تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي عن بذل الخير والسعي في إسعاد الناس ونفعهم، والتيسير على العباد، ودفع الضرر عنهم، والسعي في إصلاح ذات البين، امتثالاً لما حثّ عليه دين الإسلام، وبما جاء في كتاب الله جل وعلا، وهدي نبينا محمد عليه الصلاة والسلام من القول والعمل.
وأوضح الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي في خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي أن من هدي النبوة، ومن نور الرسالة الذي يجعل للحياة قيمة وللمسلم قدرًا وهدفًا، ويربط المسلم مجتمعه، ويجعله فاعلاً بينهم، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا) رواه الطبراني.
وبيّن أن هذا الحديث، يصحّح نظر المسلم للكون والخلق والحياة، ويقوّم المسار، ويوجه البوصلة، وهو جدير بأن نتأمل حروفه ونتبين مدلوله، ليتدفق في عروق الأفراد والمجتمعات طعم الإسلام، وحلاوة هذا الدين، خاصة حين تغلب روح الأنانية والفردية، ويتضخم حب الذات، وتجمد العواطف، وتذبل العلاقات، وينشغل المسلم عن واجبه تجاه أمته، وعن رسالته في حق وطنه، وعن دوره في مجتمعه.
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي بقوله، إن أعظم وسام يناله المسلم؛ أن يكون أحبّ الناس إلى الله، وأعظم تحفيز للمسارعين إلى الله وطالبي رضاه، زرع البسمة على الشفاه، وكشفُ الكربة عن المكروبين، وبذل العون للمحتاج، مبينًا أنه بمثل هذه التوجيهات الربانية والنبوية يربّي الإسلام أفراده على العطاء، ويجعل كل واحد منهم نبعًا يفيض بالخير والعطاء، فمن سلك هذا المسلك فإن حياته تتّسع، وصدره ينشرح، وتحلّ عليه البركة.
وأشار إلى أن أبواب النفع ليست محدودة في نطاق محصور، ولا في مجال ضيق، مشيرًا إلى وظيفة النبوة التي جُعلت لنفع الخلق وإخراجهم من ظلمات الشرك إلى نور الإسلام، فترك لنا الأنبياء والصالحون أمثلة عظيمة على المشاريع الحياتية التي كرّسوا حياتهم من أجلها، فقام كل نبيٍ بدعوة قومه لتوحيد الله، وأرسى معالم ومنارات اهتدى بها الناس من بعدهم.
وتابع قائلاً: فنبي الله نوح عليه السلام يبني سفينة النجاة لأمته، ونبي الله إبراهيم عليه السلام يلبّي نداء ربه ويمتثل أمره ببناء الكعبة لتكون قبله للتوحيد وللعبادة للأجيال القادمة، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ويرسي فيها مكارم الأخلاق وقيم التربية ومحاسن الأمور، ولما رجع صلوات ربي وسلامه عليه من غار حراء قد عرته الدهشة للملك الذي جاءه في الغار، يقول لخديجة رضي الله عنها: “قد خشيت على نفسي” فقالت له: “كلا، أبشر، والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلّ وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق” متفق عليه.
وأوضح أن هذه الأحوال كلها مشتملة على نفع متعدٍّ للآخرين، فكانت عاصمة له بإذن الله من أن يصيبه خزيٌ أو حزن أو أذى، كما تعلم الصحابة من نبيهم هذا الدرس ووعوه جيدًا وضربوا أروع النماذج في النفع، واستثمر كل واحد منهم ما وهبه الله من قدرات ومواهب في مشاريع حياتية تركت آثارًا خالدة على الأمة الإسلامية.
وبين الشيخ الثبيتي أن نفع الأمة له أشكال عديدة، فتارة بنشر الإسلام وبناء قيمه السامية، وتارة بإغاثة الملهوفين، ودعم الفقراء والمساكين، ومرة ببناء المساجد ودعم حلقات تحفيظ القرآن الكريم والمؤسسات الخيرية، ثم بنفع الوطن الذي عاش على ترابه واستنشق هواءه ونهل من معينه بالإسهام في بناء مؤسساته، والعمل على ازدهاره ورفع شأنه، والانخراط في تنميته والعمل على استقراره وتعزيز لحمته.
وأفاد أن من بين الناس من يجعل حياته مشروعًا يحمل الخير للناس، يضع نصب عينيه تجاوز حدود الوقت والمكان، فيكون سببًا في نفع أجيال متعاقبة حتى بعد أن يودع هذه الدنيا، مبينًا أن هؤلاء هم أصحاب الهمم العالية والطموحات الكبيرة، الذين يبذلون حياتهم لمشروع واحد عظيم، وهدف سامٍ كبير يملأ حياتهم، ويملأ حياة الناس من بعدهم، فينتفع به الناس أيّما انتفاع، ويسعى دومًا بالارتقاء بشأن المجتمع بخدمة يقدمها في مجال العلم أو الاقتصاد أو الصحة أو أي مجال من مجالات الخير والتطوع والتطوير والبناء.
وقال الشيخ عبدالباري الثبيتي : إن مشروع الحياة حتى لو كان صغيرًا فإنه كبير بالنية الصادقة، وهي رسالة يحملها صاحبها طيلة حياته، يعمل من أجلها في كل لحظة من لحظات عمره، يبذل في سبيلها من جهده ووقته وماله؛ ليكون أثره ممتدًا بعد وفاته، ونفعه وأجره مدرارًا في ميزان حسناته، ومن أخلص النية وكان هدفه إرضاء ربه؛ نال مراده وبارك الله في جهده.
وأشار إلى أن مشروع الحياة قد يستغرق سنوات حتى يؤتي ثماره، لكن أصحاب الهمم العالية لا تثنيهم العقبات، ولا يحبطهم الفشل، بل يتعلمون ويمضون قدمًا بالصبر ومداومة العمل والعطاء وبذل الخير،مذكرًا بمن ساهموا في نفع الناس وتطوير المجتمعات بتأسيس المدارس والجامعات والمستشفيات، وتطوير العلوم والمعارف، ونشر العلم، وغرس القيم والدعوة إلى الله، فخلّد التاريخ أسماءهم، وحفظ الرب أجرهم، لا لأنهم بحثوا عن المجد الشخصي، ولكن لأنهم اختاروا نفع الناس، والارتقاء بأمتهم ووطنهم، ولاينقطع أجرهم بوفاتهم.
واختتم فضيلته الخطبة داعيًا إلى استشعار هذه المفاهيم العظيمة في تطوير المجتمع، وتأسيس المبادرات التي تنهض بالوطن، وتعزز من قوة الأمة، مشيرًا إلى حاجة الأمة اليوم إلى كل جهد نافع، ولكل مشروع يحمل الخير للأجيال القادمة.
- بأكثر من 15 مليون ريال.. أمانة القصيم توقّع عقد تشغيل وصيانة محطات ضخ السيول في بريدة
- عراقجي: أبلغت الأسد أن معنويات الجيش السوري في الحضيض
- خطيب المسجد النبوي: أعظم وسام يناله المسلم أن يكون أحبّ الناس إلى الله
- خطيب المسجد الحرام: إن حرص النبي على من اتبعه من أمته لا ينتهي بانتهاء الحياة الدنيا فحري بنا أن نطيع أمره ونقتفي أثره
- “التعاون الإسلامي” ترحب بالقرار الأممي بطلب فتوى “العدل” بشأن “التزامات إسرائيل”
- توضيح من سكني بشأن الإعلان عن مخططات الأراضي الجديدة
- الدفاع المدني السوري: «تماس كهربائي» أشعل نيران «ملعب حلب»
- أمريكا تعلن إرسال وفد دبلوماسي إلى دمشق
- اختراق علمي.. إنشاء حبل شوكي بشري
- انخفاض أسعار النفط مدفوعًا بمخاوف بشأن الطلب وقوة الدولار
- فائدة لا تصدق لشرب القهوة.. ما علاقتها بالأمعاء؟
- الأرصاد عن طقس الجمعة: أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق
- إنقاذ حياة 25 مريضاً بتبرع 11 متوفى دماغياً بأعضائهم
- بحضور نجوم رياضة المملكة “ثانوية الأقصى” بالمدينة تحتفل بفوز المملكة باستضافة كأس العالم
- “المسند”: كتلتان متدافعتان غدًا في وسط المملكة.. والنتيجة “الشرق أبرد من الغرب”
محليات > خطيب المسجد النبوي: أعظم وسام يناله المسلم أن يكون أحبّ الناس إلى الله
20/12/2024 2:35 م
خطيب المسجد النبوي: أعظم وسام يناله المسلم أن يكون أحبّ الناس إلى الله
أضواء الوطن - متابعات :
أضواء الوطن - متابعات :
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/3625934/