في البداية يجب علينا توضيح الفرق بين الخلق والسلوك !!
الخُلق صفة مستقرة في النفس تكون فطرية أو مكتسبة ذات تأثير في السلوك .
أما السلوك فهو المظهر الخارجي لصفة الخلق، وهو صورة النفس الظاهرة الذي يدرك بالبصر، فمن كان خلقه محموداً كان سلوكه محموداً ومن كان خلقة مذموماً كان سلوكه مذموماً . وبذلك نستطيع القول بأن هناك تناسباً طردياً بين الخلق والسلوك ، ونحب أن نركز هنا على أن الخلق هو من يبني السلوك .
ان لسلوك الفرد تأثيراً كبيراً في مجالات الحياة الاجتماعية منها والمهنية على حد سواء ، تنعكس ايجاباً أو سلباً على حياة الفرد الاجتماعية والمهنية و هناك عوامل هامة تحدد سلوك الفرد في أن يكون محموداً أو مذموماً نذكر منها :
العائلة والتربية البيئية :
حيث تمثل العائلة الأساس الذي يبني السلوك لدى الفرد لذلك اهتمت الأديان والمجتمعات الحضارية ببناء العائلة وأكدت على تماسكها فيبدأ الفرد صغيراً باكتساب سلوكه المحمود أو المذموم من هذا المنبع ، ايضاً اختيار الصحبة الطيبة ومجالسة أصحاب الفكر السليم له دور كبير في اتجاه السلوك .
ثقافة المجتمع وقيمه وعاداته :
يتأثر سلوك الفرد بمؤثرات خارجية كثيرة يقع في مقدمتها ثقافة المجتمع وقيمه وعاداته وتقاليده ، ففي بداية احتكاك الفرد بالجماعة تظهر لديه القابلية أن يأخذ من قيمهم وتتشكل لديه روح الانتماء للجماعة ويصبح مندفعاً في قيمها وأعرافها وتقاليدها ، فإذا كانت هذه الأعراف واضحة لدى الفرد ومنسجمة مع بنائه الأسري نراها تتجسد دائماً في سلوكياته في الحياة الاجتماعية و المهنية ( العمل ) .
التأثر بالجماعات المرجعية :
إن الجماعات المرجعية سواء كانت سياسية أو دينية أو أدبية أو عشائرية أو عسكرية أو غيرها هي في حقيقتها مصدر مهم للسلوك الفردي الأخلاقي والغير أخلاقي وقد يكون التأثر بها سبباً في اتخاذ قرارات ايجابية أو سلبية ، لتكون لدينا سلوكاً محموداً أو مذموماً 0
المدرسة ونظام التعليم في المجتمع :
إن للنظام التعليمي دوراً في المجتمع وفي تكوين القيم والأخلاق وتنمية السلوك الأخلاقي لدى الأفراد و بناء شخصية الإنسان على أساس متين من الأخلاق الفاضلة والسلوكيات الإيجابية المحمودة .
الإعلام والصحافة ومؤسسات الرأي :
يعبر البعض عن الصحافة بكونها مرآة المجتمع ، وفي نفس الوقت فإن الصحافة و وسائل الإعلام الأخرى تبث قيماً وأفكاراً تصلنا حيثما نكون فهي أدوات واسعة الانتشار وكبيرة التأثير . فهي تتمحور خلال ثلاثة عناصر مهمة وهي المرسل – الرسالة – المستقبل ، لذلك نرى لها تأثير مُطلَق على الفرد والجماعة بحيث تُغيِّر سلوكهم وأفكارهم .
مجتمع العمل:
يؤثر مجتمع العمل بكل مكوناته على الأفراد ويغير من أخلاقياتهم ويفرض عليهم سلوكيات جديدة ، من خلال الوظيفة التي يمارسها الشخص ، فاحترام الوقت والتعاون وحب العمل الجماعي والمشاركة في الرأي وتحمل المسؤولية واستعمال السلطات وإصدار الأوامر أو تلقيها كلها أمور مهمة تنعكس على قناعات الشخص وسلوكه اليومي سلباً أو إيجاباً ، وقد ثبت أن بعض المنظمات قد تحولت فعلاً إلى مجتمع صالح تنمو فيه السلوكيات الصحيحة وترفض الفاسدة منها وبهذا اصبحت في مقدمة المنظمات المتطورة والناجحة .
القوانين والتشريعات واللوائح الحكومية :
القانون في مجمله هو مجموعة من القواعد التي تحكم وتنظم سلوك الأفراد في الجماعة وتوفق بين مصالحهم والتي يفرض على مخالفها جزاء توقعه السلطة العامة، والقانون بهذا المعنى ليس إلا مجموعة من القواعد السلوكية والاجتماعية ، وإن الحاجة إلى قواعد القانون لا تبدوا إلا مع قيام الجماعة حيث تظهر الحاجة إلى تنظيم علاقات أفراد هذه الجماعة بعضهم البعض ، فالحياة الاجتماعية تقتضي ضبط علاقات الأفراد وإخضاعها للقيود التي ترمي إلى تحقيق التوازن بين الجانب الفردي والجانب الاجتماعي لتحقيق الاستقرار والسلام في الجماعة وبذلك نجد أن القانون يحدد ويضع المعايير المقبولة في الحياة الاجتماعية ومجال الأعمال التي تعمل بدورها على التوجيه الإيجابي .
الخبرة والضمير الإنساني الصالح :
الضمير ( الرقابة الذاتية ) هو الرادع الداخلي الذي يقدر ما هو حسن وما هو قبيح، فيساعد الانسان على اتخاذ السلوك المحمود والقرار الصائب ، والتخلي عن السلوك المذموم والقرار المخالف للقواعد الصالحة والضوابط الاجتماعية السليمة.
كما تعتبر الخبرة التي يتمتع بها الفرد مصدراً مهماً لتكوين سلوكياته في العمل وتمتعه بأخلاقيات معينة تجاه الإشكالات والقضايا المطروحة .
ختاماً : إذا كانت تعاملاتنا ذات سلوكاً محموداً حضينا بمجتمع صالح متقدم فكرياً وعملياً .. و إذا ما سلكنا السلوك المذموم فنحن نتجه إلى الطريق الخاطئ ، فالسلوك الأخلاقي والمهني فلسفة فكرية مهمة ومطلوبة بين أبناء المجتمع .