يظن بعض الناس أن علم الاقتصاد علم كئيب، كما وصفه المؤرخ توماس كارليل. ويعتقد آخرون أن علم الاقتصاد والمشتغلين به ثقيلو الظل. ويستهزئ بعضهم من علم الاقتصاد. وربما كانت الأسباب من وراء ذلك تكمن في أن معظم الكتابات الاقتصادية لا تُصاغ بصورة جيدة، بل وتستند دائماً على التلاعب بمسائل الجبر والرسوم البيانية المعقدة.
كتاب الاقتصاد عاريا ــ عرض طريف ومشوق للمفاهيم الاقتصادية ــ يغيِّر كل تلك الأفكار عن الاقتصاد والاقتصاديين. في الواقع يمكن القول إن تشارلز ويلان مؤلف الكتاب لا يتمتع باللمسة التي تحول التراب إلى ذهب.بيد أنه بالفعل كتاب فريد من نوعه، فهو لا يحتوي على معادلات أو مصطلحات متخصصة يتعذر فهمها، أو رسوم بيانية معقدة. ومع أن الكثير من الأفكار الاقتصادية تعتمد من حيث الشرح على المعادلات والرسوم البيانية، نجد ويلان قد أثبت أنه من الممكن تيسير كل هذا في لغة واضحة. فهو يعطينا خلاصة علم الاقتصاد بإرجاعه إلى ارتكازاته الأساسية. كما أثبت أن لفظ رجل الاقتصاد الواضح ليس فيه تضاد.
وقد تبث في ثنايا صفحات هذا الكتاب أن الانتقادات الموجهة للاقتصاديين ليست في محلها. ولذا، يعرض هذا الكتاب المفاهيم الاقتصادية بطريقة مبسطة ليسهل على القارئ فهمها. فهو يتطرق إلى فوائد السوق الحرة التي تجعل حياتنا أفضل. كما يوضح لماذا تخفق الأنظمة الاقتصادية التي تخضع لأحكام مركزية في رفع مستوى معيشة المواطنين.
بالإضافة إلى ذلك، يعرض الكتاب الدور المهم للحكومة في تأسيس البنية القانونية التي تعطي الفرصة لوجود الأسواق وتوفير السلع العامة، كما يشير إلى دور الحكومة في تصحيح الأوضاع والتأثيرات الضارة.
لقد أسهم ويلان في إثراء القراء بمرشد اقتصادي ممتع في قراءته على نحو جذاب. فهو يجعل من القارئ مواطناً أكثر وعياً، ويزيد من استيعابه بصورة أكبر للقضايا الاقتصادية المهمة اليومية عن طريق رد علم الاقتصاد إلى جذوره. وتبرهن على أن علم الاقتصاد يمكن شرحه دون رسوم بيانية أو جداول أو معادلات. كما يمكن أن يجعل منه علماً غاية في التشويق.
إن كتاب ويلان يمكن استخدامه كملحق تكميلي للمقررات الدراسية في الاقتصاد في الجامعات ومدارس التعليم العام.
ولأكثر من ذلك، يمكن اعتباره كياناً قائماً بذاته، كمقدمة لهذا المجال، إذ سيغيِّر حتماً آراء الكثيرين ممن يرفضون دراسة علم الاقتصاد باعتباره جافاً ويبعث على السأم.
يقول ويلان : طالما فكرت أنا نفسي في كتابة ما يعد مقدمة أساسية في علم الاقتصاد، ولكن دائماً تعترض المشاريع المنافسة بعضها بعضاً. فلو كنت فعلت ذلك. لكان هذا الكتاب الذي أردت كتابته.
وهكذا حلّل ويلان التفاصيل واخترق جدار السياسة وكشف النقاب عن أهم النقاط، لينجح في تحويل العلم الكئيب إلى نسيج حيوي مؤلف من الاقتصاد والسياسة يشكل الكيان السياسي والوطني.