بداية أقول : إن العمل الخيري التطوعي يحمي الفرد والمجتمع من الآفات والجرائم والانحرافات ويؤمن كذلك للمجتمع الضروريات التي تحفظ كرامته وتعينه على نوائب الدهر.
ومن هنا ندرك أهمية العمل الخيري التطوعي في حماية المجتمع من انتقام المحرومين والمحتاجين وتربية الأفراد على البذل والعطاء ومشاركة الآخرين وتنمية العلاقات الأخوية التي تقوّي دعائم المجتمع الإسلامي.
ولذا، وردت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على أعمال البر التطوعية لسد الحاجة وكفاية المؤونة وتخفيف الآلام وحفظ الكرامة وحماية المجتمع من شتى الانحرافات والجرائم والآفات المختلفة. قال تعالى: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة} (البقرة 177). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أطعموا الجائع، وعودوا المريض وفكوا العاني) (رواه البخاري).
وقد وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم مفهوم البر والخير المادي إلى مفهوم معنوي أشمل لكل ما يملكه الإنسان من طاقات وقدرات وامكانات جسمية أو عقلية أو معنوية، كما في صحيح البخاري رحمه الله أن فقراء الصحابة جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور (الأغنياء) بالأجور، يصومون كما نصوم ويصلون كما نصلي ويتصدقون بفضول أموالهم وليس عندنا أموال نتصدق منها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أو ليس قد جعل الله لكم ما تتصدقون به، إنه بكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمرٌ بالمعروف صدقة ونهيٌ عن المنكر صدقة…).
وقد فتح الله عز وجل أبواباً كثيرة لعمل البر والخير لما لها من أثر ايجابي فعال على الفرد والمجتمع ومن ذلك الصدقة بفوائدها الشاملة للفرد المتصدق وصاحب الحاجة والمجتمع.
فهناك فوائد ايمانية عديدة للصدقة يعود أثرها على الفرد المتصدق، إذ تعالج الصدقة في نفس المتصدق رذائل الشح والأثرة والأنانية وتعوّده على البذل والعطاء. كما أنّ المتصدق يجد بعد إخراج صدقاته الراحة والطمأنينة والسعادة والمغفرة والسعة في الرزق وطول العمر. ثم إنّ العمل الخيري دليل على إيمان الفرد وصدق توجّهه لله عزّ وجل.
وهناك فوائد أخرى تعود على صاحب الحاجة كإحساسه بمشاركة إخوانه له في الضراء، والحفاظ على كرامة صاحب الحاجة وصيانة ماء وجهه من المذلّة والمسألة.
كما أن المجتمع يستفيد خيراً كثيراً نتيجة إعطاء الصدقات للمحتاجين والفقراء والمساكين ومن في حالهم، فمن خلال الصدقات والزكوات يمكن معالجة مشكلات الفقر والبطالة في المجتمعات الإسلامية، وإنشاء المشروعات الخيرية التي ترفع من مستوى الفقراء والمحتاجين، كما أن تأمين حاجات الفقير والمحروم وصاحب الحاجة يجنّب المجتمع الجرائم والفساد.
أ . د / زيد بن محمد الرماني
ــــ المستشار الاقتصادي
وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية