كلنا يعلم أن مهنة الطب من أشرف المهن وأكرمها لأن إحياء النفس البشرية أمر مقدس وفعل يؤجر عليه فاعله باجزل الأجر وفي قوله تعالى (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) تبيان لذلك .
مهنة الطب تحيطها أخلاق ترقى بصاحبها إلى أسمى المكارم وأفضلها غير أن تلك الأخلاق يجب أن تتلبس بكل طبيب ولا تنفك عنه قيد أنمله حتى وان أغرته ماديات الطب وعصفت بذهنه التجارة , واستدرار جيوب المرضى مقابل حفنة من المال. فهل مانسمعه اليوم ونشاهده من مظاهر التجارة الطبية ينسجم مع أخلاقيات المهنة وسمو مكانتها ؟؟ اشك في ذلك كثيرا .
لقد ازدادت المستشفيات الخاصة وتعددت تخصصاتها , وكثرت العيادات الخاصة وتعدد أطباؤها ,وأصبح الطبيب كالإخطبوط يضرب بكل يد في موقع , فيد في مستشفى حكومي وأخرى في مستشفى خاص وثالثة في عيادة خارجية ورابعة في عيادة تجميل وخامسة وسادسة وهكذا وكلها تدر له أرباحا في نهاية كل شهر هجري أو ميلادي . هنا أتذكر مداخلة لأحد الأطباء في برنامج شهير كان يناقش هذا الأمر خصوصا فقال الطبيب : انه قد تم إقرار مشروعا يمكن من خلاله المواطن أن يحصل على ملف صحي واحد في مستشفى واحد في المملكة وذلك عن طريق رقم سجله المدني , أي أن السجل المدني هو رقم ملفك الطبي غير أن هذا المشروع واجه التهميش والإهمال وبالتالي لم ينفذ إلى الآن والسبب كان في أن المشروع سوف يكون بمثابة (قطع أرزاق) لكثير من الأطباء الأخطبوطيين الذين يقتاتون من المستشفيات والعيادات الخاصة أكثر من الحكومية .
هنا السؤال أين الخلل ؟ وأين الحل ؟ والى متى سنبقى نطارد الشفاء في مستشفياتنا ؟ والى متى يطارد الطبيب لقمة عيشه ؟ ومتى سيستشفي مريض في الجنوب من مرضه دون الحاجة لمستشفيات في الرياض؟ أو جدة ؟ أو دون الحاجة لبرقية عاجلة الى المقام السامي , متى نرى خدماتنا الطبية توازي خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات ؟؟؟ أتمنى أن أرى ذلك قريبا ...
[COLOR=#FF0026]توفيق محمد غنام [/COLOR]