رعى صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة الجوف، وبحضور صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز، افتتح صباح اليوم الثلاثاء معرض الملك فيصل (شاهد وشهيد) الذي تستضيفه جامعة الجوف .
حيث عزف السلام الملكي فور وصول سموهما لمقر الحفل المعد لذلك ، واطلعا على اللوحات الفنية التي قام برسمها عدد من الفنانين التشكيليين من جميع مناطق المملكة والذي يشرف عليه الفنان التشكيلي الأستاذ نصير السمارة .
ثم بعد ذلك قص سموهما بقص شريط المعرض الذي يبرز تفاصيل حياة الملك فيصل رحمه الله ومسيرته المليئة بالمواقف التاريخية والمبادرات المؤثرة على مستوى الوطن والمنطقة والعالم، وأبرز مواقف الملك فيصل السياسية تجاه مختلف القضايا المحلية والإقليمية والعالمية.
حيث بدأ الحفل الخطابي المعد بهذه المناسبة بالقرآن الكريم ثم ألقى الدكتور أحمد السالم قصيدة بهذه المناسبة التي أعقبها كلمة لمعالي مدير جامعة الجوف أ.د / إسماعيل بن محمد البشري :
رحب فيها باصحاب السمو الملكي والضيوف، مؤكداً إن استضافة جامعة الجوف للمعرض تعد شرفاً كبيراً حظيت به، لأنه يتناول سيرة ملك مظفّر قاد بلاده بحكمة وشجاعة، وكان لمواقفه التاريخية تأثيراً مفصلياً وعميقاً في مختلف القضايا ذلك الوقت، بالإضافة لدوره الكبير في إرساء دعائم وحدة الوطن وتنميته وتطويره في مختلف المجالات، ومنها التعليم الذي حظي برعاية خاصة من الملك فيصل رحمه الله وشهد نهضة وتطوراً ملحوظاً خلال عهده رحمه الله، ولا أحد يجهل دور الفيصل في مجال التعليم العالي وانطلاقته في مرحلة مهمة من مراحل التنمية في بلادنا ..”
ثم رفع د. البشري شكره الوافر لصاحب الملكي الأمير فهد بن بدر أمير منطقة الجوف على رعايته الكريمة للمعرض وتشريفه حفل الافتتاح.
كما رفع شكره الخالص لصاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة مركز الملك الفيصل للبحوث والدراسات الإسلامية والمشرف العام على المعرض على منح الجامعة فرصة استضافة المعرض في نسخته الحالية، معتبراً هذه الاستضافة واجباً على الجامعة، حيث تسلط من خلالها الضوء على شخصية تاريخية عظيمة، وتوفر الفرصة لأهالي المنطقة وأجيالها بالاطلاع والتعرف على جميع جوانب سيرة الفيصل رحمه الله.
بعد ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة مركز الملك الفيصل للبحوث والدراسات الإسلامية والمشرف العام على المعرض محاضرته عن الملك فيصل رحمه الله .
مثّل والده في بريطانيا وهو ابن 13 عاماً
قال الأمير تركي الفيصل إنه عندما كُلّـف الملك فيصل من والده بالمشاركة في مؤتمر السلام بعد الحرب العالمية الأولى، بدعوةٍ من الحكومة البريطانية، أبحر في باخرةٍ من البحرين إلى الهند ومن ثم إلى بريطانيا وسنِّه لم تزل ثلاثة عشر عاماً، فكان الإنجليز عندما رأوه بهذه السن اعتقدوا أنهم يأخذونه بعفويّة في استقباله، حيث لم يكن الاستقبال بذات المستوى الذي أتت به دعوتهم لوالده لحضور المؤتمر.
وأضاف الأمير تركي: “لم تمضِ عليه ليلة في مسكنه إلا ودعا مرافقيه، وقال: “لنرحل من هذه البلاد، لنذهب إلى مقر المؤتمر في فرنسا”.
واتجهوا للميناء ليركبوا باخرة فرنسا وفعلاً وصلوا إلى الشاطئ الفرنسي، ليركض الإنجليز خلفهم يريدون إعادته لبريطانيا، وفعلاً وافق على ذلك وعاد لبريطانيا لكنه لقنهم درساً بعد أن تجاهلوا فيه اللياقة في الاستضافة.
وتابع “تركي”: “حتى في ذلك المحفل أيضاً عندما ساح في بريطانيا زار ليس فقط لندن، بل بعض المقاطعات”.
وحكى الأمير “تركي الفيصل” أن أحد السفراء في عهد الملك فيصل، قال إن المملكة العربية السعودية كلها تسير على ساعة الملك فيصل لدقة انضباطها، لما عُرف عنه من أهميّة الانضباط بالوقت.
وواصل الأمير تركي الفيصل، سرد قصصاً من حياة والده الملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز، حاكياً أول مهمة قام بها “كقائد” والتي كانت تتمثل في استعادة الوحدة بين عسير وسلطنة نجد وملحقاتها، وهو في السادسة عشرة من عمره، حيث استطاع حينها بعفويته وإدراكه ما تعلمه من والده.
وقال: “كانت هذه المهمة غير مكلفة من ناحية الأرواح ولا من ناحية المادة؛ فخلال تجواله مع قبائل عسير وأهل المدن كانت المحبة والابتسامة تجمع الناس، حتى تم له الأمر وعاد إلى الرياض واستقبله الملك عبد العزيز بأداء العرضة للافتخار والاعتزاز به”.
مهمّة الفيصل في حل نزاع الحد الجنوبي
وروى الأمير تركي الفيصل عن والده وبعض المصادر التي استمد منها عن الخلاف الذي كان بين المملكة اليمنية في حينها والمملكة العربية السعودية، قائلاً: “كان يبدو أن للإمام يحيى ملك اليمن حينها أطماعاً في منطقة جازان ومنطقة نجران، وسعى لأن يفصل الرباط القوي الذي كان يجمع هذه المناطق مع بعضها بعضا، وقامت حرب لم تدم طويلاً لكنها كلّفت الكثير من ناحية العمل والأرواح وغيرها؛ من ضمن مَن كلفهم الملك عبد العزيز، الملك فيصل، حيث كان حينها نائباً له في الحجاز، حيث كُلِّف بأن يتوجّه لمنطقة الساحل مروراً بجازان، لمواجهة القوات اليمنية على الحدود، والتي بعضها توغل لداخل منطقة جازان”.
وأضاف: “يقول والدي إنهم عندما وصلوا لمدينة ميدي، على الحدود في اليمن، وكان عليهم أن يعبروا في وادٍ سحيقٍ بين جبلين كبيرين، وكان واضحاً أن قوات الإمام يحيى مستحكمة في هذين الجبلين، فقام الملك فيصل – رحمه الله – بإرسال السبور – الاستخبارات حالياً – وعلموا أن قوات الإمام يحيى لديها نوعٌ من السلاح بمدى معين، فخمن الملك فيصل مدى الأسلحة أنه لن تصل لأسفل الوادي؛ فأمر الجيش بالمشي في الوادي، وأطلق النار عليهم ولم يُصب أي أحد منهم”.
وأردف: “والدي قال لي: “عندما شاهدت قوات الإمام يحيى الأمر قالوا إنهم محاطون بالجن وانسحب جيش الإمام من الموقع واستمر الملك عبد العزيز في زحفه إلى أن وصل للحديدة، وكان قد أتى لهذه المهمة بنحو مائة سيارة وشاحنة وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها هذه الكثافة في معارك الجزيرة العربية، وكان بقية الجيش على الجمال والخيول يتأخرون عادة ليوم بعد السيارات”.
وأكمل: “يقول والدي لي: “عندما دخلنا الحديدة ما وجدنا فيها أحد حتى سكانها هربوا للجبال، ولكن رأينا في الميناء ثلاث بواخر جميعها بواخر حربية وعسكرية، لدول بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، ويقول: نزل من السفينة الإيطالية نحو عشرين عسكرياً وقالوا إنهم موجودون هنا لحماية مصالح الرعايا الإيطالية، حيث كان الساحل الغربي مستعمراً، وهم ينتظرون بقية الجيش على الإبل والجمال أن يلحقوا بهم في الحديدة، ويقول: قال الملك فيصل عبد العزيز لهم عبر المراسيل، نحن نتكفل بحمايتها وعليكم أن تنسحبوا، ومن ثم ذهبوا وتوقفوا في الميناء لكن لم ينسحبوا، فأرسل لهم مندوباً وقال لهم إذا لم تنسحبوا مع طلوع الشمس الذي سيحدث لن يكون في مصلحتكم ولا مصلحتنا”.
وتابع الأمير “تركي”: “يقول الملك فيصل – رحمه الله -: أنا أقول هذا الكلام وأنا لا أعلم الجيش متى سيصل وخشيت لأن العدد الذي كان معي بسيط والباخرة بها مدافع قد تدمر الحديدة بكاملها، وما انتهينا من صلاة الفجر إلا ونحن نسمع صوت الجيش قادمين، وارتحت حينها، وفعلاً انسحبت البواخر وابتعدت عن الميناء وبقيت في البحر”.
وقال الأمير تركي: “بقي الملك فيصل في الحديدة أربعة أشهر، يأتي إليه من كل أنحاء اليمن من مشايخ وأعيان وقضاة، نحن نريد أن نبايع الملك عبد العزيز والإمام يحيى في صنعاء، وكان الملك فيصل يرسل برقيّات للملك عبد العزيز وهو لا يرد عليها حتى جاءت برقيّة منه تطالبه بتسليم البلد لمندوب الإمام وبسحب القوات والعودة”.
وفي مؤتمر الطاولة المستديرة يروي الأمير تركي، موقف والده عندما قال له الإنجليز ورئيس الوزراء البريطاني حينها: نحن نشكركم على مجيئكم هنا لأنكم أتيتم معكم بالشمس حيث كان يوماً مشرقاً حيث عُرفت بريطانيا بالضباب؛ فرد الملك فيصل قائلاً: هذا كرم العرب لكم فأنتم ماذا ستقدمون لهم.
ثم تم تبادل الهدايا التذكارية .
الجدير ذكره أن المعرض يهدف إلى تعريف الأجيال بشخصية الملك فيصل باعتباره نموذجاً للقائد التاريخي، الذي لن ينسى العالم مواقفه وخطبه ومبادراته التي أثّرت في العالم خلال تلك الفترة من التاريخ، حيث يستمر لمدة شهر كامل وستكون الزيارة متاحة لجميع أفراد المجتمع طيلة أيام المعرض على النحو التالي :
١/ تبدأ زيارة المعرض اعتباراً من الفترة المسائية من يوم الثلاثاء ٥ / ٤ / ١٤٣٨هـ.
٢/ تبدأ الفترة الصباحية من الساعة العاشرة صباحاً إلى الثانية ظهراً.
٣/ تبدأ الفترة المسائية من الساعة الرابعة عصراً وحتى الساعة التاسعة مساءً.
٤/ سيتم تخصيص الفترة الصباحية من الأسبوع الأول والثالث للرجال.
٥/ سيتم تخصص الفترة الصباحية من الأسبوع الثاني والرابع للنساء.
٦/ الفترة المسائية يومياً ستكون الزيارة فيها متاحة لجميع أفراد المجتمع والعائلات.
ودعت الجامعة جميع شرائح المجتمع لزيارته والتعرف على حياة وسمات ومواقف ومقتنيات الملك الفيصل رحمه الله.