تعثرت اليوم الاثنين مباحثات السلام السورية التي كانت مقررة هذا الأسبوع لأسباب بينها مسألة من يمثل الفصائل المعارضة للرئيس بشار الأسد.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه يتوقع اتضاح الرؤية خلال يوم أو يومين وبدا دعمه لمبعوث الأمم المتحدة الذي يتولى المهمة الشاقة المتمثلة في توجيه الدعوات لحضور أول مباحثات تعقد منذ عامين تهدف لإنهاء الحرب الأهلية السورية.
وكان من المقرر أن تبدأ المباحثات يوم الاثنين في جنيف لكنها تعثرت بسبب الخلاف بين القوى الدولية على من ينبغي دعوته من المعارضين. وتريد المعارضة وقف الغارات الجوية وإنهاء حصار القوات الحكومية لمناطق يسيطرون عليها وإطلاق سراح معتقلين.
وحتى الآن لم تتكلل الجهود الدبلوماسية بأي نجاح في إنهاء الحرب الأهلية السورية أو حتى تهدئتها بعدما حصدت أرواح ربع مليون شخص وشردت أكثر من عشرة ملايين.
ومنذ آخر مؤتمر سلام عُقد في أوائل 2014 أعلن مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية الخلافة في أجزاء كبيرة من أراضي سوريا والعراق وانخرطت في الحرب غالبية القوى الدولية. وتقصف الولايات المتحدة أهدافا للدولة الإسلامية منذ 2014 بينما بدأت روسيا العام الماضي حملة جوية منفصلة ضد أعداء حليفها الأسد.
وتعززت قدرات الجيش السوري وحلفاؤه بفضل مكاسب تحققت في الفترة الأخيرة بدعم القوة الجوية الروسية.
وحصل الدبلوماسيون على دفعة جديدة من مجلس الأمن بدعم من واشنطن وموسكو الشهر الماضي بالدعوة للمباحثات لكن مساعي السلام علقت في ظل غياب أجوبة لتساؤلات تشمل من ينبغي دعوته.
وتطالب روسيا بمنع رموز من المعارضة تصفهم بالإرهابيين وتريد ضم جماعات كالأكراد الذين يسيطرون على مساحات كبيرة في شمال سوريا لكن تركيا ذات الثقل الإقليمي تعارض بشدة دعوة الأكراد.
وتقول أهم فصائل المعارضة السنية التي تدعمها دول عربية وغربية إنها لن تشارك ما لم يكن لها حق اختيار وفدها. وقال المتحدث سالم المسلط إن الهيئة العليا للتفاوض ستناقش موقفها يوم الثلاثاء.
وقال كيري إنه يدعم مبعوث الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا في وقف توجيه الدعوات لحين اتضاح الأمور.
وأضاف خلال زيارة إلى لاوس “سننتظر لنري ما هو القرار الذي يتخذه ستافان بشأن كيف سيبدأ بالتحديد لكننا لا نريد أن نتخذ القرار ثم تنهار (المحادثات) في اليوم الأول. الأمر يستحق يوما أو يومين أو ثلاثة أو أيا كان.”
* خيبة أمل
وسيكون مؤتمر السلام- إذا عقدت المباحثات- هو الثالث منذ بدأت الحرب والأول الذي ينظمه دي ميستورا الدبلوماسي المخضرم الذي يحمل الجنسيتين السويدية والإيطالية والذي أصبح مبعوثا للأمم المتحدة بشأن سوريا في 2014.
واستقال اثنان سبقاه في المنصب في ظل خيبة أمل واضحة بعد أن ترأس كل منهما مؤتمرا للسلام في جنيف فشل في تحقيق أي تقدم ملموس إذ ترفض المعارضة التراجع عن مطلبها برحيل الأسد ورفض الرئيس التنحي.
واستعرت الحرب لسنوات دون أن يقترب أي طرف من النصر. وبعد أشهر من تقدم المعارضة في أوائل 2015 تدخلت روسيا في النصف الثاني من العام لتقلب الموازين لصالح القوات الحكومية مرة أخرى.
وفقدت فصائل المعارضة السيطرة على بلدة الربيعة في محافظة اللاذقية يوم الأحد في ثاني انتكاسة مهمة تتعرض لها قرب الحدود التركية في شمال غرب سوريا خلال الأسابيع الماضية مع سعي القوات الحكومية وروسيا لقطع خطوط الإمداد عن المعارضة من تركيا.
وقال عضو بحركة أحرار الشام وهي واحدة من كبرى جماعات المعارضة إن كثافة التدخل الروسي في المنطقة تعني انهيار استراتيجية المعارضة المتمثلة في كسب مناطق والدفاع عنها وإنه يتعين على المقاتلين تغيير طريقتهم إلى حرب العصابات.
وقال أبو البراء اللاذقاني إن عمليات حرب العصابات الصغيرة بدأت وإن المعارضين يدخلون منطقة ويشنون هجمات ثم يتراجعون.
ويخطط الجيش السوري الذي ارتفعت معنوياته للمرحلة التالية من هجومه في شمال سوريا. وقال مصدر عسكري إن الهدف التالي سيكون إدلب وهي معقل لفصائل معارضة بينها جبهة النصرة ذات الصلة بتنظيم القاعدة.
واتهم المتحدث المعارض المسلط روسيا والقوات الحكومية بوضع عراقيل في طريق المباحثات.
وكررت الهيئة العليا للتفاوض التي تشكلت في السعودية الشهر الماضي وتجمع معارضين للأسد- بينهم مسلحون وسياسيون- مرات عدة أن المباحثات لا يمكن أن تبدأ إلا إذا توقفت الغارات الجوية وانتهى حصار القوات الحكومية لأراض تسيطر عليها المعارضة وأطلق سراح معتقلين وهي خطوات نص عليها قرار مجلس الأمن الصادر في 18 ديسمبر كانون الأول الماضي.
وقال المسلط لقناة العربية الحدث الاخبارية “أمور إنسانية بحتة نريد تحقيقها هي ليست شروطا مسبقة.. (إنه) قرار دولي أن يطبق ولو جزء منه حتى نرى جدية وحسن نية في هذا الأمر.”
وأضاف “مع الأسف لا يمكن الجلوس والتحدث إلى أحد دون أن ترفع المعاناة بالأول.”
وكان كبير المفاوضين في الهيئة قال لرويترز يوم الأحد إن المعارضة تتعرض لضغوط من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لحضور المحادثات قبل الاستجابة لهذه المطالب.
لكن المسلط قال يوم الاثنين إن المحادثات مع كيري كانت “إيجابية” وإن المعارضة لا تضع العراقيل لكنها متمسكة بمباديء معينة.