طلب أحد المعجبين بالقارئ المعروف الشيخ عادل الكلباني في تغريدة له أن يأتي فضيلته ليصلي بالحائليين في ليالي رمضان القادم (ودنا يا شيخ تجينا بحائل تصليبنا التراويح والقيام برمضان إن شاء الله). ولم يكن يخطر ببال هذا المعجب أنه سيُواجه برد عاصف من قِبل من يعده - في نظره طبعاً - أحد المشايخ الذين يعتز بهم، ويسمع لهم، ويتابع ما يقولون ويكتبون، ويتخذهم قدوة له ومثالاً، إذ قال الكلباني في تغريدة الرد ما نصّه: (أهل حايل يبيلهم واحد سفري عشان يلحقون على الشبيه) 25 / 6 / 2013 م 4.35. وفي هذا القول أمور عدة يجب التوقف عندها والتنبيه لها وهي بإيجاز:
أن فيما رد به الكلباني تزكية للذات، فلسان حاله يقول: صلاتي غير.. ولا يمكن أن تبلغوها.. فأنتم قوم تستعجلون!، وما علم - هداه الله - أن من أهالي هذه المنطقة من هو أطول منه قياماً حين يقف بين يدي الله في سرّه، وعنده من الخشية والخوف والوجل والإنابة مثل ما عند عُباد الرياض أو جدة أو القصيم أو الشرقية أو...ولا نزكي على الله أحداً، كما نسي أو تناسى الشيخ الورع لحظة كتابة هذه الكلمات التي بلغت الآفاق وطردت بها مواقع التواصل الاجتماعي توجيه الله عزَّ وجلَّ لنا جميعاً بلا استثناء حين قال عزَّ من قائل عليما: {فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ} وغاب عن باله - عافنا الله وإياه، ورزقنا جميعاً الهداية ووفقنا للإخلاص والمتابعة - الأحاديث الواردة في باب الإخلاص، وأن محل النظر من الرب هو القلب، فأفضل الناس كما في سنن ابن ماجة كل مخموم القلب، صدوق اللسان، وعلى افتراض التسليم مع الشيخ الكلباني فيما نسبه لأهالي المنطقة من أنهم يستعجلون في صلاة الترويح من أجل الذهاب للشبيه الشبه! فليس أمثاله بحاجة لتذكيره بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن جبل رضي الله عنه - حين قرأ بالناس البقرة في صلاة العشاء واتهم من خرج عنه بالنفاق: يا معاذ أفتّان أنت؟!
أن فيه استهزاء بهذه الشعيرة العظيمة، إذ لا يُقال في مثل هذا المقام ما يتبادر لذهن السامع والقارئ مقارنة القيام بين يدي الله عزَّ وجلَّ بالأكل، فهو ما يكون طلبه سفري، ولا أعتقد أن هناك إماماً يرضى بهذا الوصف! أما عن صلاة المسافر فهي لا ترد في هذا السياق، ولا يمكن أن تتبادر للذهن هنا، إذ إن القصر في الصلوات المفروضة الواجبة لا في الترويح وصلاة التهجد والقيام.
أن في كلامه قدحاً عاماً ليس في شريحة الشباب فحسب، بل بأهل منطقة كاملة فالشبه في ميزانهم عند الكلباني أهم من التعبد لله! واستعجالهم في أداء صلاة الترويح حتى يتجهوا لما يُعرف عندهم بالشبه، ولا أدري من أين أخذ هذا الوصف المطلق وسمح لنفسه بإصدار حكم عام وشامل بلا دليل أو برهان.
أن في رده عدم لباقة في الاحتفاء بالمعجبين أمثال هذا الشاب الذي لم يكتب له ويطلبه زيارة المنطقة وإمامة الناس فيها إلا لما يحمله في قلبه من محبة وإعجاب، وجزماً الشيخ الكلباني يعرف كثيراً من طقوس الاحتفاء وأخلاقيات العلماء حين يقابلون مريديهم ويخاطبونهم ويتحدثون إليهم فكيف بمن يكتب له من منطقة بعيدة عنه معبِّراً عن رغبة ذاتية له، وإذ بالقدح ينصب على جميع مَن حوله وممن يعيشون في هذا الجزء من الوطن حائل! والغريب أن من يقول هذا الكلام قد لا يعرف عن حائل الرجل، والمكان إلا من خلال السماع.
إن الشبة جاءت في سياق الذم المطلق، وهي وإن كان فيها سلبيات إلا أنها قد تكون في بعض الأحيان أخير للشباب من التسكع في الأسواق والدوران في الطرقات ومضايفة أهل الحاجات،كما أن هناك شبات عائلية ذات مردود إيجابي لا يخفى، وأخرى خيّرة يحيون جلستهم بالذكر وقراءة القرآن خاصة في ليالي رمضان، وهناك شريحة من المجتمع ليس لديهم ارتباط ليلي بالشبة فهم لا يذهبون لها إلا في الأسبوع مرة واحدة، وهناك أناس لا يعرفون طريقاً له، في المقابل هناك البعض ممن يجتمعون كل مساء مع بعضهم البعض في مناطق أخرى غير حائل وإن اختلف الاسم وتغيّر الحال، ولذلك كان الحكم من قِبل الشيخ الكلباني فيه كثير من التجني والتعجّل ولا يقبل المزاح الذي يُؤخذ على أمثاله.
[COLOR=#FF0064] أ د. عثمان العامر [/COLOR]