عندما يختفي دور المصلحين بما لهم من مكانة دينية أو قيمة اجتماعية تبرز في سلوكيات المجتمعات نماذج ممقوتة من الظلم يستمرئها الناس حتى تصير سلوكاً معتاداً أو مما يسكت عنه فلا نكير ولا منكر . من ذلك..
النموذج الأول :-
-----------
أن رجلاً موسراً ذو عيال وزوجات تتسع ثروته وتكبر رويداً رويداً يشيخ الأب مع شباب عياله يبدأ في جذب أبنائه ليشاركوه في إدارة أعماله تتوسع الثروة مع شيخوخة الأب .. معها تقل قدرته على إدارة أعماله .. يسيطر الأبناء الكبار على إدارة العمل ومباشرة المداخيل النقدية تحصيلاً وإيداعاً .. مما يستوجب أن تكون لهم حسابات نقدية خاصة ، ورخص إدارة وتشغيل
هنا تبدأ المشكلة حيث ( يسجل الأبناء الكبار الثروات بأسمائهم وكذا أفرع الشركات ) يهرم الأب أو يموت .. تبدأ المشاكل تنهمر على رؤوس الأبناء الصغار وأمهاتهم وتكون الطامة الكبرى إذا مرض الأب وطال مرضه .. هنا يبدأ الكبار في شرعنة استيلائهم على الثروة وتسجيلها رسميا بأسمائهم حتى إذا أخذ الله وداعته وتُوفي الأب يكون الأمر قد قضي .. ولم يبق إلا فتات الثروة .. فأنى لهم إدراك نصيبهم من ميراثهم .. هذا واقع مؤلم نراه يومياً في مجتمعاتنا .. ولا حل له .
النموذج الثاني :-
-----------
أن رجلاً أتاه الله بسطة في المال والجسم يتمتع بما أحله الله من الزوجات مثنى وثلاث ورباع وهذا شيء محمود مع توالي السنين تتقدم أولى زوجاته بالعمر ..هنا تبدأ رغبات الزوج في فتاة صغيرة يلاعبها بالحلال .. من أين له وقد اكتمل النصاب أربعاً .. يُطَلِّق الأولى ليتسنى له إحلال زوج مكان زوج .. بالله عليكم بأي عرف إنساني أو دين سماوي فعل فعلته بالمسكينة تطليقاً وتشريداً وحرمانا من حقها في الحياة الكريمة بل حرمانها من حقها في ميراثها في ثروة كان لها نصيب من الشقاء في بداية تكوين حياته وماقد يلحق بأبنائها من ظلم ومشاكل لا قبل لهم بها نتيجة لرغبة أبيهم .. لهم الله الملك العادل .
النموذج الثالث :-
-------------
أن رجلاً ذو عيال ( بنين وبنات) يكبر العيال يتزوجون ويذهب كل لحاله مع أسرته تتخرج البنات يفرح بهن ترزق كل واحدة بوظيفة حكومية ذات مرتب عال مع توالي السنين يزداد المرتب والبنت تكبر كذلك .. بنت ذات حسب ونسب ومال وجمال مبتغى للخطاب .. يتقدمون للوالد يردهم زرافات ووحداناً بأعذار مختلفة ( ذاك قصير .. وذاك مدخن .. والآخر لم يقبل الشروط .. والعذر الأكبر أن بنتنا مازالت صغيرة ومافات شين ) كل ذلك طمعاً في حطام الدنيا مرتب البنت من حظ أولئك البنات السيء إن كان الوالد شحيحاً صحيحاً فتلك مصيبة لا حل لها .. تتقدم أعمارهن يحرمن من الزوج والولد .. كل ذلك بسبب والد ظالم لنفسه تعدى ظلمه لعقبه فأنى يرعوي .. إلا بأمر سماوي يزجره أو بتنظيم ديني حكومي ينزع ولاية الظالم ويرفع الظلم عن المظلومين ويُحِلّ العدل بديلاً للظلم والتعدي .
تلك نماذج من الظلم الاجتماعي أصبحت مشرعنة لايستطيع المظلوم رفع الظلم عن نفسه بسبب الوالدية وما لها من حقوق دينية واجتماعية يستحيل تخطيها .
في تعاليم ديننا الإسلامي مايكفل رفع الظلم عن المظلومين لو تجاوزنا قيم العيب الاجتماعي وقمنا بإعداد تنظيمات للأحوال الشخصية تنبع من شريعتنا السمحة تراعي قيمنا الاجتماعية وأعرافنا وتقاليدنا.
والله نسأل الهداية والسداد.