"التعليم هو أقوى سلاح يمكنك إستخدامه لتغيير العالم" -نيلسون مانديلا-
بأهم وأصدق ما نطقه لسان الراحل أبدأ رسالتي لكِ معلمتي..
أولاً سأقسم لك الطلبة على فئات:
ملاحظة: الفئات مقسمة فقط في حال افترضنا أن أي من المعلمات لسن حريصات على الجودة في عطائهن.
الفئة الأولى: أولئك المجتهدات المنصتات, فقط حرصاً على الدرجة ولشهادة تؤمن لهن وظيفة. ( فهؤلاء يمكن لكل المعلمات ملاحظتهن, فأدائهن لا يختلف من مادة إلى أخرى).
الفئة الثانية: أولئك المهملات اللاتي لا تهمهن درجاتهن, أو حياتهن! فلا يطمحن لأي شيء. (وهؤلاء كذلك تقييمهن هو نفسه لدى كل المعلمات في عطائهن).
الفئة الثالثة: الطموحات الناقدات اللواتي ينتظرن منك الفائدة فهن يهملن مالا يفيدهن, ويجتهدن في ما يرضي طموحاتهن وقناعاتهن. (وهذه الفئة هي فئة العظماء على مدى التاريخ, وكذلك يلاحظ المعلمات اختلاف عطائهن من مادة إلى أخرى حسب ميولهن).
ولعلنا نذكر بعض الأمثله لهذه الفئة, ولهؤلاء العظماء فمثلاً:
1- كان شارد الذهن دوماً في المدرسة معلمه قال له بأنه غبي جداً ليتعلم أي شيء!
إنه (توماس أديسون)
2- رأى والداه أن رغبته بتكريس حياته للأدب علامة للجنون.
عندما بلغ السابعة عشر كان والده قد أودعه في المصحة العقلية مرتين!
إنه (باولو كويلو)
3- طالب فاشل يتهرب من أداء واجباته المدرسية, كان كثير النقد والنقم على النظام المدرسي, وأسلوب التعليم.
إنه (سيكيرو هوندا)
4- لم يكن يستطيع التحدث حتى الرابعة, والمدرس الذي يدرسه قال أنه لن يصبح شخص ذو قيمة أبداً!
إنه ( ألبرت آينشتاين)
وما أردته بهذا التصنيف؛ هو أن أعير انتباهك معلمتي إلى أن جودتك أولاً هي في أن تصنفي طالباتك, وتدرسيهن جيداً كي تنشئي منهن عظيمات منجزات, لكن لن أقول في المستقبل, فالإنجاز لا يقتصر على عمر معين.
وكذلك تذكري بأن كل الطالبات بمختلف تصنيفك لهن فقط يحتاجون للإلهام والتحفيز!
فالفئة الأولى: تحتاج إلى أن تريها طموحها, وتلهميها فهذه الفئة تتركز لديها طاقة الإنجاز, فليست من النوع الملول, كما أنها تعتبر منظمة أكثر من غيرها من الفئات.
والفئة الثانية: تحتاج إلى أن تشعلي غيرتها الإجابية, وتظهري لها مدى كون الإنجاز ممتعاً, وكونها فرداً مؤثراً في المجتمع فمشكلة هذه الفئة فقط أنها ملولة, وتبحث عن المتعة دائماً فهذه الفئة في حال أنجزت فهي مبدعة أكثر من باقي الفئات.
أما الفئة الثالثة: ويمكنك تسميتها بالعبقرية, فهذه الفئة تحتاج منك فقط أن تجيبي على أسئلتها, وأن تجعليها تفكر بصوت عال فهذا سيثير فضولها أكثر في ما تقدميه لها من علم, فحتى لو أنها توقن المجال الشغوفة به جيداً, إلا أنها ستبدأ بربط ما تتعلمه به.
لكن ليست هذه مهمتك فقط معلمتي..
فدائماً يلقي اللوم المعلمين, وطلبة الفئة الأولى (أولئك المفضلون عند معلميهم)! على الفئة الثانية والثالثة بسبب تكاسلهم عن فعل هذا وذاك.
دعينا نكن صريحين وواقعين وأعير انتباهك معلمتي لبعض المشاكل الشائعة في حال عدم حرصك على الجودة في عطائك:
أولاً: هل تعلمين أن الطلبة يعرفون كيف يقرؤون؟!
جودتك معلمتي لا تكمن في صحة قراءتك لما كتب في المنهج! بل لما تقدمينه من جديد لطالباتك المتعطشات للمعرفة, لا تلقنيهن لدرجة واختبار يختبرنه في آخر الفصل الدراسي, ثم يتبخر ما لقنتيه لهن من أول خطوة يخطونها خارج أسورة المدرسة! فجودتك معلمتي في أن تبحثي عن أفضل الطرق لتركيز المعلومة في عقول طالباتك, واستنباط وربط الفائدة بحياتهن العملية لا العلمية فقط, وإشراك الطالبات بشكل أكبر في تمرينات تطبيقية وتفاعلية بدلاً من رتابة التلقين, فنحن نعلم أن ما مصير التلقين إلا فرمته كاملة للذاكرة, وإعياء لدماغ الطالبات, وانتحار عقلي لهن.
ثانياً: جودتك معلمتي في أن تكوني ملهمة لهن, وتأكدي معلمتي بأن هؤلاء الطلبة الذين تدعينهم بالمشاغبين فلا يدلون إلا على ضعف قدرتك, وعن قلة جودتك في أداء وظيفتك السامية على أكمل وجه, ويدل على نقص يجب أن تتداركيه, ولربما مالم تلاحظينه معلمتي أن انتباه الطالبات, وعطائهن في الحصة لا ينتج عن خوف منك, أو على درجات بين يديك! لا, هن فقط لسن كلهن مهتمات بالدرجات أصلاً! بل حباً لما تقدمينه لهن من علم, أو قدرة منك في لفت انتباههن.
ثالثاً: تذكري معلمتي أن فارق العمر بينك وبين طالباتك لا يعني أنهن أقل منك خبرة, أو عقلانية, أو مقدرة عقلية, بل قد ينظرن لك بنفس الطريقة! فجودتك معلمتي بأن لا تستهيني بقدراتهن أبداً كونهن لا يمتلكون نفس ميولك! أو أنهن لا يشاركنكِ في الحصة كون شرحكِ وعطائك المحدود وطلباتك الغريبة الغير مفيدة من وجهة نظرهن لم ترق لهن وكما نقول بالعامية ( إنتِ وشطارتك!)
جودتك معلمتي في أن تجعلي من طالباتك منتجات لا مستهلكات! كاتبات لا قارئات فقط! باحثات مفيدات لا متلقيات مستفيدات فقط!
وأخيراً معلمتي تذكري بأنك تحملين على عاتقك مسؤولية أمة, مسؤولية أجيال, أمانة تحاسبين عليها يوم القيامة, فلا نريد فقط "عظماء بلا مدراس" يكون أفضل قراراتهم أنهم تخلوا عن المدرسة التي تعيق إنجازهم, وتعلمهم, واتساع مداركهم, وتقمع إبداعهم, وتضيع الكثير من أوقاتهم!
بل نريد "عظماء بمدارس".
وأنهي رسالتي لك معلمتي بالبيتين الشهيرين لأمير الشعراء (أحمد شوقي) وأرجو منك تأملها بذهن صاف:
وإذا المعلم لم يك عدلاً ، مشى روح العدالة في الشباب ضئيلا
وإذا المعلم ساءَ لَحْظَ بصيرةٍ جاءت على يدِهِ البصائرُ حُولا