بعد عام شهد هجمات نفذها متشددون يستقبل الأوروبيون عام 2016 استقبالاً فاتراً إذ انتشر الجنود في شوارع باريس وكثفت الشرطة تواجدها عند بوابة براندنبورج في برلين بينما خيم الصمت على الميدان الأحمر الخاوي في موسكو.
قرب نهاية العام شهدت باريس هجمات نفذها إسلاميون متشددون أسفرت عن سقوط عشرات القتلى وأعلنت قوات الأمن في كثير من العواصم حالة التأهب القصوى كما قالت السلطات البلجيكية إنها قامت بسلسلة اعتقالات متصلة بالإرهاب.
ففي بلجيكا قال ممثلو الادعاء العام إن الشرطة ضبطت المشتبه به العاشر في هجمات باريس. ووقعت الهجمات في 13 نوفمبر تشرين الثاني وقتل فيها 130 شخصا وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عنها.
وألقي القبض على ستة آخرين في مداهمات لمنازل ببروكسل في تحقيق بشأن مخطط لتنفيذ هجوم في ليلة رأس السنة. واعتقل اثنان آخران في وقت سابق من الأسبوع الحالي ما دفع السلطات الى إلغاء عرض الألعاب النارية الذي اعتادت المدينة تقديمه في 31 ديسمبر كانون الأول والذي استقطب العام الماضي نحو 100 ألف شخص.
وقال رئيس البلدية ايفان مايير “لم نستطع ضمان السيطرة على كل شخص… العمليات جارية. شعرنا أن الأفضل عدم خوض أي مجازفة.”
وفي روسيا قال مسؤولون إن إغلاق الميدان الأحمر الذي جرت العادة أن يكون مركزا للاحتفالات جاء ليتسنى تصوير حفل موسيقي يقام بمناسبة رأس السنة.
لكن الشركة التلفزيونية المعنية نفت ذلك ما أثار تكهنات بأن السبب الحقيقي هو الخوف من وقوع هجوم. وبدأت روسيا قصف أهداف لمقاتلي المعارضة في سوريا في 30 سبتمبر أيلول دعما للرئيس السوري بشار الأسد وبعد ذلك بشهر سقطت طائرة روسية في مصر قتل كل من كانوا على متنها وعددهم 224 في هجوم أعلن تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عنه.
ظلال تخيم على باريس
بعد سبعة أسابيع من أحدث الهجمات وقبل أسبوع من الذكرى الأولى لقتل رسامي كاريكاتير وموظفين بصحيفة شارلي إبدو الساخرة تستقبل باريس العام الجديد بما وصفتها رئيسة البلدية آن ايدالجو بأنها “أجواء من الرصانة والوحدة.”
واختصرت المدينة عرضا للفيديو والضوء بمناسبة العام الجديد عند قوس النصر منتصف الليل وألغت عرضا للألعاب النارية لتقليل أعداد الحشود. وانتشر الجنود في المزارات السياحية الرئيسية مثل كاتدرائية نوتردام التي كان يزورها سائح من استراليا يدعى مارك سكاروت.
وقال سكاروت “نشعر بالأمان. ليلة رأس السنة ستكون مختلفة قليلا بالنسبة لهذه المدينة. لا أظن أننا سنذهب الى أماكن الجذب الرئيسية بسبب الأمور التي حدثت.”
وعمق العام الذي شهد أعنف هجمات المتشددين منذ عام 2004 في أوروبا من أجواء القلق والارتباك. وأظهرت أدلة تسلل اثنين من منفذي هجمات 13 نوفمبر إلى القارة وسط موجة من اللاجئين من الشرق الأوسط مما زاد المخاوف بشأن أزمة المهاجرين وزاد من قوة الأحزاب القومية اليمينية في مختلف دول الاتحاد الأوروبي التي تريد وقف تدفقهم.
وفي 26 ديسمبر كانون الأول قالت شرطة فيينا إن جهاز مخابرات “صديق” حذر عواصم أوروبية من احتمال وقوع هجوم بالرصاص أو تفجير قبل العام الجديد وهو ما دفع الشرطة في أنحاء أوروبا لتعزيز إجراءاتها الأمنية.
حماية المحتفلين
ومن المتوقع أن يخرج الكثير من الأوروبيين للاحتفال لكن وسط وجود أمني مشدد أكثر من المعتاد.
ويتوقع منظمون أن يتجمع أكثر من مليون شخص عند بوابة براندنبورج في برلين لمشاهدة عرض الألعاب النارية عند منتصف الليل. وقال متحدث باسم الشرطة إن نحو 150 شرطيا إضافيا سينتشرون لتأمين الحدث الذي لن يسمح فيه بحمل الحقائب وخاصة حقائب الظهر.
وقالت السلطات في مدريد إنها ستزيد أعداد رجال الشرطة وعمال الطوارئ بنسبة 15 في المئة عما كانت عليه قبل عام من أجل احتفالات العام الجديد.
وسينتشر نحو ثلاثة آلاف شرطي في وسط لندن وستزيد أعداد الضباط المزودين بأسلحة نارية في محطات قطارات الأنفاق الرئيسية وحولها.
وقال متحدث باسم قوة الشرطة الإيطالية إنه ستكون هناك زيادة تتجاوز 30 بالمئة في الضباط المنتشرين في أنحاء البلاد عن عددهم قبل عام “ليس لأنها رأس السنة ولكن بسبب ما حدث في 13 نوفمبر في باريس.”
البقاء في المنازل
وفي مدينة اسطنبول التركية التي تربط بين قارتي أوروبا وآسيا قالت الشرطة إنها زادت أعداد أفرادها في الشوارع بنحو عشرة آلاف بفضل عمل رجال الشرطة لساعات إضافية.
وقالت سيدة يلمظ (26 عاما) المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات “في الأحوال العادية أرتاد الحانات على الجانب الاسيوي من اسطنبول لكن هذا العام وبسبب خطر داعش (الدولة الإسلامية) سأقضي ليلة رأس السنة في منزلي.”
وألقت الشرطة التركية يوم الأربعاء القبض على اثنين يشتبه في انتمائهما للدولة الإسلامية ويعتقد أنهما كانا يخططان لتفجيرات انتحارية في ليلة رأس السنة بالعاصمة أنقرة حيث قتل تفجير انتحاري مزدوج أكثر من 100 شخص قبل أقل من ثلاثة أشهر.
وكانت شوارع كيزيلاي في وسط أنقرة مزدحمة بعد ظهر يوم الخميس على الرغم من الخطر الأمني ودرجات الحرارة التي هبطت إلى تحت الصفر. وقال صالح الذي يعمل في واحدة من حانات كثيرة بالمنطقة إن الاعتقالات الأخيرة أشعرت الناس بالقلق.
وأضاف “هذا يجعل الليلة أصعب لكن هذه مخاطر طبيعية. نتوقع استقبال 500 شخص هذه الليلة. نعتقد أنهم سيحضرون وسيكون هناك رجال أمن على الباب كالمعتاد.”
وقالت هند بالكيز وهي طالبة إن كثيرين يفضلون الابتعاد عن المناطق المزدحمة بالعاصمة.
وأضافت “بالطبع نحن خائفون. الوضع في تركيا شديد التعقيد في الوقت الحالي ونشعر بقدر من الخطر في أنقرة.”