كشف مجلس أمناء جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، عن الأرقام الرسمية للدورة الخامسة للجائزة والتي امتدت فعالياتها لتثري عوالم الإبداع بـ”الصورة” على مدار عام كامل تحت عنوان رئيسي نهلت من مضمونه جميع الصور المشاركة وهو “السعادة” ، حيث شهدت هذه الدورة نسبة قياسية تعد الأكبر مقارنة بالدورات السابقة، من خلال استقبالها 80,420 صورة من 32,712 مصور ينتمون لـ17 دولة حول العالم.
وتوزعت الأعمال الفوتوغرافية المشاركة على أربعة محاور مختلفة هي المحور الرئيسي “السعادة” ومحور “الأب والابن” ومحور “الحياة البرية” بالإضافة للمحور العام، حيث يمثل كل محور من تلك المحاور، فئة مستقلة تستوعب منافسات المصورين التي ابدعوها في سياق مدلوله، وفق رؤاهم الذاتية.
وسيكون أصحاب “الفن الرفيع”، وهم الفائزون بجوائز الدورة الخامسة من مختلف محاور الجائزة، لليلة الاحتفاء والتكريم الكبرى، حيث من المقرر الإعلان عن أسماء الفائزين في المحاور الأربعة وتكريمهم في الحفل السنوي الخامس للجائزة، والذي سيُقام برعاية وحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، وليّ عهد دبي رئيس المجلس التنفيذيّ راعي الجائزة، يوم الإثنين 14 مارس 2016 في حديقة البرج وسط مدينة دبي.
وفيما يتعلق بالبيانات الإحصائية للموسم الخامس، قال معالي عبد الرحمن بن محمد العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع، رئيس مجلس أمناء الجائزة: خلال مسيرة الأعوام الخمسة نجحت الجائزة في صناعة الفوارق وتقديم القيمة الفنية الثمينة لمجتمعات المصورين، ولكن على مشارف الدورة السادسة فقد اعتبر الإعلاميين والمراقبون أن الجائزة أنشأت مجتمعها الخاص من خلال تعاظم جمهورها ومتابعيها على اختلاف ثقافاتهم وتنوّع مشاربهم، والذين عَبَروا عدة مراحل معرفيّة ومهاريّة بفضل عطاءات الجائزة المتنوّعة والنوعية.
واشاد سعادة سعيد محمد النابوده، المدير العام بالإنابة لهيئة دبي للثقافة والفنون، نائب رئيس مجلس أمناء الجائزة، بالعلاقة الوطيدة التي باتت تربط الجائزة بمجتمعات المصورين، ومدى الثقة المتبادلة بين الطرفين، والتي أثرت مجتمعات المصورين وأشعلت جذوة الحماسة والنشاط فيهم، كما أنهم باتوا يرون في الجائزة الداعم الأول والشريك في كافة نجاحاتهم وهذا النوع من العلاقات ليس من السهل على أي مؤسسةٍ بناؤه في فترةٍ وجيزة.
في هذا السياق أثنى الأمين العام للجائزة علي خليفة بن ثالث على نجاح الجائزة في الوصول إلى آفاق بعيدة، سواء من حيث العدد القياسي للدول المشاركة، أو مبدعي الصورة أنفسهم، فضلاً عن القيمة الفنية للمشاركات، مضيفاً: استنارةً برؤية سمو ولي عهد دبي راعي الجائزة، منذ البداية عملنا في الجائزة بعقلية الفريق الطموحة المثابرة التي لا تقنع إلا بدوام التطوّر والارتقاء، ونحن سعداء بانتشار الرقعة الجغرافية للجائزة وصولاً لـ173 دولة واستقطابها المتزايد للمحترفين والهواة، ويبدو هذا جليّاً في أن 66% من المشاركين هذه الدورة يشاركون للمرة الأولى، ممّا يعني اتساع مساحة المنافسة وصناعة المزيد من فرص الفوز.
وأكدت الأمين العام المساعد للجائزة، سحر الزارعي، فخرها بمدلولات الأرقام والإحصاءات التي تكشف حصاد النقلات النوعية التي تضيفها الجائزة لسجّلها المشرّف كل عام، وأضافت: في مارس من كل عام تتوجّه أنظار العالم إلى دبي وتحديداً للحفل الختامي لمعرفة هوية الفائزين، احتفالية العام الخامس لها طعمٌ خاص بجانب أحد أبرز معالم العالم “برج خليفة” وسط مدينة دبي، تزامناً مع إطلاق النسخة الثانية من منتدى دبي للصورة الذي أصبح منصة فكرية وثقافية تتوق لها مجتمعات المصورين الدولية بعد النجاح والشعبية الكبيرة للنسخة الأولى من المنتدى العام الماضي.
آراء أعضاء مجلس الأمناء
واعتبر مدير الاتصال والإعلام في مكتب سمو ولي عهد دبي، وعضو مجلس أمناء الجائزة، الشاعر ماجد عبدالرحمن البستكي أن الجائزة حقّقت الكثير من الإنجازات في الأعوام الخمسة الأولى مشيراً إلى أنها رغم ذلك لا تزال في البداية، وأن الأفق لا يزال مفتوحاً لمضاعفة الانجازات، لا سيما وأن مبدعي الصورة حول العالم يتوقعون المزيد من الانجازات التي لا تحدها خطوط لأن تتحقق من خلال ريادة الجائزة لمشهد الإبداع في مجال “الصورة” .
ورأى الفنان التشكيلي والنحّات والمصور، عضو مجلس أمناء الجائزة، مطر بن لاحج، فقد أن الجائزة وصلت لجميع من يبحث عن فرصٍ حقيقية للفوز والنمو والتطوّر، لكنها تطمح لتطوير القيمة التي تضيفها لجميع عشّاق التصوير حول العالم من هواةٍ ومحترفين، لقد أصبحت من أهم الأسماء الفوتوغرافية بالفعل لكن هذا لا يُرضي طموحها الذي يتمدّد عاماً بعد عام.
وقال مدير عام قنوات مؤسسة دبي للإعلام وعضو مجلس أمناء الجائزة، أحمد المنصوري: من يتابع مسيرة الجائزة يدرك أن التوسّع بخطواتٍ صلبةٍ واثقةٍ ليس بالمهمة السهلة خاصة في عالم صناعة التصوير الضوئي والذي يشهد منافسةً شديدة اعتماداً على الانتشار الهائل لمفهوم التصوير بشكلٍ عام. نراها اليوم وقد لعبت دوراً جوهرياً في تأسيس ثقافةٍ بصريةٍ أصيلةٍ في المنطقة ودعمت مجتمعات المصورين بأدواتٍ احترافيةٍ قيّمة ما يجعلها خارج نطاق المنافسة تماماً.
من جانبه قال المصور العالمي وعضو مجلس أمناء الجائزة، هنري دالال إن الجائزة أصبحت هدفاً أساسياً لأفضل الأعمال المنجزة خلال العام، إذ أن نسبةً متزايدة من نخبة المصورين العالميين تنتقي أجود أعمالها للمشاركة في محاور الجائزة المختلفة وهذا يلقي بظلاله على مستوى الصور المشاركة والفائزة معاً، وهذا لا يقلّل بالطبع من قيمة أعمال الهواة والتي تلعب دوماً دور الحصان الأسود وتفجّر المفاجآت.
آراء المحكّمين
قالت عضو لجنة تحكيم الدورة الخامسة للجائزة، ماجي ستيبر، إن الجائزة باتت من أهم النماذج العالمية المتميّزة للاحتفاء بالصورة والمصورين واحتفالها السنوي حجز بمكانه بقوة ضمن الأجندة الفنية العالمية، وأن صداها وصل لكافة أصقاع الأرض وبات حلم الفوز بأحد محاورها يداعب مخيّلة المصورين بكافة مستوياتهم. المصور الشهير والمحكّم مايكل ياماشيتا وصف تجربته بقوله: إن تجربتنا في العمل مع الجائزة في مجال التحكيم يُمكن تلخيصها في كلمةٍ واحدة: الجودة. أما مصور الحياة البرية وعضو لجنة التحكيم فرانس لانتينج فقال: أقدّر الجهود الكبيرة للجائزة وكلي يقين بأن المنافسة ستكون على أشدّها في ظل معايير فنية عالية تنتهجها الجائزة لإنجاح الحفل الختامي الذي يمكن تصنيفه ضمن أهم أحداث التصوير الكبرى في العالم.
الجوائز الخاصة
منحت جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، الجائزة التقديرية للمصور الكندي ذو الأصول اللبنانية “أوسكار متري” لالتزامه الممتد بخدمة وتعزيز فن التصوير طوال حياته المهنية المميزّة التي بدأها بالعمل في قسم التصوير الفوتوغرافي عام 1952 في دور النشر والطباعة في القاهرة. وفي عام 1956، حصل على دبلومٍ تخصّصيّ من معهد باريس للفنون في مجالي الصور والشرائح الملوّنة. ولقد تبلورت معالم حياته المهنية حينما تبنّى مجال التصوير الوثائقي مما جعله مؤهّلاً للعمل كمصورٍ رئيسيّ في مجلة “العربي” الثقافية والتي كانت ذات شعبيةٍ واسعةٍ عام 1960. وكان لفترة التدريب التي قضاها في مجلة ناشيونال جيوغرافيك في واشنطن الأثر الأكبر في اكتسابه خبرةً عاليةً في مجال التصوير الصحفي.
غطّت أفلام متري الصحفية العديد من بلدان آسيا وأفريقيا خلال رحلته في الصحراء بين جبل الأطلس الكبير والمغرب، والتي كانت بمثابة فرصةٍ كبيرةٍ له لاستكشاف الثقافات المختلفة في 42 بلداً ضمَّت الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي بين عامي 1960 و1980.
أما جائزة البحث/ التقرير المميّز فقد مُنِحت للمصور البريطاني الشهير “دون ماكولن” والذي يُعتبر من أعظم المصورين الفوتوغرافيين المعاصرين، فقد أثبت على مدى الخمسين عاماً الماضية استثنائيته كمصورٍ صحفيّ مخضرم، سواءً بتوثيق الفقر في شرق لندن، أو بتسجيل أهوال الحروب في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط. وبالتزامن مع ذلك أثبَتَ أنه أيضاً فنانٌ بارع قادر على التقاط صورٍ للحياة الساكنة والأشياء المرتّبة بجماليّةٍ فريدة، وعلى تصوير الأوجه المفعمة بالعاطفة، والمناظر الطبيعية المتحرّكة.
بعد طفولةٍ بائسةٍ في شمال لندن، فاقَمَها قصف هتلر للمدينة، ووفاة والده في مقتبل العمر، دُعِيَ ماكولن للخدمة في سلاح الجو الملكيّ البريطانيّ، وبعد مهّماتٍ في مصر وكينيا وقبرص عاد إلى لندن مسلّحاً بكاميرا من طراز “روليكورد” ثنائية الانعكاس، وبدأ بتصوير أصدقائه في الحي والذين شكّلوا عصابةً باسم “جوفينورز”. وبعد أن عَرَضَ صوره المقنعة على محرّر الصور في جريدة “الأوبزرفر” عام 1959- وكان في سن 23 عاماً – فاز بأول تكليفٍ عمليّ له، وبدأ حياته المهنية الطويلة والمميزة في التصوير الفوتوغرافي بطريق الصدفة وليس عن تخطيطٍ مُسبق. وفي العام 1961، فاز بجائزة الصحافة البريطانية تقديراً لمقاله المصوَّر عن بناء جدار برلين. وكانت أول خبرةٍ عمليةٍ له بالحرب في قبرص عام 1964، حيث غطّى اندلاع أعمالٍ مسلّحةٍ على خلفية التوترات الإثنية والقومية في الجزيرة، وفاز بجائزة التصوير الصحافيّ العالميّ عن جهوده تلك. وفي العام 1993، كان أول مصورٍ صحافي يُمنح وسام الامبراطورية البريطانية CBE. على مدى العقدين التاليين، أصبحت الحرب محوراً رئيسياً في مهنته الصحافية، حيث عَمِلَ في البداية لصحيفة “الأوبزرفر”، ومنذ العام 1966 عَمِلَ لصحيفة “صنداي تايمز”. ومن خلال تغطيته للصراعات في الكونغو، وبيافرا (في نيجيريا)، وأوغندا، وتشاد، وفيتنام، وكمبوديا، وفلسطين، والأردن، ولبنان، وإيران، وأفغانستان، وإيرلندا الشمالية وغيرها، كثيراً ما كان يدمج قدراته على التحكّم بالضوء والتركيب مع إحساسٍ لا يخطئ بما تتّجه إليه الأوضاع، مدفوعاً بقدرٍ كبيرٍ من الشجاعة تنسيه المخاطر والأهوال. وقد تعرّض لإطلاق نارٍ وأصيب إصابةً بالغةً في كمبوديا، وسُجِنَ في أوغندا، وطُرِدَ من فيتنام، كما وُضِعَت مكافأةٌ لمن يقتله في لبنان. لكنه رغم كل ذلك كان يتحدّى الرصاص والقنابل ليس بهدف التقاط الصور المثلى فقط ولكن أيضاً لمساعدة جنودٍ يُحتضرُون ومدنيين مُصابين، لقد كان التعاطف والرحمة جزءً من كل أعماله التصويرية .