دارت حقيقة القصة المتداولة بشكل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي حدثت بين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، وبين أحد أبناء الوطن، وهو الشيخ عايض بن قبلان الرشيدي رحمه الله، والتي تحكي قوة التلاحم بين القيادة والمواطنين، وتعكس تواضع ولاة الأمر، والبساطة المعروفة عن ملوك الوطن وقادة البلاد، حفظهم الله.
روضة التنهات
وتدور أحداث القصة قبل 58 عامًا، وتحديدًا في عام 1388هـ، الموافق 1966م، وكان الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، وزيرًا للداخلية آنذاك، ويحكي فهد بن عايض بن قبلان الرشيدي” ابن المواطن السعودي الذي حدثت معه القصة، تفاصيل ما حدث، قائلًا: “إن الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، عندما كان أميرًا ووزيرًا للداخلية آنذاك، كان ضيفًا “معزومًا” لدى أخيه الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، عندما كان أميرًا لمنطقة الرياض؛ وذلك في مخيمه الخاص الواقع شمال روضة “التنهات” بما يقارب ٢٠ كلم، وكان الطريق الصحراوي للمخيم يمر بمنطقة “العتش”، ثم يتجه لروضة “التنهات” عبر طرق برية غير واضحة المعالم؛ إذ لم تكن الطرق الموصلة للروضة قد أنشأت حينها”.
الأمطار الغزيرة
وأضاف: “توجه الأمير فهد ومرافقوه من الرياض، قاصدًا مخيم الأمير سلمان، في فصل الشتاء، والطقس بارد جدًّا، والأمطار تسقط بغزارة، والسيول في كل مكان، والوقت متأخر من الليل، والظلام دامس؛ مما أدى إلى صعوبة الوصول إلى وجهته، كما توقفت بعض السيارات المرافقة له بسبب نفاد البنزين، وتغريز بعضها في الطين”.
حياكم الله
وتابع فهد ابن الشيخ عايض بن قبلان الرشيدي، قائلًا: “عندها وقف الأمير فهد بن عبدالعزيز، ومرافقوه أمام مخيم والدي الشيخ عايض بن قبلان الرشيدي؛ حيث لم يتبقَّ في سياراتهم إلا قليل من البنزين؛ خرج والدي عليهم فألقى الأمير فهد السلام عليه، وسأله هل عندك بنزين؟ فرد عليه والدي كل شيء موجود، أولًا تفضلوا وحياكم الله”.
القهوة والعشاء
وأكمل: “نزل الأمير فهد، ومرافقوه ودخلوا بيت الضيافة، وهو بيت الشعر، وفي البداية لم يتعرف والدي على الأمير فهد، وبعد أن قام بواجب الضيافة الكاملة، وقدم لهم القهوة والعشاء، وقام بتعبئة جميع السيارات بالبنزين، وبعد أن ارتاح الأمير فهد لبعض الوقت وتبادلوا الأحاديث؛ عندها توقع والدي بأن الضيف هو الأمير فهد، فقال له: هل أنت الأمير فهد، فأجابه بنعم.
سراج صغير
وتابع: “بعد ذلك سأل الأمير فهد والدي: هل تعرف موقع مخيم الأمير سلمان، وذكر والدي أنه يعرف المنطقة بالكامل، عندها طلب منه الانطلاق والاتجاه إلى المخيم، وبالفعل قام بذلك، وأوصلهم إلى موقع المخيم؛ فسأله كيف عرفت موقع المخيم في هذا الليل والعتمة؛ فذكر له الشيخ عايض أنه يعرف المنطقة جيدًا، ويعرف اتجاه المخيم، وأيضًا استدل بنور صغير يصدر من “سراج صغير” يستخدمه عمال إصلاح المولدات بمخيم الأمير سلمان، التي تتعطل بسبب الأمطار والرياح الشديدة”.
موقف الطيب والكرم
وتابع فهد بن عايض الرشيدي: “أعجب الأمير فهد بن عبدالعزيز، بكرم والدي الشيخ عايض بن قبلان الرشيدي، وموقفه الطيب في محبة ولاة الأمر، وذكر القصة للأمير سلمان بن عبدالعزيز.. وفي اليوم التالي قام الأمير سلمان بن عبدالعزيز، برفقة أخيه الأمير فهد، بزيارة والدي في مخيمه قبيل الظهر، وتشرف الشيخ عايض بن قبلان الرشيدي بزيارتهما، وبتناول القهوة والشاي، والأحاديث، ومن بعدها تكررت الزيارات من الأمير فهد، والأمير سلمان لمخيم والدي في كل عام، وأصبح ذا مكانة لديهم ومقربًا منهم”.
سمى أبناءه
وذكر فهد الرشيدي عن والده: لهذا سمى والدي الشيخ عايض فيما بعدُ ابنه البكر فهد على اسم الملك فهد بن عبدالعزيز، كما سمى أبناءه بأسماء ولاة الأمر (فهد، وسلطان، وسلمان).
وختم الرشيدي حديثه: “هذه الذكرى تعكس مدى حب ولاة الأمر حفظهم الله لجميع أبناء الوطن، وتواضعهم، وهذه المواقف غير المستغربة تعكس تواضعهم وأخلاقهم العالية.. حفظ الله قيادتنا، وأدام عزهم، وأدام نعمة الأمن والأمان على بلادنا الغالية”.
_المصدر صحيفة سبق