اسمح لي سيدي الغالي ابن الحسين العظيم، ان أكون اليوم أردنياً، وأن أتوشح بوسام الفخر والاعتزاز كمواطن عربي منحه حبُّك والعمل في وطنك العزيز وفرة من التقدير والامتياز..
ففي لقائكم بشقيقكم مولاي خادم الحرمين الشريفين -أيدكما الله- حضر المصير الواحد، والاحترام الواحد، وكذلك المستقبل الواحد، حتى بات السعودي أردنياً والأردني سعودياً، ولم يكن استقبالكم لمولاي تعبيراً عن كرم موائد، ولا استعراضاً لمشاعر تقدير، بل كان نبلاً عربياً تسابقت فيه عروض العز والمجد التي صافَحتَ بها يمين ضيفك الكريم سلمان بن عبدالعزيز ..
ابن الحسين؛ كيف يكون تعبير الشكر؟ وعمَّان العزيزة بشوارعها وساحاتها وميادينها قد تحولت الى قصيدةٍ عربية لا تَخرج من فِكر شاعر، وإنما من قريحة ملكٍ ان تحدَّث صدق، وان عمِل كان عمله تاريخاً يفصل مرحلة عن مرحلة، ليبني مرحلة جديدة تمنح العرب عزتهم ووحدتهم المنشودة.
من نقاء علاقة بلدينا؛ فإن حديثكم مع شقيقكم خادم الحرمين الشريفين لم يكن حديثاً يعالج ضعفاً في العلاقات أو تعثراً لها، وانما كان حديثاً يُلهم الأجيال العربية الحاضرة واللاحقة معنى الأصالة العربية وشرفها الذي يجمع الشقيق بالشقيق، ويُعِز الشقيق بالشقيق .. إن كانت السياسة كما يعرفها علماء الفلسفة السياسية بأنها : " فن الممكن" فهذا ليس ممكناً ولا صادقاً بعلاقتنا ببلدكم العزيز، فتقاربنا مع بعضنا شرف لا يراوغ المصالح ولا يداهن المواقف، فمن مولاي خادم الحرمين الشريفين، ومن جلالتكم المعظم، تعلَّمنا أنَّ ما يجمعُنا ليس سياسة يُعبَّر عنها بخطاب يروى في المنابر، بل قيمٌ أسسها الراحلين العظيمين الملك عبدالعزيز، وجدكم الملك عبدالله -طيب الله ثراهما- حتى أصبحت هذه القيم ميراثاً طاهراً تحافظ عليه العائلة السعودية والعائلة الهاشمية.
أنا أحد ورثة هذا المجد العزيز الذي جمعنا مع مملكتكم العزيزة وشعبكم العربي الأصيل بميثاقٍ بدأ بتاريخ محدد، لكنه لن ينتهي بتاريخ محدد، فميثاق الرجال عهدٌ يمثل أهله بصدقهم وأمانتهم وطهارتهم، بعيداً عن حسابات المصالح الضيقة، المصالح تنتقل من سوق الى سوق، أما كرامة الرجال فإنها تسكن وجدانهم وتحيا بهم، ولا تموت بموتهم، ومن أتى بعدهم واصل على دروب كرامتهم، وأنت يا ابن الحسين ذاك الكريم ابن الكريم حفيد الكريم، فمن أين ما وجهت لاقاك المجد، فمرحباً بك منتسبا ًوفخوراً، وشكراً لك من الأعماق على كرم الضيافة وحسن الاستقبال لمولاي خادم الحرمين الشريفين، و ائذن لي يا ابن الأكرمين أن أكرر الشكر ثانيةً لأهل الشكر والثناء، وأرجوا أن تقبله من شقيق عربي يقدمه بصدق لزعيمٍ عربي عظيم.
بقلم خالد بن فيصل بن تركي آل سعود
سفير خادم الحرمين الشريفين في الأردن