استغرب الهجوم الشرس والغير مبرر الذي شنه كثير من الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي على وزير الإسكان ماجد الحقيل بعد تداول مقطع فيديو تحدث فيه عن مشكلة الإسكان والتي وصفها بمشكلة فكر وليست مشكلة موارد مالية أو مواد بناء أو حتى نقص أراض . نعم  ، الوزير قال الحق وأنا أشهد بذلك ، فكلها متوفرة وتستطيع من خلال كل تلك الموارد بناء منشآت سكنية راقية جداً بما يزيد عن حاجة المملكة ودول الخليج والدول العربية والإسلامية قاطبة . الوزير كان محقاً ، فلماذا إذاً السخرية والتهكم من معاليه يا مواطنين يا مجحفين !!؟ الفكر هو المشكلة ، والمشكلة لدى وزير الإسكان ونائبه ووكيله ومستشاريهم تكمن في أن الفكر والتفكر والاستنتاج والإستنباط لديهم معدوم ، وأنهم غير قادرين على زعزعة أفكارهم لخلق أو إبتكار طرق وبرامج وخطط تحل قضية أم القضايا في السعودية . فمشكلة السكن أزلية منذ الأزل ، من أيام الفقر وبعد الفقر من قبل النفط وبعد النفط من قبل وزارة الإسكان ومن بعدها وستظل هذه المشكلة بازغة من قبل الفجر ومن بعده وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . ثم لماذا العجلة ؟ ألا تكفيكم العشش والخيم والمساكن الشعبية الآيلة للسقوط لتستر عوراتكم وتفي باحتياجاتكم ؟ لماذا تحلمون وتمنون أنفسكم بما لا يليق بكم وأنتم الطبقة الفقيرة الكادحة ؟ متى تفهمون يا مواطنين أن في كل دول العالم فقراء ؟ وأنه يتحتم علينا أن نتماشى مع النسق العالمي في هذا الجانب ، هل تريدون الشذوذ عنهم لتمتلكوا مساكن فاخرة بحجم غرفة الاستراحة الملحقة بمجلس ضيافة معالي الوزير في طرف حوش بيته ؟ هل تريدون أن يشمت بنا العالم ونصبح أضحوكة لأن الفقراء أصبح لديهم مساكن حديثة لا يعيبها الإّ بعض الإنشاءات الهندسية البسيطة كتهريب المياه من السقف للغرف الداخلية ورداءة السباكة وهشاشة القواعد وأعمدة البناء الآيلة للسقوط فوق رؤوسكم في أية لحظة . أم أنكم تريدون أيضا مسح تاريخ الضمان الاجتماعي وجعله من الأطلال وذكريات الفقر والذل والهوان ؟  ماذا تريدون بالضبط يا مواطنين يا مجحفين حتى تترصدون لوزير الفكر بكل هالات التندر والإستهزاء بفكر معاليه ؟ ألا تدركون أن المائتين وخمسين ملياراً التي خصصت لوزارة الإسكان حين صدر مرسوم ملكي بإنشاءها للبدء في خطة حل مشكلة الإسكان ليست كافية ، والعشرين ملياراً التي تمثل دعماً لوجستياً ليست بكافية أيضاً ، وملايين الأمتار التي تم توفيرها من البلديات لوزارة الإسكان ليست بكافية ولا مقنعة . اتفق تماماً مع معالي وزير (  الفكر والإسكان ) ، فمعاليه ونوابه ووكلائه حُمّلوا فوق طاقتهم وإمكانياتهم وقدراتهم المتواضعة جداً وهذا ما أراد الوزير قوله من خلال المقطع بطريقة التلميح لا التصريح واللبيب بالإشارة يفهم . نعم هي هذه الرسالة التي أراد الوزير إيصالها للمواطنين قبل أن تصل للملك ، فمعاليه يؤكد أن الشق أكبر من الرقعة وأنه لا حول له ولا قوة وأن اختياره كمن اختير من قبله في هذه الوزارة وغيرها ربما جاء بحسن ظن وربما على طريقة شختك بختك انت وحظك . وزير الإسكان الحالي وقبل اختياره وزيراً كانت له تغريدات عبر حسابه في تويتر ، نسف فيها الوزير السابق نسفاً فجعله قاعاً صفصفا لا عوج له ولا أمتا ، تهكم واتهم وسخر من الوزارة ومن فيها حتى السيكورتي أظنه لم يسلم من سخريته ، متهماً الوزارة بالفشل الذريع والفكر السقيم . كما تدين تدان ، هاهي الوزارة بين يديك فماذا فعلت ؟ لماذا خرجت تترنح وتكشف عن ضعفك وقلة حيلتك برغم المليارات التي وفرت والنواب والوكلاء والمستشارين وكل ما طلبته ورغبت فيه الوزارة تم توفيره بأضعاف مضاعفة . للأسف ضاعت الكثير من الأموال بسبب الاختيارات الخاطئة لبعض المسؤولين ، وخسرت البلاد الكثير من المشاريع لضحالة تفكير بعض المسؤولين ، وخسر المواطن الكثير من حقوقه لأن من وكل بتوفيرها له يرى أنه غير جدير ولا يستحقها ؟

علي صمان إعلامي وكاتب

somman11@hotmail.com