[B]حققت آبل أمس نصراً مدوّياً على شركة سامسونج الكورية في قضية براءات الاختراع التي تبادلت فيها الشركتان الاتهامات حيث ادعت كل منهما بأن الأخرى تنتهك براءات اختراعها. لكن المحكمة حكمت بأن سامسونج هي فقط من انتهك معظم براءات اختراع آبل التي طرحتها الشركة أمام المحكمة، بينما لم تنتهك آبل -بحسب المحكمة- أياً من براءات سامسونج. وكانت النتيجة تغريم سامسونج بمبلغ ضخم يفوق المليار دولار، وإن كانت سامسونج قد طلبت استئناف الحكم حالياً وقد تم تحديد جلسة للاستئناف الشهر القادم إلا أنه من غير المتوقع أن يغير هذا الكثير.
التساؤل الذي بدأ الجميع بطرحه هو: كيف سيؤثر هذا على مستقبل سامسونج التي تُعتبر الشركة الأكبر المصنّعة لهواتف أندرويد في العالم، وكيف سيؤثر بالتالي على نظام أندرويد. بل إن البعض تساءل: هل ستعمد سامسونج إلى رفع سعر أجهزتها لتعويض المبلغ الذي ستدفعه لآبل؟
الجواب المختصر: عملياً لن يؤثر هذا على سامسونج إلا أقل تأثير، ولن يؤثر على أندرويد كنظام تشغيل بأي شكل من الأشكال، تأثيره النفسي أكبر من تأثيره الفعلي على سامسونج، وأكبر من تأثيره الفعلي على سوق الهواتف الذكية بشكل عام.
فيما يلي الأسباب (والأرقام) التي بنينا عليها هذا التحليل:
أولاً: لا نزعم بأن مبلغاً يصل إلى حوالي المليار وخمسمائة مليون دولار هو بالمبلغ السهل، حتى على شركة بحجم سامسونج. لكن لو نظرنا إلى النتائج المالية التي أعلنت عنها الشركة في الربع الثاني من العام الحالي 2012 لوجدنا أن عائداتها الكلية بلغت حوالي 41.5 مليار دولار، الآن لو نظرنا إلى أرباحها الصافية التي حققتها من قطاع الهواتف الذكية فقط لوجدنا أنها حققت 5.9 مليار دولار من الأرباح خلال فترة ثلاثة أشهر فقط والممتدة من نيسان/أبريل حتى حزيران/يونيو. وهذا ارتفاع في الأرباح بنسبة 79% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي. بمعنى آخر فإن الشركة قادرة مالياً على امتصاص الصدمة دون أن تضطر إلى تعديل أسعار أجهزتها كما اعتقد البعض.
ثانياً: الأجهزة التي ثبت فيها انتهاك سامسونج لبراءات آبل هي الأجهزة التالية: Galaxy Prevail, Galaxy Infuse, Galaxy Mesmerize, Galaxy Transform، Galaxy Replenish. جميع هذه الأجهزة (عدا Replenish) هي عبارة عن تنويعات على جهازي Galaxy S و Galaxy S II. لكن تم طرحها في الولايات المتحدة بأسماء مختلفة لدى شركات التشغيل المختلفة التي قامت ببيعها. أي أن هذه الأجهزة جميعاً صدرت بين العامين 2010 و 2011. هذا يعني بأن سامسونج وبعد قضايا آبل المتكررة فعلت ما ينبغي كل تلتف على براءات اختراع آبل المسجلة في الولايات المتحدة. لهذا لا نرى الأجهزة الأحدث مثل Galaxy S III ضمن القائمة. وبالتالي فمن المستبعد أن تتعرض أجهزة سامسونج المستقبلية لأي خطر من آبل، خاصة إن قامت ببعض التعديلات على واجهتها TouchWiz كي تميزها بشكل أوضح عن واجهة الآيفون.
ثالثاً: من المستبعد أن تؤثر هذه القضية على أندرويد نفسه ومن المستبعد أن تفكر آبل برفع قضايا مشابهة ضد غوغل لسبب بسيط، وهو أن أندرويد لا يتعدى على براءات اختراع آبل ولا يشبه نظام تشغيلها لا من قريب ولا من بعيد. وإن تبين وجود انتهاك في أندرويد لأحد براءات اختراع آبل فيمكن لغوغل الالتفاف عليها بتحديث برمجي بسيط كما حدث سابقاً في قضية شريط البحث الموّحد. وإن وجدت المحكمة بأن أجهزة سامسونج تشبه من حيث الشكل أجهزة آبل، أو بأن واجهة TouchWiz الخاصة بسامسونج تشبه واجهة الآيفون، فهذا لا علاقة له بأندرويد بحد ذاته ولا تستطيع آبل أو غيرها مقاضاة غوغل بسبب مخالفة مُفترضة قامت بها شركة أخرى عدّلت على أندرويد.
رابعاً: أشارت الأرقام الأخيرة بأن نسبة هواتف أندرويد التي تم بيعها خلال الربع الثاني من العام الحالي بلغت 68.1%، أما حصة نظام iOS فبلغت 16.9%. حتى لو افترضنا بأننا أخطأنا التقدير في بعض النقاط الثلاث الأولى، ما زال الفارق في حصة السوق بين نظامي التشغيل ضخماً. حتى لو أثرت القضية سلباً على أندرويد فمن المستبعد أن تنعكس سلباً على السوق في ضوء النجاح الحالي لأندرويد. آخر الأرقام أشارت أيضاً إلى مليون هاتف أندرويد جديد يتم تفعيلها يومياً حول العالم، معظمها من سامسونج. هذا مؤشر آخر بأن سامسونج تمتلك من القوة والرسوخ في السوق ما يجعلها قادرة على امتصاص الصدمة بسهولة.
على ضوء ما ذُكر لا يبدو بأن الحكم سيؤثر سلباً على سامسونج ولا على حصتها السوقية، ومن البديهي ألا يؤثر على أندرويد. بل يمكن أن نرى جانباً إيجابياً لهذا الحكم الذي قد يجبر سامسونج على إبداع أجهزة بتصاميم مميزة وكلنا رأينا قدرتها على تصميم أجهزة مختلفة وبارزة الجمال مثل هاتف Galaxy Nexus. بصراحة أكبر يا سامسونج؟ أنا أكره هذه الزر في المنتصف ولا أحب واجهة TouchWiz تلك وسأكون ممتناً لآبل إن أجبرتكم على تغييرها![/B]