عندما نعود لأصل الكثير من المسميات نجد أننا نطلقها على غير معناها ويتضح لنا الخطأ من الصواب.
فإن التسمية الغير صحيحة قد تسبب خللاً فكرياً أو اجتماعياً بل تكون أكثر من ذلك .
كيف لا وقد سُميت الأصنام بالعزة واللات وسجد للحجر بشر ، وقال المولى سبحانه " إن هي إلا أسماء سمّيتموها "
ونذكر أيضاً أن الخمر أصبح "شراب روحي" و التقليد " انفتاح " والحضارة الفكرية " رجعية " والحرص على الاتباع " تشدد " والأمثلة على ذلك كثيرة .
وفي هذه المقالة أود التطرق لمصطلح البدو والحضر ، هل نحن نطلقها على أهلها أم هي في مفهومنا مغايرة تماماً ؟
بداية فإن الأصل في مسمى البدو هو المنشق من -البادية- وأهله أصحاب هذه البوادي المرتحلين الباحثين عن المرعى ونصب الخيام إذا أصيبوا بالقحط وغيره !
والأصل في مسمى الحضر هو المنشق من -الحاضرة- وأهلها أصحاب المدن الذين استقروا فيها وتوفر بها ما يحتاجه الإنسان فيبدأ الكف عن الارتحال وتطوير العمران والمعيشة .
أما الخطأ في مسمى البدو : هم أبناء القبيلة و في مسمى الحضر هم : الذين جاءُوا من خارج البلاد واستقروا بها
وبالمقارنة أجد أني حضري في المفهوم الأول ، ولكني بدوي في المفهوم الثاني
والحقيقة أن إبن القبيلة لا يصبح بدويًا بسبب انتسابه لقبيلة من جزيرة العرب ، وغيره ليس حضرياً لأن انتسابة من خارجها ، هذا ليس مقياس ، فلا يوجد من هو على وجه الأرض ليس له قبيلة و نسب - فكلنا لآدم وآدم من تراب .
وقد جعلنا الله كذلك شعوباً وقبائل ما بين حاضرة وبادية وعدة ثقافات لنتعارف ويستفيد كل منا بإيجابيات الآخر ..
ونذكر من السيرة مولد سيدنا وحبيبنا صلّى الله عليه وسلم في حاضرة مكة ، ثم أُرسل إلى مرضعته حليمة رضي الله عنها في البادية ، فقد كانت العرب تفعل ذلك لأن البادية أصح نشأة للطفل من حيث العلم والقوة البدنية والفصاحة
ولو لاحظت ذلك في زماننا فإن أهل الحاضرة يدمجون لهجات أصلها غير عربي في حديثهم بخلاف أهل البادية وفصاحتهم
بينما ترى أهل الحاضرة يهتمون بالمعرفة وتعدد المجالات بخلاف أهل البادية الذين يعتمد أكثرهم على فطرته السليمة وحياته البسيطة .
في كلٍ من البادية والحاضرة كانتا داخل المملكة أو خارجها إيجابيات وسلبيات ، وتبادل الفائدة هو أساس ذلك .
وحتى لا نعوم في أخطاء التمييز فالذات لا تُصنف وإنما البيئة وعلينا إعادة ضبط المسميات .