صادق وزير الجيش الإسرائيلي، موشيه يعلون، مؤخرا على ضم ‹بيت البركة› الكنسي البالغة مساحته نحو 40 دونمًا، والواقع بالقرب من مخيم العروب شمال الخليل جنوب الضفة الغربية، لتجمع مستوطنات ‹عتصيون›.
وافادت صحيفة ‹هآرتس› الصّادرة صباح امس، ان الحديث يدور عن أراضي ‹بيت البركة› الكنسية، وذلك بعد إتمام صفقة عَبْرَ شركة وهميّة يقف من ورائها المليونير اليهودي اليميني، إرفين موسكوفيتش وزوجته، وفق الصحيفة، التي صرحت أنه يمكن إسكانَ المكانَ بالمستوطنين منذ الآن، ما يعني نسب الأربعين دونمًا، رسميًّا لأراضي مستوطنات ‹غوش عتصيون›.
وقد كشفت صحيفة ‹هآرتس› عن هذه الصّفقة مع الشّركة الوهمية في شهر مايو المنصرم، حيث يدور الحديث عن مقرٍّ يشتمل على ثمانية مبانٍ تتواجد في منطقة استراتيجية تقع على الشّارع رقم 60 وهو الواصلُ بين القدس والخليل، والذي أقيمَ خصيصًا ليخدمَ المستوطنات في تلك المنطقة. يُشارُ إلى أن هذه الدونمات التي تم الاستيلاء عليها تقع قبالة مخيم اللاجئين العروب، وقد تم تشييده في أربعينيات القرن الماضي من قبل مبشر مسيحي أميركي، بدايةً استخدم مشفًى ليتحول بعدها لكنيسة.
ووفق التحقيق الصحفي الذي أعدته صحيفة ‹هآرتس› فإن ناشطة سياسية مسيحية نرويجية تُدعى غيرو فينيسكا، تعمل لصالح إسرائيل، قد أقامت شركة وهميةً في السويد، على أنها هيئة كنسية تبتغي اقتناء الكنيسة من أصحابها الأميركيين. تمت الصفقة عام 2010.
بعد إتمام الصفقة، أعلنت الشركة عن حل الشركة وبيعها لجمعية أميركية، يملكها المليونير اليهودي اليميني، إرفين موسكوفيتش، وهو المعروف بتمويله لمشاريع استيطانية كبيرة في القدس الشرقية. وبالفعل فقد تم وضع طاقم من الحراس على الدونمات الأربعين بعد الاستيلاء عليها عبر الشركة الوهمية.
منذ قرابة السنة باشرت طواقم بأعمال ترميمات في المنطقة.
ظلت الصفقة، إلى ما بعد توقيعها، سريةً من قبل رجالات موسكوفيتش، لدرجة إخفاء تفاصيلها عن الجيش الإسرائيليّ حتى.
بعد كشف ‹هآرتس› نية تحويل هذه الدونمات الأربعين لمستوطنة، باشر مجلس مستوطنات ‹غوش عتصيون› المطالبة بضمها لمسطح نفوذه.
خلال الأسابيع الأخيرة، وفقًا للتقرير الصادر في صحيفة ‹هآرتس›، فإنَّ يعلون قام بالمصادقة على ضم مسطح النفوذ في ‹بيت البركة› لمستوطنات ‹غوش عتصيون›، ما يعني تحول المقر رسميًّا لمستوطنة يمكن مباشرة إسكانها وفق القانون الإسرائيلي، إذْ إن البنايات الموجودة هناك، وبسبب قِدَمِهَا فهي لا تحتاج لا لتراخيص ولا لمصادقات، ويمكن إسكانها فورًا.
من جانبها اعتبرت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات امس الأربعاء القرار الاسرائيلي واعتبره خطوة خطيرة لما يحمل في طياته مزيداً من التوسع الاستيطاني جنوب الضفة الغربية.
وأكدت الهيئة في بيانها على الاصرار الإسرائيلي على سياساته الاستيطانية التوسعية على حساب الأرض الفلسطينية، ناهيك عن التطرف الواضح لدولة الاحتلال الاسرائيلي بخدمة مستوطنيها ضاربة بعرض الحائط حقوق الشعب الفلسطيني بأرضه، مشيرةً إلى أن كنيسة البركة وما يحيط بها من أراض تقدر بـ 40 دونما، سيتم تحويلها الى مستوطنة تابعة لتجمع مستوطنات «غوش عتصيون».
من جهته اعتبر الامين العام للهيئة الدكتور حنا عيسى قرار ضم أراضي الكنيسة وتحويلها لمستوطنة انتهاك صارخ للقانون الدولي. مضيفاً: « أن الاستيطان الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية المحتلة باتت مسألة مألوفة كغيرها من القضايا الكثيرة والمتنوعة التي تتداخل في تعقيداتها الاحتلالية القاسية والوحشية مع النهج السياسي العملي المفروض على الشعب الفلسطيني من خلال الممارسات القمعية التي تنتهجها حكومة الاحتلال وسلطاتها العسكرية، ومن اخطر هذه الممارسات والسياسات على الإطلاق هي سياسة الاستيطان الاستعماري الاحتلالي التوسعي على الأرض الفلسطينية داخل حدود الــ67، مشيراً إلى أن مفهوم الاستيطان يقوم أساساً على تفريغ الأرض من سكانها الأصليين وإحلال السكان الذين ينتمون لدولة الاحتلال مكانهم عبر الوسائل التعسفية والقهرية وما يرافق ذلك من مصادرة للأراضي العامة والخاصة دون مراعاة لأي اعتبارات إنسانية أو سياسية أو غيرها، والتي تهدف إلى تقويض ركائز الوجود العربي الفلسطيني الاقتصادية والسياسية والثقافية».
وطالبت الهيئة المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الامن الدولي بضرورة الزام إسرائيل بتنفيذ قواعد القانون الدولي كقوة احتلال ومواجهة الخطوات الاحتلالية الأحادية والتي سعت وتسعى اسرائيل من خلالها لفرض وتكريس سياسة الامر الواقع.
كما ادانت وزارة الخارجية الفلسطينية على ضم «بيت البركة» الكنسي الواقع بالقرب من مخيم العروبَ المحاذي لتجمع مستوطنات «عتصيون» المقام على أراضي محافظتي الخليل وبيت لحم، في مسعى لتوسيع هذا التجمع الإستيطاني جنوباً بغية تقطيع أوصال أرض دولة فلسطين، وفصلها عن بعضها البعض، وتحويلها إلى « بانتوستانات « معزولة.
واشارت الوزارة الى أن هذه المصادقة تأكيد جديد على مضي الحكومة الإسرائيلية في توسعها الإستيطاني على حساب أرض دولة فلسطين، وتعكس أيضاً حقيقة أن هذه الحكومة هي أداة تنفيذية لأيديولوجيَّة التيار الصهيوني الديني القائمة على التطرف والإرهاب ضد الشعب الفلسطيني، فالتوسع الإستيطاني يعني نشر المزيد من قواعد الإرهاب اليهودي وأفكاره العنصرية على تلال الضفة الغربية، في وقت تحاول فيه حكومة نتنياهو تسويق نفسها أمام العالم وكأنها تتصدى لعناصر الإرهاب اليهودي، معتقدة بذلك أن تستطيع تبرئة وإبعاد نفسها عن منظمات المستوطنين الإرهابية وجرائمهم، علماً أنها تحتضن وتغذي منابع هذا الإرهاب، وتنفذ طلباته. إن مصادقة وزارة المالية الإسرائيلية على تمديد فترة الإعفاء الضريبي لجمعية « حننو « اليمنية المتطرفة المعروفة بدعمها المالي والقانوني للإرهاب اليهودي والإرهابيين اليهود المعتقلين خير دليل على ذلك.
وأكدت الوزارة على أن المستوطنين الذين يعربدون في الأرض الفلسطينية هم جزء أساسي من جمهور الإئتلاف الحاكم في إسرائيل، وأن الإرهاب اليهودي الذي يتعرَّض له الشعب الفلسطيني مصدره واحد وإن تعددت أشكاله، فحرق محمد أبو خضير وعائلة دوابشة، والتوسع الإستيطاني، والإعدامات الميدانية وهدم المنازل وتهويد القدس وإستباحة المقدسات الإسلامية والمسيحية، وإفشال جميع فرص المفاوضات، ومحاولات تقويض حل الدولتين، والجرائم ضد الأسرى في سجون الاحتلال، جميعها أوجه لعملة واحدة هي عملة الاحتلال والإرهاب اليهودي، وكذلك تؤكد الوزارة على أن استمرار الاحتلال والاستيطان سوف يؤدي بالضرورة إلى المزيد من نشر التطرف العنيف والإرهاب اليهودي وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني، ومزيداً من تكريس الفصل العنصري، الذي تجلى مؤخراً بوسم بطاقات هوية مواطني الخليل القريبين من البؤر الإستيطانية بأرقام تميزهم عن غيرهم، متناسية السياق التاريخي لمثل هذه الأفعال والممارسات. ورأت الوزارة أن أقصر الطرق وأنجعها لممارسة الإرهاب والقضاء عليه يكمن في إنهاء الاحتلال والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.