نأتي إلى الدنيا بهيئة واحدة، وسبيل واحد!
عراة دون ساتر أو لباس يواري سوأتنا تلك حكمة البداية لمن أراد أن يتذكر أو يخشى؟
ثم نغادر الدنيا بلباس واحد وبصفة وطريقة واحدة!
وتلك لعمري حكمة النهاية لمن لديه قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
نُولد ونقدم إلى الدنيا عراة من ذكر وأنثى من ماء مهين، نعيش على قطع من الأرض متجاورات ، أساسنا آدم وحواء ونسبنا الطين!
ثم ينزغ بيننا الشيطان ونغير خلقة الله وحكمته ونسطنع بيننا صفات ونضع لنا طبقات لم ينزل الله بها من سلطان!
و في نهاية المطاف القصير والقصير جداً نموت بطريقة واحدة ؟
نغادر بلباس واحد، ندفن تحت التراب بطريقة واحدة وبدرس لقنه لنا ذاك الغراب الحكيم الذي عجز عن استنباطه ذاك الشقيق الشقي، المفاخر، المكابر، والذي أدعى الكمال والجمال فصنف اخيه تصنيفاً أوحى اليه بقتله!
عجباً من تلك العقول المقفلة والعيون الزائغة عن أعظم حكمة ظاهره للأعمى قبل البصير، ألا وهي حكمة البداية وحكمة النهاية لك أيها المخلوق من طين.
فعلى ماذا وبماذا تُفاخر على أخيك المسلم الذي هو بالأساس شقيقك ابن أمك وأبيك " آدم - وحواء " ونسبك انت وهو الطين، ترفع بعنصريتك المقيته منزلة هذا وتسقط قيمة ذاك !
من خولك بهذا ياهذا ومن ذا الذي أمرك ؟!
(( ان اكرمكم عند الله اتقاكم ))
تذكّر أيها المفاخر والمتفاخر أن الجنة خُلقت بيد الله الكريمة لكل بني آدم ممن يعمل لها، اسودًا كان أو أبيضًا ، ملكًا أو خادم ، ذكرا أو أنثى ، غنياً أو فقير ، ابن الملوك أو ابن الحفاة الرعاة ، وإنّ من يمنحها هو الله وحده وليس انت!
و اعلم أن موضع سوط فيها خير من الدنيا وما فيها؟
رُغم هذه القيمة العظيمة للجنة والمنزلة العالية والتي تفوق خيالك ولا يدركها عقلك ، قد ينال أعلى منازلها أشعث أغبر لا أصل له ولا فصل مما اختلقته أيها الإنسان ، قد ينالها ذاك الذي لو وقف بباك دفعته لبساطته وهوانه في عينك وأحرمته أبسط حقوقه الدنيوية البسيطة، وبخلت عليه بتوافه ما أنعم الله به عليك بحجة أنه لا يستحق !!
ففي الحديث الصحيح "رب اشعث أغبر ذي طمرين لو اقسم على الله لأبره "
وقد يُحرم منها ذاك المكابر في حسبه المفاخر بنسبه والمتكبر بماله وهيئته وسلطته التي ابتدعها من نسج خياله!
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : لَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ..
سوط أي عصا أحدنا في الجنة خير من الدنيا بقضها وقضيضها!
أيها المخلوق من طين وماء مهين، تُقسم المستويات بعنصرية مقيته بين هذا وذاك تمايزًا وتفاخرًا، والله سبحانه يهب الجنة من يشاء من خلقه مهما كان صغيراً في عينك وحقيراً في عقلك المحدود!
فقلي بربك لو كانت الجنة العالية ذات القطوف الدانية والتي مساحة سوط بيدك تهش به على غنمك فيها لا تساويه دنياك بكل مقاماتها وكنوزها وأرضها وسمائها ماذا ستفعل ومن ستختار أن يقيم ويسكن فيها معك ؟!
وهل ستقسمها مساحات تمارس فيها عنصريتك الموغلة في الدرك الأسفل من الجهالة الجهلى والضلالة العمياء؟
خلد القران اسماء اقوام وهم لنار حطب .. ولم يذكر اخرون وهم للجنة اسياد..
لك الحمد ربي حتى ترضى ولك الحمد ربي إذا رضيت أنت أهل الثناء والمجد ..
دمتم بصادق الود..