إن "حصارات المعلومات" أخذت تصبح غير عملية في كل مكان، وليس فقط في مجتمعات مفتوحة مثل مجتمعنا. ولم تعد الحدود تشكل حواجز أمام المعلومات. وحيث لا توجد حدود فعالة، يبدأ مفهوم ما يشكل السيادة في التغير بالضرورة.
ثم إن تحطم الحدود أمام المعلومات ليس قضية تقنية صرفة فقط. فقد أصبح هناك سوق عالمية للمعلومات، يشمل شركات دولية تزداد قوة باستمرار وتخرب بفعالية سلطة الحكومة، حتى عندما تنوي ألا تعمل شيئاً سوى تسلية وإعلام مستمعين ومشاهدين في مختلف أنحاء العالم.
وكما أن تكاليف تطوير التقنية المتصاعدة باستمرار تدفع الشركات لاستغلال الأسواق العالمية بصورة أكثر عدوانية من أي وقت مضى، فإن تكاليف الإنتاج التلفزيوني المتصاعدة تدفع المنتجين لتسويق إنتاجهم.
لذلك يعتمد المنتجون الآن في أرباحهم على إيرادات شركات التوزيع المحلية والأجنبية.
وإذ أصبحت مؤسسات المعلومات مؤسسات عالمية، فإن المعلومات نفسها التي تقدمها هذه المؤسسات ستصبح عالمية كذلك.
إن تدفق المعلومات هذا لن يختفي بل سيزداد. فسلسلة جديدة من الابتكارات في أجهزة البث التلفزيوني تحول العالم كله إلى سبق صحفي محلي. فقد أصبحت أخبار التلفزيون طريق معلومات ذات كفاءة عالية حتى إن التلفزيون تطور ليصبح قوة في الشؤون الدولية وسلاحاً في الدبلوماسية.
إن جميع المجتمعات العصرية تطلب الوصول إلى كميات ضخمة من المعلومات ويجب أن تتوفر لها سلطة الكمبيوتر لحل مشاكل معقدة جداً. ومجتمع مفتوح كمجتمعنا، يشجع على تبادل المعلومات.
وهكذا، وكما هي في حالة تنظيم الأعمال، نجد أن سلطة الحكومة على المعلومات تخف جزئياً نظراً للحاجة إلى منافسة الأمم والاقتصاديات الأكثر حرية والأقل ضبطاً.
ومن المستحيل، في العالم الذي نبنيه اليوم، تأكيد السيادة على المعلومات، لأن المعلومات والطرق التي تنتقل عليها، بما فيها الفضاء نفسه، مشتركة للجميع. وتتزايد صعوبة إبقاء المواطنين خارج الحديث العالمي.
وكما يقول تولكين: "تتواصل الطريق إلى الأمام وإلى الأبد". أما على هذا الطريق، فالإنسان يسافر بسرعة الضوء عبر ملايين الممرات النابضة، حتى أن العفاريت ليست ماهرة أو سريعة سرعة كافية للإمساك بك.
لقد غيرت تقنية الأقمار الصناعية العالم إلى الأبد. ولم تصل النتائج الكاملة إلى نهايتها حتى تاريخ اليوم. فهذه الأقمار الصناعية تربط العالم الآن في بنية تحتية الكترونية تنقل الأخبار والمال والبيانات إلى أي مكان في العالم بسرعة الضوء.
وهذه الأقمار لا تنقل إرسال التلفزيون والراديو والهاتف والانترنت حول العالم فحسب، بل إنها غيرت جذرياً، بفعلها هذا، للأسوأ أو الأحسن: "ميزان قوى الإعلام" أيضاً، وأبعدته عن الدولة وفي اتجاه الفرد.
[COLOR=#ff000f]أ . د / زيد بن محمد الرماني[/COLOR]
ــــ المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
للتواصل : zrommany3@gmail.com