صرحت عضوة مجلس الشورى الأستاذة الدكتورة (بروفسور) لبنى الأنصاري أستاذة الطب بجامعة الملك سعود وعضو مجلس الشورى بتصريح لـ”أضواء الوطن” وذلك في تعقيب حول نتائج التحقيق في حريق مستشفى جازان العام قائلة : كنّا وما زلنا نتعلم الكثير مما حدث ويحدث في جازان ولعل نتائج التحقيق معروفة للجميع .
وأردفت قائلة أريد أولاً أن أشيد بموقف معالي وزير الصحة واعتذاره واعترافه بالتقصير المتعمد في التحكم بأجهزة السلامة رغم أنه موقف لا يحسد عليه ولكنه تحمله بكل نبل وشجاعة ونتمنى أن يحذو باقي الوزراء حذوه حيال تقصير أداء وزاراتهم، لتنتشر ثقافة الاعتذار بدلاً من الصمت والتهرب من المسؤولية.
وأضافت قائلة أنه رغم ما تحمله النتائج التي تم عرضها في المؤتمر الصحفي الأربعاء الماضي من أمور إيجابية كثيرة إلا أن لي ثمان (٨) ملاحظات:
1. تأخر التحقيق: كان من المفترض أن يخرج بعد ٣ أيام فخرج بعد ٣ أسابيع! وكنت أتوقع أن يكون هناك تقرير مبدئي في نهاية الأسبوع الأول مثلاً ولكن نحمد الله أن لم يتأخر التقرير أكثر من ذلك.
2. قام وزير الصحة بالحديث عن نتائج التحقيق رغم أن سمو أمير المنطقة هو من أمر بتشكيل اللجنة وقد صرح وزير الصحة بعد الحادث بفترة بسيطة أنه يتحمل مسئولية ما حدث، فكيف يكون هو من يبلغ بنتائج التحقيق وهو الخصم والحكم؟! لقد أصبح مفهوم تعارض المصالح أو تضارب المصالح Conflict of Interest (COI) من المواضيع المهمة جداً في المجال الصحي والبحثي فكيف بالتحقيق في موضوع شائك كهذا؟ قد تكون هناك مآخذ على بعض الموظفين في المستشفى (أي موظفي وزارة الصحة) في إدارتهم للكارثة غير تلك التي ذكرها معالي وزير الصحة في نتائج التحقيق، من سيثيرها ضد وزارة الصحة إذا كانت وزارة الصحة هي التي تدير التحقيق؟!
3. ذكر التحقيق أن السبب هو التماس كهربائي وأنه لم تكن مخارج الطوارئ مغلقة! إذا كان الوضع كذلك، كيف نفسر ما شاهدناه من صور لتكسير أبواب الطوارئ المكبلة بالسلاسل، وإفادة أحد المسئولين بأن إغلاق مخارج الطوارئ كان لمنع الموظفين من الهروب أثناء ساعات العمل، وصور لوجود الروافع بجانب النوافذ بدلاً من مخارج الطوارئ حيث يوجد في كل طابق مخرجا طوارئ على الأقل؟ وكيف نتجاهل إفادات من نجوا من الحريق؟ وما تردد عن انعدام أي وسيلة للوصول الى الضحايا الا عبر النوافذ التي هي أيضاً كانت مغلقة ولم يستطيعوا فتحها من الداخل؟
4. طَرَحَ وزير الصحة خطة جيدة لتدارك ما يعتري الخدمات الصحية من حيث الاستجابة للطوارئ والكوارث وسلامة المستشفيات ولكنها تغفل جانباً مهماً ألا وهي مسئولية الاستلام والتشغيل وهي آخر خطوط الوقاية والدفاع وتجنب الكوارث، فتسليم هذا المستشفى لصحة جازان، على سبيل المثال، لم يكن من قبل المقاول الاساسي بل من خلال مؤسسة صيانة ونظافة! وربما لو تم التعامل مع هذه الجزئية حسب ما تقضيه الأصول لأمكن إصلاح الخلل قبل الاستلام وتفادي حدوث الكارثة.
5. تركز الخطة التي طرحها معالي وزير الصحة على دور وزارة الصحة بشكل أو بآخر بينما لم تسلط الضوء على الدفاع المدني وآلية تتبعهم للمنشآت الحكومية كإهتمامهم بالمنشآت التجارية وحرصهم على تتبع الأخطاء فيها.
6. إذا كانت وزارة الصحة تتحمل المسئولية، فأين عقوبة المخطئين؟ إعفاء البعض إن كانوا هم المقصرين لا يعد عقاباً لهم بل هو في الواقع تكريم لهم. ولم إعفاء هؤلاء فقط؟ وماذا عن البقية؟ المقاول والمشرف والمسئولين السابقين والحاليين ومن باشر الاستلام والتشغيل وكل من له علاقة بالقضية. لا بد من الكشف عن هوية المتهمين الحقيقيين ومحاكمتهم وعقابهم وربما حتى الإشهار بذلك.
7. تكريم السيد إبراهيم القللي بإعطائه مليون ريال ووسام وتكريم ٦ من العاملين بالوزارة أمر جيد بالتأكيد ولكن كان هناك غيرهم على ما يبدو فقد غامر كثير من الممرضات ومن أبناء جازان وزجوا بأنفسهم في الحريق لإنقاذ الآخرين. وماذا عن ذوي الضحايا والمنكوبين؟ لقد كانت الدولة كريمة مع شهداء حوادث الارهاب فلتكن أكرم مع من استشهدوا في حريق جيزان.
8. حبذا لو كان هناك استفتاء عن مدى رضا أهل جازان عن هذه القرارات! حقيقة مدى رضا الجميع في المملكة عنها!
وتساءلت : كان لأهالي جازان قائمة مطالب وقع عليها عدد كبير يطالبون فيها بالحد الأدنى من الخدمات الصحية، وبعبارة أخرى هي خطة بديلة plan B لتوفير الخدمات الصحية بعد توقف خدمات هذه المستشفى خاصة أن المستشفى -حسب ما تردد- غير قابلة للترميم وبعد تعرض مركز صحي الشاطئ للاحتراق أيضاً بسبب ماس كهربائي قبل يومين وهو المركز الذي يخدم كمركز للطواريء بعد الحادثة والذي اصبح هو وجهة الأهالي الوحيدة بعد توقف المستشفى! فهل تم أخذ مرئياتهم في الاعتبار؟ أما آن الأوان أن نتوقف عن هذا الأسلوب الأبوي في توفير الخدمات الصحية؟!
واختتمت “الأنصاري” حديثها بالتأكيد على أن كرامة الإنسان من الأمور التي لا يمكن الاستهانة بها بأي حال من الأحوال فكيف عندما يكون ذلك الإنسان حبيس غرفة وأجهزة وأناس غرباء؟! .