فنَّد الأمير عبدالله بن فيصل بن تركي آل سعود؛ السفير السعودي لدى واشنطن، الاتهامات التي توجَّه للسعودية من حين إلى آخر في مقال مطول بعنوان “مواجهة التطرُّف”؛ نشرته صحيفة “هافينجتون بوست” الأمريكية.
من أبرز ما قاله الأمير عبدالله في مقاله، إن التطرُّف والعنف آفة على كوكب الأرض، والذين يروّجون للأيديولوجيات المتطرفة ورعاية أعمال العنف باسم الإسلام لا يمكن التغاضي عنهم، لا يمكن أن يدعمهم أيُّ مسلم حقيقي في السعودية، والمتطرفون حاولوا اختطاف الدين الإسلامي وقتل عديدٍ من أبناء الشعب السعودي واستخدام الإرهاب لإخافتهم، مؤكداً أن هناك أمرين لا تسمح بهما الحكومة ولا الشعب السعودي أبداً لتهديد أعز ما تملكه هما “إيمانها وأمنها”.
وأشار الأمير عبدالله، إلى أن السعودية تُتَهم زوراً، إلا أن مَن يرى الحقائق سيجد أن السعودية تكافح التطرُّف والفكر الذي يغذي العنف؛ حيث إنه وطنٌ حباه الله باحتضان الحرمين الشريفين، وعليها المسؤولية لمنع استغلال الإسلام من قِبل المتطرفين، مؤكداً أن كل جزءٍ في المجتمع السعودي موحد لمواجهة التطرُّف، وعلماء الدين أدانوا التطرُّف والأعمال الإرهابية بشكل واضح ومتكرّر، ومن أبرزهم المفتي وأعضاء هيئة كِبار العلماء، وكثّفوا جهودهم لتوجيه مَن قد يكون مخدوعاً من قبل بأفكار المتطرفين لحمايتهم من هذا الطريق الضال، وعملت على حماية المساجد من أن تصبح منابر للتحريض والتطرف أو لجمع الأموال التي يمكن أن يتم تحويلها إلى الأيدي الخطأ.
وأضاف أن السعودية مستمرة في إصلاح أنظمة التعليم والمناهج الدراسية وتدريب المعلمين لضمان حصول السعوديين والسعوديات على تعاليم الدين الصحيحة، وتم إبعاد المعلمين الذين يفشلون في أداء الأمانة، إلى جانب استثمار الحكومة أيضاً في برامج التعليم العام وأطلقت حملات تثقيفية وتوعوية واسعة عن مخاطر التطرُّف شملت جميع وسائل الإعلام بما فيها الاجتماعية والتلفزيونية.
وأكّد أن السعودية ممثلة بوزارة الداخلية اتخذت كثيراً من الخطوات المباشرة التي تجفّف مصادر التطرُّف عبر إستراتيجيات مصمّمة خصيصاً لهذا العمل، وتعتمد في ذلك على خبرات مجموعة من العلماء الاجتماعيين والأطباء النفسيين وعلماء النفس، كما تشن حرب أفكار من خلال تنفيذ برامج لإعادة التأهيل وغرس مفاهيم الاعتدال والتسامح، وتتعاون في ذلك أيضاً جهات عدة، منها كلية الملك فهد الأمنية وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية والجامعات ومراكز بحوث لتطوير وصقل العاملين في الأمن العام.
وأشار إلى أن بعضهم ينعتون السعوديين بـ “الوهابيين”، وفي الحقيقة أنه لا توجد فئة من الناس في السعودية تسمّى “الوهابيين”، ولن تجدوا “وهابية” في أي مكان في السعودية، ولن تجدوا هناك ما يسمّى بكتاب “وهابي” أو اجتماع “وهابي”، إنما هو مصطلحٌ مختلقٌ للطعن أو الافتراء على الشعب السعودي، والواقع التاريخي يقول إنه في القرن الثامن عشر، كان الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ يعظ الناس ويدعوهم إلى الالتزام بالدين الإسلامي من مصادره القرآن الكريم والسنة النبوية التي فيها تعاليم النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم -، وعلى مر القرون أصبح نهج الشيخ عبدالوهاب جزءاً واحداً من المذهب الحنبلي الذي يعد مذهباً معتدلاً.
وقال إن هذه الأيام نسمع كثيراً من الادعاءات التي تقول إن “الوهابية” تصدر التطرف، وهذه فكرة سخيفة تنافي العقل، فالسعودية ليس لديها طموحاتٌ توسعية ومن غير المنطقي أن تدعم فكراً هدّدها بهجمات قاتلة ضدّ “بيوتنا ومساجدنا”، مضيفاً نعتقد أن على الزعماء الدينيين في كل أركان العالم من أي دين، أن يشاركوا في “حرب الأفكار” ضدّ الإرهاب، والمملكة أخذت على عاتقها تسهيل ذلك.
وأشار إلى أنه في أوائل عام 2008 أطلق الملك عبدالله بن عبدالعزيز (يرحمه الله)، مركزاً للحوار بين الأديان؛ للتأكيد على القواسم المشتركة بين الأديان، وفي يونيو من العام نفسه عُقد مؤتمرٌ لعلماء المسلمين للتركيز على أهمية الحوار وضرورة التعاون بين الأديان والثقافات في العالم على مكافحة التطرُّف والتعصب، ثم عقب ذلك عُقد المؤتمر العالمي للحوار في إسبانيا برعاية الملك عبدالله، والملك خوان كارلوس الأول، وضمّ 300 مندوب من مختلف دول العالم يمثلون الإسلام، المسيحية، اليهودية، البوذية، الكونفوشية، الهندوسية، والشنتو.
وفي نوفمبر 2008 رعى الملك عبدالله، مؤتمر حوار الأديان في مرحلته الثالثة، وفي عام 2011 أُسس مركز الملك عبدالله الدولي للحوار بين الأديان والثقافات في فيينا؛ لتعزيز التفاهم المتبادل بين أتباع الاديان والثقافات المختلفة.
وطالب الأمير في مقاله، بالتركيز على الحقائق بدلاً من رمي الاتهامات غير الصحيحة؛ حيث إن التطرُّف يخالف الدين الإسلامي ومبادئه الأساسية التي تدعو إلى التسامح ومساعدة المحتاجين وقدسية الحياة.. والمتطرفون ينتهكون هذه المعتقدات، وهؤلاء ليس لهم مكانٌ في المجتمع السعودي أو في أي دولة أخرى، ومن مصلحة الأمن القومي السعودي القضاء على الفكر المتطرف، والسعوديون يعملون معاً لتطوير مجتمعهم وتوفير حياة أفضل لأطفالنا، مؤملاً التعاون في تحقيق هذه الأهداف بدلاً من رمي الاتهامات.
كما أشار إلى أنه منذ تأسيس السعودية وهي تقف ضدّ الحركات المتطرفة، وأخيراً أعلنت تشكيل تحالف إسلامي لمكافحة الإرهاب، يضم ما يقرب من 40 دولة، وإضافة إلى ذلك كثّفت المملكة مشاركتها في الحملة العسكرية ضدّ “داعش”، ومستعدة لإرسال قوات برية إلى سوريا لمحاربة “داعش” في عقر دارها، وتلعب السعودية دوراً بارزاً داخل التحالف الدولي في الجهود المبذولة لقطع التمويل عن هذا التنظيم الإرهابي.
واختتم سفير المملكة لدى واشنطن، مقاله، بالتأكيد على أن السعودية ستنتصر في معركتها ضدّ الإرهاب بغض النظر عن الوقت الذي سيستغرق، سيتم القضاء على الجماعات الإرهابية عسكرياً وفكرياً، والعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تعزيز الاستقرار السياسي لتهيئة بيئة للسلام والأمن الدائم المستدام.