بلغ إجمالي المبالغ التي تم إيداعها في حساب إبراء الذمة لدى البنك السعودي للتسليف والادخار حتى نهاية شهر يوليو الماضي قرابة 248 مليون ، وأكبر مبلغ تم إيداعها في عملية واحد بلغ 20 مليون ريال من إنشاء هذا الحساب عام 1426ه

حقيقة أولا يجب أن نشكر هؤلاء الذين استيقظ ضميرهم وأعادوا الأموال التي حصلوا عليها بغير وجه حق براءة لذمتهم في الدنيا والآخرة .

نأتي للأهم اعتقد إن المبلغ لا زال يمثل حجم متناهي الصغر من حجم الفساد الذي مرت به البلد طوال السنوات الماضية ، وأتصوّر لو تم استرجاع الأموال التي سُلبت من المال العالم سواء بصحوة ضمير أو بطرق قانونية فسوف تكو مبالغ خيالية تنوء بحملها خزائن كل البنوك في العالم .

أيضا القضية ليست قضية أموال فقط فهناك الفساد في أملاك الدولة العينيّة من أراضي وسيارات ومعدات ومباني كذلك التصاريح والمناقصات والامتيازات والرشاوي.....الخ يعني حدث ولا حرج .

ولو تم استرجاعها أو جزء منها فأتوقع إنها سوف تمثل ميزانية للدولة قد تعتمد عليها لعدة سنوات بدلا من موارد الدول الأخرى لرصد الميزانية العامة .هناك مليارات الريالات التي نُهبت من المال العام وضررها ليس على الدولة فقط بل ساهمت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بسوء كثير من الأوضاع في البلد سواء في تنفيذ المشاريع أو تقديم الخدمات وبالتأكيد نتج عنها إزهاق الأنفس والضرر بالآخرين أو نقص في الأموال أو ضياع حقوق الناس .

وبعض رؤوس الفساد الكبير لو أفاق ضميرهم وأعادوا معشار ما سلبوه من المال العام أو اُسترجع قانونيا وتخلّصت الحكومة من مظاهر وآليات وثغرات الفساد وشددت الرقابة على المال العام والمشاريع ووفرت الخدمات ذات الجودة العالية للمواطنين والمطالب الضرورية للحياة من سكن وصحة وتعليم ومهما تفاقمت الأوضاع الاقتصادية محليا وإقليميا ودوليا وارتفعت الأسعار سواءً لأسباب منطقية أو غيرها فسيصبح لدى الحكومة قدرة على رفع الرواتب كل مرة وأجزم إننا سوف نسمع الناس تقول يوما من الأيام :
الراتب يكفي الحاجة وزيادة - وليس الراتب ما يكفي الحاجة .

فهذه المطالب التي نسمع بها من المواطنين والتذمّر والقصور والإهمال هي نتيجة حتمية للفساد وغياب الإصلاح الحقيقي في كثير من مناحي الحياة ، فمحاربة الفساد وفرض الإصلاح هو الطريق الأمثل والأقصر لبناء دولة مستقرة ومد الجسور القوية المتينة بين الحكومة والشعب وغرس قيم الوطنيّة وقطع الطريق على كل من يريد استغلال هذا القصور والفساد لصالحه .
وعودًا على بدء أتمنّى أن تستمر صحوة الضمير لدى الجميع ولا ينظر لغيره من المفسدين أو صور الفساد في البلد فسوف يحاسب أمام الله وحده ويسأل عن كل ما أخذه بغير وجه حق .

[COLOR=#FF003E]الكاتب : فهد العوين [/COLOR]