نكمل من حيث انتهينا ..
... والصدمة الجديدة التي واجهها السعودي لم تكن على البال ولا على الخاطر ، حيث قال له صديقه الخليجي بكل صدق لقد رأيت أخلاقك ونسبك وحسبك ، وأشهد الله إنك نعم الرجل وأريد أن أطلب منك طلباً وأخشى أن تردني خائباً ، فقال له السعودي أطلب وبإذن الله أنفذ إن استطعت ، فقال له الخليجي أنا أطلب القرب منك وأريد أن أتزوج أختك ، على سنة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، ففكر السعودي قليلاً وسأل نفسه بصمت ، أي أخت وأنا كل أخواتي قد تزوجوا ؟ ولكن الخليجي أكمل كلامه ، وقال بصراحة قبل يومين خرجت من الغرفة ، وبدون قصد مِنّي مَرّة بنتاً من الباب الذي في السور ، فقدّر الله ووقعت في حبها بدون سايق إنذار ، ووالله هي لاتعلم بذلك ، وحاولت أن أمنع نفسي وأن لا أفكر في هذا الموضوع لكن غلبني عقلي وقلبي .
وصُدِم السعودي صدمةً عظيمة ، فلقد اتضح له من خلال وصفه لها أن هذه البنت هي خطيبته منذ الصغر وحبه وقلبه وروحه ، وأمنية حياته وبنت عمه ولكنه استطاع كبح جماح انفعالاته وقال لصديقة خيراً إن شاءالله .
فترك صديقه وذهب إلى صالة منزله ، وجلس وحيداً يفكر في هذا الموضوع الذي وقع فيه ، وقدره الله عليه فكر وفكر وقلبه يعتصر ألماً ، وكأن جسده تطعن فيه سكاكين ، وفي نهاية هذه الجلسة اتخذ قراراً ربما لن يؤيده عليه أحد ، وقد يرفضه الجميع ويحاربونه ، ولكن بالنسبة له أن قراره هو القرار الصائب ، ولا نستطيع لومه أو زجره فهذه حياته هو فقط .
ومر ذلك اليوم طبيعياً بين الصديقين ، ولم يتحدثا في الموضوع ، وفي اليوم الثاني قال السعودي لصديقه أنا ذاهب في مشوارٍ مهم ولن أتأخر ، فرد عليه اذهب وخذ راحتك .
فذهب السعودي إلى عمه ، يريد أن يخطب ابنته لصديقه الخليجي ، وهو واضع في باله أنه سيواجه بعاصفة لوم وقهر وغضب من الجميع ، فجلس مع عمه وقال له ، ياعمي أنت بمثابة الأب الآن لي ، فأرجوك أن تسمعني إلى النهاية ولا تقاطعني، ثم تكلم بما تشاء فوافق عمه على ذلك ، فقال له أعرف إن بنتك هي عشق حياتي وحلم عمري ، ولكن أنا قادم الآن أريد أن أخطبها لصديقي الخليجي ، فثار عمه وغضب عليه وأمسك بملابسه وقال له ، أنت رجل لا يستحي كيف تخطب بنتاً مخطوبة ؟ ، ومخطوبة لمن ؟ هي مخطوبة لك منذ سنين ، وعَلت الأصوات وحصل بينهم جدال عنيف ، ووصلت أصواتهم لبنت عمه فانهارت وصرخة كالمجنونة ، فهذا حلم حياتها ينقلب في لحظة إلى كابوس ، وحاولت أمها أنت تهدئها ولكن بدون فائدة ، وفي نهاية الحوار صرخ عمه في وجهه ، ولكن رد عليه وقال ياعمي وياوالدي أنا لم أخطبها إلا لرجل أفضل مني ، وسيسعدها ويحفظها بعينيه ، وقد أخرجتها من قلبي وزرعتها في قلبه ، وإن لم يتزوجها صديقي فلا تنتظر أن أتزوجها أنا ، فجلس عمه من صعوبة الموقف عليه دون أن ينطق بكلمه ، فقبّل رأسه السعودي وخرج من عنده بعدما ألقى قنبلة في منزل عمه لا يعلم مدى الضرار منها إلا الله سبحانه .
ورجع السعودي بعد هذه المعركة إلى صديقه الخليجي ، وهو لايدري هل يسعى في الطريق الصحيح أو الخاطئ ، وعندما لاحظ الخليجي أن صديقه في غاية السرحان والتوهان ، فاجأه بسؤال مابك ؟ فرد عليه خيراً إن شاءالله ، فسأل السعودي الخليجي إن وافقنا على زواجك هل سيحضر أهلك للخطبة الرسمية ؟ ، فتغير وجه الخليجي ، وحاول أن يتهرب من الإجابة ، ولكن وجد مخرجاً سريعاً ، فرد عليه ياأخي إجازتي قاربت على الإنتهاء ، ولم يتبقى إلا أسبوعاً واحد ، وإذا طلبت منهم الحضور لن يستطيعوا ، ولكن نجعل الفرح هنا إذا ممكن بشكل مختصر ، وإذا رجعتُ إلى بلدي فسأعمل حفلاً عظيماً لها وأطلب حضوركم .
فوجد السعودي مصيبة كبيرةً جديدة تنتظره ، كيف أقنع عمي أن يزوجه بدون حضور أهله ، وهو لم يوافق بعد على الخطبة أصلاً، فاستخار ربه وعزم على الذهاب لعمه لحسم الأمر .
فدخل وجلس إلى جوار عمه ، وقال له مارأيك ياعماه في الموضوع هل وافقت ؟ ، فرد عليه وقال بعد مشاورات ومداولات ، وشد وجذب وعلو صوت وبكاء ، أقنعنا أنفسنا بأننا مقتنعين مع إننا لسنا مقتنعين ، لكن اصرارك ومدحك لهذا الرجل ، وأنه رجل يستحق أن نزوجه أغلى بناتي ، وأيضاً بنت عمك قالت إذا أنت من اختار لها ذلك فهي موافقه ، فرد على عمه وقال الحمدلله ولكن أريد أن أخبرك بموضوع إخر فرد عليه تفضل فلن أُصدَم فقد صدمتني من قبل ، فقال إن صديقي عنده صعوبة في إحضار والديه وأقربائيه ، لضيق الوقت وعدم إمكانية حضورهم بالسرعة المطلوبة ، فرد عليه عمه وكيف نزوجه في هذه الحالة ، فقال له أنا أضمنه وأنا أهله وخاصته وجماعته ، فحدث بينهم حوار وشد وجذب إلى أن اقتنع العم مجبورا ، واتفقوا على عمل فرح مبسط بعد سبعة أيام .
فأقام السعودي الفرح على حسابه ، وجَهّز صديقه وبنت عمه ووقف معهم وقفة الأخ مع أخيه ، وأوصلهم إلى المطار بنفسه ، وودعهم وتمنى لهم حياة سعيدة مليئة بالراحة والطمأنينة .
وهو لا يعلم ماذا يخفي له القدر ، ولكن استمر في عمله محاولاً التأقلم مع طموحاته وآماله الجديدة ، ومَرّت الأشهر وبعد ستة أشهر بالتمام ، وحينما كان قد عاد من عمله ومسترخياً في صالة منزله ، إذ هناك رجلٌ يقرع الباب بقوة ويصرخ بشدة ، فذهب مسرعاً إلى الباب ، ويقول في نفسه اللهم اجعله خيرا ، ففتح الباب ووجد الذي عند الباب عمه ، وحين فتح الباب قفز عمه عليه وأمسكه من ثيابه ، فقال له مابك مابك ؟، فرد عليه صاراخاً أنت زوجت ابنتي لماً ؟ لمجرم أم لخاطف ؟ ، فقال مالذي حصل فرد عليه بنبرة غضب منذ ستة أشهر لم يصلنا عنها خبر ، وأرقام الهواتف التي سلّمها لنا لا أحد يرد عليها ، حسب الله ونعم الوكيل فيك وفيه ، وابنتي خسرتها وأنت السبب ، فوضع السعودي يده على رأسه وقال ، ماهذه المصيبة أنا ماذا عملت ببنت عمي ؟ ، يارب سترك وأخذته الرجفة والخوف وبدأ بتهام نفسه على ثقته العمياء بذلك الخليجي ، فقال له عمه إذا لم تجد لي خبراً عنها خلال يومين سأقتلك ولن أرحمك ....!.
انتهى الجزء الرابع وترقبوا الجزء الخامس والأخير بإذن الله .
التعليقات 1
1 pings
أبونواف
27/06/2017 في 2:56 ص[3] رابط التعليق
في انتظار الجزء الخامس على أحر من الجمر
(0)
(0)