" لو ينبت براسك نخل " مثل عامي دارج يفيد استحالة وقوع الشيء على غرار " اذا حجت البقر ... " ولكن حقيقة بدأت افقد الثقة بهذا المثل وأظن أن صلاحيته ستنتهي مع مرور الوقت ويختفي من قائمة أمثالنا الشعبية لأنني لا استبعد أن نشاهد من أحفادنا أو أحفادهم من قد نبت في رأسه - لن أبالغ وأقول نخلة - ولكن قليل من العشب !! واخشى ما اخشاه أن يتطور الوضع و تتحول ( صلعات ) بنى البشر إلى رياض غناء !! نتيجة لتشبع الغذاء بأنواعه بالأسمدة الكيميائية و الهرمونات النباتية والحيوانية و المبيدات الحشرية المخالفة للمواصفات والتي تستخدم بصورة مبالغة فيها وعلى نطاق واسع بهدف تحسين وزيادة جودة الإنتاج والمنافسة بدون النظر إلى ما قد يؤثر على صحة وسلامة الإنسان مما ينتج عنه وصول هذه التركيبات الكيميائية إلى أجسادنا و تراكم المبيدات في الخلايا والأنسجة وكل ذلك أدى إلى انتشار بعض الأمراض المزمنة والقاتلة والتي لم تكن منتشرة بهذه الصورة قبل عقود كأمراض الكبد والكلى والسرطان والتي أصبحت تشكل أيضاً عبئاً اقتصادياً على المجتمع.‏

مما يخفى على الكثير أن من هذه السموم أنواع لا يزول أثرها حتى بالطبخ لذلك لابد من البحث عن البديل الآمن ولا أظن أن هناك أكثر أمانًا من أن يزرع الانسان بيده ليأكل من حصاده وبفضل التقنيات الزراعية الحديثة لم تعد هناك تحديات كبيرة إذ أصبح بالإمكان الزراعة بالمساحات الصغيرة كالأسطح والبلكونات وداخل المنازل وكذلك الاستغناء عن التربة وهو ما يعرف بالزراعة المائية.

دعوة لك أيها القارئ الكريم لتجربة الزراعة المنزلية سواء بالطريقة التقليدية العضوية أو بالتقنيات الحديثة كالزراعة المائية أو السمكية أو الهوائية سواء كنت من محبي الزراعة أو لم تكن فهي فكرة تستحق التجربة وإن لم تكن ذات عائد اقتصادي كبير فإنها بلا شك ذات مردود نفسي فهي تدخل البهجة والسرور وتضفى جمالاً على المنزل و مردود صحياً بتنقية الأجواء المحيطة وضمان نظافة وسلامة ما تأكله العائلة ولها أيضا مردودًا تربويًا على الأبناء فهي تزرع فيهم المسئولية والاهتمام والصبر والتأني وتشجعهم على الأكل الصحي وتنمى مداركهم وتزيد معارفهم بالسؤال والاكتشاف

لن يتسع المقال لذكر كل شيء لكن بادر وانطلق وابدأ بزراعة غذائك بيدك و ثقف نفسك في هذا المجال بالاطلاع وسؤال أهل الخبرة واكتشف فوائد البستنة المنزلية.