كانت ذاهبة للحسكة وسارت بالطريق لمسافة 300 كيلومتر ولم تصبها طائرة واحدة، على الرغم من توفير معلومات من قبلها لكنها لم تضرب بحجة أن هناك خوفاً من أنها تضم عائلات.
كل هذا أسرده للتأكيد بأنهم أشغلونا، لكن فيما يخص القضية الفلسطينية تحديداً ، نحن نقف أمام حقائق بأن دولاً وقعت معاهدات سلام مع إسرائيل لمصلحة بلادها وهذا حق لها ، فهي لا تريد أن تعيش حالة حرب دائمة مع إسرائيل ، وعلينا أن نحترم قراراتها، والفلسطينيون عليهم أن يوحدوا كلمتهم، فلا بد من توحيد كلمة أهل البيت قبل أن تتوحد كلمة الجيران، مع التأكيد أننا في السعودية لن ننسى واجبنا حيال القضية الفلسطينية، على الرغم من كل ما اتخذ من اجراءات لتهميش القضية الفلسطينية والتي كما نلحظ على الرغم من الفوضى التي تعم سوريا إلاّ أنه لم تتوجه بأي عمل على إسرائيل.
* الدستور : أنشأت المملكة العربية السعودية عدداً من المنابر والمنصات لمحاربة الارهاب على المستوى الفكري، هل يمكننا معرفة حجم التنسيق مع الأردن بهذا المجال، سيما وأن جلالة الملك “عبد الله الثاني” من أوائل من حذّر من الإرهاب الفكري، وضرورة مواجهته؟.
الأميرخالد : أستطيع أن أؤكد أن التنسيق على أعلى مستوى في محاربة الإرهاب ، وهناك قضايا يتم الإعلان عنها، وأخرى لا يعلن عنها، وكثير من الشخصيات تم تسليمها للأردن من قبل السعودية، وحدث العكس أيضاً، وقد استفاد الأردن من شخصيات تم التحقيق معها، فما نؤكده هنا أن التعاون على أعلى مستوى وفوق التوقعات.
وفي حديثنا عن الإرهاب، وللأسف ما يثار من أن السعودية تدعمه بحجة الوهابيين ، أو أن أشير هنا إلى أن محمد عبد الوهاب ليس له ولا كتاب واحد حتى يقال أنه ترك مؤلفات تدعم الإرهاب، فكل ما تركه رسالة من عدد من الصفحات أشارت لأمور سلوكية أوقعت الناس آنذاك بالشرك الأصغر فكانت رسالته توضيحة للشأن الديني، ودون ذلك لا أساس له من الصحة بأن الوهابيين يدعمون الإرهاب أو أنهم أسسوه، وما يجب الإشارة له أن الصلوات الخمس كانت تقام أربع مرات عند كل فرض في مكة المكرمة حسب المذاهب حتى جاء الملك “عبد العزيز بن سعود” رحمه الله وأمر أن تقام مرة واحدة، وتم آنذاك اختيار المذهب المالكي كونه مذهب فقهي، ليوحد المسلمين وتصبح الصلاة تقام مرة واحدة في مسجد الله.
ولكن ما يجب الحديث عنه في هذا السياق أن افغانستان كانت فرصة كبيرة للمنظمات التي تدعي أنها تدافع عن الإسلام، لتكون مركزاً لتدريب الشباب وفقاً لسياساتها، لتدخل بعد ذلك الإخوان المسلمين وكلها عبارة عن تنظيمات لا تمت للإسلام بصلة، فأي شخص يقسم بولائه للتنظيم على ولاء لبلده أشك بولائه لأي شيء، وللأسف اتهمونا بالإرهاب والوهابية والتشدد والتعصب ونحن لا علاقة لنا بذلك، وكانت أول عملية ارهابية بهذا السياق قام بها الإخوان المسلمين، وإذا كانت السعودية تدعم الإرهاب فلماذا تحدث على أراضيها عمليات إرهابية، هي كلها أمور عارية عن الصحة.
* الدستور : كيف تنظر بلادكم للوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس الشريف، ودورها في حماية هذه المقدسات في ظل أن الأردن هو الدولة الوحيدة التي تتصدى للاعتداءات الإسرائيلية؟.
الأميرخالد : السعودية من الدول التي أيدت الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، ولا يوجد أي تحفظ عليها بالعكس هي وصاية حكيمة تعاملت مع الاعتداءات الإسرائيلية باقتدار.
وحماية المقدسات تحرص عليها المملكة العربية السعودية حيث جرى إتصال مؤخراً بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس الأمريكي بشأن الاعتداءات الإسرائيلية ، فنحن لن نجعل الأردن وحده يتصدى للاعتداءات فكان عملاً مشتركاً لحمايتها.
* الدستور: أين وصلت بلادكم في الاستعدادات لموسم الحج 2017، وهل سيكون هناك اجراءات جديدة خاصة بالبعثة الأردنية؟.
الأمير خالد : موسم الحج بات جاهزاً، والأردن عومل بما لم تعامل به أي دولة أخرى بالمطلق.
وتم الطلب من الأردن في وقت سابق بنقل مخيم الأردنيين في منى لمنطقة أخرى، ونحن الآن نعمل لننقل المخيم، وهذه مسألة ليست سهلة وتحتاج لتخطيط.
* الدستور: هلا وضعتمونا بصورة واقع الطلبة السعوديين بالأردن، والسعوديين بشكل عام، وحقيقة ما يثار بين الحين والآخر من تعرضهم لمضايقات؟.
الأميرخالد : على العكس تماماً، هناك معاملة مميزة للسعوديين بالأردن ومن كافة الجهات، وعلى مدى عملي بالمملكة منذ سنتين تعاملت مع مشكلتين فقط تخص السعوديين، إحداهما لسيدة تعرضت لعيار ناري طائش قبل أيام في عجلون، وإشكالية أخرى لأحد الطلبة مع زملاء له وتم تجاوزها وتنازل الشاب السعودي عن حقه.
وهنا أريد التأكيد على أنه يدخل الأردن شهريا (56) ألف سيارة من السعودية، وعندما تحدث مشكلة بالشهر فهذا أمر لا يذكر، فيما تبقى قضية واحدة معلقة لشاب سعودي تعمل السفارة حالياً على حلها نتجت عن شجار بين طلبة أردنيين وشاب سعودي وتم توقيف الأخير حيث نعمل على حل الإشكالية.
أمّا دون ذلك، فنحن نؤكد أن وضع أبنائنا غاية في الروعة بالأردن، ولا يوجد أي مشاكل على الإطلاق، وأؤكد هنا حين معرفتي بأن شاباً سعودياً قد سبب أي مشاكل أنا بنفسي أرفع به للسعودية لمنعه من السفر إذا أخطأ ، ونحن لم نلق إلاّ كل خير من الأجهزة الأمنية الأردنية ومن المواطنين ومن كافة الأجهزة.