أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه لم يتخذ قرارا بعد بشأن كيفية الرد على استخدام الأسلحة الكيمياوية في النزاع الدائر في سوريا، إلا أنه أشار إلى أن أي تحرك أميركي سيكون بمثابة تحذير بأنه “من الأفضل عدم” استخدام أسلحة كيمياوية مجددا.
وأضاف أوباما في مقابلة مع وسائل إعلام أميركية أن القيادة العسكرية قدمت له عدة خيارات من بينها الخيار العسكري.
ومضى يقول إن الولايات المتحدة توصلت إلى أن النظام السوري مسؤول عن الهجوم الكيمياوي في الغوطة بريف دمشق، وهو الذي أسفر عن مقتل مئات المدنيين. لكنه أشار بوضوح إلى أن الضربات الأميركية المتوقعة على سوريا ستكون محدودة ولن تكون محاولة لقلب موازين القوى بين قوات الرئيس السوري بشار الأسد ومقاتلي المعارضة.
وقال أيضا “لا أتمنى أن يستمر النزاع إلى ما لا نهاية في سوريا، ولكن عندما تنتهك دول القواعد الدولية حول أسلحة مثل الأسلحة الكيمياوية التي يمكن أن تهددنا، فيجب أن تدفع الثمن”.
وأوضح أن معاقبة حكومة الرئيس الأسد لن تحل كل المشاكل في سوريا، وهذا الأمر لن يضع حدا لسقوط قتلى في صفوف المدنيين الأبرياء في سوريا.
وأعرب عن أمله في التوصل إلى مرحلة انتقالية في نهاية المطاف بسوريا، مبديا استعداد واشنطن للعمل مع كل العالم، الروس والآخرين، لجمع كل الأطراف بهدف التوصل إلى حل للنزاع.
وقال “لكن نريد أن يفهم نظام الأسد أنه باللجوء إلى الأسلحة الكيمياوية على نطاق واسع ضد شعبه، ضد النساء والرضع والأطفال، فهو يخرق القواعد الدولية وهو يخلق أيضا وضعا يؤثر سلبا على المصالح القومية الأميركية، ويجب أن يتوقف هذا الأمر”.
وتحدث أوباما عن “مقاربة محدودة كي لا نجد أنفسنا متورطين في نزاع طويل، وعدم تكرار تجربة العراق، وهو الأمر الذي يقلق الكثيرين”.
وأشار إلى أن توجيه ضربة تحذيرية “كي نقول كفى”، يمكن أن يكون لهذه الضربة تأثير إيجابي على الأمن القومي الأميركي على المدى الطويل.
وكان مراسل الجزيرة في واشنطن قال إن أعضاء من الكونغرس الأميركي قدموا رسالة للبيت الأبيض يطلبون فيها شرح الأسس القانونية لأي ضربة محتملة ضد سوريا، والأهداف الإستراتيجية لمثل هذا التدخل العسكري.
من جهت أخرى أنهى الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن الدولي الأربعاء اجتماعا ناقشوا فيه مسودة قرار تقدمت به بريطانيا، يفتح الباب للجوء إلى القوة ضد النظام السوري المتهم باستخدام سلاح كيمياوي ضد شعبه، بعد انسحاب مندوبي روسيا والصين؛ في حين طالب الأمين العام للأمم المتحدة بانتظار نتائج التحقيقات الجارية.
فقد شهدت أروقة مجلس الأمن الدولي الأربعاء مشاورات بين الدول الخمس الدائمة العضوية بشأن الوضع في سوريا. وقد اقترحت بريطانيا طرح مشروع قرار على المجلس، يدين استخدام السلاح الكيمياوي ويطالب باتخاذ إجراءات لحماية المدنيين.
وقال مراسل الجزيرة في نيويورك مراد هاشم إن الاجتماع انتهى دون بيان أو نتيجة، لذلك يصعب طرح مشروع القرار للتصويت لأنه سيواجه فيتو روسيا صينيا، وبذلك تكون المداولات قد انتهت دون مؤشر إلى أن المجلس المؤلف من 15 عضوا يمكن أن يصوت في وقت قريب على قرار يدين استخدام الأسلحة الكيمياوية في سوريا.
وغادر سفيرا روسيا والصين، اللتين تعارضان بشدة شن عمل عسكري ضد نظام الرئيس بشار الأسد، المفاوضات المغلقة بعد نحو 75 دقيقة من بدئها. وواصل سفراء واشنطن ولندن وباريس محادثاتهم إلا أنهم غادروا القاعة دون الإدلاء بأي تصريحات.
وأبلغ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بريطانيا أنه على مجلس الأمن ألا يناقش مشروعها قبل أن يقدم فريق المفتشين الدوليين تقريره حول الهجوم الكيمياوي في سوريا.
وعلى صعيد متصل أجرى رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون مشاورات مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في اتصال هاتفي حول “الرفض الروسي والصيني” لتبني مشروع قرار بريطاني يبرر توجيه ضربة عسكرية إلى النظام السوري.
وتضمن اقتراح الحكومة البريطانية اعتقاد لندن بضرورة أن يطلع مجلس الأمن على نتائج تقرير يعده فريق دولي مختص بالأسلحة الكيمياوية قبل دعم أي عمل عسكري في سوريا.
وجاء في المشروع الذي سيناقش في البرلمان البريطاني الخميس أنه “يتعين أن تتاح لمجلس الأمن الفرصة على الفور لبحث هذا التقرير، ولا بد من بذل كل جهد ممكن لضمان صدور قرار من المجلس”.
من جانب آخر قالت وزارة الخارجية الأميركية إنه ينبغي عدم السماح للحكومة السورية بأن تتمتع بالحماية نتيجة معارضة روسيا القيام بتحرك في مجلس الأمن الدولي.
وقالت ماري هارف نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الخطوات التي اتخذتها روسيا بما في ذلك الاعتراض على ثلاثة قرارات سابقة لمجلس الأمن تدين حكومة الرئيس بشار الأسد، تشكك فيما إذا كان المجلس هو المكان المناسب للتصدي للحرب المستمرة منذ عامين.
وقد حذرت دمشق، على لسان مندوبها في الأمم المتحدة بشار الجعفري، من تداعيات أي عمل عسكري ضدها واتهمت الغرب باستباق نتائج لجنة التحقيق الدولية في مجزرة الغوطة الشرقية.
وقال الجعفري إن مندوبي أميركا وبريطانيا وفرنسا يعملون على بناء توافق داخل مجلس الأمن لشن هجوم على سوريا يستبق نتائج التحقيق الدولي.
وجددت السلطات السورية اتهامها للمعارضة المسلحة باستخدام غاز السارين السام، بتشجيع غربي، لاستدعاء تدخل دولي ضد النظام.
وتعقيبا على قول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن المفتشين بحاجة إلى أربعة أيام إضافية، قال المتحدث باسمه فرحان حق إن فريق المفتشين واصل الأربعاء عمله لليوم الثاني في التحقيق ومحاولة جمع الأدلة، ويحتاج إلى يومين إضافيين.
وقال حق للجزيرة إن المفتشين سينقلون الأدلة التي جمعوها إلى خارج سوريا لتحليلها في محاولة للحصول على تفسير لما حدث في قصف الغوطة بريف دمشق، ومن الذي قام بالقصف.