التواصل الإجتماعي حالةٌ إيجابيةٌ متقـــدمة في مضمار الحياة الإجتماعية ، ولا ننـكر مساهمته في تمتين العلاقات الإجتماعية وتوطيد الصداقات الإيجابيـــــــة وما يتخلَّلها من حكايات وأخبار وصور ومشاهد ظريفة تدخل البهجة والسرور إلى القلوب من ناحية وتوفر ركائز الأمن والاطمئنان بين المتواصلين من ناحية أخرى .
الأهم في هذا التواصل أنه يُعـَد مكسباً معـرفياً للإنسان وإنجـازاً متفاعــلاً مع أحاسيـس الناس ومشاعرهم وفاعلاً في رسم خط بياني رفيع المستوى للفكر المعرفي الذي يحقـق أوفر النتائج في إناء معارفنا وصقلها من خلال ممارسة فعل الكتابة التي هي الوسيلـــة المعبِّرة عن صاحبها عقلاً وعاطفة وذوقاً وثقافةً.
ومن هـــذا المنطلق يترتب على تفعــــيل هـــذا التواصل مسؤوليات ذات قيمة فكريـــة وخلقــــية يستطيع من خلالها أن يعطي أفضل النتائج في حياتنا ، ويحقـق المبتغى منه على صعيد علاقتنا التي يجب أن تبقى معمَّدة بالفـكر الراقي ومسيَّجـة بالفضائل القائمة على الإحترام المتبـــادل البعـــــيد عن الإساءة والتشهــير والاستخفاف وخـــدش حياء لغتنا بأخطاء لا مبرر لها.
والتواصل على هذا المستوى لا يتحقق إلا من خلال معادلــة بين الناشر والمتلقـي وفي هذه المعادلة يكمنسرُّ نجاحه .
فالناشر يترتب عليه أن يغني صفحته بفكــــرة جيدة مناسبة (شعراً أو نثراً أوقصَّة أو مثلاً ... الخ ) قائمة على حسن الاختيار لمادتـــه الفـــنيـــة الملائمة للــذوق الموائمـــة للمستوى الفكري والتي تكون أهلاً للحوارية عند المتلقي من خلال تعليقـــه أ ومشاركته وبذلك يحقق الناشر الإرتقاء بمستوى اختياره شكلاً ومضمونا ، حيث يتضمـَّن جـــودة الفكرة وسلامة أسلوبها في الكتابـــة وخلـوِّها مما يُعكـِّر صفــو جمالها وأنا قـتها ، وأن تتضمن إشارات إيجـــابية تساهم في خلــــق تفهُّم مشترك للحياة وبذلك يحظى الناشـر بالاستحسان والقبول عند المتلقي بما يمتلك من قـــوَّة التأثيـــر والتحريض والاستجابـة بالتعليق أو المشاركة بما يناسب مستواه .وهنا تُلقى الكرة في ملعب المتلقي الذي يطّـلع على ما نُشر فيمعن النظر فيــه ويستجلي مواطن الجمال والجودة التي تغازل مشاعره
وتناغم ذوقه فتتولد لديه الرَّغبة في إبداء الإعجاب من ناحية والتعليـــــق والمشاركة من ناحية أخرى ، وعـــدم الإكتفـــــاء بالإعجاب التقليــــدي بمرور كريم كما يقـــال: (نلاحظ مئات الإعجابات والقليل من التعليقات والمشاركات ) وفي هــــذه الحالـــة على المتلقي أن يرقى إلى مستوى المنشور فكرياً وفنياً وجمالياً ولغوياً، وهذا ما يساهــم فـي رفع مستوى التواصل لدى المعلِّق الذي تلقى على عاتقه في حالة الرغـــبة أن يــــــبدي رأيه بالمنشور فترقى لغــــته وأفكاره ومستوى حسِّه الأخلاقــي والاجتماعي والجمالي.
ومن الجديـــر بالذكر التنويه إلى أن ما تقدمت به لا يشكل فرضاً على كل المتواصلين اجتماعياً خاصة أن التواصل يشمل شرائح اجتماعيــــة متعـــددة ومتنوعة ومختلفـة في مستوياتها الفكريــــة والإجتماعيــــة .
ولكن أتوجــه بــــه لأولئك الذين يمارسون مهـام ومسؤوليات اجتماعية أو ثقــــافية أو مهنيـــة من أجل أن نأخذ بيد الناشئة للإرتقاء بهم تدريجياً من خلال تفاعلهم الحياتي والوصول بهم إلى ممارسة مهامهم الحيـــاتية بوعـي كافٍ يحميهم من الخطأ والزلل ليكونـــوا بحق بنـــاة حاضرنا وحمـــاة مستقبلنا .
وبهذه الصورة للتواصل نحقـق إغناءً لفكرنا وقيمـنا وذوقنا، ونكون جـديريــن بمواكــبة التقدم الذي تكتسح أعاصيره عالمنا ، فلا نرضى أن نكون متخلفين عن ركـب الحضارة بل المساهمين في إغنائـــة بما نملك من مقوِّمات عظيــــمة يشهـــد بها العالــــم كلُّــه .