هي عبارة سلبية تطلقها بعض ألسنة العامة لتشخيص حالة إنسانية ظهرت عليها أفعال شاذة ، أو تصرفات شاطحة ، كما تطلق عند حدوث واقعة غريبة، أو وقوع حادثة منكرة، كحالة من قتل زوجته وأبناءه الأربعة ، أو من اعتدى على أمه ، أو من فجر نفسه في المسجد ، ... والشواهد الدالة على ذلك كثيرة، والتي تجري بصفة يومية.
وحتى نكون أمناء صادقين، وعادلين دقيقين؛ في تشخيص الحالة، وبيان الواقعة ، فإننا نحتاج إلى معرفة الفرق بين المرض النفسي والمس الشيطاني، فالمرض النفسي اضطراب وظيفي في الشخصية ، والذي له مظاهر وعلامات، حيث تظهر على المصاب:
انطوائية على الذات، خجل مبالغ فيه، خوف زائد، عصبية ظاهرة، الكلام مع نفسه، أو بطريقة غير مفهومة، أو رفض الكلام نهائياً ، حدوث اضطرابات في النوم، زيادة أو نقص الشهية للطعام، التدخين بشراهة وكثرة، إهمال النظافة الشخصية، الشكوى من علل جسمية لم تثبتها الفحوصات الطبية،....
ويمكننا معرفة ماهية المرض النفسي، ونوع الاضطراب؛ من خلال المقابلة العيادية مع الطبيب والأخصائي النفسي، وبأداة الملاحظة المُقَننة، أو المقاييس العلمية الملائمة للبيئة، والتي تساعدنا في تحديد نوع العصاب أو الذهان ، ولعل اختبار الشخصية المتعدد الأوجه Mmpi من أفضل الاختبارات التي تقيس الاضطرابات ، والذي يطبق في أغلب العيادات النفسية.
أما المس الشيطاني فهو دخول الجان في جسم الإنسان وتسلطه عليه، والتحكم فيه، بحيث يؤثر في نفسه ، وتتأثر به تصرفاته، والذي له علامات ، ذكرها أهل التجربة والخبرة، منها:
وجود كراهية لقراءة القرآن الكريم, نفور من أداء الصلاة, وقوع ارتباك عند سماع الأذان, الشعور بضيق في الصدر, وقوع حركات غير طبيعية في بعض أعضاء الجسم؛ كتنميل وبرودة في الأطراف، أو حدوث آلام في أعضاء مختلفة؛ تختفي وتظهر, كذلك وقوع أحلام مزعجة مع حيوانات مخيفة؛ كالكلاب والثعابين ....
ولتحديد الحالة المصابة بالعين والحسد؛ فإن هناك علامات دالة على ذلك، مثل:
التثاؤب عند سماع القرآن ، نزول الدموع من غير سبب, وجود ثقل على الحاجبين وفي مؤخرة الرأس، أو في كامل الجسم ؛ وخاصة في الصباح الباكر، ظهور واختفاء حبوب وقروح جلدية, حدوث تدهور للحالة والصحة بشكل سريع, أو الإصابة فجأة بمرض عضوي خطير،....
أما العلامات الدالة على إصابة الفرد بالسحر فهي عديدة، ذكروا منها:
ظهور سواد وشحوب على الوجه, ضباب في العينين مثل الغشاوة, حرقة في المعدة, انتفاخ البطن، ثقل وخمول كامل على الجسم, حدوث ضيق في التنفس يشبه مرض الربو, آلام شديدة في البطن, رغبة في التقيؤ, عدم الرغبة في الأكل, إمساك شبه مزمن, كراهية الزوج زوجه عند اللقاء, ووقوع تغيرات مفاجئة في الطباع دون سبب، ....
إلا أن هناك شبهات ومشتبهات بين المرض النفسي والمس الشيطاني؛ وذلك في بعض الآلام والأعراض ، وفي بعض السمات والصفات، إلى درجة أن بعض الناس لا يفرقون بينهما، فيقع الخلط ، وتحدث التوهمات، وتزداد التراكمات.
ولكن نستطيع التمييز بينهما؛ من خلال شكل العين، التي تأخذ شكلاً حاداً مضطرباً عند المصاب بالمس، عكس المصاب بالمرض النفسي فشكلها طبيعي، كما إن المس يأتي فجأة دون علامات ولا مقدمات، ولا تفيد معه الأدوية الطبية، بل الرقية الشرعية وليس غيرها، حيث يتأثر الممسوس بالقرآن الكريم ويتفاعل معه بسرعة، عكس المرض النفسي ، والذي قد لا يحصل للمصاب به أي تأثر عند القراءة، كذلك فإن المصاب بالمس قد يكتب الله تعالى له الشفاء في جلسة واحدة؛ عكس المريض النفسي؛ والذي يحتاج إلى عدة جلسات.
وما يهمنا هنا هو تذكير من ابتلي بعلة من العلل، أو عارض من الأعراض؛ أن يهتم بترديد الأدعية النبوية الصحيحة، وأن يحرص على الرقية الشرعية السليمة، مع يقين تام أن الرقية ليست إلا سبباً في العلاج ، فالشفاء بيده سبحانه وتعالى؛ ينزله في الوقت الذي يشاء ، وبالطريقة التي يريدها (جل جلاله) ، فالشفاء ليس بيد أحد من البشر؛ مهما بلغ ذلك المخلوق من علم بأمور الدواء والعلاج، علماً أن الشفاء قد يتأخر لحكمة لا يعلمها إلا الله تعالى ، وقد يكون في ذلك الخير كله ، ( فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ).
د.عبدالله سافر الغامدي ـ جدة