نحو ألفين "كم" .. هي بالتأكيد مسافة طويلة، ولا شك أنها مضنية وشاقة لكل من رام السفر (برا) من شمال الوطن إلى جنوبه، أو من جنوبه إلى شماله!
ومع أن المسافة طويلة وشاقة، بل أنها تقطع أنفاس المسافرين وتدفع بهم إلى التوقف (أكثر من مرة) لأخذ قسط من الراحة، وتجديد طاقاتهم قبل متابعة السفر!
إلا أن ذلك التفاوت "المكاني" لم يفلح في اعتراض وإنهاك "صرخات" شمالية انطلقت صوب الجنوب!، ولم تحل المسافات الطويلة بينها وبين أن تبلغني حيث أنا، و تحط رحالها (كريمة عزيزة) بفؤادي قبل أن تلامس رؤاي، و تستقر بمسمعي.. وأنا في (أقصى الجنوب) !
ولا مراء ولا شك في أننا وطن واحد وشعب سعودي واحد ، قد تفصلنا المسافات "مكانا" ولكنها تجمعنا "كيانا"!
سعوديون (بكل فخر واعتزاز) .. يجمع الانتماء شملنا، والوطنية توحد صفنا، وتربط الألفة والأخوة بيننا.
يجمعنا الولاء والفداء .
وآمنت الأرواح والأنفاس والعروق فينا والحواس بحبها لله والرسول ، ثم المليك والوطن. وأجمعت صادقة موقنة بذلك العقول و القلوب ، في شموخ النجم ورفعة السحاب، و رسوخ كما الرواسي و الجبال .
و من عروس الشمال "حائل" ومن أهالي محافظة الحائط "تحديدا" جاءتني رسائل "غالية"، لا يجوز لي أن أتجاهلها.. وكلها تحسن بي الظن، وفيها يأمل الأهالي والمواطنون هناك أن ابث همهم، وأبوح بشكواهم، ويرجون أن أنقل صوتهم (قرعا بقلمي) لمسامع المسؤولين بوزارة الصحة ، ولكل من قد تتحرك في نفسه النخوة والأمانة ، وينتكئ ضميره من أجلهم.
فهؤلاء مواطنون ومطالبهم.مشروعة ويسيرة، ولا يريدون سوى حقهم كمواطنين، أو بالأحرى بعض حقهم المنتقص من الخدمات الصحية - ( متى أخذ المواطنون حقهم من وزارة الصحة كاملا؟!) - ويرجون الرقابة عليها بأمانة ومسؤولية.
قلا يظنن احد أن أهالي الحائط يريدون من وزارة الصحة أن تحتشد برمتها، وتهرع إليهم في قافلة واحدة، فلا تقف ولا تستريح حتى توافيهم، وتنظر حالهم وتتلمس احتياجاتهم !
وليس من مطالبهم أن يقف أطباء الوزارة والمسؤولون فيها جميعا على حال الخدمات الصحية المريضة "المحتضرة" بمدينتهم!..
وأنا متأكد تماما أنهم لا يريدون أن (يشقوا) على معالي الوزير ، فيتجشم من أجلهم صعاب امتطاء صهوة طائرته " الخاصة " كي يفد على الحائط و يلقن الشهادة للخدمات الصحية التي تحتضر هناك، قبل أن تسلم الروح، وتنقطع بصدرها الأنفاس!
حاشا لله.. فلم يطالبني أحد منهم بذلك .
وأنا اشهد أن أهالي الحائط لايرضون لمعالية هذا الكبد والعناء!
وآمل أن يهدأ قلب معالي نائبه وكل قلوب مسؤولي الوزارة، فلم ترد التسمية لأحد منهم بعينه ! . فاسترح ياسيدي.. فالناس لا تريد لك العناء أيضا..!
ولسائل أن يسأل. إذن ماذا تريد أنت و ا"صحابك" أهالي محافظة الحائط؟!
إلا أنهم ليسوا أصحابي وحسب. بل هم أهلي وهم أخوتي وهم أحبتي وناسي!.
وسؤال من يسأل وجيه وفي محله. بكل تأكيد.
وأجيب السائل، والوزارة، وكل مسؤول هناك أو في صحة منطقة حائل وأقول :
يريدون وأريد منكم أن تتقوا الله فيهم، وأن تعلموا أنهم أمانة في أعناقكم! وإنهم يكابدون من تهالك الخدمة الصحبة ماالله به عليم!
ويهمسون بصوت خافت في أذن معالي وزير الصحة قائلين : يامعالي الوزير (إن الرقابة على الخدمات الصحية هنا غائبة).
في مدينتهم الحائط التي يزيد عدد سكانها عن (150) ألف نسمة وتحيط بها وتتبع لها نحو (300) قرية وهجرة!
وفي قلب هذا الصخب والازدحام السكاني والاتساع المكاني تشح الخدمات الصحية، والرقابة أيضا تكاد تكون غائبة.!
هذا الخضم ما حيلة المواطنين فيه ، وما عسى المريض أن يفعل حين يعاني فوق عناء دائه الإهمال وشقاء البحث عن علاج سقمه؟
وكيف لأحدهم أن يصنع إذا ما نزل به ما ينزل بالناس من نوازل البلاء والمرض... ؟
وما هو أسرع الحلول وأنجعها لديه؟
لا شك أن الحل الأمثل والذي يلجأ إليه (معظمنا) بحثا عن خدمة أفضل، وتفاديا للانتظار على "دكة" الأوجاع هو اللجوء إلى المستشفيات الأهلية والمراكز والمستوصفات الطبية الخاصة!
نعم قد يكون ذلك أحد الحلول بل هو مخرجنا الوحيد الذي نجد فيه بعض عزائنا أحيانا ، وما يسلي قلوبنا التي أدماها واقعنا الصحي المؤسف، والمؤلم في كثير من الحالات..!
ولا أعتقد أنني بحاجة إلى سرد الأمثلة واستعراض الشواهد، تدليلا على ذلك، فالحال ليس خافيا على أحد!
أعود للحل (الخاص) المدفوع الثمن ، الذي يسلك طريقه المواطن. بل وحتى كثير من مسؤولي وزارة الصحة والعاملين فيها ! ( ولا تخبروا أحدا بأن من بين مسؤولي الصحة والوزارة من لايثق بخدماتها الصحية)!
وقد يكون اللجوء للعلاج بالمشافي والمراكز الخاصة حلا مناسبا وبديلا يريح رؤوس المواطنين، ويخفف شيئا من معاناتهم ، بعيدا عن "دوشة" مرافق الوزارة الصحية وأوجاعها..!
لكن هل يتوفر هذا الحل لكل الناس؟ وهل هو متاح في كل الأمكنة؟
وهل لدى أهالي الحائط هذه الخيارات والحلول الخاصة البديلة؟!
هذا هو السؤال الذي تجهل وزارة الصحة كيف هو حال إجابته؟!
وليت في صحة "حائل" من ييرز بشجاعة، لينبئ معالي الوزير ويعلن للدنيا الإجابة!
فأين هي الصحة؟
وأين هي الرقابة؟!
وأين أنتم من (الحالمين) بخدمات صحية مثالية تثلج الصدور، وتمحو من صفحات كتاب حياتنا كلمات الشقاء ، وتستأصل كل سطور المتاعب والألم؟!
وكلنا حالم .. وفي انتظار تلك(الخصخصة)!
يا سادتي...
مع الأسف الشديد إن (مخرج الخاص) الذي هو حل اهالي الحائط الوحيد ومن حولها، ليس سوى داء يضاف على سقم!
"مستوصف أهلي" متهرئ "وحيد" عفا عليه الدهر، و أكل عليه الزمان و شرب، يقدم الداء قبل الدواء! وعلى حسابهم الخاص، ودون الاحتكام إلى قائمة أسعار ! .. وزيادة على ذلك ، قد يتعرض المراجع بعد نفض جيوبه -ربما- للاختلاس!
ولأن الحال مخز ومحرج ، وبلغ من السوء والتردي مبلغا لا يطاق ، وينتابني في استعراضه الضيق، ويعتريني الاكتئاب، ولذلك لن افصل تهالك الحال الذي فاق أعلى درجات العبث ، وتجاوز كل حدود "المهزلة".!
مستوصف وحيد معتل متآكل. يفتقر لكل شيء ويحتاج إلى كل شيء!
بالمختصر المفيد ،وبالوصف الدقيق لا أراه سوى : (مستوصف. "أدغال"، وخدمة على طراز «الصوملة»)!.
ولازلت اردد سؤال الحائط والمواطنين فيها :
أين وزارة الصحة؟ وأين هي الرقابة؟!
وأنا على يقين تام، بأن أحدا من الأهالي -في حالهم- الراهن، لن يسأل عن الأحلام الصحية الوردية، ولن ينادي مطالبا بأبسط الأحلام، حلم «الخصخصة»¡
و كل ما ترجوه "الحائط" خدمات صحية تستوعب مرضاها ، ورعاية صحية تحترم إنسانيتهم، ورقابة بأمانة ومسؤولية ،تحفظ حقوقهم!
وغاية المنى لديهم أن لا يستخف الطامعون في الربح والتكسب، بحياة الناس وأرواحهم.
إن أحلام الحائط ومطالب أهلها هي ذات المطالب والمنى لكل أرجاء وأبناء الوطن.
يا معالي الوزير ..
إن الحائط في "حب" ترجوكم : من قيود واقعها الصحي البئيس "التخلص والفكاك".
وفي "عشم و ثقة" تناشدكم : حسن التعهد والرعاية.
التعليقات 19
19 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
متابع
04/11/2015 في 1:54 م[3] رابط التعليق
مقال بالصميم . لله درك
(0)
(0)
متابع
04/11/2015 في 1:59 م[3] رابط التعليق
لله درك على المقال الناري كتبت واصبت
(0)
(0)
مبارك
04/11/2015 في 2:06 م[3] رابط التعليق
لامجيب لامجيب مابه أحد يسئل عن المنطقه بختصار وسلامتك
(0)
(0)
ابو علي
04/11/2015 في 3:48 م[3] رابط التعليق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته …. أسعد الله مسائك بكل خير
جزاك الله عنا كل خير. .
مقال بمحله وبوقته .فعلن هذا حال الصحه بمنطقة حائل
اتمني ان يصل هذا المقال إلى المسؤلين. ويلتقي ضمير حي.
كما تحث جميع شباب الحايط بمتابعة مثل هذه المواضيع المهمه
.والسلام عليكم ورحمه الله. …
(0)
(0)
ابو علي
04/11/2015 في 3:49 م[3] رابط التعليق
جزاك الله خير واحسن اليك
(0)
(0)
صميم
04/11/2015 في 4:19 م[3] رابط التعليق
الداء عام وليس خاص بالحائط فقط .. فكيف نجد الدواء !!
(0)
(0)
سالم حصيني الحايطي
04/11/2015 في 5:05 م[3] رابط التعليق
ما أروعك ويسلم بؤك أخي الكريم كتبت فابدعت وتممت واستحقيت الشكر والاحترام والتقدير ولكنا في زمان ،نقسو ولا ترحم ، نقطع ولا نصل ، ووزارة الصحه لا اسمع لا أرى لا أتكلم
(0)
(0)
سليمان الجايطي
04/11/2015 في 7:05 م[3] رابط التعليق
الأخ الكاتب حسين العقيل
اشكرك من الشمال حائل ومن حائط التاريخ فدك على مقالك الذي ضمد الجرح ونقلت بكل أمانة هموم أهالي المحافظة وبهذا يسرني أن ادعوك لزيارة المحافظة والاطلاع على واقعها وحاجتها لكتاباتك .
أخي الكريم الوضع الصحي بالحايط مزري وصحة حائل اهملت المحافظة وقراها وكذلك المستوصف الاقليمي الخاص مستوصف مزبلة فوالله العظيم لو يعلم وزير الصحة أن هنا مستوصف بهذا الشكل سوف يقدم استقالته من الصحة هذا المستوصف جتى في جنوب افريقيا دار فور لن نجد بها مستوصف بهذا الشكل .. مستوصف متهالك ولايوجد به سواء طبيب عام يقوم بكل التخصصات مع طبيبه عامه وهذا النقص اغفلته وزارة الصحة كما أنه يتعامل بالنظام القديم ورق مصور لم يكلف نفسه بطباعة الوصفات أو نماذح التقارير ولايوجد نظام آلي للملفات .
يارجل خدمات بالعافية تسير .
(0)
(0)
حسين العقيل
04/11/2015 في 7:48 م[3] رابط التعليق
استاذي العزيز سليمان
بعد التحية..
اشكر لكم هذا اللطف والثناء.. وانتم فعلا اهلي واحبتي وكلنا جسد واحد.. فانا منكم وانتم مني، وقسما بالله لم اكتب ما كتبت وانا اشعر اني غريب عنكم او عن الحائط بل كل مشاعري وخاطري ووجداني كانت بينكم ومعكم وشعرت اني اكتب لاهلي ولنفسي وعن مدينتي ودياري.
وانا معكم في الصفو والكدر وفي السعادة والالم.. لن ااتنكر لاهلي وابناء وطني في اي بقعة من بلادنا ولن ابخل عليكم بشئ اقدر عليه ابدا.. انا ابنكم واخوكم وكل مجتمعاتنا السعودية انا منها ولها.. وما اجمل ان يهب المرء نفسه لوطنه وخدمة اهله ويكون اقرب للضعيف من القوي وللفقير من الغني وللمظلوم من الظالم.
و اتشرف بزيارتكم ان يسر الله لي ذلك قريبا باذن الله. واشكركم وكل اهلي في حائط الشمال لكم سلامي ومحبتي
(0)
(0)
عبدالرحمن الرويضي
04/11/2015 في 7:49 م[3] رابط التعليق
الإنصاف مطلب وما احتوى المقال لم اجد به من اﻻنصاف شي!!
وتجاهل مايقدم من خدمه صحيه بمستشفى ومستوصف الحائط يجعلني اتاكد بان الكاتب ﻻينظر اﻻ بعين واحده!!
(0)
(0)
ابو عماد المالكي
04/11/2015 في 10:52 م[3] رابط التعليق
أحياناً التعبير عن الشكر و الامتنان لأشخاص فعلو الكثير لأجلنا و لا زالو يفعلون وذلك لقاء الجهد الكبير والعمل المتميز الذي قمت به لإيصال الرسالة ولك أهدي عبارات الشكر والتقدير ياحسين عقيل
(0)
(0)
طاهر
04/11/2015 في 11:39 م[3] رابط التعليق
بالعكس يقدمون جميع الخدمات التي لديهم ولا يوجد اي تقصير المواطنين هم من ينتقدون بسبب انهم لايريدون الانتظار مثل غيرهم وكان المستشفى لهم خاصة
(0)
(0)
المميز
04/11/2015 في 11:41 م[3] رابط التعليق
ابعرف الكاتب وش دراه عن مستشفى الحائط أضواء الوطن تتخبط بكتابها اصدقوا لله
(0)
(0)
معلم
05/11/2015 في 12:14 ص[3] رابط التعليق
نقص خدمات وسوء نظافة لانظافة ولاتعقيم للحمامات ولاتنظيم واهمال والكثير الكثير لابد ننظر من أين جا الخلل
(0)
(0)
معلم
05/11/2015 في 12:16 ص[3] رابط التعليق
شكل طاهر مدير مستوصف أو مستشفا يبرر أنه مافيه تقصير يازينك ساكت وتبلم فمك قل الحق أو اخرص
(0)
(0)
أبوعبدالرحمن
05/11/2015 في 12:19 ص[3] رابط التعليق
أﻻخ حسين عقيل
بيض الله وجهك على مادونته وتمنى تصل رسالتك للمسؤل
والحقيقه المستشفى يحتاج كادر طبي متخصص النقص بشري حسب ماسمع من ألاهالي وأهمال من شؤن الصحه لاتراقب ولا تتعب نفسها بمتابعة المستشفيات وأكمال النقص هناك
(0)
(0)
ابو نايف
05/11/2015 في 1:08 ص[3] رابط التعليق
بيض الله وجهك اخي حسين مقال في الصميم ليت هناك اذن صاغيه لمقالك كفيت ووفيت وحياك الله بين اهلك في الحائط ونتشرف فيك
(0)
(0)
الحايطي
05/11/2015 في 1:23 ص[3] رابط التعليق
اشكر الاخ حسين عقيل على هذا المقال الذي يحكي معاناة الاهالي من مستشفى محافظه الحائط .. وهو يعاني من الاهمال ونقص الكوادر الطبيه وماكتبت هذا المقال الا لحبك وغيرتك على اهل محافظه الحائط وما يجاورها ،، ولك جزيل الشكر والتقدير .
(0)
(0)
زائر
13/12/2015 في 9:59 ص[3] رابط التعليق
يعطيك العافية كاتبنا العزيز
كلام واقعي وحاصل ميه في الميه انا ضيف في المنطقة نظرا لعملي هناك
المستشفى يشهد اهمال اداري ويوجد به ادارة فاشلة فعلا للاسف يديره ممرض
شخص ممرض كيف له ادارة مستشفى وحيد يحيط بكل هذه القرى لا والاصح قريبه بادراة المستشفيات يسانده في هذا الفشل للمصالح الشخصية .
مالها حل الا ان ضمير احد من الشؤون الصحية بحايل لقطع هذه البؤرة وبعدها اضمن لكم التغيير بهذا المستشفى الفاااشل
(0)
(0)