توصلت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس إلى مواصفة قياسية جديدة لمنتج الحديد المجلفن بالتغطيس على الساخن ومنتج الحديد الملون المطلي بأصباغ الدهانات وذلك بهدف فرض ضوابط فنية تمنع دخول منتجات رديئة ومخالفة للمواصفات المعتمدة قد تضر بالمشاريع الوطنية والصحة العامة حيث من المقرر البدء بالعمل بهذه المواصفة اعتباراً من شهر ديسمبر لجميع المنتجات سواء المصنّعة محلياً أو المستوردة من الخارج.
كما ويأتي هذا الإجراء النظامي الحاسم تصحيحاً ومنعاً لأي إغراق جائر موقفاً كل التداعيات السلبية التي تسببت بها هذه الواردات من منتجات الحديد الملون والمجلفن التي امتلأت بها السوق المحلية وسببت خسائر فادحة للمصانع والشركات الوطنية الملتزمة بالمعايير والمواصفات الدولية، إضافة إلى وقف أضرارها على الصحة والبيئة حيث يحتوي بعضها على مواد ضارة.
وكانت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة قد أبلغت منظمة التجارة العالمية في 6 يونيو بتفاصيل المواصفات الفنية القياسية الجديدة لمنتجات مسطحات الحديد المجلفن بالتغطيس على الساخن ومسطحات الحديد الملون، وطلبت من الأطراف المعنيين تقديم ملاحظاتهم خلال ستين يومًا.
في مجال منتجات الحديد المجلفن بالتغطيس على الساخن التي تخضع للمواصفة الأمريكية الدولية ASTM A653/A653M-15 أضافت المواصفة القياسية الوطنية السعودية الجديدة عليها تعديلات هامة مثل وضع حد أدنى ملزم لطبقة الزنك المطلية على الحديد المجلفن لا تقل عن (G20/Z60) وهو ما يعادل 60 جرام لكل متر مربع بعد أن كانت طبقة الزنك بلا حد أدنى (G01/Z001). كما وأكدت المواصفة القياسية السعودية الجديدة على التعديل الأخير الذي تم على المواصفة الأمريكية بوضع حد آمن لاستخدام مادة الرصاص في الزنك وبحيث لا تتجاوز 90 ملجرام لكل كيلوجرام.
كما ألزمت المواصفة القياسية الجديدة لمسطحات الحديد المجلفن أيضًا بكتابة بيانات كتلة طلاء الزنك، والسماكة الإسمية للوح، ومقياس الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة والجمعية الأمريكية للفحص والمواد، واسم الشركة المنتجة، وبلد الصنع على كل مترين طولي من الصاج بالحبر الدائم غير القابل للمحو (غير القابل للتحلل في الماء). ويسري ذلك ويسري ذلك على لفائف الحديد المجلفنة المشرّحة والألواح.
وفي مجال منتج مسطحات الحديد الملون المباع في المملكة واستخداماته في منتجات البناء الخارجية المعرّضة للعوامل المناخية فإنه لا بد وأن يكون مطابقًا لمقياس ASTM A755/A755M-15 مع التعديلات السعودية الجديدة عليه والتي ألزمت أن لا يقل الحد الأدنى لطبقة الزنك عن G30/Z90 (90 جرام للمتر المربع)، وأن لا تتجاوز مادة الرصاص في الدهانات المستخدمة بطلاء صاج الحديد 90 ملجرام لكل كيلوجرام. كما ألزمت المواصفة القياسية الجديدة لمسطحات الحديد الملون أيضًا بكتابة بيانات كتلة طلاء الزنك، والسماكة الإسمية للوح، وسماكة طبقة الدهان، ومقياس الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة والجمعية الأمريكية للفحص والمواد، واسم الشركة المنتجة، وبلد الصنع على كل متر طولي من الصاج بالحبر الدائم غير القابل للمحو (غير القابل للتحلل في الماء). ويسري ذلك على لفائف الحديد الملونة المشرّحة والألواح.
وفي ذات السياق وبصورة إيجابية فتحت دول مجلس التعاون تحقيقا وقائيا يعد الأول من نوعه في قضية زيادة الواردات من منتج مسطحات الحديد الملونة وبشكل جماعي، حيث تم إخطار منظمة التجارة العالمية بهذا التحقيق وذلك بموجب القانون الموحد لمكافحة الإغراق والتدابير التعويضية والوقائية والذي نُشر على موقع المنظمة الرسمي.
ويأتي هذا التحقيق استجابةً لطلب تقدمت به إحدى الشركات الوطنية السعودية المتخصصة بإنتاج مسطحات الحديد الملون والمجلفن والملتزمة بالمعايير والمواصفات للتصدي لهذا التعدي الجائر على الصناعة الوطنية والعبث بها من خلال فرط غير مبرر للواردات التي لا تطبق أغلبها الحد الأدنى من المواصفات العالمية والمحلية.
هذا وقد أشاد معالي وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي في وقت سابق بهذه الخطوة المباركة للمبادرة الجماعية لدول مجلس التعاون في فتح التحقيقات لمواجهة الممارسات غير العادلة بالتجارة الدولية مما يدل فعلا على وحدة دول مجلس التعاون في إقرار مبدأ التجارة العادلة ومكافحة الممارسات الضارة بالتجارة الدولية التي تضر بالمنتجين وتدفع الضرر عنهم، وسيكون ناتجه الفعلي الحماية للأسواق الخليجية والوطنية من هذه المنتجات كما أنه يؤدي إلى توطين الاستثمارات الإنتاجية وهو ما يتفق مع رؤية المملكة 2030 .
محللون ذكروا بأن هذا الاجراء الإيجابي لتحديد المواصفة واعتمادها والحاجة إليها يؤكد تلك الحقائق العلمية والمداولات التي جرت قبل ستة أشهر مضت بمؤتمر الحديد والصلب المقام في مدينة دبي واستمر لثلاثة أيام تجاوز حضوره 850 شخصاَ من المختصين والخبراء والتي جمعت عدد من المدراء التنفيذيين ورؤساء مجالس شركات الحديد والصلب في العالم والخليج والمملكة تناولت عدة محاور رئيسة اعتمدت في طرحها على مبدأ الشفافية والصراحة لمعالجة واقع الأزمة التي تعاني منها بعض الشركات الوطنية والخليجية من حالة الإغراق غير المبرر للحديد الصيني وغزوه بشراهة السوق السعودية والخليجية، حيث تناول المؤتمر بالأرقام والحقائق حالة واردات منتجات الحديد للسوق الخليجية التي انتفت في أغلبها أقصى معايير المواصفات العالمية وأثرها على المستهلك النهائي صحياً وبيئيأ، وما طال أثره على الصناعة المحلية سلبا حيث طالب المؤتمر حينها بتفعيل الحلول المقترحة للمعالجة الفعلية وعدم تعليقها مع وضع التوصيف الحقيقي لحالة وواقع السوق خاصة المحلي والخليجي منه لا سيما أن هناك منتجات مستوردة في هذه الصناعة تعبث بحال السوق وتخلف ضررا بالغا يقتضي التدخل الحكومي من قبل الجهات المعنية لوقف الاستيراد المفرط لهذه المنتجات وإخضاعها للمواصفات العالمية ومنع دخولها إلا بعد تحقيق التطبيقات الفنية في هذا الخصوص.
وقد كشفت إحدى الشركات المحلية الوطنية في دراسة قدمتها للمسؤولين عدة مخاطر لمادة الرصاص التي ثبت وجودها في العديد من منتجات الحديد المجلفن والملون المستوردة وأثرها على الصحة العامة، حيث تُعد السوق المحلية مرتعاً خصباً لواردات مسطحات وألواح صاج الحديد المطلية بالدهانات أو بمادة الزنك التي تحتوي على نسب غير آمنة من مادة الرصاص وذلك بسبب الافتقار لضوابط الرقابة الصارمة على المستوردات وعدم إخضاعها إلى الفحوصات المخبرية اللازمة للتحقق من مدى أمانها ومطابقتها للمواصفات العالمية، حيث تم فحص مسطحات صاج حديد مجلفنة وملونة مستوردة في عدة مختبرات وطنية مستقلة أكدت نتائجها على أن الصاج الملون المستورد والذي ينتهي استخدامه غالباً على شكل ما يعرف بصاج الشينكو يحتوي على نسب رصاص عالية حداً تتجاوز الحد الآمن بـ 50 ضعفاً، وكذلك أكدت الفحوصات على أن الصاج المجلفن المستورد يحتوي على نسبة رصاص تتجاوز الحد الآمن بعشرة أضعاف، وهذا عوضاً عن مخالفات صريحة في المواصفات العالمية لمكونات الصاج المجلفن والملون المستورد مثل احتوائها على كميات زنك تقل كثيراً عن متطلبات المواصفة العالمية، ومن المعروف أن كمية الزنك على الصاج هي العامل الأهم على الإطلاق في حمايته من الصدأ، وتقليلها يضعف كفاءة الصاج المجلفن والملون ويؤثر على بنية المشاريع الوطنية والسلامة العامة فيها، كما وأثبتت الفحوصات أن سماكات الصاج المستورد المعلنة تقل عن سماكتها الحقيقية وهو ما يصب في باب الغش التجاري.
وعوضاً عن الحماية التي ستتحقق للصناعة الوطنية الخليجية وإرساء قواعد المنافسة العادلة فيما لو انتهى التحقيق بأضرار الواردات إلى فرض مجلس التعاون رسوم وقائية على واردات الحديد الملون للسوق الخليجية، فإنه من البديهي أيضاً أن المواصفات القياسية السعودية الجديدة لهذه المنتجات ستعمل من جانب آخر على ضبط نوعية الواردات وحماية المشاريع الوطنية والمستهلكين والصحة العامة، وستساعد على إعادة توازن السوق المحلية، ولكن تحقيق كل ذلك يتوقف على التطبيق الدقيق لضوابط المواصفات الجديدة من قبل كافة الأطراف المعنية وبالذات وزارة التجارة ومصلحة الجمارك العامة إضافة إلى الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة.