ما أجمل أن تعيش حياتك بنية صافي خالية من الغل والحسد ، تحب الخير للآخرين بقدر ماتحبه لنفسك ، تتعامل معهم بشفافية واضحة نقية كنقاء الماء ، بعيداً عن الكيد الداخلي المغلف خارجياً بزيف المقاصد.
فقد قيل " النية مطية " وهي المركب الذي سياخذك يوماً ما إلى المكان الذي أضمرته ، فأن كانت نيتك سامية أخذتك لمواقع السمو ، وان كانت العكس فثق بأنها ستتعثر بك في مكاناً سحيق ، مهما طال المسير وأعجبك زيف البريق ، ومهما كانت سماكة ذاك الغطاء الذي كنت ترتديه.
فلا تُفسد أعمالك الطيبة بنيات سيئة .
وأكثر من النيات الطيبة ، في أعمالك اليومية ، وتصرفاتك الآنية وأعقد عليها حياتك المستقبلية.
فقديماً قالوا تجارة النيات تجارة العلماء ، وأگسب من حولك ، حتى ﻻ تفقد من هم منحوك الثقة وعاملوك بنية طيبة.
فلا يوجد نعيم يريح القلب أجمل من سلامة الصدر؟
تقضي يومك وليلتك وأنت في راحة بال ، بينما غيرك تغلي قلوبهم حنقًا وتحترق على غيرهم.
احرص وثابر وجاهد أن تكون (مخموم القلب) كما وصف ذلك سيد البشر حيث:-
قيل له صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل؟ قال:- كل مخموم القلب صدوق اللسان!
قالوا:- صدوق اللسان نعرفه ، فما مخموم القلب؟ قال:- هو التقي النقي لا إثم فيه ، ولا بغي ، ولا غل ولا حسد.
لاتتعجب ولاتستغرب.
فقد تسكن قصراً وتضيق بك الحياة ، وقد تسكن جحراً ويشرح الله صدرك.
قد تكون أبيضا ويستحلك السواد ، وقد تكون اسودا ويشع منك النور.
قد يكون لك إخوة وتعيش وحيداً ، وقد تكون وحيداً وحولك إخوة ، لم تلدهم أمك ، يشدون من أزرك ، يجعلون لك هيبة الملوك ومقام السلاطين.
قد ترى الأصدقاء يطعنون ظهرك ؟ و قد ترى الأعداء ينقذون حياتك !
وقد ترى أغنياء يرتشون ، و فقراء و يتصدقون .
لهذا سميت دنيا.
فلا تبتئس ولا تحزن ولا تتوانا عن فعل الخير ، ولا يحبطك من ساءت نيته وتلون داخله بلون يُغاير ظاهره.
إحسانك وتعاملك لا يُنسى ، فلا تندم على لحظات أسعدت بها أحداً ، وإن لم يكن يستحق .
كن شيئا جميلاً بحياة من يعرفك.
و كفى أن لنا ربّاً ، يجازينا بالإحسان إحسانا .
فزرعان يحبهما الله ، زرع الشجر وزرع الأثر .
فإن زرعت الشجر ، ربحت ظلا وثمرا .
وإن زرعت طيب الأثر ، حصدت محبة الله ثم البشر .
{}{ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ}{} [فاطر: 10].
حتى ولو لم يقدّر الآخرون حسن أفعالك وجميل تصرفاتك ، وطيب كلماتك ، يكفيك أنها تصعد لربك.
يقول ابن القيم :-
الدين كله خُلق ، فمن فاقك في الخلق فقد فاقك في الدين....
دمتم بود ..