كثيرون هذه الأيام من ينسج من خياله طرفة أو قصة تعبر عن آثار ارتداد للهزة النفسية التي أعقبت القرارات الملكية الأخيرة , وما اعتقده البعض أنها بداية لإفرازات رؤية 2030 .
خفت الدم هذه تذكرني بالمجتمع المصري الذي يعبر عن آلامه المعيشية بالنكات , غير أنني أتمنى أن لانكون قد تشبهنا بالمصريين في آلامهم .
وبعيدا عن النكات والضحك دعونا نقلب جيوبنا وخزائننا التي يبدو أنه مسها الضر أو سيمسها الضر من جراء إيقاف العلاوة السنوية والبدلات والمكافآت , وما اتبع ذلك من تقليص وتمحيص لكبح جماح الفساد وتقويض أركانه ؛ فالنقود سنفركها فركا حتى نخرج منها حفنة لصاحب المتجر وذلك بعد ( المكاسرة ) , ومحلات بيع الجملة سنفكر في زيارتها , والماركات لن يروق لنا اقتناؤها لأن اقتناءها ( بذخ ) , والمطاعم سيقل زوارها لأن ربات البيوت ( الكسالى ) سيعدن لمطابخهن ومغاسلهن خصوصا مع الاستغناء عن العاملات المنزليات.
هواية ( اللفلفة ) ـ التي تروق للشباب ـ ستصبح هواية غير مرغوبة لأن قيمة الوقود المستهلك فيها سيقص لأحدهم قصة حديثة لشعره يسحر بها الألباب , أو ستعدل مزاجه بسيجارة . والسؤال الأهم هنا لكن كيف ستحدث حالة الانكسار تلك ؟
قبل أن ادلف بالإجابة سأذكركم بالتصريح المشئوم لنائب وزير الاقتصاد الذي أكد فيه إلى حتمية إفلاس الدولة خلال الثلاث سنوات القادمة في حال لم يصدر الملك حزمة الأوامر الملكية الإصلاحية الأخيرة , وهذا
ما أثار حفيظتنا وعكر صفونا , ولكن ماذا لو كان الأمر حقيقة ؟ والإفلاس كان مصيرا محتوما هل يمكن أن نعيش أو حتى نتعايش مع الإفلاس الذي يسبقه حالة من الانكسار الحاد في الأمور المعيشية ؟
وجوابا على ماسبق أقول أننا في وضعنا الحالي وبالأسلوب الذي نتبعه في تصريف أموالنا لانستطيع أن نتعايش أصلا مع فكرة الإفلاس فضلا عن أن نعيشه . ولكي لا أكون جلادا للذات سأطعم مقالي بنكهات إصلاحية لواقعنا علها تكون متنفسا من غمة الإفلاس وعتمة الانكسار وهي كالتالي :
1- الادخار :
إحدى الخطوط الرئيسة لرؤية 2030 أكدت على رفع مدخرات الأسر . والى الآن أكثر الأسر تعمل بالمقولة الخائبة ( انفق مافي الجيب يأتيك مافي الغيب ) وبطبيعة الحال يكون أرباب تلك الأسر زوارا دائمين لقوائم ( سمه ) . ماذا لو كان هناك أصولا عقارية أو محافظ استثمارية يضع رب الأسرة يده عليها عند الضرورة ؟ أو تكون بمثابة كنز يملكه لأسرته بعيدا عن متناول يده أليس هذا أجدر ؟ بلى
2- الفرص :
التقاط الفرص واستثمارها نادر عند أكثرنا إن لم يكن منعدم والسبب التشبع بفكرة الدخل الثابت ( الراتب ) دون التفكير في تنويع مصادر الدخل أو الحاجة لذلك أصلا , على الرغم من أن بعض الفرص قد تكون أقرب إلى أحدنا من شراك نعله ولكنها تضيع أو بالأصح تذهب لمن يستحقها . وعلى سبيل المثال الأسهم كانت وما زالت تشكل فرصة يجب استثمارها والأراضي النائية ذات العائد البطيء والمتأخر تعد فرصة هي الأخرى .
3- قراءة الواقع والمستقبل :
رؤية 2030 هي المستقبل ولا غيرها وهذه الرؤية تنبئ عن تقلبات اقتصادية واجتماعية وثقافية في الخمس عشرة سنة القادمة , أو على الأقل في الخمس القادمة . وهذه التقلبات ستمس أموالنا وتنبش الفرص أمامنا في نفس الوقت فمن الآن نصوغ أهدافا قريبة المدى وأخرى بعيدة تتوائم مع المستقبل وترتكز على الحاضر وإلا سوف نتقلب مع التقلبات القادمة ولن نجد لقواربنا مراسي توصلنا لبر الأمان ولو وصلنا للمراسي فسنجد أنفسنا على الحديدة .