عقدت الجلسة الثانية من ملتقى حاتم الطائي “الدولي” الثالث الذي ينظمه نادي حائل الأدبي الثقافي لمدة ثلاثة أيام، تحت عنوان “الملك المؤسس في الأدب العربي” وجاءت الجلسة الثانية بعنوان “الملك المؤسس في الشعر العربي” وترأست الجلسة الدكتورة نوف السالم التي رحبت بالحضور قبل أن تقدم نبذة تعريفية عن المشاركين بالجلسة التي افتتحها الدكتور محمد عبدالرحمن الربيّع المشرف على موسوعة الملك عبد العزيز للشعر العربي وقدم عرضًا تعريفيًا عن الموسوعة، وقال: “موسوعة الملك عبد العزيز في الشعر العربي” عمل موسوعي ضخم أنجزته دارة الملك عبد العزيز حيث تمّ جمع وتوثيق ما قيل عن الملك عبد العزيز في الشعر العربي. وتطرق الربيّع في ورقته إلى التعريف بمكانة المؤسس في وجدان الشعراء العرب، مبينا أن دافع الشعراء في مدح المؤسس هو الإعجاب بالشخصية العبقرية. وأوضح: بدأت فكرة الموسوعة عندما عرضت على الدارة هذا المشروع الذي يتمثل بجمع ما قيل عن الملك عبدالعزيز من شعر، فعرض على مجلس الإدارة الذي يرأسه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ أن كان أمير للرياض ووافق ورحب بهذه الفكرة انطلاقا من اهتمامه المعروف بالتاريخ.
وتحدث الربيّع عن أهداف موسوعة الملك عبدالعزيز للشعر العربي التي يأتي أولها جمع كل ما قيل عن الملك عبدالعزيز من شعر، ثم تنقيحه وشرح الغير واضح من إشاراته وعباراته، وثالثا التعريف بالشعراء، وتعريف الأجيال بتاريخ الملك المؤسس وإصلاحاته ومواقفه من خلال الشعر، والكشف عن مكانة الملك عبدالعزيز في إبداع الشعراء. مشيرا إلى عناصر جمع الشعر وهي جمع النصوص الشعرية الموجودة في الدواوين والجرائد والمجلات، ووضع عنوان للقصيدة، وتحديد بحرها، ومناسبتها وتاريخها والتعريف الموجز بقائلها، ومصادر النص.
وأبان الربيّع: قسمت الموسوعة إلى ثلاثة أقسام القسم الأول للشعر الفصيح، والقسم الثاني للشعر العامي، والقسم الثالث للملاحم الشعرية الكبرى، وكان أمامنا ثلاثة أساليب لترتيب الموسوعة إمّا أن نرتبها بحسب الشعراء، أو حسب القوافي، أو حسب الأحداث التاريخية، ونحن حاولنا الجمع بين مزايا الأساليب الثلاثة واخترنا الأسلوب الأول في هذه المرحلة لأننا في مرحلة الجمع. وكشف الربيع عن جمعهم قصائد لأكثر من 300 شاعر 196 منهم شعراء فصيح، فيما وصلت عدد القصائد الفصيحة المجموعة حتى الآن إلى 583 قصيدة بها أكثر من عشرين ألف بيت شعري.
فيما تحدثت الدكتورة مريم عبدالله الغامدي الأستاذ المساعد بجامعة أبها عن رصد الشعراء المعاصرين للملك عبد العزيز لقيمة الأمن وتسجيل انطباعاتهم حول هذا الإنجاز الأمني، وقالت: من مرتكزات الحكم السعودي الأساس إشاعة الأمن الذي افتقدته الجزيرة العربية ردحاً من الزمن، فقد كان المواطنون يعانون كثيراً من فقدان الأمن، وكذا كل من دخل هذه البلاد، حاجاً، أو معتمراً، أو سائحاً أو زائراً، وأن فقدان الأمن والاستقرار يفقد الأمة أهم مقومات حياتها، ويعد الأمن الذي يسّره الملك عبد العزيز لرعاياه النعمةُ الكُبرى التي أظلت أرجاء مملكته، وما نزال نتمتع بثماره حّتى الآن. وشددت: لا يخفى على أحدٍ ما عانته البلاد قبل التوحيد، فقد عاشت معظم القبائل في فتن ومنازعات وغارات واعتداءات وفوضى، وتبدل كل ذلك إلى أمن وطمأنينة واستقرار على يد الملك عبد العزيز.
والحديث عن ذلك العهد الغابر بما فيه من مآس، وسلب ونهب وفتك أضحى مؤلماً أشد الألم،
لا تذكروا لي سالفاً من عهدكم فدموعنا من ذكره تتحدّر
وأكملت الغامدي: كان إصرار الملك عبد العزيز على استتباب الأمن في هذه البلاد المترامية الأطراف، محل الإعجاب والإكبار في نفوس الناس، وحسبنا أن نتلمس تركيز الشعراء على أهمية الأمن والأمان الذي حققه الملك عبد العزيز، بعد الخوف والاضطراب، فانقلبت شؤون هذه البلاد بما وفقه الله إليه، وبما أسداه لشعبه من نعمة الأمن، والذين يفدون إلى الديار المقدسة ويؤدون حجهم في هدوء وطمأنينة دون أن يتعرضوا للأذى يتذكرون ما كانت عليه البلاد، وما كان يلاقيه الحجاج من قتل ونهب، ويروي لنا بعض الحجاج الوافدين أن فريضة الحج كانت فيما مضى ضرباً من الاستشهاد، يودع الحاج أهله ويودعونه، كأنه ذاهب إلى غير رجعة، وكانت الطرق شاقة غير مأمونة، وكانت عصابات البدو تُغير على قوافل الحجاج، فتُعمل فيهم القتل والنهب، ولما استتب الأمر في يد الملك عبد العزيز، استتب الأمن في طول الصحراء وعرضها، فأصبحت الصحراء أكثر أماناً من أية مدينة في العالم. مستشهدة بعدد من القصائد والأبيات التي تصف الأمن بهذه البلاد بعد التوحيد.
واستعرضت الدكتورة منى محمد زكي الأستاذ المشارك وعضو هيئة التدريس بجامعة حائل بحثها الذي كان تحت عنوان “تقنيات السرد في قصيدة إلى سماء الجزيرة” وهي قصيدة للشاعر المصري الشريف محمود عبدالعاطي وموضوعها رثاء للملك عبدالعزيز وتهنئة للملك سعود بن عبدالعزيز بتولي زمام الحكم عقب وفاة أبيه وأذيعت في إذاعة صوت أمريكا. وقالت الدكتورة منى: البحث عبارة عن دراسة لتقنيات السرد المتنوعة المتظافرة مع جمال وروعة الأسلوب لتبيان طبيعة المرثي الفذة وأخلاقياته، ومن هذه التقنيات الحوار الذي صاغه الشاعر على لسان الشخصية (البطل) وشاهدي الحدث (المنولوج الدرامي) حيث روى الشاعر بصوت بطلة القصة بالفعل الماضي، وتقدم الحدث بالفعل المضارع وبأسلوب وزمن دراميين.
وأضافت: كذلك الدورة الزمنية الكاملة التي تبدأ بالنهاية (وفاة الملك) من خلال استخدام تقنية الاسترجاع وكذلك تقنية إجمال المدة الزمنية أو ما يسمى بالتلخيص في سرده للأحداث وهو شكل من أشكال السرد، كما تم استخدام تقنية الاستباق أو ما يسمى التنبؤ وبخاصة في جزء التهنئة الخاص بالملك سعود، وتقنية الوقفة وبخاصة الوقفات التعليقية التي تدخّل بها الشاعر للتعليق على الأحداث ليستخلص الحكمة.