هناك حقيقة هامة تغيب عنا في أحيان كثيرة ، و هي تراكم الأفعال مع مرور الوقت ، إنه مبدأ نافع للغاية يجب وضعه في عين الاعتبار .
منذ عدة سنوات مضت مات رجل كان قد بقي على مدى سنوات يعمل في أسكتلندا و كان يسير عدة أميال يومياً ذهاباً و إياباً من عمله .
مُنذ أن كان شاباً صغيراً ، أكتسب عادة الاهتمام بالأشجار فبدأ يجمع الحبوب و يزرعها ؛ في كل يوم كان يزرع شجرة أثناء عبوره في مرتفع خاو في طريقه إلى العمل ، وعندما مات الرجل كان قد زرع غابة من الأشجار .
وذاك غلام صغير بدأ يُدخن عندما قدم له أصدقاؤه أول سيجارة خلف موقف السيارات في المدرسة ، أشعرته السيجارة بالنضج الشديد ؛ وعلى الرغم من أنه في بداية الأمر لم يكن معجباً بمذاقها فقد بدأ بالتدرج يعتادهاً ، و زاد معدل تدخينه من سيجارة واحدة بصحبة أصدقائه إلى عدة سجائر في اليوم .
وبعد مرور عام زاد استهلاكه ليصبح علبة كاملة ، ثم علبتين أو أكثر إن كان يواجه ضغوطاً ، و مع بلوغه الخمسين ، كان يستهلك ثلاث علب من التبغ يومياً ، و كان يعاني من أعراض بإصابته بسرطان الرئة .
كيف حدث ذلك ..؟؟
إن أي نمط سلوكي ينشط عن طريق تكرار سلوك أو تسلسل سلوك معين ربما عدة مئات أو حتى عدة آلاف من المرات .
إن أي تغيـير في النمط يمكن أن يكون نمطاً أو عادة في ذاته شريطة تكراره هو الآخر .
فما نكرره مرة واحدة يومياً على مدى عدة أيام سوف يتحول إلى عادة ، لذا يمكن خلق العادات الطيبة من خلال ممارستها مرة واحدة يومياً على مدى أيام .
ما أكثر العادات الجميلة والأنماط الحسنة التي تلاشت من مجتمعاتنا بتهميشها والتغافل عنها أو انتقاصها في نظر البعض وعدم زرعها في أبنائه أو حتى ممارستها ولو بشكل متقطع حتى تهاوت أركانها وانتثرت أثارها وأصبحت عبئاً ثقيلاً علينا مهما حاولنا أن نتمثل بها.
بل أصبحت نمطاً لتهكم والسخرية رغم إحساسنا الداخلي بأنها شيء عظيم!
ومع هذا نتباكاء عليها أو نذكرها مجازاً بكلمة فيها شيء من التهكم ( راح زمن الطيبين )!
السنا نحن طيبين كذلك ؟
أو ان الطيب في بعض أشكاله وبساطته أصبح رجعياً تخلفياً؟
وفي المقابل ما أكثر السلبيات في حياتنا التي أكسبناها بالممارسة والتكرر أو التقليد الأعمى حتى أصبحت عاده وجزئية من حياتنا اليومية يصعب الفكاك منها رغم علمنا التام وإدراكنا العام بسلبيتها ومايترتب على مجتمعنا جرائها!
بل انه نشأ عن تكرار ممارستها وتغلغلها بين طيات عاداتنا سلوكاً يدعو لتفاخر في بعض الأحيان !!!
حتى أن سن القوانين والأنظمة للحد من ممارسة تلك السلوكيات السلبية أصبح مصدر يقلقنا ويقض مضاجعنا ؟!
دمتم بحب ...
التعليقات 3
3 pings
ابو عمر
13/10/2016 في 9:26 م[3] رابط التعليق
جزاك الله خير يا ابا احمد قلم سيال ومقالات متميزه اسأل الله لك التوفيق
(0)
(0)
طلال
13/10/2016 في 9:31 م[3] رابط التعليق
مقال رائع جدآ
(0)
(0)
محمد بن جهز
14/10/2016 في 8:40 ص[3] رابط التعليق
ابو عمر — طلال
أسعدني مروركما الأروع والأجمل انتما لكم خالص التقدير ..
??
(0)
(0)