كان لإطلاق وتفعيل وزارة التعليم القنوات التعليمية لكل مرحلة دراسية، لمدة خمس ساعات يوميا، واعتبار هذا العمل من البدائل التعليمية الإلكترونية التي تسهل وصول التعليم وضمان استمراريته حدثا كبيرا ومهما للتعليم.. حول هذه القنوات ومدى أثرها في العملية التعليمية وحسب تقرير نشرته “الجزيرة” للزميلة غدير الطيار أكد الدكتور مشعل السلمي رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي في مجلس الشورى قائلاً: إن إطلاق وزارة التعليم مع بداية هذا العام الدراسي 12 قناة تعليمية تغطي جميع صفوف التعليم العام من الصف الأول الابتدائي إلى الصف الثالث الثانوي يُعد حدثاً داعماً لتطوير وتحديث المنظومة التعليمية، وتنويع وسائل تقديم المنهج الدراسي، وتقديم وسائل تعليمية حديثة تجذب الطلاب والطالبات للتعليم والتحصيل، وتردم الهوة بين ما يقدم لهم في المدارس من وسائل تعليم تقليدية وبين استخدامهم وسائل التقنية الحديثة في منازلهم، بحيث ترسخت في عقول كثير من طلابنا وطالبتنا أن وسائل التقنية الحديثة ـ كالأجهزة اللوحية على سبيل المثال ـ تستخدم فقط للتسلية والترفيه وليست للتعلم والتحصيل. فالقنوات التعليمية تعتبر خيارا آخر لمساعدة الطلاب والطالبات في منازلهم على استيعاب المنهج الدراسي. فالطالب والطالبة لم يُعد فقط يتلقى المنهج الدراسي من المعلم والمعلمة داخل الفصل الدراسي، بل يستطيع متابعة القناة التعليمية لفصله الدراسي والاستفادة منها، ومساعدته على استدراك ما فاته أو فهم ما لم يستطع فهمه داخل الفصل الدراسي. أيضاً هي تُعد بديلاً مناسباً لمواجهة العوائق التي قد تمنع مؤقتاً وصول الطلاب والطالبات لمدارسهم كما في مدارس الحد الجنوبي، بحيث يتم ضمان تقديم التعليم واستمرارية في مثل هذه الظروف الطارئة والمؤقتة.
هذه القنوات لا تزال في مرحلة البداية، وهي تحتاج إلى مزيد من التحديث والتطوير، وبث ساعات أكثر، وقد ترى الوزارة دراسة تحويلها في المستقبل إلى قنوات تعليمية تفاعلية، يستطيع الطلاب والطالبات ليس فقط متابعتها بل المشاركة فيها والتفاعل معها.
من جانبها تحدثت الدكتورة سلوى بنت عبد الله فهد الهزاع عضو مجلس الشورى أستاذ محاضر، كلية الطب؛ جامعة الفيصل رئيس واستشاري أمراض وجراحة العيون كبير العلماء واستشاري الأمراض الوراثية في مستشفي الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث قائلة: إن تفعيل وزارة التعليم قناة تعليمية لكل مرحلة له أثرة في استمرار التعليم، مؤكدة ان القنوات التعليمية أحد البدائل التعليمية، التي تضم حلولا إلكترونية وفضائية تعتمد على الإنترنت والأقمار الصناعية، والقنوات، مشيرة إلى أنها جاءت كبديل تعليمي في المناطق، التي لا يتوافر فيها اتصالات إنترنت أو سرعة إنترنت غير كافية، كما أن تصنيف القنوات على أساس المرحلة الدراسية، وتخصيص قناة لكل مرحلة دراسية، بمتوسط خمس ساعات يوميا تعاد عدة مرات يوميا، بحيث يتاح متابعة القناة في حال اختلاف المراحل الدراسية داخل الأسرة، تعتبر خطوة رائدة وتسجل لوزارة التعليم ممثلة بوزير التعليم، وندعو الله أن تحقق الهدف المرجو منها.
في نفس السياق تحدث ا.د. فهد بن سلطان أستاذ السياسات التربوية بجامعة الملك سعود قائلا: يعد التعليم عن بعد والتعليم الإليكتروني بدائل تعليمية يمكن الاستفادة منها في المجال التربوي والتعليمي. لقد غيرت التقنية ووسائل الاتصال الحديثة أساليب العيش والتعلم عبر عقود من الزمن، وأصبح من الضروري على مؤسسات التعليم ان تتعامل مع هذه المتغيرات بصورة أكثر فعالية، وان تتكيف مع هذا الواقع الجديد. حيث يقضي الطلاب ساعات طويلة لمشاهدة البرامج التلفزيونية أو لتصفح الإنترنت، والسؤال المهم هو كيف لنا أن نجعل هذه الوسائل وسائل فاعلة في مجال التعليم والتثقيف؟ وإطلاق القنوات يعد حدثا مهما من قبل الوزارة وان توافر التقنية ووسائل الاتصال الحديثة فرصة هائلة لتطوير التعليم ونقلة من نطاق التقليدية والرتابة إلى عوالم أوسع من التفاعل والمتعة والمشاركة المعرفية والثقافية، موضحاً ان التحدي الأكبر هو توفير المحتوى التعليمي المناسب الذي يجمع بين التعليم والتشويق، بين المعرفة والمتعة. فللأسف مازال المحتوى التعليمي التثقيفي باللغة العربية محدوداً، وكما يعلم التربويون ان أحد الأسس العلمية التربوية هو المنهج الصحيح الذي يخاطب الطالب مراعياً الإبعاد العمرية والنفسية والاجتماعية للمتعلم.
المطلوب من وزارة التعليم هو ألا تبدأ من نقطة الصفر وإنما يجب الاستفادة من التجارب الدولية ومن خبرة المنظمات الدولية المتخصصة والعاملة في المجال التربوي كاليونسكو واليونيسيف وغيرها، ودراسة تجارب بعض الدول التي عملت في هذا المضمار لعقود طويلة.
ولنجاح مشروع وزارة التعليم يتطلب ذلك اولاً توفير المحتوى التربوي المناسب، اختيار المتحدثين والمعلمين الأكفاء أصحاب التأثير الذين يملكون قدرة الجذب والتفاعل وكذلك تطوير قنوات التفاعل والتواصل بين المرسل والمستقبل، بحيث لا تتحول العملية التربوية إلى عملية رتيبة ومملة.
من جانبه عبر مدير تعليم جازان عيسى الحكمي قائلاً: أضافت البدائل التعليمية المتنوعة التي أتاحتها وزارة التعليم خيارات متعددة لطلاب مدارس الشريط الحدودي، ومكنتهم من اتخاذ الوسيلة المناسبة للتعلم حسب ظروفهم وأماكن سكنهم.
وعد الحكمي البدائل التعليمية التقنية رافدا هاما للتنمية المستدامة بدعمها للتعليم المستمر خارج الفصول التقليدية وعلى مدار اليوم والعام بكافة قنواتها التلفزيونية ومواقعها وبرامجها التفاعلية المجهزة بأحدث ما أنتجته التقنية المعاصرة. وهذا يعكس توجهات القيادة الحكيمة وحرصها على بناء المواطن السعودي وتسخير كافة الإمكانات لتطوير التعليم باعتباره الركيزة الأساسية.
وفي سياق متصل قال ناصر بن سليمان المنيع مدير عام التعليم بمنطقة نجران: إن وزارة التعليم لم تقف مكتوفة الأيدي أمام الأزمة التعليمية التي واجهتها مناطق ومحافظات الجنوب جراء الحرب الدائرة هناك، بل أثبتت وفي فترة وجيزة جدا أنها قادرة على إدارة الأزمات المفاجأة، وما إحلال البدائل التعليمية الإلكترونية إلا دليل واضح على ذلك، حيث تعتبر هذه التقنيات الحديثة رافداً لتسهيل وصول التعليم وضمان استمراريته تحت أي ظرف ووفق منظومة كوادر بشرية مؤهلة لقيادة عجلة التعليم الإلكتروني عبر برامج بديلة لمواجهة أي عائق قد يعترض وصول الطالب لمدرسته، وتتمثل هذه البدائل التعليمية الإلكترونية في فصول افتراضية وحقائب تعليمية ومقررات تفاعلية وأكثر من 12 قناة تعليمية تبث عبر قمر عرب سات يستطيع متابعتها ملايين الطلاب والطالبات واستخدامها بديلاً جاذباً في العملية التعليمية، إضافة للنقلة النوعية في المدارس الافتراضية الذكية.
ولعلنا اليوم إزاء هذه الخطوة الجريئة والتغيير الجذري في أسلوب تقديم المنتج التعليمي الذي أوجدته ظروف الحرب الدائرة على الحد الجنوبي العزيز نستطيع وضعها ضمن سياقات متعددة، أهمها أنها ساهمت في انفتاح المدرسة على المحيط الخارجي من خلال تبني فكرة العالم كفصل دراسي مفتوح، والأدوات التكنولوجية كمفتاح للاستفادة من المعرفة وأثبتت أن وزارة التعليم تملك الكفاءات القادرة على بناء خطط عملية وفاعلة لمواجهة الأزمات.
ومن جانبه أكد الدكتور عسيري بن احمد الاحوس مدير التعليم بمحافظة صبيا أن البدائل التعليمية سوف تسهم في تطوير التعليم لدينا، وان هذا المشروع وطني ويستفيد منه جميع الطلاب في مملكتنا ومن سياسة حكومتنا الرشيدة، وان وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل يحثنا من خلال اجتماعاتنا على الاهتمام بجودة ما يتم تنفيذه من دروس يتم تنفيذها من قبل المعلمين في الميدان التربوي.وقال الدكتور الاحوس عن البدائل التعليمية في مدارس الشريط الحدودي: من اللحظات الأولى لهذه الأزمة الطارئة عملت إدارات التعليم على التعامل مع الوضع باقتدار تام، حيث شُكلت لجان للطوارئ تعمل على وضع الخطط والبرامج التي تسهم في إكمال أبنائنا الطلاب والطالبات مسيرتهم التعليمية.
وأضاف الاحوس قائلاً: تسهم هذه البدائل في تحقيق مبدأ التعلم عن بُعد وتسهيل حصول طلاب وطالبات الحد الجنوبي على التعليم، وفق تلك الخيارات المتعددة التي تضمن لهم الاستمرارية، وقد نبعت الفكرة الأولى للتعامل مع هذا الوضع بتقسيم تلك المناطق إلى ثلاث نطاقات هي: النطاق الأحمر، والنطاق الأصفر، والنطاق الأخضر.
ويمثل كل لون من هذه الألوان مدلولاً خاصاً بحسب درجة الخطورة المتوقعة اعتماداً على البعد الجغرافي عن الشريط الحدودي، حيث يمثل اللون الأحمر المدارس الأخطر واللون الأصفر الأقل خطورة واللون الأخضر الأكثر التعليم أمناً.
تلا ذلك إطلاق المشروع الأبرز لوزارة التعليم بمسمى البدائل التعليمية والتي تمثلت في مسيرتهم التعليمية. كما أتيح لأولياء أمور الطلاب الراغبين في الانتقال من النطاقين الأحمر والأصفر إمكانية إلحاق أبنائهم بأي مدرسة من مدارس المملكة كطالب زائر، أو الالتحاق بنظام الانتساب. واستعرض الاحوس تلك البدائل التعليمية والجهود التي بذلت في سبيل تحقيقها:
البديل الأول: قنوات دروس التلفزيونية
أطلقت وزارة التعليم (12) قناة تلفزيونية تعليمية باسم «دروس»، حيث يتم تقديم الدروس المشروحة من خلالها، وخصصت كل قناة بصف معين وانطلق البث مع بداية العام الدراسي الحالي.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن إدارات التعليم تولت تصوير الدروس التعليمية التي ستعرض عبر تلك القنوات بجهود ذاتية متميزة وعلى أيدي خبراء تربويين من أبناء المنطقة. فعلى مستوى إدارة تعليم صبيا يتم وبشكل يومي تصوير دروس خاصة بالصف الخامس الابتدائي ليتم بثها عبر القناة الخاصة بالصف الخامس الابتدائي، وكذلك اللغة الإنجليزية للصف السادس الابتدائي.
البديل الثاني: بوابة «عين»
فقد أُطلقت منصة تعليمية تحت مسمى «عين – بوابة التعليم الوطنية» وهو برنامج يتم شرح الدروس عبر فصول دراسية افتراضية، يلتقي من خلالها المعلم بطلابه ليقدم لهم شرحاً وافياً لمقرره الدراسي في بيئة افتراضية تحاكي البيئة المدرسية وفصولها في جو من التفاعل المتبادل بين المعلم وطلابه، وتتيح هذه البوابة التعليمية التغلب على عامل المكان فلا يتطلب هذا النوع من التعليم وجود الطلاب مع معلميهم في نفس المكان، بل تتم الاستفادة من شبكة الإنترنت والهاتف المحمول.
وعلى مستوى تعليم صبيا فقد تم تدريب 200 مشرف ومشرفة ومعلم ومعلمة للتعامل مع بوابة عين الإلكترونية. وهناك أعداد مماثلة في بقية المناطق المتاخمة للشريط الحدودي، ومنحهم صلاحية الدخول للبوابة ولقاء طلابهم، ومن نتائج تفعيل هذه البوابة التعليمية فقد تم افتتاح أكثر من 90 فصلا افتراضياً منذ بدء العام الدراسي للبنين والبنات.
البديل الثالث والرابع: الحقائب التعليمية والمقررات التفاعلية
ويأتي هذا البديل التعليمي ليوفر لأبنائنا الطلاب والطالبات أكثر من 330 كتاباً تفاعليا عبر تطبيق إلكتروني متاح للأجهزة اللوحية، يمكن للطلاب الاطلاع على تلك المقررات من منازلهم.
ومن الجهود التي بذلت لتوفير الدعم للطلاب فقد تم تجهيز عدد من تجهيز مراكز الدعم الاستشاري للبنين وآخر للبنات في مكاتب التعليم. وبما أن هذه المدارس جميعها تابعة لمكتب التعليم بمحافظة الدابر، فقد اعتمدت إدارة تعليم صبيا خيار التعليم عن بعد حفاظاً على سلامة الطلاب وحرصاً على تعليمهم مع إتاحة الفرصة لأولياء الأمور الراغبين نقل أبنائهم إلى أي مدرسة للتعليم المباشر. مما تطلب اعتماد مركزين للدعم والاستشارة أحدهما للبنين والآخر للبنات يتولى كافة أعمال التجهيز والتدريب والإدارة والدعم والاستشارة لكل من الطالب والمعلم وولي الأمر، ومنح المركزين كافة الصلاحيات لإدارة العملية بكافة متطلبات نجاحها المادية والبشرية والتقنية، على أن يتولى المركزان تهيئة وتوعية الطلاب وأولياء أمورهم للتحول لهذه المرحلة وبشكل رسمي عن طريق المحافظة والمشايخ والوجهاء.
الشراكات المجتمعية
– قدمت شركة الاتصالات والمعلومات حافلات متنقلة تحتوي على معامل حاسب إلى متكامل.
– قدمت شركة كلاسيرا للتعليم الإلكتروني مبادرة بعنوان «وطن واحد»: وهي شركة عالمية مقرها الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية في ولاية أوكلاهما وتقدم كلاسيرا خدماتها في الشرق الأوسط داخل أعرق المدارس الخاصة والحكومية منذ أكثر من 15 سنة داخل المملكة العربية السعودية، وتعد بيت الخبرة الوحيد في المملكة حيث تهدف لتقديم مدرسة إلكترونية افتراضية، وتم التواصل معها من قبل قسم تقنية المعلومات وتم البدء بالتعاون بالإجراءات التالية :
– إرسال بيانات الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات لإنشاء اليوزرات.
– وسيتم اليوم البدء في بث الدروس عبر برنامج كلاسيرا الإلكتروني.
– تم الاتفاق مع معلمي ومعلمات «مدارس الرياض» على تقديم الشروحات للطلاب والطالبات.
– تدريب المشرفين على البرنامج خلال أسبوعين ليتمكنوا بعد ذلك من تدريب المعلمين والمعلمات.
– تقدم شركة كلاسيرا أكثر من ستمائة ألف درس لكل الصفوف الدراسية.
– تقدم شركة كلاسيرا «مدرسة إلكترونية متكاملة» بمزايا متعددة، كما تقدم يوزرات لكل من أولياء الأمور ومديري المدارس والهيئة الإدارية في المدرسة.
وقال الاحوس: لم يتم اقتصار البدائل التعليمية على مدارس الحد الجنوبي التي تقع داخل النطاق الأحمر بل تم التوسع لتعم الفائدة والتوسع مستمر بشكل تدريجي.