واجه المرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، منافسته الديمقراطية، كمالا هاريس، ليلة الثلاثاء، على منصة المناظرة الرئاسية الأولى بينهما، وربما الأخيرة، التي اتسمت بتبادل الاتهامات الحادة في ملفات عدة، حسب موقع “الحرة”.
خطط المرشحين للمناظرة
هاريس، نائبة الرئيس الديمقراطي، التي كانت مدعية عامة سابقة، كانت حريصة على تقديم نفسها للناخبين الذين ما زالوا في طور التعرف عليها كمرشحة رئاسية للحزب.
وكان ترامب، الجمهوري الذي يخوض الآن الانتخابات الرئاسية الثالثة، عازمًا على تصوير هاريس على أنها ليبرالية منفصلة عن الواقع.
حاولت هاريس كسب الناخبين المتشككين، وكثير منهم من النساء، الذين انزعجوا من أسلوب ترامب في المناقشات، وميله إلى توجيه الإهانات الشخصية.
كتم الميكروفونات وبلا جمهور
وجرت المناظرة، التي استمرت 90 دقيقة، داخل المركز الدستوري الوطني في فيلادلفيا. ووفقًا للقواعد التي تفاوضت عليها الحملتان، لم يكن هناك جمهور حي، وتم كتم ميكروفونات المرشحين عندما لم يكن دورهم في التحدث.
مزاعم النصر عند الطرفين
وقالت حملة ترامب إن المناظرة التي خاضها ضد هاريس كانت “أفضل مناظرة له على الإطلاق”. واتهمت الحملة مذيعَي الشبكة التلفزيونية اللذيْن أدارا الحوار بـ”التحيز ضده”.
وكتب ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي: “أعتقد أن هذه كانت أفضل مناظرة لي على الإطلاق، خاصة أنها كانت مواجهة بين ثلاثة ضد واحد!”.
ونشرت حملة هاريس بيانًا قالت فيه: “الليلة، سيطرت نائبة الرئيس هاريس على المسرح في كل قضية تهم الشعب الأمريكي. رأى الأمريكيون بالضبط ما هو نوع الرئيس الذي ستكون عليه كمالا هاريس: شخص يقدم طريقًا جديدًا إلى الأمام للبلاد، سيكون رئيسًا لجميع الأمريكيين، وسيطوي صفحة الظلام والانقسام الذي مثّله دونالد ترامب، مرة واحدة وإلى الأبد”.. وذكّرت حملة هاريس الشعب الأمريكي بأنها المرشحة الوحيدة في هذا السباق المستعدة لخدمة بلدنا كقائد عام”.
مبارزة كلامية واتهامات
وتبادل ترامب وهاريس اتهامات بالتشدد وسوء الأداء، في ملفات اقتصادية أبرزها التضخم، وأخرى اجتماعية أبرزها الإجهاض، وفي مجال السياسة الخارجية وتحديدًا الحربين في غزة وأوكرانيا، خلال مناظرتهما الأولى على قناة “إيه بي سي”.
تحولت المناظرة إلى مبارزة كلامية مريرة حول قيم المرشحين وسيرتهما الشخصية والعامة، انتقلت في جانبها السياسي إلى ملفات العرق والرعاية الصحية وسياسات الطاقة وتحول المناخ، ليعبر المرشحان عن مواقف تقليدية لطالما تمايز بها الحزبان.
وبدأ ترامب بتوجيه اتهام لهاريس بأنها “ماركسية”؛ فيما استهلت المرشحة الديمقراطية حديثها بالقول: “كان علينا تنظيف الفوضى التي خلفها ترامب”.
وخلال حديثها، تعهدت هاريس بأن تكون “رئيسة لكل الأمريكيين”. وقال ترامب من جهته، إن الديمقراطيين “دمروا نسيج بلادنا، ومعدلات الجريمة ارتفعت بسبب المهاجرين”.
الاقتصاد
وفي ملف الاقتصاد الذي يشغل الأمريكيين، قالت هاريس: “لديّ خطة لاقتصاد الفرص تشمل تخفيضات ضريبية للطبقة المتوسطة”؛ لكن ترامب رد بأنها “نسخت” برنامج بايدن الاقتصادي.
وقال ترامب إنه “خَلَق واحدًا من أعظم اقتصادات بلادنا، وسأفعل ذلك مرة أخرى”. فيما قالت هاريس إن “خطة ترامب ستزيد التضخم وستؤدي إلى كساد”.
قضية الإجهاض
وتحتل قضية الإجهاض مكانة في النقاش الانتخابي في الولايات المتحدة؛ حيث أكدت هاريس أن “سياسة ترامب بشأن الإجهاض مُهينة لنساء أمريكا”، متهمة الرئيس السابق بأنه “يسرد مجموعة أكاذيب”.
وشنت هاريس هجومًا على ترامب بشأن إنهاء الحق الفيدرالي في الإجهاض. وقالت إنه قدّم “خدمة عظيمة” بتعيين ثلاثة قضاة صوّتوا لإلغاء قضية “رو ضد وايد”.
محاكمة ترامب
وذكّرت هاريس المشاهدين بأن ترامب “مجرم مُدان”، وهو ما رد عليه الرئيس السابق بالقول “إنهم يستخدمون القضايا القانونية كسلاح ضدي”.
ووصف ترامب القضايا المرفوعة ضده بأنها “مزيفة”، وقال إن محاولة اغتياله كانت “نتيجة لخطاب الديمقراطيين” الذي يصوره كتهديد للديمقراطية.
الملفات الدولية
قالت هاريس إنه “بفضل دعمنا، لا تزال أوكرانيا دولة مستقلة، ولو كان ترامب رئيسًا لوجدنا (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين في كييف”؛ مضيفة أن الرئيس السابق “لن يكون سوى لقمة سائغة” لبوتين.
ورد الرئيس السابق باتهام هاريس وبايدن باتخاذ سياسة غير مسؤولة تجاه روسيا “الدولة النووية”؛ لينتقل المرشحان لتبادل الاتهامات بالفشل في إدارة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
وسأل المذيع ديفيد موير عما إذا كان ترامب يريد انتصار كييف في حربها مع موسكو؟ ولم يجب ترامب بشكل مباشر؛ لكنه قال إنه يريد أن تتوقف الحرب.
وعندما سئل عما إذا كان يعتقد أن فوز أوكرانيا يصب في مصلحة الولايات المتحدة، قال ترامب: “أعتقد أن إنهاء هذه الحرب يصب في مصلحة الولايات المتحدة”.
وفيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أعربت هاريس عن دعمها لحل الدولتين في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ فيما تهرب ترامب من الإجابة على السؤال عندما سئل عن ذلك، وكرر ببساطة ادعاءه بأن هاريس والديمقراطيين “يكرهون إسرائيل”، وأن الصراعات “لن تحدث” تحت إدارته.
“إسرائيل ستزول”
وقال ترامب إن “إسرائيل ستزول” إذا ما أصبحت هاريس رئيسة للولايات المتحدة، لترد عليه نائبة الرئيس بالقول إن اتهامها بكره إسرائيل “غير صحيح على الإطلاق”، مذكّرة بأنها دعمت إسرائيل طوال حياتها ومسيرتها المهنية.
وفي ملف الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، عندما سئلت نائبة الرئيس عما إذا كانت تشعر بأنها تتحمل أي مسؤولية عن الطريقة التي تم بها الانسحاب من أفغانستان؛ بدأت هاريس ردها بالدفاع عن قرار الإدارة بإنهاء أطول حرب في أمريكا.
وخلال الانسحاب الأمريكي حدثت فوضى أدت إلى مقتل 13 عنصرًا من القوات الأمريكية في تفجير انتحاري في مطار كابول الدولي.
وانتقلت هاريس إلى انتقاد ترامب للطريقة التي تفاوض بها على خطة سلام مع طالبان تَضمنت تحديد الأول من مايو 2021 للانسحاب النهائي للقوات، والذي واصل الرئيس، جو بايدن، تنفيذه بعد ذلك مع تحديد موعد نهائي في سبتمبر.
وافتقدت المناظرة أحد عناصر الإثارة والحدة التي كانت تطبع مثيلاتها في الأعوام الماضية؛ إذ تم غلق ميكروفون المرشح أثناء تحدث خصمه، في إجراء اعتمد بناء لطلب فريق ترامب.
كيف استعد الطرفان للمناظرة
وأمضت هاريس الأيام الخمسة الماضية في فندق في بتسبيرغ في ولاية بنسلفانيا، لتستعد مع فريقها للمناظرة.
وأشارت تقارير إلى أن أحد مساعديها ارتدى بدلة رسمية واسعة وربطة عنق طويلة في زي مشابه لما يرتديه ترامب عادة، لتعتاد هاريس على توجيه الكلام إليه وتدلي بأفضل ما لديها ضده.
في المقابل، أكد فريق ترامب أن الملياردير الجمهوري اعتمد نهجًا أكثر استرخاء قبل المناظرة، واختار أن يحضر إلى فيلادلفيا قبل ساعات فقط من الموعد، وأبقى تحضيراته محدودة.