الصَّداقة جوهرةٌ نفيسةٌ في كنز الموقنين بأن الحياة سعيدة ، لأنَّهــا تقــوم على أسس المحبة، وهي كالمرآة لنفس الإنسان إن حُجـبت تلاشت صورته وغابت عنها شفافية الـُّروح ، وهي لأتعرف الحقد ولا ترغب البعد ، تهـــوى السعادة وترتقي بها إلى مراتب السمو ، ديـــدنها الإيثار وتاجُـــها التضحية وشعارهـا النفـــعُ للآخــر، لا تنتهي عنـــد مصلحة ولا تسقــط عنـــد زلَّــــة أو خطيئـــة
والصَّداقة سنديانة الحياة التي تتحطَّم عليها كلُّ مثقلات الهموم ،وتهـــرب من مضمارهــا كلُّ أشباح الفـــزع والهلــع ،إشعاعها نـــافـــذٌ إلى قـــاع الأرواح وهديـُها لمن قصـد الفـــــلاح ،تغنـــيك عن كـــلِّ زادٍ ، وتمسح عن شغــــاف القلوب ســـواد الكـره وتطفئ جذوة الحقـد بماء المودة والصَّفاء.
يقول أرسطو : (متى أحبَّ الناس بعضهم البعض لم تعد الحاجة إلى العـــــدل غير أنــهم مهما عدلوا فإنَّهم لا غنى لهم عن الصَّداقة ).
ولا يفوز بهذه الجوهـرة الثمينة إلاَّ من امتلك الصدقَ وقيـــمَ الفضيلـة وسمــو الأخلاق واعتلى مراتب الذكـــاء والفطنة التي توصله إلى الصَّديــق الحقيقــي أو كما يقال (( الــذَّات الثانية )) يقول جميل صدقي الزهاوي :
عاشر أناساً بالذكاء تميَّزوا واختر صديقك من ذوي الأخلاق
فاغتـــنم أخي المؤمن الفرصة التي تكسب فيها صديقـاً تضمُّه نجــماً يــزيــِّن سماء وجودك ، منيراً يهديك سبل الرشاد في زمنٍ تحيط بك مسارات الحيــرة وتحفُّ بك مخاطر الإنزلاق في مهاوي الزلل .فاجعل من صديقك سراجَك في عتمة الظروف واجعل من صديقك سياجك الذي يحميك ويردعنك سهام الغدر