دأبت المملكة العربية السعودية على مد يد العون والمساعدة الإنسانية للدول العربية والإسلامية والصديقة، للإسهام في التخفيف من معاناتها ، جراء الكوارث الطبيعية، أو من الحروب، حتى سجلت أولوية بمبادراتها المستمرة في المساعدات والأعمال الإنسانية على مستوى العالم، بحسب التقارير الصادرة من منظماتٍ عالمية مهتمة بهذا الصدد.
وبحكم مكانة المملكة العربية السعودية الإسلامية فقد كانت خدمة الإسلام والمسلمين في جميع أقطار العالم في أعلى درجات سلم أولوياتها، وبذلت بسخاء جميع أنواع الدعم الذي استفادت منه جميع الدول العربية والإسلامية، وقامت بإنشاء المساجد ودور العلم، وتزويدها بملايين النسخ من المصحف الشريف، والمراجع ذات العلاقة بتبصير المسلم بأمور دينه ودنياه، بما يضمن عيشه بسلام وفعالية لمجتمعه.
وانطلقت المملكة في هذه الأعمال الخيرة من كتاب الله تعالى وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، اللذين تنتهجهما دستوراً وشريعة حياة، فأخذت من قوله تعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى” (سورة المائدة – 2)، وقول الرسول الكريم على الصلاة والسلام: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً” (متفق عليه)، نبراساً ومبدأً للعمل باتجاه الخير، خدمة للإسلام والمسلمين.
وأكد تقرير أعدّه فريق من خبراء البنك الدولي المتخصصون بالتنسيق مع صناديق التنمية العربية ولجنة المساعدات الانمائية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، نشر في عام 2010م، أن الدول العربية المانحة، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، كانت الأكثر سخاءً على الصعيد العالمي في تقديم المساعدات الانمائية الرسمية طوال العقود الأربعة الماضية.
وتشير إحصاءات صدرت عن الأمم المتحدة إلى أن المملكة تصدرت قائمة الدول المانحة للمساعدات الطوعية لتمويل عمليات الإغاثة الإنسانية في العام 2008م، حيث تجاوزت نسبة عطاءاتها ومساعداتها (6%) من دخلها القومي، بينما لا تمثل المساعدات الإنسانية التي تقدمها دول عرفت بالمصنعة، والأكثر ثراءً سوى 5.1% من دخلها القومي.
وتواصل المنظمات العالمية إنصاف الأعمال الإنسانية السعودية التي تُقدم كاستراتيجية ثابتة، لا تلتفت في تقديمها لأي أغراض سياسية، أو اعتبارات أخرى، فمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” العالمية، وعبر مديرها العام الدكتور جاك ضيوف، نوهت بجهود المملكة في العمل الخيري والإنساني المعني بدعم التنمية والإنتاج الزراعي في كثير من بلدان العالم الفقيرة والنامية، إلى جانب إسهامها الرائد في مكافحة الجوع والفقر على مستوى العالم.
وعلى المستوى الطبي والصحي العالمي أكد الاتحاد الدّولي لجمعيّات الهلال الأحمر والصّليب الأحمر عبر موقعه على شبكة الإنترنت ، أن المملكة من خلال هيئة الهلال الأحمر السعودي، تعد من أوّل الداعمين للاتحاد، مستذكراً تبرّع هيئة الهلال الأحمر السّعودي في العام 2012 بمبلغ قيمته مليون دولار لبرنامج الفجوة الرّقميّة الّذي أطلقه الاتحاد، بهدف دعم الإمكانات التكنولوجية لـ 21 جمعيّة وطنيّة طبية.
وفيما يتعلق بالدّعم الدّولي في هذا الجانب، عدّ الاتحاد هيئة الهلال الأحمر السّعودي شريكا أساسيّاً له، حيث أسهمت الهيئة بتحسين حياة الملايين من النّاس في جميع أصقاع العالم، بفضل برامج أنشأتها خارج المملكة للاستجابة لحالات الطّوارئ والأزمات في مختلف أنحاء العالم، وكانت من أوّل اللّذين لبّوا النداءات الإنسانيّة العاجلة في مختلف الدّول الّتي أرهقتها الأزمات والحروب كسوريا، العراق وقطاع غزّة.
وشهدت الأزمة التي تعيشها الجمهورية اليمنية الشقيقة في الوقت الحالي وقفة سعودية إنسانية، صنفها العالم نموذجا للعمل الإنساني، لتكون أحدث مبادرات المملكة الإنسانية وامتدادا لعهودٍ طوال في هذا الصدد .
فيما قدمت الحملة الوطنية السعودية لإغاثة النازحين السوريين واحدة من أسمى المثل في المساعدات الإنسانية للشعوب المتضررة من وطأة الحروب، وشملت تأمين الاحتياجات اللازمة للنازحين السوريين من وسائل تدفئة وحصص غذائية وصحية، وعمليات إيواء وإسكان للنازحين، ودفع الإيجارات .
وتفردت المملكة العربية السعودية على امتداد العقود الأربعة الماضية بالعديد من المساعدات التنموية للدول الأفريقية، غير المستردة التي بلغت (30) مليار دولار، فيما قدرت القروض التي أعفت منها عدد من الدول (6) مليارات دولار، في الوقت الذي قدم فيه الصندوق السعودي للتنمية قروضاً إغاثية ميسرة لتمويل (345) مشروعاً وبرنامجاً إغاثياً في (44) دولة أفريقية، في القطاعات الصحية والتعليمية والاجتماعية والإسكان والبنية التحتية بمبالغ بلغت (6) مليارات دولار.
ووقعت المملكة سبع اتفاقيات في مجال التنمية مع الجانب الأفريقي بمبلغ تجاوز نصف المليار دولار، بجانب إسهاماتها في تأسيس العديد من المؤسسات التمويلية، لتسجل نفسها أكبر المساهمين في هذا المضمار، بمبلغ مليار دولار، كان من أبرز هذه المؤسسات المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، وصندوق التنمية الأفريقي.
وحظيت برامج ومنظمات الأمم المتحدة، ووكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، بدعمٍ سنوي من المملكة ، وصل حتى عام 2014م إلى أكثر من (90) مليار دولار، استفاد منها (88) دولة في العالم.
وسخرت المملكة الكثير من إمكاناتها، ووظفتها منذ (63) عاماً، لتكون عطاءً وغوثاً، وتبنته ديدناً لها، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله -، وقدمتها عبر حملات إغاثة، طالما بذلت لمؤازرة الشعوب التي أرهقتها المحن والشدائد والملمات، وبالتحديد منذ عام 1370هـ حينما أمر المؤسس – رحمه الله -، بتقديم مساعدات عاجلة لإقليم البنجاب في باكستان، أثناء تعرضه لفيضانات مدمرة، ومساعدات أخرى للاجئين الفلسطينيين في القطاع والضفة بعد النكبة.
وتواصلت الحملات الإغاثية السعودية منذ ذلك الوقت دون توقف، وأصبحت الطابع الأصيل والرسالة الإنسانية الراقية للمملكة ملكاً وحكومة وشعباً, وتنوعت وفقاً لحالات الكوارث التي ألمت بالدول المنكوبة منها المساعدات المؤقتة والتي ارتبطت بالظروف الطارئة مثل حالات اليمن وسوريا والجزائر ومصر، أثناء تعرض تلك الدول للحروب أو الكوارث الطبيعية، والمساعدات التي قدمتها للمتضررين من الجفاف أو الفيضانات التي اجتاحت دولاً أخرى، مثل بنجلاديش وإندونيسيا والصومال والسودان، الذي خص الأشقاء فيه بجسر جوي سعودي بلغ مائة وثمانين طائرة تحمل الغذاء والدواء والكادر البشري المدرب لتقديم ذلك, إضافة إلى أنواع أخرى من المساعدات اشتملت على القروض التنموية وتنمية الموارد البشرية والموارد الاقتصادية.
ووفقاً للتقارير التي صدرت في هذا الشأن عن هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية فإن المملكة تغطي في مجال المساعدات الإنسانية أكثر من (70%) من دول العالم، وقدمت خلال السنوات القليلة الماضية (136) بليون دولار مساعدات للدول النامية، و(3,586) ملايين ريالا، إعانات لمكافحة الجفاف، ومساعدات درء الكوارث، و(2,980) مليون ريال، لتعزيز التكافل الاجتماعي بين المسلمين، و(618) مليون ريال، لسبع دول أفريقية أصابتها الكوارث، و (850) مليون ريالا لدول إسلامية آسيوية.
كما بذلت المملكة مساعدات عاجلة وملحّة لـ (43) دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، و(34) دولة إسلامية في أفريقيا، وبلغت المساعدات غير المستردة والقروض الميسرة التي قدمتها لتنفيذ العديد من البرامج والمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في (35) دولة إسلامية (77) مليار ريالا .
ولا تزال عطاءات المملكة الخيّرة متواصلة في مختلف دول العالم، بتوجيه من الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الخرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد الزيز آل سعود – حفظه الله -، لمد يد العون للمحتاجين والمتضررين والفقراء.
ولعل تخصيص المملكة لمبلغ 274 مليون دولار، لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن، بعد أن أمر بها – أيده الله – مؤخراً، تأكيداً على تواصل الجهود السعودية في العمل الإنساني الدولي، وقبله العمل الإنساني الذي حمل شعار “الحملة الوطنية لإغاثة الشعب السوري الشقيق” الذي يعد واحداً من أهم المبادرات الإغاثية للمملكة، التي بلغت حتى مطلع شهر رجب الحالي 706 ملايين ريال، ولا تزال مستمرة، عبر أكثر من (141) برنامجاً إغاثياً ومشروعاً للنازحين السوريين، داخل سوريا، وفي مواقع تجمعاتهم، في كل من الأردن ولبنان وتركيا.
واليوم تتوج المملكة العربية السعودية عملها الخيري والإنساني الذي داومت على تقديمه لجميع الدول المحتاجة باختلاف ظروف احتياجها، بمركز الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود للإغاثة والأعمال الإنسانية في العاصمة الرياض، الذي سيدفع بعمل المملكة الإنساني العالمي لمزيد من العطاء والبذل، وفق أسلوبٍ تنظيمي يضمن دقة وصول المساعدات لمستحقيها وبصورةٍ عاجلة بدءاً بالجمهورية اليمنية الشقيقة، لاسيما وهو ما دأبت على فعله حكومة المملكة الرشيدة طوال تاريخها الإنساني والإغاثي، بتكفلها بالمصاريف الإدارية وأجور النقل، بالتنسيق مع الحكومات المستفيدة من الدعم، بجانب توليها أجور النقل في الداخل واستئجار المستودعات في البلدان المستهدفة من العملية الإغاثية والإنسانية، لتصل المبالغ المعلن عنها كاملة للمتضررين، بدقة وسرعة وشفافية ووضوح.