قضت المحكمة الدستورية أمس برفض الطعن المقدم في صحة مرسوم الضرورة الخاص بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة ما يعني تحصين «مرسوم الصوت الواحد» بعد ان قبلت الطعن من حيث الشكل.
كما حكمت المحكمة ايضا بعدم دستورية مرسوم الضرورة الخاص بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات مع إبطال عملية الانتخابات التي تمت في الأول من ديسمبر 2012 برمتها في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إعادة الانتخابات مجددا كأن هذا المرسوم بقانون لم يكن.
وفور صدور الحكم عقد مجلس الوزراء اجتماعا استثنائيا بعد ظهر أمس في ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء بقصر السيف برئاسة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك.
وبعد الاجتماع صرح وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون البلدية الشيخ محمد العبدالله بأن هذا الاجتماع يأتي في أعقاب صدور حكم المحكمة الدستورية في شأن الطعون الانتخابية المقدمة من بعض المواطنين.
وقد تدارس مجلس الوزراء التفاصيل المتعلقة بالحكم والاجراءات الواجب اتخاذها في هذا الشأن.
وأضاف الشيخ محمد العبدالله انه في هذا الصدد فإن مجلس الوزراء اذ يؤكد احترامه الكامل لجميع الأحكام الصادرة من قضائنا العادل والتزامه الجاد بتنفيذها وفقا للدستور والقانون فإنه يسجل بالتقدير والاعتزاز الجهود الكبيرة التي يقوم بها رجالات القضاء المخلصون بما عرف عنهم من نزاهة وكفاءة وحرص صادق على احقاق الحق والانتصار للدستور والقانون وانه كان ولايزال المرجعية الحاكمة للفصل في كل الاختلافات القانونية والدستورية وأن أحكامه هي دائما عنوان الحقيقة.
وقد أصدر مجلس الوزراء قراره بتكليف الجهات المعنية بمتابعة دراسة حكم المحكمة الدستورية المشار اليه وآثاره لوضع الخطوات العملية اللازمة لتنفيذ مضمونه.
وفي هذا الصدد أوردت جريدة «الأنباء» ان الحكم سينشر في الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) الأحد المقبل 23 الجاري على ان تتم الدعوة الى الانتخابات خلال شهرين أي قبل 23 أغسطس والتاريخ المتوقع منتصف أغسطس بعد إجازة العيد مباشرة.
وقالت «الأنباء» ان حكم المحكمة الدستورية تضمن النقاط التالية:
٭ تحصين مرسوم الصوت الواحد، وقد أكدت المحكمة على ان الضرورة متحققة في المرسوم للحفاظ على الأمن القومي للبلاد.
٭ عدم دستورية مرسوم إنشاء اللجنة الوطنية للانتخابات لانتفاء شرط الضرورة.
٭ إخضاع المراسيم التي تصدر لرقابة المحكمة الدستورية.
٭ صحة مرسوم حل مجلس 2009 وعدم عودته مرة أخرى.
٭ الدعوة الى انتخابات جديدة وفق مرسوم الصوت الواحد وردا على سؤال حول حكم المحكمة في الطعون، أجابت المصادر: مادامت قد أبطلت الانتخابات برمتها فلا داعي للنظر في الطعون.
وفيما يلي نص حكم المحكمة الدستورية:
حكمت المحكمة الدستورية برفض الطعن بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 بتعديل القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة وبعدم دستورية القانون رقم 21 لسنة 2012 بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات.
كما حكمت المحكمة الدستورية بعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم في عملية الانتخابات التي تمت في 1/12/2012، وجاء نص الحكم كالتالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
المحكمة الدستورية
بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة بتاريخ 7 من شهر شعبان 1434هـ الموافق 16 من يونيه 2013م.
برئاسة السيد المستشار يوسف جاسم المطاوعة رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين محمد جاسم بن ناجي وخالد سالم علي وخالد أحمد الوقيان وابراهيم عبدالرحمن السيف وحضور خالد عبدالرحمن الحاتم أمين سر الجلسة.
صدر الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في سجل المحكمة الدستورية برقم 15 لسنة 2012
طعون خاصة بانتخابات مجلس الامة ديسمبر 2012
المرفوع من:
أسامة منصور صالح الرشيدي
1- عسكر عويد عسكر العنزي، 2- سعد علي خالد خنفور الرشيدي، 3- سعود نشمي معلج الحريجي، 4- مبارك بنيه متعب فهد الخرينج، 5- ذكرى عايد عوض بطي الرشيدي، 6- خالد رفاعي محمد الشليمي، 7- محمد ناصر ماطر البراك الرشيدي، 8- مبارك بنيه خلف العرف، 9- مشاري ظاهر معاشي فاضل الحسيني، 10- مبارك صالح حسن علي النجادة، 11- رئيس مجلس الامة بصفته، 12- الأمين العام لمجلس الامة بصفته، 13- وزير العدل والشؤون القانونية بصفته، 14- وزير الداخلية بصفته، 15- رئيس مجلس الوزراء بصفته، 16- رئيس اللجنة الوطنية العليا للانتخابات بصفته.
الوقائع
حيث ان الوقائع ـ حسبما يبين من الاوراق ـ تتحصل في ان الطاعن (اسامة منصور صالح الرشيدي) طعن في انتخابات اعضاء مجلس الامة التي اجريت في الاول من ديسمبر عام 2012 في الدائرة الانتخابية «الرابعة»، وذلك بصحيفة طعن اودعت ادارة كتاب هذه المحكمة في 2012/12/13 حيث قيدت في سجلها برقم 15 لسنة 2016، واعلنت الى المطعون ضدهم، واسس الطاعن طعنه على نحو ما جاء بتلك الصحيفة على سند من ان عملية الانتخاب قد شابت اجراءاتها وقواعدها ومراحلها مخالفات دستورية واخطاء جوهرية وعيوب جسيمة تؤدي الى بطلان الانتخابات في تلك الدائرة وبنى الطاعن نعيه في هذا الصدد على اكثر من وجه حاصلها ما يلي:
اولا: انه قد شاب عملية الانتخاب عوار دستوري في الاجراءات الممهدة لها اذ صدر المرسوم رقم 241 لسنة 2012 بحل مجلس الامة مشوبا بالبطلان لمخالفته الدستور، قولا من الطاعن بان اجراء هذا الحل قد جاء بناء على طلب وزارة صدر بتشكيلها المرسوم رقم 155 لسنة 2012، وانه وان قام الوزراء فيها بموجب المادة 126 من الدستور باداء اليمين الدستورية ـ بالصيغة المنصوص عليها في المادة 91 ـ أمام الامير، الا انهم لم يؤدوا هذه اليمين امام مجلس الامة طبقا للمادة 80 من الدستور التي نصت على اعتبار الوزراء غير المنتخبين بمجلس الامة اعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم وبالتالي فانه ليس لهذه الوزارة صلاحية ممارسة دورها التشريعي او القيام باي عمل يتصل بعلاقتها بمجلس الامة قبل اداء هذه اليمين، ومن ثم فان اجراء هذا الحل والذي صدر بناء على طلب منها يكون مشوبا بالبطلان ويستوجب عدم الاعتداد به وترتيب اثاره بما يستتبع ذلك بطلان المرسوم رقم 258 لسنة 2012 بدعوة الناخبين لانتخاب اعضاء مجلس الامة الذي صدر ابتناء على اجراء هذا الحل الباطل.
ثانيا: ان عملية الانتخاب قد اجريت في ظل مراسيم بقوانين ـ اصدرتها السلطة التنفيذية بارادتها المنفردة في غيبة مجلس الامة بسبب حله ـ جاءت مشوبة بعيب عدم الدستورية لمخالفتها نصوص الدستور، وقد تمثل ذلك في اصدارها للمرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 بتعديل القانون رقم 42 لسنة 2006 باعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الامة وكذلك اصدار المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2012 بانشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات وبتعديل بعض احكام القانون رقم 35 لسنة 1962 في شان انتخابات اعضاء مجلس الامة، وقد ارتكنت السلطة التنفيذية في اصدار هذين المرسومين على المادة 71 من الدستور في حين ان هذه المادة قد اشترطت حدوث ما يوجب الاسراع الى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، ولا يمكن للحكومة ان تدعي حدوث ذلك فيما يخص هذين المرسومين، لان الواقع لا يساعدها على هذا الادعاء، اذ لا يوجد في هذين المرسومين انهما قد صدرا بناء على امر حدث في الدولة يستوجب الاسراع الى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، كما ان المادة المذكورة قد اشترطت ايضا الا تكون هذه المراسيم مخالفة للدستور، وهذان المرسومان خالفا الدستور الذي نص صراحة على ان جميع السلطات مصدرها الامة «م6» وان نظام الحكم يقوم على اساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لاحكام الدستور «م50» وان السلطة التشريعية يتولاها الامير ومجلس الامة وفقا للدستور «م51» وان السلطة التنفيذية يتولاها الامير ومجلس الوزراء والوزراء على النحو المبين بالدستور «م52» والا يصدر قانون الا اذا اقره مجلس الامة وصدق عليه الامير «م79» وان اصدار هذين المرسومين في فترة تعطيل المجلس النيابي بالحل فيه اهدار لسلطة الامة ولمبدأ فصل السلطات، وجعل السلطة التنفيذية سلطة تشريعية على غير ما تقتضيه صراحة المادة 52 من الدستور، فضلا عن ان السلطة التنفيذية وان رخص لها ـ على سبيل الاستثناء ـ اصدار مراسيم تكون لها قوة القانون وفق المادة 71من الدستور فان مناط استعمالها لهذه الرخصة الاستثنائية ان تقضي بها ضرورة او ظروف استثنائية تتطلب اجراءات تستوجب السرعة في اتخاذها تدور معها وجودا وعدما وهذه الرخصة انما شرعت لمجابهة هذه الحالات والظروف وليس لاتخاذها وسيلة للتعدي على الاختصاص المحجوز للسلطة التشريعية ولا ريب في ان المسائل المتعلقة بتحديد الدوائر الانتخابية والتي تعتبر حجر الزاوية في بناء المجلس النيابي الذي احكم الدستور قواعده، وكذلك تلك المسائل المتعلقة بضبط عملية انتخاب اعضاء مجلس الامة وتنظيم اجراءاتها، انما يجمعها طابع واحد ان تنظيمها يكون بقانون، وتدخل في نطاق التشريع العادي ولا تدخل في نطاق التشريع الاستثنائي، ولا يمكن ان تكون وليدة الضرورة او من خلق الظروف الاستثنائية وما كان حرص الدستور على ان يكون تنظيمها بقانون، الا سدا لذرائع التحكم فيها والانفراد بها، وحتى لا تستقل الحكومة بذلك لتحقيق مصالحها، الامر الذي يستتبع معه القول بانه لا تنطبق على اصدار هذين المرسومين الشروط التي تطلبتها المادة 71 من الدستور من هذه الوجهة ومن وجهة اخرى فانه ما يزيد من تداعيات المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 سالف الذكر انه أجرى تعديلا على نص المادة (الثانية) من القانون رقم (42) لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، متضمنا هذا التعديل، العدول عن نظام الانتخاب الذي أطرد على اتباعه ـ من ذي قبل ـ بطريقة تعدد الأصوات بالنسبة للناخب، الى الأخذ بقاعدة الصوت الواحد: ما يمثل ذلك مساسا بالحقوق المكتسبة لجموع الناخبين ويخل بقواعد العدالة ومبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وبحق التعبير وحرية الرأي التي كفلها الدستور في المواد (7) و(8) و(29) و(36) منه، ويجافي ما يفترضه الدستور من أن عضو مجلس الأمة لا يمثل الدائرة التي انتخبته وإنما يمثل الأمة جمعاء، وان حق الانتخاب وحق الترشيح حقان دستوريان مرتبطان، يتبادلان التأثير فيما بينهما، لا يجوز تقييدهما ونقضهما، اذ جاء تعديل نص هذه المادة منطويا على تكبيل لإرادة الناخب في تكييف اتجاهه وتقييد حقه الأصيل في التعبير عن رأيه، وفي اختياره الحر للمرشحين والزامه بأن يقصر اختياره على مرشح واحد يعطيه صوته دون سواه، بدلا من أربعة أصوات لأكثر من مرشح، في ظل تمثيل كل دائرة انتخابية من الدوائر الخمس بعشرة مرشحين، وهو ما يعني حرمان مرشحين آخرين من أصوات الناخب كان يمكن ان يحصلوا عليها، وتحقق فوزهم في الانتخابات، ويجعل النائب أسيرا لناخبيه، ويحمل النائب على اعتبار نفسه ممثلا لدائرته فقط لا لمجموع الأمة فينهدم بذلك ركن من أركان النظام النيابي، كما ان التعديل الذي جاء به المرسوم بقانون سالف الذكر يفضي الى اعطاء الأقلية تمايزا على حساب الأغلبية ويجعل التمثيل النيابي لا يعبر عن ارادة الأمة ولا يصور حقيقة رأيها.