رغم أن التفكير خارج الصندوق ضرورة وحاجة دائمة، وهو وسيلة خلاقة ومبدعة للوصول إلى حلولٍ جادة ومسؤولة، وهو ما تقوم عليه أغلب الدراسات الإدارية، وخاصة تلك المتعلقة بفقه الأزمات، التي تقوم على البحث عن بصيص أمل، أو نورٍ مبشر بقرب الفرج.
إلا أن من يحاول أن يفكر خارج الصندوق، ولو بحسن نية وصدق مقصد، فإنه يتهم بالانحراف والضلال، والخيانة والتفريط والارتهان، والضعف والخور واليأس، والفسق والزندقة والكفر.
وتعلو الأصوات المستنكرة والغاضبة، والمشككة والرافضة، بوجوب تكميم الأفواه، وكسر الأقلام، بل وقطع الرؤوس وضرب الأعناق، والمحاربة وقطع الأرزاق، منعاً للفتنة، وقطعاً للتجديف والإساءة والتشويه، وخلال ذلك تستخدم أسوأ الكلمات، وأقبح النعوت، وأشد المفردات قسوة.
وللأسف إن من يطلقها جوقةٌ من الببغاوات الذين لا يفهمون ولا يعقلون، ولا يحسنون غير ترديد الكلمات وتقليد الحركات، وتقديس المخلوقات، وتنزيه القيادات، وكأنها آلهة لا تخطئ، وأربابٌ لا تناقش ولا تراجع، ولا تنقد مواقفها ولا ترد أحكامها، رغم أنهم بشر، وليسوا أنبياء ولا رسلاً، وسيدهم وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم افتخر بأنه من البشر، وأنه إلى آدم ينتسب، وأنه ما كان إلا بشراً رسولاً، فاستمع إلى آراء أصحابه وأخذ منها ما استحسن، ورد بأدبٍ نبويٍ ما خالفه وعارضه، فما اتهم أحداً، ولا عاب على آخر رأياً.