عاشت جازان فيما مضى عهدا من الضيم والظلم والظلام ،واستقبلت الالام بصدرها الرحب الفسيح طواعية، لتعيش اوجه الوقت والعمر في حال من البؤس لا يتغير ،حتى غدا يومها وكأنه بشقيه ليل، وان زعموا ان من بين شقيه نهارا!.
وهكذا رزحت منبر العلم وديوان الشعر والادب، عقودا في الظلام، وعاش اهلها مغلوبين مضطهدين منقوصين في كل ناحية من نواحي الحياة!
وقد فرضت عليهم احكام الغابة ، حتى الفوا حالا لا يؤلف لسوئه وانحطاطه وفجوره.
وما ان اذن الرحيم بتبدد الظلام وانفراج الهم لتشرق شمس آمالها المطمورة في احدى فلوات الغروب ، حتى داهمت جازان فاجعة جديدة ودهاها البؤس في لون جديد!
سيل طغيان وفساد "عرم" غزاها منحدرا من رؤوس تلك الجبال قاصدا اياها ،وقد سار نحوها كارها ومكرها،ممتلئا باحقاد السنين!
فجاءهاا (قادم الامس،وراحل الغد) ممتعضا غاضبا يشتم كل شئ يمر به، وكل ما يلمح في طريقه ما امتد به السفر ، حتى وطئ ثرى وجهته الملعونة (في اعتقاده) وانسكبب في وديانها الما وضيما..! ولم يلبث طويلا حتى انتكست الصورة في مخيلته، ليكتشف ان جازان "منحة" وليست "محنة"! وانها عطية الوهاب وليست ضربا من ضروب التأديب والعقاب !..
بل لم تعد مذمومة ملعونة بعيدة ،بقدر ماهي محطته السعيدة، ومنطلقا جريئا نحو انحرافات واسعة وانسلاخات جديدة !.
وهكذا ..
اثخنتنا الجراح، ومزقتنا الصدمات ، وخنقت اصواتنا الحسرات، وعشنا حينا من الدهر لم نكن فيه شيئا مذكورا ، ولاصوتا مسموعا، ولم نكن يوما شيئا من الاشياء يرى!
وعاد بنا صمتنا الى الظلمات الظالمة من جديد !
ولا احد سوانا دفع وظل يدفع الثمن تلو الثمن وبلا قيود!
جازان الطويلة الابواع
العريضة الاوساع،
الجميلة الماهولة بمئات الاف والاف من البشر ،قد اختزلت معه كل امانيها (الشاسعة) في اناس بعدد الاصابع!، اراهم كمن خلقوا اشقياء من ضلع الانانية والجشع، ودعوناهم بالرجال والشيوخ ولاسياد !، من نصبوا انفسهم اعيانا و سادة مقدمين، وكبراء مفوضين ، و دون اختيار من احد ودون انتخاب من فرد او جماعة.. !
اذ لم يخطر ببال اي منهم ان للعامة وللناس راي وما ورد في حسبانهم ان لمخلوق سواهم سلطة او صفة!...
وسدر المترفون في غيهم عهدا،حكم فيها على آمال جازان بالاعدام، وعلى المطامح العالية بالنفي ،وعلى الاماني بالقمع، وبالخنق للغايات حتى الموت!.
واستسلمت جازان لحثالة المنتفعين ، وانتظم القطيع صفا من خلفهم مصفقين!
فكيف سمح لاطماع القراصنة بالتفشي واوكل اليهم حل الامور وعقدها؟!.. فمضوا في تحديد المصائر عابثين!
بنو لانفسهم امجادا على حساب جازان بقهر وامتصاص دماء كل الساكنين،
واستشرى الطمع وشاعت ثقافة التعويضات والتهام المشاريع والشركات! ، حتى اوقدوا مشاعل الثراء في كل ساحة..!
ثم توعدونا بعد ذلك بالشقاء وهددونا بالعناء..
وفعلوا كل شئ، وانجزوا دون اكتراث ماكانوا به يتوعدون!
واصبحت دماؤنا التي سالت نزفا من اجسادنا على ثرانا المتوارث المسلوب شهدا في حناجرهم،وعسلا تقاطر من اشقاد اللئام والخونة!..
وعلى جماجمنا وانقاض احلامنا وعزمنا عمروا الدور وشيدوا الصروح والقصور..
وعلى الرفات والاشلاء ركزوا رايات الثراء والترف واستنشقوا انفاس عيشهم الرغيد.
ولم ينته الطغيان حتى استعبدوا بسلطان وسطوة اموالهم احرار واشراف الرجال!..
هي (حقبة) مظلمة من تاريخنا عشناها مع كل "فاسد حاقد منبوذ" مرت علينا ساحقة ماحقة! ولعنة كانت تطاردنا في كل اتجاه وصوب!.
ولم نتماثل للشفاء منها بعد! ولم تلتئم الجراح ! وحتى المدامع لم تجف!
ولا زلنا في بعض الزوايا مكممين!، ولا زال فينا المطبلين ومنا الراقصين!
ولا زالت اعضاء جازان تباع واخرى توهب للغريب وللدخيل بلاثمن!.
ولا زالت اكبادنا تتفطر ونحن في اسر البلادة والتوسل والخور!
ولا زلنا على حب الايادي، وتقبيل الرؤوس من الدائبين!.
قل لي:
من سيصدق انك ياهذا موجوع جريح وانت لا تئن ولا تصيح ،بل وفوق ذلك تبتسم؟! ..
لكن ستبقى امال جازان حية..
لأن احلام ارضي لاتموووت!.
فجرتها.. ولسوف ترحل ساقطا!
وانظر ل(عكوة) .. في السماء ابية!
[COLOR=#FF0026]
حسين العقيل[/COLOR]