أصبحت محافظة العقيق خلال الأيام الماضية مضيافا للمطر تختال جبالها وسهولها فرحا وتصدح وديانها ترحيبا بهبة السماء من الخالق جل وعلا فلا ترى إلا سماء بالغيوم ملبدة وشمسا عن الأرض محتجبة تبسط خيوطها الذهبية تارة وتغلُّـها تارة وبين هذا وذاك تعددت قُبلات المطر لتراب العقيق وعناق البرَد لأغصان الشجر وتحولت السماء ينبوع خير ورحمة أسعدت السكان والزوار وأصابت مطاردي الأمطار الحيرة عند رصد ( هماليل ) المطر في أرجاء المحافظة فلم يعد التوقيت الرباني يمنحهم الفرصة لالتقاط صور جميع أحداث الخير والتغني بسيلفي قدوم السيل فالأودية بالسيول منسابة والأغصان بالندى رقراقة والطيور في الحقول خفاقة فعندما تمطر سماء كرى غدقا شمالا تجاوبها غيمة هطلت على ( بُهْر ) جنوبا وفي المقابل ينتظر السكان امتلاء سد العقيق غربا ليفيض ثراد مزمجرا شرقا فلم يبق واديا إلا وفاض سيله واخضر نبته وبسق شجرة , كل ذلك جعل العقيق ترتدي الأخضر ضاحكة أمام الزوار كبارا وصغارا فقد مسحت هذه الأمطار جفاف السنين . سل سد العقيق عن مياهه المتلاطمة , وثراد عن حوضه الملئ , واللحيان عن سدره البهيج , وجرب وقيعانها , والجاوة وخدانها .
إنها لوحة أبدعها الرحمن طيبة جميلة تنبئ بصيف اخضر يتكامل بتنسيق الجهات المعنية بالمحافظة بالتخطيط والتنظيم والاهتمام بالمواقع السياحية تسهيلا على المتنزهين من داخل المحافظة وخارجها فلم تعد حديقة طيبة الاسم المجاورة للجامعة هي مصدر جذبهم فقط بل أصبحت جنبات مسار طريق الباحة العقيق مجلسا ومزارا ومطلات طريق العقيق القرى تحولت إلى متنزها ومقاما بل للترحاب في وادي آباد وثراد صداه لكل زائر ولا ننسى وادي (ماعل) _مربى الجوازي والوعول _ والذي اطلق عليه هذا الاسم نسبة للوعول التي توجد في جباله قديما وقيل سمي بموعل ثم عدلت الواو الفا تخفيفا وعند الحديث عن العقيق المدينة فقد أصبحت ساحاتها وحدائقها محط أنظار القادمين والباحثين عن دفء الطبيعة وروعة النزهة وترفية الصبية كل ذلك ينبئ بقدوم صيف ممتع للحضور وإجازة تحفها السعادة والحبور
ولو رأى الشاعر البحتري محافظة العقيق كما هي اليوم لقال :
أتاك العقيق الخصب يختال ضاحكا
من الحسن حتى كاد أن يتكلما .