بدأت العلاقات السعودية الأمريكية عام 1933م وكانت على شكل تعاون اقتصادي وذلك من خلال قيام شركة الزيت العربية الأمريكية بحفر أول بئر نفطية في المنطقة الشرقية بالمملكة, وكانت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قد بدأت بتعيين جيمس موس كأول دبلوماسي أمريكي مقيم في جدة, ثم تطورت العلاقات بطلب الولايات المتحدة التصريح بفتح قنصلية لها في مدينة الظهران لتقدم خدماتها للجالية الأمريكية التي تعمل في حقول النفط على ساحل الخليج العربي, وبالتزامن مع موافقة المؤسس على هذا الطلب تم رفع درجة التمثيل في جدة لتصبح مفوضية, إلا أن نقطة التحول الأبرز في علاقة المملكة بالولايات المتحدة الأمريكية كانت بالاجتماع التاريخي الذي جمع مؤسس المملكة الملك عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – بالرئيس الأمريكي روزفلت عام 1945م, وكان هذا اللقاء هو بمثابة البداية الفعلية التي وضِع فيها حجر الأساس للعلاقات السعودية الأمريكية, حيث أوفد المؤسس بعد هذا اللقاء ابنه الملك فيصل – رحمهما الله – إلى الولايات المتحدة ممثلاً له لحضور تأسيس منظمة الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو وانضمام المملكة إلى المنظمة.
وفي عام 1951م تم التوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين وهو العام الذي شهد تغيير اسم الشركة الأمريكية المنقبة عن النفط في المملكة من شركة كاليفورنيا أريبيان ستاندرد أويل إلى الشركة العربية الأمريكية للنفط وهي أرامكو الحالية.
الملك سعود بن عبد العزيز هو أول ملك سعودي يزور الولايات المتحدة الأمريكية بدعوة من الرئيس الأمريكي إيزنهاور في يناير 1957م, وفي عام 1962م عاد – رحمه الله – إلى زيارتها واجتمع مع الرئيس الأمريكي جون كيندي وبحث معه سبل التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وفي عهد الملك فيصل التقى – رحمه الله – الرئيس الأمريكي لندون جونسون عام 1966م وبحث معه تأسيس شراكة لعمل مشروعات التنمية في المملكة.
وفي عام 1971م التقى الملك فيصل الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في واشنطن وبعد هذا اللقاء بثلاثة أعوام زار نيكسون المملكة وتعد زيارته ذات قيمة تاريخية في علاقات البلدين حيث هي الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس أمريكي للمملكة ويتم فيها الاتفاق على تأسيس اللجنة الاقتصادية السعودية الأمريكية المشتركة وكان ذلك عام 1974م.
استمرت هذه العلاقة بين البلدين وتطورت مع مرور السنوات ولم تتغير رغم مرورها بمنعطفات إقليمية ودولية صعبة للغاية تمثلت في حربي 1967 و1973م وما تلاها من تداعيات لاسيما أزمة الطاقة عام 1973م التي حظرت فيها المملكة العربية السعودية النفط على الولايات المتحدة وأوروبا لموقفها من حرب أكتوبر, هذا الموقف المتشدد من قبل الملك فيصل – رحمه الله – لم يكن بدافع الرغبة في قطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية بقدر ما هو حق مشروع انطلق من إيمانه الراسخ بأهمية الوقوف مع الأشقاء العرب ودعم قضاياهم الملحة التي لم تبدِ الولايات المتحدة اهتماماً بعدالتها واعتبارها حقاً مشروعاً لدول المنطقة التي عانت من الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين وثلثي هضبة الجولان وشبة جزيرة سيناء, ورغم أن العلاقة بين البلدين كان يحكمها موقفين متضادين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فالمملكة العربية السعودية أكبر الداعمين للقضية الفلسطينية والمدافعين عنها, والولايات المتحدة منحازة في موقفها إلى الجانب الإسرائيلي في هذه القضية إلا أن العلاقة بينهما كانت تسير بشكل جيد رغم هذا التباين في المواقف, ولم يمنع الدولتين من التعاون في مواجهة الاحتلال السوفيتي لأفغانستان, وحرب تحرير الكويت من العدوان الغاشم.
وفي عهد الملك خالد زار – رحمه الله – الولايات المتحدة الأمريكية في أكتوبر 1978م, كما قام الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في نفس العام بزيارة إلى المملكة وبحث مع الملك خالد سبل التعاون بين البلدين إضافة إلى مناقشة مشروع كارتر لتحريك عملية السلام بين العرب وإسرائيل.
عهد الملك فهد بن عبد العزيز – رحمه الله – شهد الكثير من التحولات في العلاقات السعودية الأمريكية التي وطدت العلاقة بين البلدين لاسيما غزو الكويت وحرب تحريره, وما تلا ذلك من أحداث شهدتها المنطقة, وكان الملك فهد – رحمه الله – قد زار الولايات المتحدة الأمريكية عام 1985م والتقى الرئيس الأمريكي رونالد ريغان الذي طلب من الملك فهد استخدام نفوذ المملكة من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط ومحاولة إيجاد مفاوضات مباشرة بين العرب والإسرائيليين. كما تم خلال هذه الزيارة التنسيق لزيادة استثمارات الشركات الأمريكية في خطط التنمية في المملكة.
وفي سبتمبر 1985م كلف الملك فهد أخاه الأمير سلطان بزيارة الولايات المتحدة الأمريكية وإلقاء كلمة المملكة في الأمم المتحدة, ثم أعقبها بزيارة رسمية لمقابلة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان في الشهر نفسه.
وبلغت العلاقات السعودية الأمريكية ذروتها في بداية التسعينات الميلادية من القرن الماضي إبان العدوان العراقي على الكويت في أغسطس 1990م, حيث استعانت المملكة بالولايات المتحدة الأمريكية لصد العدوان وتحرير الكويت, وهو ما تم فعلاً من خلال عمليات عسكرية مشتركة بين البلدين بالإضافة إلى مشاركة عددٍ من الدول المعارضة للعدوان العراقي الغاشم وحملت تلك العمليات اسم الصحراء كعاصفة الصحراء ودرع الصحراء, وهدوء الصحراء, وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش (الأب) أكثر الرؤساء الأمريكيين زيارة للمملكة خلال تلك الفترة حيث زارها ثلاث مرات على مدى ثلاثة أعوام متتالية كانت أولاها في نوفمبر عام 1990م.
وزار الرئيس الأمريكي بيل كلينتون المملكة في عام 1994م والتقى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بمدينة حفر الباطن وبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين, وكانت تلك الفترة فترة شهدت مراقبة الطائرات الأمريكية لمنطقة حظر الطيران على جنوب العراق وحماية ناقلات النفط الأمريكية في الخليج, كما طلب كلينتون من الملك فهد خلال هذه الزيارة منح إحدى الشركات الأمريكية المتخصصة في أنظمة الاتصالات عقد تحديث نظام الاتصالات السلكية واللاسلكية بالمملكة بقيمة أربعة مليارات دولار.
وفي عام 1995م قام الأمير سلطان بن عبد العزيز بزيارة إلى الولايات المتحدة لحضور احتفال الأمم المتحدة بعامها الخمسين.
وبعد ذلك بثلاثة أعوام أي في عام 1998م التقى الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله- حينما كان ولياً للعهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون أثناء زيارته لأمريكا في إطار جولة عالمية شملت سبع دول لمناقشة الوضع في المنطقة وبحث التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وفي نوفمبر 1999م وصل الأمير سلطان بن عبد العزيز – رحمه الله – الولايات المتحدة في زيارة رسمية أخرى والتقى الرئيس بيل كلينتون لنفس الأجندة للزيارة السابقة.
وفي نهاية ولاية كلينتون أي في عام 2000م زار الملك عبد الله – رحمه الله – إبان ولايته العهد, ثم زارها بعد ذلك في 2002م في عهد جورج بوش الابن وتعد هذه الزيارة من أهم الزيارات التي قام بها مسؤول سعودي رفيع المستوى للولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م.
هجمات 11 سبتمبر
كان يوم 11 سبتمبر 2001 يوماً غير وجه العالم, وتحولت معه سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الإسلام والمسلمين, وقد أوجدت الهجمات التي شهدها ذلك اليوم مناخاً معادياً لكل ماله علاقة بالدين الإسلامي, ومنذ ذلك اليوم أعلنت أمريكا حربها على الإرهاب.. وقبل أن نتناول تأثير هجمات الحادي عشر من سبتمبر على العلاقات السعودية الأمريكية, نستعرض أحداث ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ الإنساني, ففي صباح 11 سبتمبر 2001 انهار برجا التجارة العالمي بمنطقة مانهاتن وسط نيويورك إثر هجوم بطائرتين مدنيتين, فيما أصابت طائرة ثالثة مقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون), وأخفقت الرابعة في الوصول إلى هدفها في العاصمة واشنطن وسقطت في أحد حقول بنسلفانيا.
الطائرة الأولى التي استخدمت في الهجوم من طراز بوينغ 767 وهي تابعة للخطوط الأمريكية، وانطلقت من بوسطن إلى لوس أنجلوس في الساعة الثامنة صباحاً، وكان على متنها (103) ركاب بمن فيهم أفراد الطاقم, وكان من ضمن ركاب هذه الرحلة محمد عطا وهو مصري الجنسية وكانت مهمته قيادة المجموعة التي قامت بتنفيذ عملية الاختطاف وتفجير البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي, وكان بمعيته وليد ووائل الشهري وعبد العزيز العمري وسطام السقامي وجميعهم يحملون الجنسية السعودية, وقد تمكن عطا ومرافقوه من الاستيلاء على الطائرة بعيد إقلاعها وعند الساعة (8:47) ضربت الطائرة المبنى المستهدف وأحدثت فجوة بين الطابقين (92) و(99) مما تسبب في مقتل ما يربو على 1400 شخص كانوا داخل المبنى إضافة إلى ركاب الطائرة المنكوبة.
استقبل الأمريكيون الخبر على أنه حادث عرضي إلى أن ضربت طائرة أخرى من نفس الطراز تابعة لشركة يونايتد إيرلاينز البرج الجنوبي في الساعة التاسعة صباحاً واستقر حطامها بين الطابقين (77) و (81) وقد قُتل في هذه الهجمة (600) شخص كانوا في البرج إضافة إلى ركاب الطائرة البالغ عددهم (65).
هذه الطائرة كانت قد غادرت بواسطن متوجهة إلى لوس أنجلوس قبل أن يتمكن المختطفون من تغيير مسارها إلى نيويورك, وهم مروان الشحي الذي كان يقود المجموعة المنفذة وهو إمارتي, وفايز بن حماد وهو إمارتي أيضاً, وأحمد وحمزة الغامدي ومهند الشهري وجميعهم سعوديون.
الطائرة الثالثة التي استخدمت في هجمات 11 سبتمبر كانت من طراز بوينغ (757) وهي تابعة لخطوط أمريكان إيرلاينز ،وكانت متجهة من مطار دولز إلى واشنطن وعلى متنها 64 شخصاً, وكان من ضمن ركابها هاني حنجور, سعودي الجنسية وهو قائد المجموعة المنفذة ويرافقه سالم ونواف الحازمي وخالد المحضار وماجد الحربي وجميعهم سعوديون, وقد تمكنت من ضرب هدفها في الساعة (9:40) صباحاً حيث تسببت في إحداث إضرار محدودة بمبنى وزارة الدفاع الأمريكية وأسفرت الهجمة عن مقتل (125) عسكرياً ومدنياً كانوا في محيط مبنى البنتاغون بالإضافة إلى ركاب الطائرة.
الطائرة الرابعة وكانت من نفس طراز الطائرة الثالثة وتابعة لخطوط يونايتد إيرلاينز, وكانت متوجهة من نيويورك إلى نيوجرسي وكان على متنها (44) شخصاً, وكان هدف المختطفين الوصول بها إلى البيت الأبيض إلا أنها تحطمت في بنسلفانيا وقُتل جميع من كانوا على متنها بمن فيهم زياد الجراح قائد المجموعة المختطفة وهو لبناني الجنسية, وأحمد النعمي وأحمد الحزنوي وسعيد الغامدي وجميعهم سعوديون.
بعد مرور ثلاثة أعوام على الهجمات ظهر أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في شريط مسجل بثته قناة الجزيرة مبرراً إقدام القاعدة على توجيه ضربات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة من قبل التنظيم بأنه الرد الأمثل على سياسة أمريكا المساندة والمبارِكة لكل ما تفعله إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني من أعمال إرهابية واحتلال أرضه دون وجه حق. وتوعد ابن لادن أمريكا بأنها لن تعيش الأمن والاستقرار ما لم يُعاش واقعاً في العالم الإسلامي.
وبتلك الصورة المشوهة أفرزت تفجيرات 11 سبتمبر مناخاً معادياً للإسلام والمسلمين وقد أشار الصحفي هوفمان بجريدة الواشنطن بوست إلى هذا المناخ بقوله: “أنه لم تشوه سمعة جماعة دينية أو ثقافية أو قومية ويحط من قدرها بشكل منظم كما حدث للعرب والمسلمين “.
موقف المملكة من الإرهاب
تعد المملكة في مقدمة الدول التي أخذت على عاتقها التصدي لظاهرة الإرهاب على مختلف المستويات، ومنذ أن وقعت على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي في شهر مايو 2000م، وهي تبذل جهوداً جبارة لاستئصال هذه الظاهرة بمختلف الوسائل، وتقف مع المجتمع الدولي في كل مناسبة تهدف لمواجهتها واجتثاثها من أجل أن يعم الأمن والسلام كافة أنحاء العالم.
والمملكة العربية السعودية دولة قامت وتأسست على تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وتحكم بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ووضعت هذا المنهج في المادة الأولى من نظام الحكم الذي تقوم عليه الدولة والناصة على أن: (المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم) . وبما أن الإسلام دين سلام ومحبة وينبذ كل مظاهر العنف والتطرف فإن المملكة التي تتخذ من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة دستوراً لها تسير وفق ما جاء فيهما, فالإسلام يحرم كافة الأفعال التي تؤدي إلى القتل أو ترويع الآمنين وإرهابهم، ويدعو إلى السلام والحب والعدل والتسامح وينبذ العنف والتطرف, وقد قال تعالى في محكم التنزيل (من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) “سورة المائدة” وتدلل الآية الكريمة على مدى أهمية حماية النفس دون تمييز وبيان شناعة القتل بغير حق في ميزان الدين الإسلامي.
وقد أكد وزير الخارجية السعودي السابق الأمير سعود الفيصل – رحمه الله – في كلمة المملكة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والخمسين على إن موقف المملكة العربية السعودية من الإرهاب كان وما يزال واضحاً ومسؤولاً، وذلك لأن المملكة دولةٌ شرفها الله بأقدس مقدسات المسلمين وجعلها موطن الرسالة السماوية السمحة, والحريصة على تطبيق أحكام الدين الإسلامي الحنيف. كما أكد – رحمه الله – على تقيد المملكة بقرار مجلس الأمن رقم (1373) الصادر عام 2001م بشأن مكافحة الإرهاب وأن المملكة وضعت الأنظمة الكفيلة بمكافحة الإرهاب.
وفي ذات الإطار وقعت المملكة العربية السعودية على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب عام 1999م, وفي شعبان عام 1422هـ أقر وزراء داخلية مجلس التعاون لدول الخليج العربية في اجتماعهم الإستراتيجية الموحدة لدول المجلس لمكافحة الإرهاب والتطرف.
وانضمت المملكة لاتفاقيات دولية تحارب الإرهاب كاتفاقية طوكيو لعام 1963م وهي اتفاقية دولية لمكافحة الإرهاب على الطائرات والمطارات, واتفاقية نيويورك التي عرضت للتوقيع عليها بالأمم المتحدة في ديسمبر عام 1973م والقاضية بمنع ومعاقبة الجرائم الإرهابية ضد الأشخاص المحميين دولياً, كما انضمت المملكة لاتفاقية اختطاف واحتجاز الرهائن والموقعة في شهر ديسمبر عام 1979م.
هيئة كبار العلماء تحرم الإرهاب
أصدرت هيئة كبار العلماء في دورتها الثانية والثلاثين في الثاني عشر من شهر محرم عام 1409هـ قراراً يقضي بضرورة النظر في تقرير عقوبة رادعة لمن يرتكب عملاً تخريبياً ، سواء كان موجهاً ضد المنشآت العامة والمصالح الحكومية ، أو كان موجهاً لغيرها بقصد الإفساد والإخلال بالأمن.
وقد قرر مجلس الهيئة بالإجماع:
أولا : من ثبت شرعاً أنه قام بعمل من أعمال التخريب والإفساد في الأرض التي تزعزع الأمن ، بالاعتداء على النفس والممتلكات الخاصة أو العامة، كنسف المساكن أو المساجد أو المدارس أو المستشفيات والمصانع والجسور ، ومخازن الأسلحة والمياه والموارد العامة لبيت المال كأنابيب البترول ، ونسف الطائرات أو خطفها ونحو ذلك فإن عقوبته القتل ، لدلالة الآيات المتقدمة على أن مثل هذا الإفساد في الأرض يقتضي إهدار دم المفسد ، ولأن خطر هؤلاء الذين يقومون بالأعمال التخريبية وضررهم أشد من خطر وضرر الذي يقطع الطريق فيعتدي على شخص فيقتله أو يأخذ ماله ، وقد حكم الله عليه بما ذكر في آية الحرابة.
ثانياً : أنه لابد قبل إيقاع العقوبة المشار إليها في الفقرة السابقة من استكمال الإجراءات قبل إيقاع العقوبة المشار إليها في الفقرة السابقة من استكمال الإجراءات الثبوتية اللازمة من جهة المحاكم الشرعية وهيئات التمييز ومجلس القضاء الأعلى، براءة للذمة واحتياطاً للأنفس، وإشعاراً بما عليه هذه البلاد من التقيد بكافة الإجراءات اللازمة شرعاً لثبوت الجرائم وتقرير عقابها. ثالثاً: يرى المجلس إعلان هذه العقوبة عن طريق وسائل الأعلام.
كما أصدرت الهيئة قراراً في السابع والعشرين من شهر ربيع الآخر عام 1431هـ ينص على أن تمويل الإرهاب أو الشروع فيه محرم وجريمة معاقب عليها شرعًا، سواء بتوفير الأموال أو جمعها أو المشاركة في ذلك، بأي وسيلة كانت، وسواء كانت الأصول مالية أم غير مالية، وسواء كانت مصادر الأموال مشروعة أو غير مشروعة .
فمن قام بهذه الجريمة عالمًا، فقد ارتكب أمرًا محرمًا، ووقع في الجرم المستحق للعقوبة الشرعية بحسب النظر القضائي .
وأكدت الهيئة أن تجريم تمويل الإرهاب لا يتناول دعم سبل الخير التي تعنى بالفقراء في معيشتهم، وعلاجهم، وتعليمهم ؛ لأن ذلك مما شرعه الله في أموال الأغنياء حقاً للفقراء.
اتهام الجامعات السعودية بتفريخ الإرهاب
هوجمت على إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر مناهج التعليم في المملكة والجامعات السعودية لاسيما جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي انتسب إليها بعض الأشخاص المتورطين في تفجير برجي التجارة بنيويورك وحول هذا هذه الاتهامات قال مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل في حوار أجرته معه صحيفة الشرق الأوسط أنه لم يثبت يوماً أن أحد طلاب الجامعة والمتخرجين منها كان من ضمن أفراد الفئة الضالة التي خرجت على الجماعة, وأن نُسب إلى الجامعة فلا يعدو كونه طالباً سجل في الجامعة وربما درس فيها فصلاً أو فصلين ثم ترك الجامعة عندما وجد أن مناهجها وطريقة أساتذتها لا تتوافق مع ما يحمله من فكر منحرف, وأكد أبا الخيل أن الجامعة ماضية في إعداد إستراتيجية إعلامية واضحة للتعامل مع مختلف أجهزة الإعلام لإيصال الصورة الصادقة عن الجامعة ومناهجها وأبنائها.
وكانت جامعة الإمام قد قامت بعقد المؤتمر العالمي عن موقف الإسلام من الإرهاب مشاركة منها في الدفاع عن المملكة وإظهار الصورة الحقيقية المشرفة لسماحة الدين الإسلامي الذي يحث على الوسطية في القول والعمل ونشر مبادئ السلام والمحبة بين الشعوب.
ومن جهود الجامعة المساندة لجهود وزارة الداخلية التي تذكر فتشكر وتعكس مدى الاهتمام الذي توليه مؤسسات المجتمع المدني إنشاء وحدة التوعية الفكرية كوحدة رئيسة في الجامعة تشرف على المناشط والفعاليات والبرامج التي لها علاقة بالأمن الفكري وتواجه الدعايات المظللة من جماعة الفكر والتطرف، حيث تكون مخرجات هذه الوحدة من خلال تفاعل وتكافل كافة الوحدات، التي تصب في حماية أبنائنا وبناتنا من أفكار جماعات الغلو والتطرف، التي تنتهج الغلو والتكفير، وتنتهي بالفساد والدمار ، وذلك استناداً على خبرة الجامعة في هذا الإطار، حيث تسعى الجامعة جاهدة من خلال هذه الوحدة لبناء جيل آمن، وتهدف في رسالتها إلى توعية مجتمع الجامعة وتجريده من أفكار التطرف والانحرافات الفكرية، معتمدة بشكل أساسي على منهج الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح في مواجهة التطرف الذي يعد آفة العصر وأحد أهم أساليب الهدم والتدمير في المجتمعات والدول وأصعبها معالجة ومحاربة.
وتسعى جامعة الإمام من خلال وحدتها للتوعية الفكرية إلى نشر الوسطية والاعتدال في البيئة الجامعية، وتعزيز التسامح وتقبل الرأي والرأي الآخر، من خلال برامج وأنشطة وفعاليات متنوعة، وهو مثال أولى بأن يُحتذي من قبل مؤسسات المجتمع المدني الأخرى انطلاقاً من مسؤوليتها الاجتماعية في المقام الأول ودعماً لمجهودات وزارة الداخلية في محاربة التطرف في المقام الثاني.
وأحاطت الأهداف المرسومة لوحدة التوعية الفكرية بكافة الجوانب الكفيلة بتجنيب ابنائنا مخاطر الإرهاب والفكر المتطرف حيث وضعت التأصيل الشرعي المبني على الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح لمنهج الوسطية والاعتدال كهدف أول تنطلق من خلاله إلى توعية الطلاب والطالبات بالاتجاهات الفكرية المنحرفة، وموقف الدين الإسلامي الحنيف منها، كما وضعت من ضمن أهدافها تحقيق الأمان النفسي والشخصي للطلاب والطالبات بما يحقق بناء الوعي الذاتي لديهم ليكونوا قادرين على تمييز الأفكار وتقويمها، وبالتالي تفعيل دورهم في نشر الوعي الفكري.
وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي قد وصف من يتهمون الجامعات السعودية بأنها سبب للتطرف بغير الدقيقين في إطلاق أحكامهم لأنها ليست مبنية على أساس حقيقي, مشيراً إلى أن الأشخاص الذين تم رصدهم والتعامل معهم في قضايا إرهابية لم يأتوا من الجامعات فقط. بل من كافة شرائح المجتمع.
(128) جريمة إرهابية في المملكة
أكد المتحدث الأمني بوزارة الداخلية، اللواء منصور التركي، في عام 2016م، أن المملكة تعرضت ل (128) جريمة إرهابية منذ عام 1422هـ، نتج عنها مقتل وإصابة 1147مواطناً ومقيماً ورجل أمن، واصفاً هذه الأعمال الإجرامية بالاستهداف غير المسبوق، والذي يهدف إلى الإخلال بالأمن العام.
(925) مخططاً إرهابياً حتى 2017
بلغ مجموع العمليات الإرهابية التي شهدتها المملكة بحسب إحصائية رسمية حصل عليها موقع العربية نت “925” مخططاً إرهابياً منذ عام 1979م وحتى 2017م, نُفذ منها “657” عملية استهدفت مواقع نفطية ومنشآت أمنية ونقاط تفتيش ودوريات أمنية واغتيالات مسؤولين منها محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف ولي العهد وزير الداخلية التي باءت بالفشل, بالإضافة جانب اغتيالات طالب عسكريين ومقيمين غربيين واختطاف مسؤولين ومنهم قاضي القطيف واستهداف مطارات عسكرية وبعثات دبلوماسية ومجمعات سكنية ومساجد.
فيما نجحت السلطات السعودية في إحباط “268” عملية من بينها إحباط مخطط استهداف معامل بقيق لتكرير النفط في المنطقة الشرقية عام 2006م, وإحباط عمليات إرهابية كانت تستهدف اغتيال رجال أمن وتفجير منشآت أمنية واقتصادية منها محاولة استهداف ملعب الجوهرة في جدة خلال مباراة جمعت بين المنتخب الإماراتي والمنتخب السعودي وخطط لها تنظيم داعش, كما استطاعت الأجهزة الأمنية إحباط عملية إرهابية بحي الياسمين شمال الرياض وانتهت بمقتل إرهابيين.
المخابرات السعودية تحبط هجمات دولية
وفرت الأجهزة الأمنية السعودية في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر عام 2009م, معلومات مكنت السلطات الأمريكية من إحباط اعتداء بتفجير قنبلة حاول الشاب النيجيري عمر فاروق تفجيرها على متن طائرة ركاب من طراز “A330” تابعة لشركة نورث آير لاينز الأمريكية، كانت في رحلة من امستردام إلى ديترويت. وبسبب ارتكابه خطأ خلال محاولة تفجير القنبلة أصيب بحروق جسيمة. وتمكّن الركاب وأفراد الطاقم من إلقاء القبض عليه.
وفي السادس من نوفمبر عام 2010م, قدمت المملكة معلومات للولايات المتحدة الأمريكية تحذر فيها من قيام تنظيم القاعدة بعمليات إرهابية لإسقاط طائرات أميركية، وعلى ضوء هذه المعلومات تم اكتشاف طرود ملغومة مرسلة من اليمن إلى الولايات المتحدة بعد ثلاثة أسابيع من ورودها.
كما وفرت الاستخبارات السعودية معلومات عن رصد عبوات ناسفة مخبأة داخل آلات طباعة في أكتوبر 2010 في بريطانيا كان تنظيم القاعدة ينوي إرسالها إلى الولايات المتحدة عبر طائرات شحن. وهو ما مكن أجهزة الاستخبارات الأميركية من قتل أحد أبرز قادة القاعدة وهو اليمني فهد القصع المتهم في قضية تفجير المدمرة الأمريكية “يو اس اس كول” على سواحل اليمن.
وفي مايو2012 تلقت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية معلومات باكتشاف جهاز المباحث السعودية القنبلة التي كانت معدة لتفجير الطائرة الأمريكية في اليمن، وقام على الفور بتنبيه الجانب الأمريكي, وكشفت المعلومات أن مفجرا من فرع تنظيم القاعدة في اليمن، أرسل لنسف طائرة ركاب متجهة من اليمن إلى الولايات المتحدة.
واستطاعت الأجهزة الأمنية السعودية في التاسع من مايو 2015م من إحباط محاولة تهريب مادة (RDX) شديدة الانفجار، وصواعق مخصصة لتفجيرها كانت قادمة من البحرين وتم القبض على مهربيها.
ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني قال في 19 فبراير 2015م أن المملكة العربية السعودية قامت بتقديم معلومات مهمة ساعدت في إنقاذ أرواح مواطنين بريطانيين. وهو ما عادت وأكدته رئيسة الوزراء البريطانية في السادس من ديسمبر عام 2016 في كلمة وجهتها إلى قمة التعاون الخليجي التي انعقدت في البحرين ضمن أعمال القمة السابعة والثلاثين حيث أشادت بالتعاون البريطاني – السعودي المشترك في مكافحة الإرهاب، وأكدت أن المعلومات التي تلقتها بريطانيا من الجانب السعودي أدت إلى إنقاذ المئات من الأرواح من الأبرياء في بريطانيا.
إيران وزعزعة أمن واستقرار المنطقة
بما أن المملكة العربية السعودية هي قلب العالم الإسلام ووجهته الدينية فقد تعرضت لهجمة شرسة من بعض الجهات ووسائل الإعلام الأمريكية التي اتهمتها بتمويل الإرهاب ودعمه والوقوف وراء منفذي العمليات الإرهابية, وقد تناست هذه الجهات ما تعرضت له المملكة من عمليات إرهابية قبل أن يصل الإرهاب إلى أمريكا وتكتوي بناره في هجمات الحادي عشر من سبتمبر, وتضامنها حكومة وشعبا لنبذه والتصدي له وإنكار أعماله الإجرامية الشنيعة بشتى الوسائل والأساليب.
وإلى جانب ما واجهته المملكة من قبل الإعلام الأمريكي استغلت طهران هذا الحدث الذي وجهت فيه جهات ووسائل إعلام أمريكية اتهاماتها للمملكة لمجرد أن (15) من منفذي التفجيرات يحملون الجنسية السعودية, لبث سمومها واتهام المملكة في كل سانحة بأنها دولة راعية للإرهاب وتموله, وبفضل من الله انقلب السحر على الساحر فقد نفى الأمريكان لاحقاً جملة وتفصيلاً وجود أي علاقة بين المملكة وتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر بل أن الوثائق التي وجدت في مخبأ ابن لادن بعد مقتله في باكستان تكشف جلياً مدى العلاقة بين إيران وتنظيم القاعدة وتورطها مع التنظيم في تفجيرات برجي نيويورك.
فإيران رعت الإرهاب منذ أن قاد الخميني انقلاباً على شاه إيران عام 1979م, وإيران تعمل على نشر ثورته, التي قال عنها “إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالم”, وقد أطلق على سياسته مصطلح تصدير الثورة. وكانت العراق أولى الدول التي صُدِرت إليها ثورة الخميني بعد قيام الحرب بين الدولتين عام 1980م, واستمرارها ثمانية أعوام, غرقت بعدها العراق في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار, وما زالت حتى الوقت الراهن مسرحاً للصراع والاقتتال الطائفي, الذي يرجح أن يفضي في نهاية المطاف إلى تقسيمها لثلاث دول سنية وشيعية وكردية.
وتعد لبنان في مقدمة الدول العربية التي صدرت لها إيران ثورتها المزعومة, من خلال تنظيم (حزب الله) اللبناني, المرتبط بمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي, حيث يعتبر حزب الله خامنئي المرجع الديني الأعلى له, وحسن نصر الله أمين عام الحزب هو الوكيل الشرعي لخامنئي ومنفذ توجيهاته في لبنان والدول المجاورة.
وكان تنظيم حزب الله قد أصدر بياناً في منتصف ثمانينات القرن الماضي, يؤكد فيه على التزامه بولاية الفقيه, وأوامر وتوجيهات الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة – كما وصفه بيان الحزب.
وبظهور هذا التنظيم الطائفي قبل أكثر من ثلاثة عقود, باتت لبنان دولة مفككة, لم تهنأ بالأمن والاستقرار, وذلك لما ينتهجه هذا الحزب من ممارسات تهدف لخدمة المشروع التوسعي لولاية الفقيه, وذلك بتعطيل أي مبادرات للتقارب بين اللبنانيين, والسعي لإبقاء الفراغ السياسي في سدة الرئاسة, وهو ما مكن الحزب من التصرف خارج سلطة الدولة, إلى حد أن بعض قادته صرحوا في أكثر من مناسبة على أن الحزب قادر على السيطرة على كامل الدولة خلال ساعات, وهذه الثقة هي نتاج معرفة قادة الحزب بقدرته العسكرية وحضوره الميداني على كافة الأراضي اللبنانية, هذا الواقع الذي فرضته قوة الحزب على الأرض وتبعيته لإيران, جعل الإيرانيين لا يتورعون عن التصريح بأن حدود إيران ممتدة إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط.
وفي ظل الفراغ السياسي الذي عاني منه لبنان خلال السنوات الماضية, وعدم الاستقرار الذي يعيشه حالياً رغم انتخاب رئيس له, استمر حزب الله في الانفراد بالقرار السياسي والسيادي, وورط لبنان في الصراع السوري، بدعم وتمويل من إيران التي قررت دعم نظام الأسد حتى النهاية.
إيران في سوريا
إيران كانت حاضرة في سوريا منذ اندلاع الثورة الشعبية في المدن السورية, وساندت لوجستياً وميدانياً نظام الأسد في قمعها, بل أن قاسم سليماني أحد قادة الحرس الثوري الإيراني, قائد فيلق القدس, هو من يدير معارك النظام السوري مع الجيش السوري الحر.
وتدخل حزب الله في الحرب الأهلية السورية, وشارك في عدة معارك إلى جانب النظام السوري. وقد أشارت تقارير دولية إلى أن حزب الله ارتكب جرائم حرب في سوريا.
الشيخ الشيعي صبحي الطفيلي قال منتقداً تدخل حزب الله في الحرب السورية: “إن هذا التدخل فتح الباب أمام حرب مذهبية وان قتلى الحزب مصيرهم جهنم”.
إيران في العراق
بدأ الصراع الطائفي السياسي في العراق بعد حرب الاجتياح عام 2003م, حيث جرى – بحسب مركز الجزيرة للدراسات – تسييس الدستور والهوية الشيعية بإرادة إيرانية واضحة. وفي هذا الشأن علق المفكر الفلسطيني عزمي بشارة قائلاً: “إن تحويل الطائفية الاجتماعية إلى طائفية سياسية هو مِن نتائج التدخل الأميركي والإيراني لضرب الدولة في العراق، وجرى بعد الاحتلال تبني نظام ديمقراطي من حيث الشكل، في حين يجري تنظيم السكان سياسيًّا على أساس طائفي، وتتعامل الدولة معهم على الأساس نفسه؛ ما جعل الديمقراطية أداة في تطييف الدولة وأجهزة القمعِ مع تهميش الطوائف الأخرى”.
هذا التحيز السياسي المغلف بغلاف مذهبي يقف وراءه سياسيون طائفيون متواطئون لتحقيق أهداف إيران في العراق, وللتكسب المادي, وضمان بقائهم في دائرة السلطة القمعية المنتفعة على حساب الشعب والدولة.
إيران في البحرين
كانت مملكة البحرين مضرب المثل للتعايش السني الشيعي على مدى قرون, إلى أن بدأت إيران بنفث سمومها الطائفية في هذا البلد الهادئ, إلى أن بددت هدوءه بإثارة فتنة طائفية لم تهدأ حتى الآن.
مظاهرات البحرين التي قامت على أساس أنها ثورة شعبية لمن تكن في حقيقتها سوى مؤامرة لتحقيق مطامع إيران في المنطقة, فالمظاهرات التي شهدتها المنامة لم تكن للمطالبة بإصلاحات دستورية أو سياسية مشروعة, ولا للمناداة بتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين, بقدر ما كانت نبضاً لوهم الثورة الخمينية التي تعتقد إيران أنها ستستطيع من خلالها اختراق المنطقة العربية.
البحرين رغم أنها كانت بمنأى عن المخطط الإيراني لفترة من الزمن إلا أنها كانت من أولى دول المنطقة التي أُحبطت فيها محاولة انقلاب عام 1981م, خطط لها ومولها الحرس الثوري الإيراني.
شبكات تجسس إيرانية في المنامة
في عام 2010م كشفت الجهات الأمنية في مملكة البحرين شبكة تجسس إيرانية, وأشارت النيابة البحرينية إلى أن الجواسيس الثلاثة المتورطين تخابروا مع الحرس الثوري الإيراني بغرض إمداده بمعلومات عسكرية واقتصادية وبيانات ومعلومات تتعلق بمواقع عسكرية ومنشآت صناعية واقتصادية داخل البحرين بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلاد.
وبعد ذلك بثلاثة أعوام أعلنت قوات الأمن البحرينية مُصادرة كمية كبيرة من الأسلحة والمتفجرات، ومن بين ما تم ضبطه كميات من مادة “سي 4″ شديدة الانفجار والألغام والقنابل اليدوية التي كان يجري نقلها على متن أحد المراكب. وقد اتضح للجهات الأمنية البحرينية أن بعض القطع تم تصنيعها في إيران وسوريا, كما أعلنت السلطات البحرينية في فبراير 2013م, عن عثورها على عبوة ناسفة تزن كيلوان, على جسر الملك فهد وتم تعطيلها قبل انفجارها, وفي أغسطس من العام نفسه, تم ضبط مجموعة أسلحة وقنابل محلية الصنع ومواد معدة لاستخدامها في العمليات الإرهابية.
وفي هذا الصدد قامت الحكومة البحرينية بمحاكمة خلية مكونة من واحد وستين شخصاً بتهمة تأسيس جماعة إرهابية تستهدف تفجير السفارة السعودية بالبحرين وجسر الملك فهد.
شهر رمضان المبارك الذي نعيش روحانيته هذه الأيام لم تراعِ فيه إيران وأتباعها في المنطقة حرمته, وذلك حين أعلنت البحرين في اليوم الثاني من هذا الشهر المبارك عن ضبط مستودع في منزل بقرية دار كليب تم إعداده لتخزين وتصنيع كميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار, وقد وُجِد بداخله على مادة تفجيرية مدمرة قدر الخبراء قوتها التفجيرية بـما يعادل (222) كيلو جرام, من مادة (تي إن تي) شديدة الانفجار, وقد حددت الجهات الأمنية البحرينية مصدر هذه المواد من العراق وإيران.
بيان الداخلية البحرينية كشف عن أسماء قيادات هذه الجماعة الإرهابية وهما مرتضى مجيد رمضان السَندي ” 32 عاما” هارب وموجود في إيران ومحكوم بالمؤبد في قضايا إرهابية سابقة، ومسقطة جنسيته، يتولى عملية التنسيق مع الحرس الثوري الإيراني، وشريكه قاسم عبدالله علي “26 عاما” هارب وموجود في إيران أيضاً ومحكوم بالمؤبد في قضايا إرهابية سابقة.
وأوضح البيان أن الإرهابيين قاما بتشكيل وتجنيد مجموعة إرهابية تستهدف أمن مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية من خلال عمليات التدريب العسكري وتهريب المتفجرات والمواد التي تدخل في صناعتها، وذلك بتسهيل سفر الأشخاص المجندين لهذا الغرض للعراق وإيران وإخضاعهم لتدريبات مكثفة على كيفية صناعة واستخدام المواد المتفجرة والأسلحة النارية وإقامة دورات متقدمة للغوص وزراعة الألغام والمتفجرات في البحر.
كما كشف التحقيق قيام القيادي بالمجموعة قاسم عبدالله، بتكليف المدعو محمد جعفر عبدالله بالبحث عن مخزن سري لصناعة المواد المتفجرة، حيث قام الأخير باستئجار منزل في دار كليب, واعترف أنه شارك المقبوض عليهما من قبل الأجهزة الأمنية السعودية صادق مجيد وجعفر محمد في صناعة ثمان عبوات متفجرة واستلامه مبالغ تصل إلى ألف دينار بصورة شهرية من القيادي بالتنظيم.
إيران في الكويت
شهدت الكويت في فترة الثمانينات أحداثاً تخريبية, كانت إيران هي الباعث الأساسي, والمخطط الرئيسي لها, وتمثلت في مظاهرات مؤيدة للثورة الصفوية بمنطقة الدعية وهي منطقة من مناطق محافظة العاصمة في الكويت, وأحياء أخرى, كما شهدت الكويت خلال تلك الفترة عدة تفجيرات كان أبرزها استهداف السفارتين الأمريكية والفرنسية, إضافة إلى وموقع سكني لرعايا أمريكان في البدع وفي الشعيبة الصناعية, كما استهدفت إيران في العام 1983م مركز تحكم مراقبه لوزارة الكهرباء, وبعد ذلك بعام قامت إيران بمهاجمة ناقلات نفط كويتية, تلا ذلك محاولة اغتيال أمير الكويت الراحل جابر الأحمد على يد شخص عراقي من أم إيرانية موالٍ لإيران وهو جمال جعفر علي الملقب بأبي مهدي المهندس وقد تم القبض عليه وحكم عليه بالسجن المؤبد، إلا أنه استطاع الفرار أثناء غزو الكويت. وفي عام 1985م, تم تفجير المقاهي الشعبية الكويتية.
وفي الخامس من أبريل عام 1988م اختطفت طائرة الخطوط الجوية الكويتية من نوع جامبو 747, والتي كانت قادمة من بانكوك متجهة إلى مسقط ثم إلى الكويت, وكانت تقل على متنها (96) راكباً من جنسيات مختلفة بالإضافة إلى أفراج طاقمها البالغ عددهم (15) شخصاً, وقد أفاد الركاب حينها أن عدد الخاطفين ثمانية أشخاص, كانوا يرتدون قمصاناً بيضاء طويلة تشبه الأكفان مكتوب عليها باللون الأحمر “نعشق الشهادة”.
وقد كشف أحد الرهائن على متن الطائرة واسمه (خالد القبندي) في لقاء على قناة الوطن الكويتية بأن رئيس الخاطفين كان اللبناني عماد مغنية عضو حزب الله عماد مغنيه الذي اُغتيل في العاصمة السورية دمشق في 2008م.
استمرت إيران في ممارساتها الإرهابية, ولم تتوقف عن زعزعة أمن واستقرار دول المنطقة, ففي عام 2010م, أعلنت الكويت القبض على شبكات تجسس إيرانية قامت بتصوير المنشآت العسكرية الكويتية والأميركية وسلمت الصور إلى الأجهزة العسكرية والأمنية الإيرانية.
وقد أصدرت الكويت أحكاماً بالسجن المؤبد على أربعة أشخاص، بينهم إيرانيان بتهمة التجسس لصالح إيران, وكانت هذه الشبكة التي تمت محاكمتها واحدة من أصل ثماني شبكات تجسس في البلاد.
إيران في الإمارات
في الإمارات العربية المتحدة أصدرت المحكمة الاتحادية العليا مطلع عام 2013م, حكماً بالسجن سبع سنوات على سالم موسى فيروز خميس، إماراتي الجنسية بتهمة التخابر مع دولة أجنبية. وقد جاء الحكم بعد اعتراف المتهم بما نسب إليه وعلمه بأن الجرم الذي ارتكبه بتزويد دولة أجنبية بمعلومات يضر بالأمن الوطني ومنشآت الدولة وعلاقاتها مع الدول الصديقة.
إيران في السعودية
تمكنت الجهات الأمنية السعودية بالتعاون مع الأمن البحريني في الخامس عشر من شهر مارس الماضي من إحباط محاولتي إدخال متفجرات من العراق للبحرين كانت مخبأة على حافلة ركاب.
وفي الثامن من شهر مايو الماضي صرح المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية عن إحباط محاولة تهريب مادة (RDX) شديدة الانفجار ، وصواعق مخصصة لتفجيرها، وذلك بعد اشتباه الجمارك السعودية في إحدى السيارات من نوع فورد فيوجن قادمة من مملكة البحرين عبر جسر الملك فهد، حيث عُثر عند تفتيشها على (14) كيسا بلاستيكيا ، مخبأة داخل تجاويف في المقعد الخلفي للسيارة ، منها (11) كيساً مغلفة بالقصدير تحتوي على مادة عجينة وزنها (30.87 ) كيلو جراماً, أثبتت نتائج فحصها بمختبرات الأدلة الجنائية بأنها مادة (RDX) شديدة الانفجار، وكيسين تحتوي على (50) كبسولة تفجير ، بالإضافة إلى كيس بداخله فتيل تفجير طوله (6) أمتار.
السيارة المضبوطة كان يستقلها بحرينيان, اتضح بعد التحقيقات أنهم على علاقة بخمسة آخرين, ضُبط بحوزتهم على كمية من مادة تدخل في صناعة المتفجرات, وشرائح اتصالات إيرانية, وعملات نقدية سعودية وأردنية وإيرانية.
وكانت السلطات السعودية قد احتجزت في2013م, أكثر من عشرين شخصاً معظمهم سعوديون, لجمعهم معلومات عن منشآت هامة وتلقيهم أموالاً من “فيلق الحرس الثوري الإسلامي”. كما تورطت إيران في 2011م في محاولة اغتيال وزير الخارجية السعودية الحالي عادل الجبير حينما كان سفيراً للمملكة لدى الولايات المتحدة الأمريكية.
إرهاب إيران في المملكة لم يكن جديداً فقبل هذه المخططات, تورط النظام الصفوي في أعمال تحريض وإرهاب في المملكة منذ عام 1400هـ, أي بُعيد انقلاب الخميني على الشاه, حيث شهدت المنطقة الشرقية أعمال شغب وتخريب بتحريض مباشر من إيران.
وفي الرابع عشر من شهر ربيع الثاني عام 1404هـ, اختطف مجهولون القنصل السعودي في بيروت حسين فراش في العاصمة اللبنانية بعد إطلاق النار على سيارته وقد أصيب في الاعتداء مرافقه احمد عسيري الموظف في أمن السفارة فيما أطلق سراح فراش بعد ذلك.
وفي العام ذاته تسللت طائرتان حربيتان من إيران إلى مدينة الجبيل الصناعية بهدف ضرب المنشآت الحيوية فيها, وقد تمكنت القوات الجوية السعودية بفضل الله من إسقاط إحداها فيما لاذت الأخرى بالفرار.
بعد ذلك بعامين وتحديداً في موسم حج عام 1406هـ تمكنت السلطات السعودية من ضبط (110) راكباً إيرانياً كانوا قادمين على طائرة حجاج إيرانيه ويحملون معهم مواد شديدة الانفجار مخبأة في حقائبهم, وقد اعترفوا بعد التحقيق معهم, أنهم كانوا متوجهين لتفجير الحرم المكي.
والجريمة الأكبر التي ارتكبتها إيران واستنكرها العالم بأسره, هي ما شهده موسم حج عام 1407هـ, من أعمال قتل وتخريب في بلد الله الحرام, حيث قام الحجاج الإيرانيون بتسيير مظاهرات بالتنسيق مع أفراد من الحرس الثوري الإيراني هدُفت إلى قتل الحجاج وتدمير الممتلكات وإحراج السعودية وإظهارها على أنها حكومة غير مهيأة لتولي شؤون الحج.
وقد نتج عن تلك المظاهرات والأعمال التخريبية مقتل ما يربو على أربع مئة شخص, وإصابة أكثر من ست مئة آخرين, هذا بالإضافة إلى ما أحدثه المخربون من أعمال تخريب شملت إحراق العديد من المحلات والسيارات, وسد الطرقات, الأمر الذي أسفر عن سقوط العشرات من النساء والأطفال وكبار السن تحت أقدام المتظاهرين.
وبالتزامن مع تلك الأحداث الإرهابية هاجمت مجموعة كبيرة من الإيرانيين مقر السفارة السعودية في طهران، واحتلتها، واحتجزت الدبلوماسيين السعوديين بداخلها واعتدت عليهم، ولم تتحرك الحكومة الإيرانية في ذلك الحين بالشكل الذي يستدعيه الموقف, وهو ما يرجح رضاها على أقل تقدير, إن لم تكن متورطة في التخطيط لذلك العمل الإرهابي.
أُصيب في ذلك الاعتداء الآثم القنصل السعودي في طهران رضا عبد المحسن النزهة, بشرخ في القرنية, الأمر الذي كان يستدعي إجراء عملية جراحية عاجلة, إلا أن الحرس الثوري الإيراني قام بإخراجه من المستشفى واقتادوه إلى السجن, حيث مكث في الحجز يوماً كاملاً, قبل أن يطلق سراحه بعد تدخل الخارجية السعودية.
عام 1407هـ, شهد أيضاً اختطاف بكر دمنهوري أحد الموظفين بمكتب الملحق الثقافي في بيروت, من قبل مسلحين اعترضوه بينما كان في طريقه إلى منزله في حي الروشة.
وفي الرابع والعشرين من شهر أبريل عام 1988م, زُرِعت قنبلة في مكتب الخطوط الجوية السعودية في مدينة الكويت, وتزامن هذا الحدث مع قطع المملكة العربية السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران. وتبين بحسب مصادر أمنية أن منفذي العملية على علاقة بإيران.
تلا ذلك وتحديداً في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر من العام نفسه, مقتل السكرتير الثاني بالسفارة السعودية في أنقرة بإطلاق الرصاص عليه بالقرب من منزله.
بعد مقتل السكرتير الثاني بأنقرة بشهرين, قام مسلحون بإطلاق وابل من الرصاص على نائب القنصل السعودي في كراتشي أثناء عودته إلى منزله، فأصيب برصاصتين، وقد تبنت الحادث منظمة تابعة لـ”حزب الله” يرأسها عماد مغنية.
وشهدت كراتشي أيضاً في نفس العام, تفجير مكتب الخطوط السعودية بقنبلة، وأسفر التفجير عن إصابة سبعة أشخاص.
وفي الثاني من شهر رمضان المبارك عام 1408هـ, وقع انفجار أمام مكتب الخطوط السعودية في فرانكفورت, ولم يسفر عن أي إصابات بشرية, واقتصرت الأضرار على واجهة المكتب.
وفي ذات العام أطلق مجهول النار على ثلاثة دبلوماسيين سعوديين في العاصمة النيجيرية لاغوس واصيب الثلاثة، بجراح، وكان الجاني مختبئاً بالقرب من سيارة الدبلوماسيين التي أوقفوها أمام فندق «هوليدي إن» في لاغوس, وأثناء عودتهم إليها فتح النار عليهم من مسافة قريبة.
وفي الداخل تبنى أربعة أشخاص ممن ينتمون إلى ما يسمى حزب الله السعودي في نفس العام تفجيراً استهدف منشآت لشركة صدف البتروكيماوية في الجبيل الصناعية, وكان أحد المنفذين قد سبق المشاركة في القتال مع حزب الله اللبناني, وهو علي عبد الله الخاتم, وقد اكتشف الأمن الصناعي حينها عدة عبوات تفجيرية في معمل التكرير برأس تنورة.
هذه الأحداث الإرهابية وتزامن بعضها, وتتابعها على مدار عام كامل, والطرق التي نُفذت بها, يرجح بشكل كبير أن يكون المتورط فيها جهة بعينها, وإن كانت إحدى المنظمات التابعة لحزب الله قد تبنت بعضها, فهذا يرجح أن تكون هذه المنظمة أو غيرها من المنظمات التابعة للحزب أو لإيران متورطة في الأحداث الأخرى التي لم تتبنَ أي جهة مسؤوليتها عنها.
في موسم حج عام 1409هـ, عادت إيران مرة أخرى لتمارس إرهابها بقتل وترويع ضيوف الرحمن في البلد الحرام.
هذه المرة استخدمت إيران لتنفيذ مخططها الإرهابي مجموعة من الطائفة الشيعية الكويتية بالتعاون مع سعوديين من الطائفة الشيعية أيضاً, وهم بالطبع لا يمثلون الشيعة في كلا البلدين, بقدر ما يمثلون الجهة التي استخدمتهم لتنفيذ مخططاتها الإرهابية في شعيرة من شعائر الإسلام.
قامت هذه المجموعة بتفجيرات بمكة المكرمة بالتعاون مع مواطن سعودي من الأحساء يدعى عبد العزيز شمس وجميعهم منتسبون إلى منظمة تسمى: السائرون على خطى الإمام الخميني, والتي قيل أنها متفرعة من حزب الله, وكانت المواد المتفجرة التي استخدمها الجناة, قد سُلِمت لهم من قبل مسؤول في السفارة الإيرانية في دولة الكويت, وأسفر حادث التفجير عن قتل وجرح العديد من حجاج بيت الله الحرام.
وفي عام 1990م, عاد مسلسل الاغتيالات للظهور, وذلك عندما قام مجهولون بوضع عبوة ناسفة في سيارة موظف بالملحقية العسكرية السعودية في تركيا، ورغم نجاته إلا أنه أصيب بإصابات بالغة.
وفي مطلع العام ذاته انفجرت عبوة ناسفة أمام السفارة السعودية في بيروت, ولم ينتج عن الحادث وقوع ضحايا.
لم يتوقف مسلسل الاغتيالات واستهداف مصالح المملكة في الخارج, بل تعددت طرقه وأساليبه, وأصبحت مصالح المملكة ومواطنيها هدفاً للعمليات الإرهابية, ففي بانكوك التي كانت مسرحاً لعدد من الاغتيالات التي طالت مواطنين سعوديين, قُتل السكرتير الثالث بالسفارة السعودية صالح أحمد المالكي إثر إطلاق النار عليه وهو في طريق عودته إلى منزله سيراً على الأقدام وكان ذلك في مطلع عام 1990م، وألقت السلطات التايلندية حينها القبض على مشتبه به، ولكن المحكمة العليا أطلقت سراحه لاحقاً لعدم كفاية الأدلة.
تلا عملية اغتيال المالكي, محاولة تفجير طائرة سعودية «جامبو 747» في باكستان, بعد إقلاعها من مطار إسلام أباد في السابع والعشرين من شهر ربيع الأول عام 1410هـ, وكان على متنها (232) راكباً بالإضافة إلى طاقم الطائرة البالغ سبعة عشر شخصاً.
وفي منتصف عام 1990م, عادت موجة الاغتيالات إلى شوارع بانكوك حيث قُتل الدبلوماسيون السعوديون الثلاثة، عبد الله البصري، وفهد الباهلي، وأحمد السيف، ولم يلق القبض على أي مشتبه به.
بعد ذلك بستة أعوام انتقل إرهاب إيران من استهداف مصالح المملكة ومواطنيها في الخارج إلى استهداف منشآت عسكرية ومجمعات سكنية في الداخل, حيث شهد يوم الخامس والعشرين من شهر يونيو عام 1996م, تفجير مجمع سكني بمدينة الخبر يقطنه رعايا أمريكان من العاملين في المجال العسكري, وراح ضحية هذا الحادث تسعة عشر أمريكياً.
وقد كشفت التحقيقات الفيدرالية بعد ذلك تورط أحد المسؤولين الكبار في الحرس الثوري الإيراني واسمه أحمد شريفي في التخطيط لهذا العمل, وكان مرتكبو الجريمة قد تمكنوا من تهريب المتفجرات إلى السعودية من لبنان, ومن ثم قاموا بشراء صهريج غاز وحولوه إلى قنبلة, قُدِرت قوتها بما يوازي 20.000 رطل من مادة (تي إن تي), وكان من بين المتهمين شخص من لبنان, بالإضافة إلى تسعة عشر شخصاً آخرين من بينهم عبد الكريم حسن الناصر وعلي سعيد الحوري وإبراهيم صالح اليعقوب.
تعرضت المملكة بعد هذا الحادث الإجرامي لعدة, اعتداءات إرهابية استهدفت أمنها واستقرارها, ولكن هذه المرة كان تنظيم القاعدة يقف وراء معظم هذه الأعمال الإرهابية التي قتلت وروعت الآمنين, وفي 2011 عادت إيران إلى المشهد مرة أخرى وذلك عندما تعرضت البعثة الدبلوماسية السعودية في مشهد، شمال غربي إيران ، للهجوم بالحجارة من قبل نحو 700 شخص.
وفي نفس العام تم اغتيال الدبلوماسي السعودي لدى باكستان حسن القحطاني، وقد اتهمت بعض الصحف ووكالات الأنباء العالمية، جماعات إرهابية تابعة للحرس الثوري الإيراني بالوقوف وراء حادثة الاغتيال.
كما شهد عام 2011م أيضاً, محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير وزير خارجية المملكة حالياً، وبحسب الوثائق الأمريكية, فإن المخطط الإيراني الذي تم كشفه, كان يهدف إلى تفجير السفارة السعودية في واشنطن, وذلك وفق اللقاءات التي جرت بين العميل الأمريكي من أصل إيراني والضباط الإيرانيين وتجار المخدرات المكسيكيين، والتي تم خلالها الاتفاق على مخطط التفجير, وفيما بعد طُلب من العميل “منصور اربابزيار” الاتفاق مع العصابة المكسيكية على إضافة السفير السعودي عادل الجبير إلى قائمة الأهداف.
كان العميل اربابازير يتلقى التعليمات من الضابط في فيلق القدس علي غلام شاكوري, وقد اقتضت الخطة الإيرانية الاستعانة بعصابات المخدرات المكسيكية لإبعاد الشبهات عن إيران.
وفي السادس من شهر مارس عام 2012م, اغتال مجهولون خلف العلي الدبلوماسي السعودي لدى بنجلاديش, وأفادت تقارير صحفية عالمية أن أصابع الاتهام تشير إلى تورط سفارة إيران في بنجلاديش في العملية الإرهابية, ولكن هذا الاتهام, تم دحضه بعد إعلان الأمير سعود الفيصل القبض على الجناة, والذي تبين أنهم خمسة من أرباب السوابق وقطاع الطرق من الجنسية البنجلاديشية, وقد صدر فيما بعد حكم بإعدامهم شنقاً.
ذلك العام لم يمر دون أن يكون لإيران عمل تخريبي في المملكة, ففي أغسطس 2012م, تعرضت شركة “آرامكو” السعودية لهجوم إلكتروني, وقد قدمت الاستخبارات الأمريكية تقريراً ذكرت فيه تورط إيران في هذا العمل. ووصفه وزير الدفاع الأمريكي في ذلك الحين ليون بانيتا بأنه “تصعيد كبير للتهديد الإلكتروني”.
وبرر التقرير لجوء إيران لهذا الأسلوب بأن الهجمات الإلكترونية يمكن إنكارها بشكل معقول.
وضمن مساعي طهران الحثيثة لزعزعة أمن واستقرار المنطقة محاولتها تحميل المملكة مسؤولية حادث التدافع الذي وقع بمشعر منى في حج عام 1436هـ وراح ضحيته المئات, في حين كشف دبلوماسي إيراني منشق تورط ستة من ضباط الحرس الثوري في افتعال الحادث وكتب فرزاد هنكان في مدونته : “العملية التي حدثت في منى هي عملية إرهابية, وهناك أكثر من خمسة آلاف من الحرس الثوري كانوا من بين الحجاج الإيرانيين, وكان المخطط هو عدد وفيات أكبر بكثير وقيام مظاهرات كبيرة تتخللها أعمال عنف ولكن سرعة سيطرة جهات الأمن السعودية أفشلت المخطط”.
ومن مظاهر إرهاب إيران الاعتداء على سفارة المملكة العربية السعودية وقنصليتها في مشهد 2016م, حيث اُقتحمت السفارة السعودية في طهران وأُحرقت بمباركة رجال الأمن الإيرانيين الذين لم يتورعوا عن الدخول مع المعتدين ونهب ممتلكات مبنى البعثة.
وللاطلاع على حجم الإرهاب الذي تمارسه طهران مع كافة دول المنطقة ما كشفت عنه الجهات الأمنية في المملكة بالقبض على خلية تجسس مكونة من 32 جاسوساً (30) سعودياً, وإيراني وأفغاني يتجسسون لصالح إيران. أصدرت المحكمة في ديسمبر 2016م حكماً بإعدام (15) منهم وأحكاماً متفاوتة ضد البقية بتهم تكوين خلية للتجسس والتخابر مع إيران بهدف الإضرار بأمن المملكة، واتهام بعض أفراد الخلية ممن يعملون في القطاع العسكري بالخيانة والحنث بالقسم العسكري.
علاقة إيران بتنظيم القاعدة
أظهرت وثائق جديدة تعود لأسامة بن لادن العلاقة الوطيدة بين تنظيم القاعدة وإيران, وكشفت الوثائق التي صادرتها القوات الأميركية بعد مقتل ابن لادن عام 2011م أن القاعدة كانت تتحرك دون قيود داخل إيران.
وبحسب الوثائق، فإن تعامل إيران مع التنظيم يعود لفترة التسعينيات وهي الفترة التي تواجد فيها قياديو القاعدة في السودان.
كل هذا الإرهاب الذي مارسته إيران على مدى عقود ضد بلاد الحرمين الشريفين, وكل ممارسات القتل والتعذيب والترهيب الذي انتهجته ضد مواطنيها السنة في الأحواز العربية, الذين اضطهدتهم على مدى تسعة عقود ليس لشيء سوى لأنهم ينتمون للمذهب السني, وإدعاءاتها الباطلة باضطهاد السعودية لمواطنيها الشيعة, والأمر لا يخفى على أحد الآن مع ثورة تكنولوجيا الاتصالات الحديثة, فلمن أراد أن يقارن وضع السنة في إيران مع وضع الشيعة في المملكة, سيجد أن البون شاسع, وعلى طرفي نقيض, فالسنة في الأحواز يعدمون شنقاً على الرافعات, ومن أجل ماذا؟!. فقط لأنهم يطالبون بأبسط حقوقهم المشروعة كمواطنين, ولعل المناشدات الدولية الرافضة لتنفيذ حكم الإعدام في خمسة ناشطين من سنة الأحواز في 2012م والذين أعدمت ثلاثة منهم, خير دليل على سياسة القمع والتعذيب والاضطهاد والتمييز التي تمارسها إيران ضد مواطنيها السنة في الأحواز.
يضاف إلى ما سبق ما ارتكبته حكومة إيران في حق هذه الفئة المستضعفة, من استيلاء على الأراضي الزراعية ومياه الشرب وتحويلها إلى المناطق الفارسية, ومنع تدريس اللغة العربية وفرض اللغة الفارسية على المحاكم الأحوازية, وإلغاء جميع أشكال مؤسسات الحكم العربية السياسية والإدارية والقضائية.
في مقابل هذا الاضطهاد الذي تمارسه إيران ضد مواطنيها السنة, يرى الرائي بعين الإنصاف أن المملكة العربية السعودية تعاملت مع مواطنيها الشيعة على أساس المواطنة والعدل والمساواة في الواجبات والحقوق, كما راعت حكومة المملكة معتقدات المذهب الشيعي فسمحت للمواطنين الشيعة بإقامة مراسم العزاء في يوم عاشوراء, وأشركتهم في مجلس الشورى بتعيين أربعة منهم في عضويته, ومما تجدر الإشارة إليه فيه هذا المقام أن الأخوة الشيعة حصلوا على المقاعد الستة المتنافس عليها في أول انتخابات بلدية عام 2005م في مدينة القطيف, فيما حصلوا على خمسة مقاعد من أصل ستة في محافظة الأحساء.
ويعمل الشيعة السعوديون مثلهم مثل بقية المواطنين في الوظائف الحكومية والخاصة, بل أن الحكومة تسعى دائماً إلى تحقيق مطالبهم بما يتوافق مع خصوصيتهم ومن ذلك إنشاء ثلاث محاكم خاصة بهم وتعيين سبعة قضاة شيعة يفصلون في قضايا الأحوال الشخصية والمواريث والوقف, كما أُنشئت لهم محكمة الأوقاف والوصايا التابعة لوزارة العدل.
إيران في اليمن
تورطت إيران بتصدير ثورتها المزعومة إلى اليمن منذ اندلاع المواجهات بين الجيش النظامي اليمني والحوثيين عام 2004م, حيث دعمت إيران المتمردين الحوثيين بالسلاح وإقامة معسكرات التدريب, وقد أعلنت صنعاء في شهر أكتوبر عام 2009م, أنها صادرت سفينة إيرانية محملة بأسلحة مضادة للدبابات كانت متوجهة لإمداد الحوثيين بحمولتها, وفي عام 2012م, اعتقلت السلطات اليمنية عدة خلايا تجسس تعمل داخل اليمن لصالح إيران, وبعد ذلك بعام تمكنت البحرية اليمنية من اعتراض سفينة إيرانية محملة بالأسلحة كانت متجهة لإمداد الحوثيين بالسلاح.
كما قامت إيران وفقا لتقارير عربية وأجنبية بتدريب المتمردين الحوثيين في ثلاثة معسكرات في إريتريا, على أيدي نخبة من ضباط من الحرس الثوري الإيراني.
هذا بالإضافة إلى ما تقدمه إيران لميليشيات الحوثي من دعم بالمال والسلاح في الوقت الراهن، لإثارة الفتنة داخل اليمن وخارجه, وإفشال مساعي الحكومة اليمنية الشرعية في إنجاح المبادرة الخليجية, والتوقيع على وثيقة السلم والشراكة.
هذا الأسلوب الذي انتهجته إيران بدعم المليشيات, يرى المحللون السياسيون أنه عودة لأسلوب إيران الأول الذي يركز على التنظيمات السرية والمسلحة.
وحول الانقلاب الحوثي الذي شهدته اليمن نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى تقريراً تحت عنوان “زيديو اليمن .. نافذة للنفوذ الإيراني” أعده مهدي خلجي, أحد الذين درسوا في الحوزات العلمية في قُم خلال الفترة (1986-2000م), تطرق فيه للعلاقة بين المجتمع الزيدي الكبير في اليمن ومجتمع الأقلية الشيعة الاثنى عشرية, والتي تعد الطائفة الرئيسية في إيران, وفصّلَ خلجي طبيعة العلاقات المعقدة التي تربط بين هاتين الطائفتين وانعكاساتها على السياسة الداخلية.
ويورد التقرير في بدايته لمحة عن محافظة صعدة وكونها منطقة زيدية من الناحية التاريخية تقع في شمال اليمن, ثم يذكر معد التقرير كيف عملت المحافظة في العقود الأخيرة على إحياء معاهدها ومؤسساتها الدينية, وبروز شخصيتين زيديتين منها, هما بدر الدين الحوثي وابنه حسين زعيما حزب “الحق”, بصفتهما الداعييْن الرئيسييْن لعقيدة الحركة الدينية السياسية التي أصبح أتباعها معروفين بالحوثيين. وفي عام 1992م، – كما أشار التقرير – أسس حسين الحوثي تنظيم «الشباب المؤمن» المعروف أيضاً باسم «حركة أنصار الله» لمحاربة الحكومة.
ويشير التقرير إلى أن الحركة الحوثية لا تزال تحمل بصمات بدر الدين الحوثي وابنه الإيدلوجية, رغم أنهما لقيا حتفهما. حيث كان حسين الحوثي يرى أن الصراع الرئيسي في اليمن يكمن بين الزيديين والوهابيين – على حد وصفه, مبدياً إعجابه بأمين حزب الله حسن نصر الله, والخميني, وقد انتقد اليمنيين قبل هلاكه لعدم مشاركتهم في أحد الأعمال التخريبية التي قام بها الحجاج الإيرانيون في مكة المكرمة خلال موسم الحج.
عاصفة سلمان “الحزم”
شكلت عاصفة الحزم صدمة حطمت الحلم الإيراني في اليمن, وأنهت تطلعات الإيرانيين بالتوغل وبسط نفوذهم على الجمهورية اليمنية,
ويرى د.الدليمي أن عاصفة الحزم، التي جادت بها المملكة العربية السعودية في اليمن، شكلت أنموذجاً حاسماً في مواجهة التغول الفارسي، ويزيد «السعودية استطاعت تحطيم الحلم الفارسي في اليمن، وإيصال رسائل شديدة اللهجة إلى ملالي طهران»، معولاً على المزيد في جبهات أخرى، من بينها العراق.
إيران تستهدف أمن المملكة الأردنية الهاشمية
كشفت المملكة الأردنية الهاشمية التي كانت بمنأى عن المخططات الإرهابية الإيرانية، عن مخطط إرهابى, خطط له قائد فيلق القدس قاسم سليمانى، التابع للحرس الثورى الإيرانى، الذي أرسل لهذا العمل خبيرًا عسكريًا إيرانىا لتجنيد إرهابيين في الأردن من أجل تنفيذ هذا المخطط.
وذكرت السلطات الأردنية في بيان لها, إنها أفشلت مؤخرا مخططا لشخص يتبع فيلق «بيت المقدس» الإيرانى، في محافظة جرش، شمال الأردن.
وتقع المنطقة التي تم ضبط المتفجرات على مقربة من مقر إقامة مهرجان جرش، والذي من المنتظر أن تبدأ فعاليات دورته الثلاثين في الثالث والعشرين من شهر يوليو 2015م.
المخطط الإرهابي الذي تم إحباطه كان سينفذه عراقي يحمل الجنسية النرويجية يدعى خالد كاظم الربيعي (49 عاماً) ينتمي إلى فيلق القدس الإيراني. وقد أوقف الربيعي، في الثالث من شهر إبريل الماضي، بعد ضبط خمسة وأربعين كيلو جراماً من المتفجرات كانت مخبأة في منطقة ثغرة عصفور في محافظة جرش شمال الأردن, وأمام هذا التهديد اتخذت الأردن المزيد من الإجراءات الأمنية لتعزيز الرقابة على حدودها مع سوريا التي تمتد لأكثر من 370 كلم.
العلاقات السعودية الأمريكية بعد الهجمات
رغم أن معظم منفذي هجمات الحادي عشر من سبتمبر يحملون الجنسية السعودية إلا أن اللجنة التي أعدت التقرير النهائي للتحقيق في هجمات سبتمبر والذي أُصدر في يوليو 2004 م, أكدت على عدم وجود علاقة أو تورط للحكومة السعودية في هجمات الحادي عشر من سبتمبر, بل أن الحكومة الأمريكية ما فتئت تشيد بين الحين والآخر بجهود المملكة العربية السعودية وتعاونها مع المجتمع الدولي بشكل عام والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله.
هذه التأكيدات والإشادات قطعت الطريق أمام محاولات الكثيرين ممن كانوا يسعون لزعزعة العلاقة المتينة بين البلدين, وأدت لمزيد من التعاون بين حكومتي البلدين فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب حيث تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية المملكة العربية السعودية أعظم حلفائها في مواجهة الإرهاب, وتشترك معها في مواجهة تنظيم القاعدة ومتابعة أنشطته وتتبع خلاياه في المنطقة, إضافة إلى وجودهما ضمن دول التحالف لمحاربة داعش, وتعاونهما الاستخباراتي فيما يتعلق بتبادل المعلومات حول أنشطة الجماعات المتطرفة والتعاون في ملاحقتها وإحباط مخططاتها.
وعن فعالية المملكة في مكافحة الإرهاب قال وزير الأمن الداخلي الأمريكي جون كيلي في شهادته أمام الكونغرس: “السعودية لديها قوة شرطة فاعلة وجهاز استخبارات يمكننا العمل معه، إذا أدرجنا دولة مثل السعودية على القائمة، خاصة وأن لديها استخبارات جيدة جدا وشرطتها تقوم بعمل جيد جداً، عندها قد يخرج البعض ليقول إن المسألة متعلقة بالديانة”.
وكان مساعد وزير المالية الأمريكي رئيس مكتب مكافحة تمويل الإرهاب والجرائم المالية بوزارة الخزانة الأمريكية دانيال غلاسر قد أدلى بإفادته أمام اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ حول جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب قائلاً: إن المملكة تعد بكل المقاييس إحدى الدول التي تحتل مكانة محورية في جهود الولايات المتحدة للتصدي للإرهاب, وعدَّ غلاسر ذلك نجاحاً غاية في الأهمية أسهمت الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها الرياض في مايو من عام 2003م في تنبيه المملكة إلى أن الإرهاب ليس معضلة عالمية فحسب بل محلية أيضاً.
وذكر غلاسر أن السعوديين ماضون في اتخاذ إجراءات متشددة حيال تنظيم القاعدة ومواجهة الإيديولوجية المتطرفة بشن حملة داخل المملكة ضد أصحاب الفكر المتطرف الذين يحرفون الدين الإسلامي من اجل الدعوة للعنف.
وأشار غلاسر في إفادته إلى أن المملكة تعمل بكل همة لمواجهة ظاهرة الإرهاب والتطرف واتخذت من أجل ذلك العديد من الإجراءات لاستئصال مصادر تمويل الإرهاب داخل أراضيها, وسعت لبناء أنظمة لمراقبة القطاع المالي وكشف عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وظل المسؤولون الأمريكيون يشيدون بجهود المملكة وعزمها في مكافحة الإرهاب العالمي في كل مناسبة تتعلق به وطرق مواجهته واعتبروا جهود المملكة في مكافحته محل تقدير واحترام لما حققته من إنجازات كبيرة. وكان مؤتمر الرياض الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في مدينة الرياض في الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة عام 1425هـ أحد الشواهد على اهتمام المملكة وسعيها الدءوب لمواجهة هذه الظاهرة, حيث عُقد المؤتمر بمشاركة أكثر من خمسين دولة عربية وإسلامية وأجنبية إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية ونوقشت خلاله سبل محاربة الإرهاب بكل صوره على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي.. وأكد المؤتمر على أن الإرهاب لا يقتصر على دين أو بلد بعينه, وأن مواجهته لن تؤتي أكلها إلا بتعاون جميع الدول.
وجاء الإعلان الصادر في ختام أعمال المؤتمر معتبراً ظاهرة الإرهاب مهددة للسلام والأمن الدوليين، ومجدداً موقف المملكة الرافض لكل الأيدلوجيات التي تدعو للكراهية وتحرض على العنف والإرهاب.
وأكد إعلان الرياض على أن الأمم المتحدة هي المظلة القانونية لتعزيز التعاون الدولي ضد الإرهاب وأن قرارات مجلس الأمن المتعلقة بهذا الشأن هي الأساس والمرجعية لكل جهود مكافحة الإرهاب.
وقد تقدمت المملكة على ضوء ما تضمنه إعلان الرياض إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بمشروع إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب وفق ما أعلنه الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام – رحمه الله – في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 سبتمبر (أيلول) 2005م, وهو المشروع الذي دعا إلى إنشائه الملك عبد الله بن عبد العزيز – رحمه الله – بهدف تبادل المعلومات والخبرات بين الدول وإيجاد قاعدة بيانات ومعلومات أمنية واستخباراتية تستفيد منها الجهات المعنية بمكافحة الإرهاب.
بفضل هذه الجهود توطدت علاقة المملكة بالولايات المتحدة ففي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – رحمه الله – قام الرئيس الأمريكي جورج بوش (الابن) بزيارتين للمملكة التقى خلالهما بخادم الحرمين الشريفين وبحث معه سبل تعزيز العلاقات بين البلدين في كافة المجالات.
كما استقبل الملك عبد الله – رحمه الله – في الثالث عشر من شهر نوفمبر 2008م, الرئيس الأمريكي جورج بوش (الابن) في مقر إقامته بمدينة نيويورك، وثمن بوش خلال هذا اللقاء مبادرة الملك عبد الله بالدعوة إلى اجتماع حوار أتباع الأديان والحضارات والثقافات في مقر منظمة الأمم المتحدة بنيويورك.
وبعد هذا اللقاء بيومين شارك الملك عبدالله -رحمه الله- في أعمال اجتماع قمة مجموعة العشرين الاقتصادية بواشنطن، وكان في استقباله لدى وصوله مقر الاجتماع الرئيس الأمريكي جورج بوش.
وقام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بزيارة إلى المملكة في شهر يونيو من عام 2009م بعد توليه الرئاسة بخمسة أشهر واجتمع مع الملك عبد الله – رحمه الله – وبحث معه دعم العلاقة بين البلدين, وناقشا القضية الفلسطينية، والتوترات المستمرة مع إيران التي تحيط ببرنامجها النووي. وفي نفس العام زار الملك عبد الله الولايات المتحدة.
وفي عام 2012، زار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (عندما كان وليا للعهد ووزيرا للدفاع) الولايات المتحدة وقابل الرئيس أوباما، بالإضافة إلى عدة مقابلات أجراها في البنتاغون وفي الكونغرس.
أوباما يؤكد دعمه لـ “عاصفة الحزم”
أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما في اتصال مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز دعم بلاده لعملية “عاصفة الحزم” التي ينفذها تحالف تقوده السعودية لوقف هجمات جماعة الحوثي باليمن.
وقال البيت الأبيض في بيان: إن أوباما والملك سلمان اتفقا في الاتصال الذي جرى بُعيد انطلاق عمليات “عاصفة الحزم” على أن هدفهما هو تحقيق استقرار دائم في اليمن من خلال التوصل لحل سياسي من خلال التفاوض.
إلا أن العلاقة بين البلدين مع نهاية ولاية أوباما الثانية أخذت في التوتر وتصاعدت الخلافات بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران وغض الطرف من قبل الولايات المتحدة عما تفعله طهران من تدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.. هذا بالإضافة إلى تمرير حكومة أوباما ما أسمته قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا)، وهو التشريع الذي يسمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة الحكومة السعودية لمجرد التخمين.
الملك سلمان ينيب ولي عهده لحضور “كامب ديفيد”
أناب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – سمو الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، لترؤس وفد المملكة في قمة كامب ديفيد بمشاركة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وعدد من المسؤولين.
وكان من أهم النتائج التي خرجت بها هذه القمة تفاهمات عدة تعلقت بالتدريب العسكري المشترك وتطوير منظومة الدفاع الصاروخي لدول الخليج العربية.
ميدالية “جورج تينت” وجوقة الشرف إشادة بجهود المملكة في مكافحة الإرهاب
قلدت وكالة الاستخبارات الأمريكية الأمير محمد بن نايف ولي العهد وزير الداخلية ميدالية “جورج تينت” تقديراً لجهود المملكة المتميزة في مكافحة الإرهاب وإسهامات سموه لتحقيق الأمن والسلام, ويُعد هذا التكريم من قبل أقوى جهاز استخبارات في العالم بمثابة الاعتراف الصريح من الحكومة الأمريكية بتبرئة المملكة من مما يشاع ويحاك ضدها في هذا الجانب, ودليلاً على أنها من أميز الدول التي تعمل بكل إخلاص وتفاني لتخليص نفسها والمجتمع الدولي من الإرهاب وآثاره المدمرة.
وقد قال الأمير محمد بن نايف بعد تسلمه الميدالية أن المملكة تسير بخطى ثابتة في مواجهة الإرهاب والتطرف وقد تمكنت بفضل الله من كشف الكثير من المخططات الإرهابية التي أحبطت قبل وقوعها, بما في ذلك عمليات كانت تستهدف دولاً صديقة.
وعن علاقة المملكة مع الولايات المتحدة قال ولي العهد “علاقتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية علاقة تاريخية إستراتيجية ولن ينجح من يحاول أن يزرع اسفيناً بين السعودية وأمريكا”.
وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد منح ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف وسام “جوقة الشرف” الوطني، لجهوده الكبيرة في المنطقة والعالم في مكافحة الإرهاب.
وفد امريكي يُقدر جهود المملكة في مكافحة الإرهاب
ثمّن وفد من الهيئة الأمريكية للحريات الدينية جهود وزارة الشؤون الإسلامية في مكافحة الإرهاب والتطرف، وأعرب عن تطلعه إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين الهيئة والوزارة فيما يخدم مبدأ الحريات.
وكان وفد الهيئة الذي زار المملكة في فبراير الماضي قد اطلع على مجمل الحقوق والحريات التي كفلها الدين الإسلامي للإنسان، وسماحة الإسلام ومبادئه العظيمة في جميع شؤون الحياة، ومن بينها ما يكفل الحرية، والتعايش السلمي بين أتباع الديانات الأخرى.
في أول زيارة خارجية له .. ترامب “زيارتي للسعودية إعلان تاريخي عظيم”
عقب الفتور الذي شهدته العلاقات السعودية الأمريكية في حقبة أوباما, وتوقعُ الكثير من المحللين السياسيين والمستبشرين ممن تقلقهم متانة العلاقة بين البلدين, بمضي العلاقة إلى مزيد من التوتر لاسيما بعد تصريحات الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب المثيرة للجدل حول المملكة والمرسوم التنفيذي بحظر دخول مواطني بعض الدول العربية والإسلامية, إلا أن ترامب خالف كل التوقعات حينما أعلن أنه سيقوم بأول زيارة خارجية له ويبدأها بزيارة المملكة العربية السعودية في الثالث والعشرين من مايو الجاري.
هذه الزيارة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هي زيارة تاريخية بكل المقاييس فهي الأولى التي يقوم بها رئيس أمريكي إلى دولة عربية أو إسلامية في أول زيارة خارجية له. وهي إحدى نقاط التحول المهمة في تاريخ العلاقات بين البلدين لأنها قطعت كل التأويلات والتكهنات وخيبت آمال أولئك الذين لا تتحقق مطامعهم بإشاعة الفوضى في المنطقة إلا حينما تمر علاقة البلدين بمراحل فتور كالتي شهدتها خلال ولاية أوباما الثانية.
ترامب عبر بفخر عن هذه الزيارة وقال : “أفتخر بأن أنقل لكم هذا الإعلان التاريخي والعظيم وهو أن زيارتي الخارجية الأولى كرئيس للولايات المتحدة الأميركية ستكون للسعودية ثم إسرائيل وبعد ذلك روما”.
التصدي لإيران وداعش
ولزيارة ترامب للمملكة أهداف معلنة قال مسؤولون في البيت الأبيض أنها تهدف للتصدي لإيران وداعش على صعيد الإرهاب الذي تشهده المنطقة.
وأعلن ترمب أنه سيبدأ مع المملكة العربية السعودية وضع أساس جديد لمحاربة الإرهاب خلال هذه الزيارة وعبر عن ذلك بقوله “سنرسي من السعودية دعائم تحالف جديد ضد التطرف والإرهاب والعنف”.
وقال ترمب “سنعقد قمة تاريخية في السعودية بحضور قادة من مختلف أنحاء العالم الإسلامي وسنسعى من هنا لبناء مستقبل مشرق وعادل للشباب المسلم في بلدانهم”.
هذه الزيارة تعد مؤشرا على عودة العلاقات السعودية الأمريكية عقب الفتور الذي شهدته في حقبة أوباما للأسباب التي أشرنا إليها سابقاً, وهو ما أكدته مصادر مطلعة لقناة (CNN) بأن ترامب يأمل خلال هذه الزيارة أن يعبر عن ثقته في حلفاء الولايات المتحدة التقليديين الذين تجاهلت إدارة أوباما تحذيراتهم بشأن خطورة عقد اتفاق نووي مع إيران.
محمد بن سلمان قائد التغير الإيجابي
التغير الإيجابي الذي تشهده العلاقات السعودية الأمريكية في الوقت الراهن وتحوله من اتهام المملكة بالإرهاب إلى الإشادة واعتبار المملكة أهم حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية لمحاربة الإرهاب والتطرف.. تم بفضل الله ثم بفضل توجيهات خادم الحرمين الشريفين والأداء العالي الذي يتمتع به سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد وزير الدفاع الذي تمكن خلال زيارتين للولايات المتحدة الأمريكية من رأب الصدع الذي أحدثه الاتفاق النووي مع إيران وزاده إصدار قانون “جاستا” الذي يسمح لذوي ضحايا هجمات الحادي 11 من سبتمبر برفع دعاوى قضائية ضد المملكة والمطالبة بتعويضات مادية لمجرد التخمين بتورطها في الهجمات.
هذا التحول التاريخي دفع بالمملكة ممثلة في ولي ولي العهد إلى التخطيط لتمويل استثمارات ضخمة في بعض الشركات الأمريكية وجذب بعضها من أجل توطين التقنية ودعم الأبحاث وصناعة النفط والطاقة المتجددة, ويأتي هذا التخطيط ليؤكد بأن الاقتصاد هو محور العلاقة بين البلدين لاسيما وأن الأمير الشاب يبحث عن تدفق الاستثمارات لدعم رؤية المملكة “2030” التي تتطلب جذب الاستثمارات الأجنبية لتحقيق أهدافها.
ومن المتوقع خلال هذه الزيارة أن تستكمل المملكة مع الولايات المتحدة سلسلة من صفقات الأسلحة تقدر قيمتها بما يفوق “100” مليار دولار, ومن المرجح أن تصل القيمة المقدرة لهذه الصفقات إلى “300” مليار دولار خلال العشر سنوات المقبلة.
المدعوون لحضور القمة العربية الإسلامية الأمريكية
دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ملوك ومشايخ دول مجلس التعاون الخليجي لحضور القمة العربية الإسلامية التي ستعقد مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض خلال الفترة من 20-21 مايو الجاري, كما دعا – حفظه الله – لحضور القمة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والملك المغربي محمد السادس والرئيس اليمين عبد ربه منصور هادي والزعيم النيجيري محمد اسوفو.
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن هذه القمة ستعزز التعاون بين الولايات المتحدة والدول العربية والإسلامية في مكافحة الإرهاب والتطرف أن الزيارة ستعود بفوائد هائلة على المنطقة والعالم.