معظـم الفقراء ينتظرون شهر رمضان المبارك ، كي يتذكرهم الرحماء أصحاب القلوب والأيادي البيضاء والمقتدرون مادياً دون الحاجة للطلب والسؤال، تـفـقـدوا مـن حـولـكـم فظروف أغلب المحتاجين المتعففين مدفونه في أعماقهم فإن جهلتموها أكرموهم بحسن الظن بهم وبمساعدتهم ، فهؤلاء من تنطبق عليهم الآية الكريمة "يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف"، والجاهل هنا جاهل بأمرهم وحالهم، وليس الجاهل بعقله وعلمه ، فيحسبهم أغنياء من تعففهم في لباسهم وحالهم ومظهرهم.
إن هلال رمضان بدر ينير بيوت المتعففين ينتظرونه بجميل حيائهم فإذا نظرنا إلى حياتنا الحاضرة، نجد أن التعفف من سمات الكرام المعوزين، الذين تكتنفهم ظروف تمنعهم من الكسب قهراً، وتأبى كرامتهم أن يسألوا العون، فهم يتجملون كي لا تظهر حاجاتهم، ويحسبهم الجاهل بأمرهم وحالهم أغنياء لتعففهم، ولكن ذا الحس المرهف والبصيرة النافذة يدرك ما وراء تجملهم، فالمشاعر النفسية تبدو على سيماهم وهم يدارونها في حياء، وينتظرون قدوم شهر رمضان المبارك لتصلهم مساعدات أصحاب القلوب الرحيمة والأيادي البيضاء لتنير بيوتهم بجميل عطائها دونما حرج أو خجل ، فرمضان شهر الرحمة ومن الطبيعي أن يقدم كل مسلم ما يستطيع من إحسان فيه.
إن ظروف المعيشة تغيرت وزادت وتضاعفت المتطلبات العائلية خاصة الأبناء؛ وتزايدت نسبة الأسر الفقيرة والمتعففة التي تعاني من ضيق العيش وسوء الأحوال المادية ، لذلك ينبغي علينا أن نتعرف على بيوت هؤلاء ، أو نتعرف على من يعرفها ، فنلبي لهم حاجيات رمضان ، وندخل على أسرهم الخير فلعلنا نساهم في تخفيف الأعباء المعيشية عنهم والتي عادة ما تشتد في هذا الشهر الكريم ولولا اللمسات الإنسانية من المحسنين جزاهم الله خيرا لضاقت بهم الدنيا بما رحبت .
المتعففون صنف من البشر سترهم الله بستره فتسربلوا بستره والتحفوا بالتعفف، فمهما كانت حاجتهم أظهروا الستر والاستغناء لا يسألون إلا الله، وهؤلاء يحتاجون من المنفقين والمحسنين ومنا جميعاً جهداً مضاعفاً مع بعض العناء في البحث عنهم ، ولا شك أن الدلالة على تلك الأسر الكريمة من أفضل القرب الى الله تعالى خاصة في شهر الرحمة والمغفرة شهر رمضان الكريم.
هؤلاء هم من قال فيهم رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام : « ليس المسكين الذي ترده التمرة أو التمرتان ، ولا اللقمة أو اللقمتان وإنما المسكين الذي يتعفف « ثم قرأ قوله تعالى: «تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا ».
كم أناس من أصحاب الدخل المحدود لا يستطيعون دفع إيجار مسكنهم أو فواتير الكهرباء والديون المتراكمة عليهم ، وكم من رجل سليم صحيح البدن ولكنه لا يجد فرصة عمل لسد حاجات أسرته ، وكم من أب معيل لديه شباب عاطلون عن العمل لقلة فرص العمل خاصة هذه الأيام وما تجده البلاد من ويلات الحروب والتهجير التي تتحمل عبئها الدول المجاورة، وكم من بيوت فيها مرضى يحتاجون العلاج كمرضى السرطان والفشل الكلوي وغيره من الأمراض او أن يكون في المنزل فرد من ذوي الاحتياجات الخاصة فيضيق بأهل المنزل حالهم ولا يتمكنوا من تأمين العلاج والدواء ، وكم أناس لا يستطيعون أن يؤدوا زكاة الفطر وكم من أرامل ولديهم أطفال ، ولا ننسى هنا طلاب العلم الذين يتابعون دراستهم وليس لهم مورد.
نسأل الله الرحيم في الشهر الكريم أن تكون هنا صحوة المجتمع وأن يتسارع الميسورين والمقتدرين مادياً بالبحث عن هذه الشرائح في المجتمع ويمدوا لهم يد المساعدة والعون لينيروا بيوتهم في شهر رمضان المبارك.
[COLOR=#ff0012]بسّام العريان[/COLOR]