طور العلماء محركاً كهرومغناطيسياً خالياً من الوقود، يمكن أن ينقل البشر إلى النجوم وإلى كوكب المريخ خلال أيام فقط. وأطلق العلماء على المحرك اسم «إي إم درايف»، ويمكنه أن يولد قوة دفع من خلال اندفاع أمواج الميكروويف القصيرة في غرفة مغلقة باستخدام الطاقة الشمسية فقط.
ويعتقد العلماء أنه يمكن استخدام المحرك الخالي من الوقود في رحلات تتوغل في أعماق الفضاء. إلا أن الكثير منهم يجادلون بأن تصميم المحرك لا يتناسب مع القوانين الفيزيائية، لا سيما قانون الحفاظ على التسارع.
القوانين الفيزيائية
ويشير العلماء إلى أن فكرة المحرك الجديد في غاية البساطة، وهو يوفر قوة دفع للطائرات، ويطلق إشعاعات من حوله على شكل موجات. وبفضل خلايا إنتاج الطاقة الكهرومغناطيسية الناجمة عن الشمس، تستغني المركبة الفضائية المركب بها المحرك عن الوقود.
وتتعدد تطبيقات هذا المحرك بشكل كبير. فعلى سبيل المثال، يمكن تقليص حجم الأقمار الاصطناعية إلى نصف حجم الأقمار الاصطناعية الحالية، لأنها لا تحتاج إلى صهاريج لحمل الوقود على متنها.
طبيعة المحرك الخالي من الوقود قد تعني أنه قد ينتج قوة دفع من دون وجود قوة معاكسة ومساوية بحسب قانون نيوتن الثالث. وأشارت مجلة «بزنس تايم» الدولية إلى أن وكالة «ناسا» ستجري مزيداً من التغييرات على هذا التصميم.
وقال بول مارك، أحد أعضاء فريق «إم درايف»، إن مختبرات «إيغل وركس» لاتزال منهمكة في إجراء التجارب. وفي ديسمبر الماضي كشف الفريق عن أول تعديل أجراه بشأن المحرك.
وفي هذه الأثناء أوضح مارك أن وكالة «ناسا» تمكنت من إزالة بعض الأعطال التي ظهرت في الاختبارات الأولية، ولكنها لاتزال تجري بحوثاً على الأعطال الأخرى.
ومن بين الانتقادات التي وجهت إلى الاختبارات التي أجريت في السابق، أنها لم تتم في الفراغ، وهذا يعاكس الظروف الموجودة في الفضاء.
وأشار الخبراء إلى أن قوة الدفع تنتج من خلال قوة فيزيائية معروفة، تدعى قوة «لورنتز»، وهي تولد المجال المغناطيسي في مجال الشحنات الكهربائية المتحركة.
وقال العلماء: «لقد طورنا الجيل الثاني من هذه المحركات، والتي يوجد بها غالق المثبط المغناطيسي، والذي يقلل من تشتت المجالات المغناطيسية».
تكثيف المجالات المغناطيسية وتقليل تشتت الطاقة لا ينتج طاقة أقل من حجم طاقة «لورنتز» المنتجة. وقد نشأت فكرة المحرك الجديد بسبب الحاجة إلى زيادة سرعة وصول رواد الفضاء إلى الكواكب.
وأشار الخبراء إلى أنه في آخر التطورات التي طرأت على التجارب، تم أخذ التمدد الحراري بعين الاعتبار لتقليل جميع الأخطاء الممكنة. ولكن لاتزال هناك تهديدات تواجه تطوير هذه الأجهزة. ولا يستطيع الباحثون التكهن بما قد يحدث.
وقد يسمح لنظام النقل الجوي المطور هذا بنقل رواد الفضاء بسرعة الضوء، والتي لم تشاهد حتى اليوم إلا في الخيال العلمي وفي تطبيقات اكتشاف الفضاء الأخرى.
سرعة وكفاءة
وقال الباحثون إن المحرك الجديد المطور سيمكن الطائرات من حمل الركاب ومعداتهم إلى القمر خلال ساعات قليلة فقط، أو إلى المريخ خلال عشرة أيام فقط. ويشير العلماء إلى أن إجراء رحلة واحدة إلى كويكب ألفا على سبيل المثال، قد تستغرق آلاف السنوات في السرعات الحالية لمركبات الفضاء، ولكن يمكن الوصول إلى هذا الكويكب خلال 100 عام فقط. ونظراً لأن المركبات الفضائية مزودة بمعدات للطاقة الشمسية، فإن ذلك سيعمل على تحسين أدائها.
ويستند النظام إلى محرك كهرومغناطيسي، أو محرك «إي إم درايف» الذي يحول الطاقة الإلكترونية إلى قوة دفع من دون الحاجة إلى وجود قدرة صاروخية. وبينما ساورت العلماء بعض الشكوك حيال فاعلية المحرك الجديد، كشفت وكالة «ناسا» عن نتائج اختبارها، والتي بينت أن المحرك يعمل بقوة الدفع. وأشار علماء إلى نجاح عملية تشغيل المحرك الجديد.
وعرض مارتن تاجمار، أستاذ ورئيس أنظمة الفضاء في جامعة «دريسدن» للتقنية، ورقة بحثية عن المؤسسة الأميركية عن الملاحة الجوية والفضائية والطاقة في إيطاليا، وكتب قائلاً: «سيتم عرض الاختبارات التي أجريت لدراسة التفاعل بين خطوط تغذية الطاقة المستخدمة في الاتصالات».
وعلى الرغم من ذلك، لايزال العلماء يبحثون في حجم التوقعات الفعلية بعد القضاء على العديد من مصادر الخطأ المحتملة التي يجب أن تستدعي مزيداً من التحقيق في الظواهر الفيزيائية. وأشار العلماء إلى أن الخطوة التالية ستتضمن حجب الطاقة المغناطيسية بنوع من الدروع المعدنية القوية. وستجرى اختبارات جديدة في الفضاء في حالة من انعدام الجاذبية.
وكان باحثون من الولايات المتحدة وبريطانيا، قد استنتجوا خلال العقود القليلة الماضية، أن المحركات الخالية من الوقود مثيرة للجدل بالنظر إلى عدم اختبارها بصورة عملية.
مجال معاكس
عندما طرح العالم جان روجر عام 2000 فكرته بشأن المحرك الجديد، كان الفريق الوحيد الذي أخذه على محمل الجد هو مجموعة من العلماء الصينيين. وفي عام 2009 أنتج الفريق ذاته 720 ملي نيوتن من قوة الدفع الكافية لإطلاق قمر اصطناعي.
وقال علماء الفيزياء إن الجسيمات الموجودة في الفراغ الكوني ليست متأينة، وبالتالي لا يمكن توليد مجال من الطاقة معاكس لها. إلا أن اختبارات «ناسا» الأخيرة أثبتت عكس ذلك الأمر. وولد نموذج الطاقة الأخير في «ناسا» كميات أقل من قوة الدفع تتراوح بين 30 و50 ميكرونيوتن.