توقع تقرير اقتصادي أن تؤدي ضخامة إنتاج النفط وارتفاع أسعاره (109 دولار للبرميل) إلى تحقيق إيرادات نفطية قياسية للسعودية تقدر بـ 1,079.8 مليار ريال ، أو ما يعادل 44,3%من الناتج الإجمالي، والذي بدوره سيؤدي إلى تحقيق فائض في الميزانية يصل إلى 347,7 مليار ريال في 2012، بزيادة 5 % عن تقديرات سابقة بحسب تقرير»جدوى للإستثمار». ورجحّ التقرير أن يواصل الاقتصاد نموه بخطى ثابتة وأن يسجل النمو خلال العام الجاري أحد أعلى معدلات النمو بين دول مجموعة العشرين. مشيراً إلى أن هناك أربعة عوامل تدفع نحو المحافظة على متانة النمو هذا العام وهي: قطاع النفط، سياسة التوسع المالي وتأثيرها الإيجابي على القطاع الخاص غير النفطي، قوة الاستهلاك المحلي، القروض الداعمة التي تقدمها البنوك إلى القطاع الخاص. وأعتبر التقرير أن ارتفاع أسعار النفط وزيادة حجم الإنتاج سيقود إلى المزيد من التعزيز لوضع الميزانية العامة للدولة في المملكة، حيث يتوقع أن تواصل الميزانية تسجيل الفوائض رغم الزيادة المتصاعدة في الإنفاق الحكومي. خاصة وأن عائدات النفط تشكل نحو 90 %من إيرادات الميزانية، ولذلك ستؤدي أسعار النفط المرتفعة إلى تحقيق إيرادات نفطية قياسية تقدّر بنحو 1,08 تريليون ريال، أو ما يزيد على الإيرادات الفعلية للعام الماضي بنسبة 4 %. وأضاف التقرير: بتضافر هذه الإيرادات الضخمة مع ارتفاع الإيرادات غير النفطية بفضل نمو القطاع غير النفطي، يرتفع إجمالي الإيرادات للعام ككل إلى 1,19 تريليون ريال، بزيادة 6 % عن مستواها للعام السابق. وستمكّن هذه الإيرادات الحكومة من تمويل كافة مجالات الإنفاق المخططة لهذا العام بارتياح، ولا نعتقد أن الحكومة سترفع إنفاقها بشكل كبير رغم إننا عدلنا تقديراتنا للمنصرفات برفعها إلى 841 مليار ريال بسبب زيادة عدد متلقي إعانة البحث عن العمل بمعدل أكبر مما توقعناه. وعليه، فإننا نتوقع أن يصل فائض الموازنة العامة إلى 347,7 مليار ريال هذا العام (14,3 %من الناتج الإجمالي) مقارنة بفائض قدره 291 مليار ريال (13,5 بالمائة من الناتج الإجمالي) للعام 2011. وتوقع التقرير أن تواصل الحكومة تقليص دينها العام من 6,3 % من الناتج الإجمالي في 2011 إلى 5,6 %هذا العام. وبناءً على التقديرات الجديدة للتقرير لحجم إنتاج النفط والوضع المالي، فقد قدرتّ»جدوى للاستثمار»سعر النفط التعادلي للميزانية، الذي يجعل إجمالي الإيرادات تغطيإجمالي المنصرفات للعام، عند 74 دولاراً للبرميل (سعر خام الصادر السعودي) ولفت التقرير إلى أن وضع المدفوعات الخارجية سيستفيد من ارتفاع أسعار النفط وزيادة حجم الإنتاج. رغم عدم توفر بيانات عن المدفوعات إلا للربع الأول من هذا العام والتي تشير إلى أن فائض الحساب الجاري بلغ 47,6 مليار دولار، بزيادة 28,7 بالمائة عن مستواه في الربع المماثل من عام 2011، بفضل الزيادة الضخمة في إيرادات النفط، وهو اتجاه توقع التقرير تواصله. وبناءً على بيانات حجم إنتاج النفط وأسعاره، قدّر التقرير المتوسط الشهري لدخل الصادرات النفطية بحوالي 24,6 مليار دولار حتى اللحظة من العام، بزيادة 9,7 % عن مستواه لنفس الفترة من العام الماضي، في حين قدرّ ارتفاع عائدات الصادرات غير النفطية بنحو 4 % خلال الشهور الثمانية الأولى من2012 على أساس المقارنة السنوية رغم الهبوط الكبير الذي سجله أغسطس. وبحسب التقرير ، فقد رفعت»جدوى»تقديراتها لنمو الناتج الإجمالي الفعلي للعام 2012 من 5,3 % إلى 5,8 %، وذلك نتيجة لتعديل توقعاتها بشأن حجم إنتاج النفط، حيث كانت قد توقعت سابقاً أن يكون متوسط حجم إنتاج المملكة من النفط الخام خلال عام 2012 عند 9,6 مليون برميل يومياً، ولكن الإنتاج الفعلي ارتفع ليقترب من تسجيل رقم قياسي هذا العام حيث تجاوز المتوسط في اثنين من الشهور (أبريل ويونيو) مستوى 10 مليون برميل يومياً. وقد بلغ مستوى الإنتاج خلال الفترة من بداية العام وحتى أغسطس 9,9 مليون برميل في اليوم، بزيادة 8,5 % عن مستواه لنفس الفترة من العام الماضي. وتوقع التقرير أن يبقى إنتاج الخام السعودي مرتفعاً خلال الفترة المتبقية من العام خاصة وأن أوضاع السوق لا تبدو مقدمة على تغييرات مهمة وبناءً عليه، فقد عدلت شركة جدوى تقديراتها لمتوسط الإنتاج لمجمل العام برفعه إلى 9,9 مليون برميل في اليوم، أي بزيادة نسبتها 6,3 % عن الإنتاج الفعلي للعام الماضي، حيث ستؤدي هذه الزيادة في الإنتاج على الأرجح إلى زيادة نمو الناتج الإجمالي الفعلي لقطاع النفط، الذي يتوقع أن يرتفع في 2012م 6,1 %عن مستواه للعام الماضي مقابل 5,1 % حسب توقعات سابقة لدائرة الاقتصاد والبحوث في شركة جدوى للإستثمار.
وخلال ما تبقى من العام، توقع التقرير أن يؤدي الإنفاق الحكومي الضخم ومتانة الطلب المحلي إلى المحافظة على المستوى المرتفع لواردات المملكة من السلع والخدمات. وقد فاقت قيمة خطابات الاعتماد التي تم فتحها لدى البنوك التجارية لتغطية الواردات خلال الشهور الثلاثة المنتهية في أغسطس مستواها لنفس الفترة من العام الماضي بنحو 14 بالمائة. ولكن رغم ارتفاع قيمة الواردات، فإن الزيادة الكبيرة في إيرادات الصادرات النفطية ستبقي الميزان التجاري يحقق فائضاً مريحاً نتوقع ارتفاعه حسب تقديرات التقرير الحالية إلى 258 مليار دولار للعام 2012، أي بزيادة 5 % عن مستوى العام الماضي. ورجحّ التقرير أن يعمل هذا الارتفاع في فائض الميزان التجاري على موازنة صافي التدفقات النقدية الخارجة وأن يؤدي إلى زيادة فائض الحساب الجاري إلى 167,5 مليار دولار (25,8 بالمائة من الناتج الإجمالي) من 158,5 مليار دولار العام الماضي، وتوقع أن تسجل الاحتياطيات الرسمية الأجنبية مستوى قياسياً جديداً بارتفاعها إلى 700 مليار دولار في 2012 مقارنة بـ 621,5 مليار دولار بنهاية 2011. إلا أن التقرير قال إن هناك عاملا واحدا قد يجعل النتائج الفعلية تأتي أقل من هذه التقديرات، وهو زيادة التدهور في معدل نمو الاقتصاد العالمي والذي ربما يؤدي إلى تقليص الطلب على النفط وخفض أسعاره، وإن كان هذا الاحتمال لا يشكل السيناريو الأساسي لتوقعاتنا.