خاضت الطوائف في سويسرا حرباً دامت سنين عديدة الى أن إستيقظ العقل فقضوا على أهواء تناحرهم وبنوادولة يعمها الأمن والأستقرار فبعد التناحر المرير والتقاتل المميت قرروا وضع حدٍّ لأهوائهم وتوجّهوا نحو المستقبل مبشرين بعلو ومكانة بين الأمم وعندما جاء رسول الرحمة قضى على الضغينة والحقد فلا داحس ولا الغبراء ولا
ولا القتل صمد أمام رحمة خير البشر فبنور محمد صلوات الله عليه وعلى آله تبددّت ظلمات الجهل وبآيات الله عمّ السلام والمحبة فالحروب لم تكن هدفاً ولا خياراً أوليّاً ولا شربة ماءٍ بل كانت في قاموس الرسول وفي منهاجه على يدي أمير المؤمنين خياراً دفاعياً فهذا سيد البلغاء يقول عليه السلام :فَوَاللَّهِ ، مَا دَفَعْتُ الْحَرْبَ يَوْماً إِلاَّ وأَنَا أَطْمَعُ أَنْ تَلْحَقَ بِي طَائِفَةٌ ، فَتَهْتَدِيَ بِي وتَعْشُوَ إِلَى ضَوْئِي ، وذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَهَا عَلَى ضَلالِهَا وَ إِنْ كَانَتْ تَبُوءُ بِآثَامِهَا 1
وقال (عليه السلام) مخاطباً جنده قبل لقاء العدو في صِفِّين : ( لا تُقَاتِلُوهُمْ حَتَّى يَبْدَءوكُمْ فَإِنَّكُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَى حُجَّةٍ وتَرْكُكُمْ إِيَّاهُمْ حَتَّى يَبْدَءوكُمْ حُجَّةٌ أُخْرَى لَكُمْ عَلَيْه
ولو تتبعت حياة رسول الله وتأملت آيات القرآن لوجدت أن السلم والسلام هدف ٌجوهريٌ وطريقةٌ مثلى تنظم جميع تحركاته السياسية والإجتماعية والثقافية فمثلا سورة الكافرين دليل واضح على مفهوم المواطنة والعقد الإجتماعي بين الناس مع أنّ كلمة كافر تحمل الكثير من المعاني المهمة فهي ليست كما يفهمها العامة والعوام من الناس أو كما يشير إليها بعض الفقهاء فالمسلم الذي يطمس الحقائق هو كافرٌ بمعنى يخفيها وقس عشرات الأمثلة على ذالك من هذه الملاحظة تجدر الإشارة بأنّ مستلزمات التكفير وظواهرها بحاجة الى التمحيص وغربلتها في العقول والنفوس والكتب وفهم أحاديث النبي صلى الله عليه وعلى آله من منطلق تعدد مفهوم الكافر على ضوء القرآن المرجع الأساسي للمسلمين وبما أنّ اليوم دائرة التكفير تجوب البلدان وقنوات الإعلام وصحف الأمصار وهدفها واحد في النهاية هو تدمير العقد والمواطنة الاجتماعية فلا يستطيع المسلم السني إلغاء المسلم الشيعي ولا يقدر المسلم الشيعي أنّ يبدل المسلم السني وكذلك المسيحي وغيرهم من طوائف وأعراق ومذاهب والأمر ليس كما يحلو للبعض توصيفه حرباً عقائدية أو كرهاً بمرجلة الحقد يغلي بين الصدور فتعالوا إلى آية في كتاب الله
قُل يٰأَهلَ الكِتٰبِ تَعالَوا إِلىٰ كَلِمَةٍ سَواءٍ بَينَنا وَبَينَكُم أَلّا نَعبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشرِكَ بِهِ شَيـًٔا وَلا يَتَّخِذَ بَعضُنا بَعضًا أَربابًا مِن دونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوا فَقولُوا اشهَدوا بِأَنّا مُسلِمونَ
فهذه من الآيات الدالة على المواطنة والعقد الإجتماعي فالمسلمون يوحدون الله وإن أختلفوا في فهم بعض الآيات وصفات الله إلا أنّ هذا المعتقد لا يمكن ولا يجوز جعله سبباً لتكفير المسلمين وقتلهم وتشريدهم وتناحرهم وفرط علاقاتهم وتدمير روابط أسرهم وعائلاتهم فالسلم كافة للناس جميعاً تحت قانون واحد اللهم اجعل هذا بلداً آمنا وارزق أهله من الثمرات والغريب العجيب أنّ قادة العدو الصهيوني فرحون يشكرون مروجي الفتن وفتاوى الجهاد على أبواب السلاطين لقد قدمتم أيها الشيعة والسنة خدمات جلية بقتلكم بعضكم بعضا وتكفيركم أنفسكم فهذه داحس والغبراء بأيادي المسلمين عادت فهل نحن نعود الى كتاب الله ورحمة أحمد المختار وآله بعدما هجرناها وتركناهم وراء ظهورنا أم وضعنا روؤسنا كالأنعام بل أضلّ سبيلا
أين العقول لجرأةٍ وتفانيفالحرب تصنعها يد الشيطان
يا مسلمون ويا نصارى حكّمواعقلاً بنور الوحي والقرآن
ودعوا التناحرشرّهُ يقضي على الأحجار والأشجار والإنسان
[COLOR=#FF0036]د. حسان الزين [/COLOR]
كاتب بصحيفة اضواء الوطن