منذ اعترفتُ للموت بأنه أستاذي (إمام الساخرين)، وأنا أتلقى منه كل يوم درسًا أو درسين، وكثيرًا ما زاد من عنده!!
فجر أمس الخميس، فوجئت به يضع رجلًا على رجل، يبرد مخالبه، ويبتسم ابتسامته القاتلة ويقول متحديًا بهدوء: قبل قليل قبضتُ روح الشاعر العظيم (مساعد الرشيدي)!
ولكي أثبت له أنني أنجب تلاميذه، تناولت فرشاة الشعر، وأخذت أمشط صلعتي البهية، بعد أن أغرقتها بـ(الجِلِّ)، وأنسف شعري المفترض بطريقة (رشدي أباظة)، مرددًا بيت (مساعد) الشهير:
«يا ابن الحلال انت وش تبغى بهالدمعة ؟ بتموت ما شفت دمعة ذُل في عيني»!
بتموت؟ أنا؟ حلوة .. جديدة هذي يا ولد!!
ودخل أستاذي في قهقهة هستيرية؛ حتى هرعت إليه بالماء؛ خشية أن يموت «اسم الله عليه» شَرَقًا!!
رشف رشفة، وتأهب للرحيل قائلًا: «يومًا ما سأزورك لأقبض الأمانة؛ مرددًا بيت (مساعد) الشهير برضو في القصيدة ذاتها:
أدور انا وانت مثل السبت والجمعة *** يا قربنا!! والصحيح انَّا بعيديني!!!
لم يفاجأ (إمام الساخرين) بأنني لم أفاجأ بالخبر؛ رغم أنه لم يخبرني أحد قبله ولا أربعاء!! ذلك أنني أيقنت أن أجل حبيبنا قد حان، من مقالة للناقد والشاعر (عبدالمجيد الزهراني) بعنوان: (قرش مساعد الرشيدي)، نشرتها (الوطن) يوم الخميس الخامس من (2017) الساعة (11و23) دقيقة (PM)، على ساعة (عثمان الصيني) بتوقيت وزارة الخدمة المدنية!
كان واضحًا أن (كعبة زهران) كتبها وهو يغني: (وداعية يا آخر ليلة تجمعنا.. وداعية… أعز الناس يودعنا)!
وقبل ذلك كان شعب الـ(…..) الأعظم في (تويتر) قد طار في عجة دخول (مساعد) الأخير للمستشفى، و(تقاصص) المغردون و(تلاصقوا) في (هاشتاق) خاثر، يدعو له بالشفاء العاجل؛ وكأننا أرحم من أرحم الراحمين!
والكل يعرف أنه كان في المنعطف النهائي من المرض؛ ومع ذلك لم يخجلوا من سؤال الله تعالى أن يغير (سُنَّتَه في الذين خلوا من قبل)؛ وكأنهم ـ ولله المثل الأعلى ـ لاعبو (المتردية) العالمي؛ يحتجون على ضربة جزاءٍ صحيحة، ويريدون من الحكم التراجع عن قراره، واااا… ما أخبار (حريق إسرائيل) بالمناسبة؟؟!
أما القلوب المؤمنة حقًا؛ فلا بد أن تبارك لمساعد رُجعى (نفسه المطمئنة) إلى ربها راضية مرضية!!
وتهنئ ابنه (الفيصل) وكل أسرته وذويه وجماهيره العريضة بـ(صلوات من ربهم ورحمة) كلما قالوا: «إنَّا لله وإنا إليه راجعون»!!
نقلا عن مكة